ما على الرسول الا البلاغ وقد بلغك ما امر وقام بوظيفته وما سوى ذلك فليس له من الامر شيء. والله يعلم ما تبدون وما تكتمون. فيجازيكم بما يعلمه انا منكم قل لا يستوي الخبيث والطيب ولو اعجبك كثرة الخبيث فاتقوا الله يا اولي الالباب لعلكم تفلحون. اي قل للناس محذرا عن الشر ومرغبا في الخير. لا يستوي الخبيث والطيب من كل شيء. فلا يستوي المكتبة السمعية للعلامة المفسر الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله. يسر فريق مشروع كبار العلماء ان يقدم قراءة تفسير السعدي من اعتدى بعد ذلك فله عذاب اليم هذا من منن الله على عباده ان اخبرهم بما سيفعل قضاء وقدرا ليطيعوه ويقدموا على بصيرة. ويهلك من هلك عن بينة. ويحيا من حي عن بينة. فقال تعالى يا ايها الذين امنوا لابد ان يختبر الله ايمانكم ليبلونكم الله بشيء من الصيد اي بشيء غير كثير فتكون محنة يسيرة تخفيف فمنه تعالى ولطفا وذلك الصيد الذي يبتليكم الله به. تناله ايديكم ورماحكم. اي تتمكنون من صيده ليتم بذلك الابتلاء لا غير مقدور عليه بيد ولا رمح. فلا يبقى للابتلاء فائدة. ثم ذكر الحكمة في ذلك الابتلاء فقال ليعلم الله علما ظاهرا للخلق يترتب عليه الثواب والعقاب من يخافه من غيب فيكف عما نهى الله عنه مع قدرته عليه وتمكنه فيثيبه الثواب الجزيل مما لا يخافه بالغيب فلا يرتدع عن معصية. تعرض له فيصطاد ما تمكن منه. فمن اعتدى منكم بعد ذلك البيان الذي قطع الحجج واوضح السبيل فله عذاب اليم اي مؤلم موجع لا يقدر على وصفه الا الله لانه لا عذر لذلك المعتدي والاعتبار بمن يخافه بالغيب وعدم حضور الناس عنده. واما اظهار مخافة الله عند الناس فقد يكون ذلك لاجل مخافة الناس. فلا يثاب على ذلك. ثم صرح النهي عن قتل الصيد في حال الاحرام فقال اي محرمون في الحج والعمرة. والنهي عن قتله يشمل النهي عن مقدمات القتل. وعن المشاركة في القتل والدلالة عليه. والاعانة على قتله حتى ان من تمام ذلك انه ينهى المحرم عن اكل ما قتل او صيد لاجله. وهذا كله تعظيم لهذا النسك العظيم. انه يحرم على نحرم القتل وصيد ما كان حلالا له قبل الاحرام. وقوله او كفارة طعام مساكين او عدل ومن عاد ومن قتله منكم متعمدا اي قتله صيدا عمدا فعليه جزاء مثل ما قتل من النعم. اي الابل او البقر او الغنم فينظر ما يشبه شيئا من ذلك فيجب عليه يذبحه ويتصدق به والاعتبار بالمماثلة ان يحكم به ذوى عدل منكم اي عدلان يعرفان الحكم ووجه الشبه كما فعل الصحابة رضي الله عنهم حيث قضوا بالحمامة شاة وفي النعامة بدنة وفي بقر الوحش على اختلاف انواعه بقرة وهكذا كل ما يشبه شيئا من النعم ففيه مثله فان لم يشبه شيئا ففيه قيمته. كما هو القاعدة في المتلفات. وذلك الهدي لا بد ان يكون هديا بالغ الكعبة ان يذبح في الحرم او كفارة طعام مساكين. اي كفارة ذلك الجزاء طعام مساكين. اي يجعل مقابلة المثل من النعم. طعام يطعموا المساكين. قال كثير من العلماء يقوم الجزاء فيشتري بقيمته طعام. فيطعم كل مسكين مد بر او نصف صاع من غيره او عدل ذلك الطعام صياما. اي يصوم عن اطعام كل مسكين يوما. ليذوق بايجاب الجزاء المذكور عليه. وبال امره ومن عاد بعد ذلك فينتقم الله منه. والله عزيز ذو انتقام. وانما نص الله على المتعمد لقتل الصيد. مع ان الجزاء يلزم المتعمدة والمخطئ كما هو القاعدة الشرعية ان المتلف للنفوس والاموال المحترمة فانه يضمنها على اي حال كان. اذا كان اتلافه بغير حق لان الله رتب عليه الجزاء والعقوبة والانتقام. وهذا للمتعمد. واما المخطئ فليس عليه عقوبة. انما عليه الجزاء. هذا الجمهور من هذا القيد الذي ذكره الله. وطائفة من اهل العلم يرون تخصيص الجزاء بالمتعمد. وهو ظاهر الاية. والفرق بين هذا وبين التضمين في خطأ في النفوس والاموال في هذا الموضع الحق فيه لله. فكما لا اثم لا جزاء لاتلافه نفوس الادميين واموالهم. ولما كان الصيد يشمل الصيد البري والبحري. استثنى تعالى الصيد البحري فقال احل لكم صيد البحر وطعامه متاعا لكم واتقوا الله الذي احل لكم صيد البحر وطعامه. اي احل لكم في حال احرامكم صيد البحر. وهو حي من حيواناته وطعامه وهو الميت منها. فدل ذلك على حل ميتة البحر. متاعا لكم وللسيارة. اي الفائدة في اباحته لكم انه لاجل انتفاعكم وانتفاع رفقتكم الذين يسيرون معكم ويؤخذ من لفظ الصيد انه لابد ان يكون وحشيا لان الانسية ليس بصيد ومأكول فان غير المأكول لا ولا يطلق عليه اسم الصيد اي اتقوهم بفعل ما امر به وترك ما نهى عنه. واستعينوا على تقواه بعلمكم انكم اليه تحشرون. فيجازيكم هل قمتم بتقواه يثيبكم الثواب الجزيل. ام لم تقوموا بها فيعاقبكم وان الله بكل شيء عليم. يخبر تعالى انه جعل الكعبة البيت الحرام قياما للناس. يقوم بالقيام بتعظيمه دينهم ودنياهم. فبذلك يتم اسلامهم وبه تحط اوزارهم. وتحصل لهم بقصده العطايا الجزيلة. والاحسان الكثير وبسببه تنفق الاموال وتتقحم من اجله الاهوال. ويجتمع فيه من كل فج عميق جميع اجناس المسلمين. فيتعارفون ويستعينوا بعضهم ببعض ويتشاورون على المصالح العامة. وتنعقد بينهم الروابط في مصالحهم الدينية والدنيوية. قال الله تعالى ليشهدوا جعلهم ويذكروا اسم الله في ايام معلومات. على ما رزقهم من بهيمة الانعام. ومن اجل كون البيت قياما للناس. قال من قال من العلماء ان حج بيت الله فرض كفاية في كل سنة. فلو ترك الناس حجه لاثم كل قادر. بل لو ترك الناس حجه لزال ما به قوامهم. وقامت القيامة وقوله والهدي والقلائد اي وكذلك جعل الهدي والقلائد التي هي اشرف انواع الهدي قياما للناس ينتفعون به فيما ويثابون عليهما فمن علمه ان جعل لكم هذا البيت الحرام لما يعلمه من مصالحكم الدينية والدنيوية اعلموا ان الله شديد العقاب وان الله غفور رحيم. اي ليكن هذان العلمان موجودين في قلوب على وجه الجزم واليقين. تعلمون انه شديد العقاب العاجل والاجل على من عصاه. وانه غفور رحيم لمن تاب اليه واطاعه. فيثمر لكم هذا العلم الخوف من عقابه. والرجاء لمغفرته وثوابه. وتعملون على ما يقتضيه الخوف والرجاء. ثم قال تعالى والكفر ولا الطاعة والمعصية. ولا اهل الجنة واهل النار. ولا الاعمال الخبيثة والاعمال الطيبة. ولا المال الحرام بالمال الحلال. ولو كثرة الخبيث فانه لا ينفع صاحبه شيئا بل يضره في دينه ودنياه. فاتقوا الله يا اولي الالباب لعلكم فامرأ اولي الالباب اي اهل العقول الوافية والاراء الكاملة. فان الله تعالى يوجه اليهم الخطاب وهم الذين يأبه لهم ويرجى ان يكون فيهم خير. ثم اخبر ان الفلاح متوقف على التقوى. التي هي موافقة الله في امره ونهيه. فمن اتقاه وافلح كل الفلاح ومن ترك تقواه حصل له الخسران وفاتته الارباح يا ايها الذين امنوا لا تسألوا عن اشياء ان تبدلكم تسؤكم وان تسألوا عنها حين ينزل القرآن تبدى لكم عفا الله عنها والله غفور حليم. ينهى عباده المؤمنين عن سؤال الاشياء التي اذا بينت لهم ساءتهم واحزنتهم. وذلك كسؤال بعض المسلمين لرسول الله صلى الله عليه وسلم عن ابائهم. وعن حالهم في الجنة او النار فهذا ربما انه لو بين للسائل لم يكن له فيه خير. وكسؤالهم للامور غير الواقعة. وكالسؤال الذي يترتب عليه تشديدات في الشرع ربما احرجت الامة وكالسؤال عما لا يعني فهذه الاسئلة وما اشبهها هي المنهي عنها. واما السؤال الذي لا يترتب عليه فيه شيء من ذلك فهذا مأمور به. كما قال تعالى فاسألوا اهل الذكر ان كنتم لا تعلمون ايها واذا وافق سؤالكم محله فسألتم عنها حين ينزل عليكم القرآن فتسألون عن اية اشكلت او حكم خفي وجهه عليكم في وقت فيه نزول الوحي من السماء تبدى لكم اي تبين لكم وتظهر. والا فاسكتوا عما سكت الله عنه. عفا الله عنها اي سكت معافيا لعباده منها فكل ما سكت الله عنه فهو مما اباحه وعفا عنه. والله غفور حليم. اي لم يزل بالمغفرة موصولا وبالحلم والاحسان معروفا. فتعرضوا لمغفرته واحسانه. واطلبوه من رحمته ورضوانه. وهذه المسائل التي نهيتم عنها قد سألها قوم من قبلكم ثم اصبحوا بها كافرين قد سألها قوم من قبلكم اي وشبهها سؤال تعنت لا استرشاد. فلما بينت لهم وجاءتهم اصبحوا بها كافرين. كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث في الصحيح ما نهيتكم عنه فاجتنبوه وما امرتكم به فاتوا منه ما استطعتم. فانما اهلك من كان قبلكم كثرة مسائلهم. واختلافهم على انبيائهم ما جعل الله من بحيرة ولا سائلة ولا وصيلة ولا يحترون على الله الكذب واكثرهم لا يعقلون. هذا ذم للمشركين الذين شرعوا في الدين ما لم يأذن به الله اعظم ما احله الله. فجعلوا بارائهم الفاسدة شيئا من مواشيهم محرما. على حسب اصطلاحاتهم التي عارضت ما انزل الله. فقال ما جعل الله من بحيرة وهي ناقة يشقون اذنها. ثم يحرمون ركوبها ويرونها محترمة. ولا سائبة وهي ناقة او بقرة او شاة اذا بلغت شيئا اصطلحوا عليه سيبوها فلا تركب ولا يحمل عليها ولا تؤكل. وبعضهم ينظر شيئا من ماله يجعله سائبة. ولا حام اي يحمى ظهره عن الركوب والحمل. اذا وصل الى حالة معروفة بينهم. فكل هذه مما جعله المشركون محرمة بغير دليل ولا برهان وانما ذلك افتراء على الله وصادرة من جهلهم وعدم عقلهم. ولهذا قال ولكن الذين كفروا يفترون على الله الكذب واكثرهم لا يعقلون. فلا نقل فيها ولا عقل ومع هذا فقد اعجبوا بارائهم التي بنيت على الجهالة والظلم واذا قيل لهم تعالوا الى ما انزل الله والى الرسول قالوا حسبنا. قالوا حسبنا ما وجدنا اولو كان اباؤهم لا يعلمون شيئا ولا فاذا دعوا الى ما انزل الله والى الرسول اعرضوا فلم يقبلوا وقالوا حسبنا ما وجدنا عليه اباءنا من الدين ولو كان غير سديد. ولا دينا ينجي من عذاب الله. ولو كان في ابائهم كفاية ومعرفة ودراية لهان الامر. ولكن ابائهم لا يعقلون شيئا اي ليس عندهم من المعقول شيء ولا من العلم والهدى شيء. فتبا لمن قلد من لا علم عنده صحيح. ولا عقل رجيح وترك اتباع ما انزل الله واتباع رسوله الذي يملأ القلوب علما وايمانا وهدى وايقانا يا ايها الذين امنوا عليكم انفسكم لا يضركم من ضل اذا اهتديتم الى الله ارجعكم جميعا الى الله مرجعكم جميعا فينبئكم بما كنتم يقول تعالى يا ايها الذين امنوا عليكم انفسكم اي اجتهدوا في اصلاحها وكمالها والزامها سلوك الصراط المستقيم. فانكم اذا صلحتم لا يضركم من ضل عن الصراط المستقيم. ولم يهتد الى الدين القويم وانما يضر نفسه ولا يدل هذا على ان الامر بالمعروف والنهي عن المنكر لا يضر العبد تركهما واهمالهما فانه لا يتم هداه الا بالاتيان بما يجب عليه من الامر بالمعروف والنهي عن المنكر. نعم اذا كان عاجزا عن انكار المنكر بيده ولسانه وانكره بقلبه. فانه لا يضره ضلال غيره وقوله الى الله مرجعكم جميعا. اي مآلكم يوم القيامة. واجتماعكم بين يدي الله تعالى. فينبئكم بما كنتم تعملون من خير وشر