المكتبة السمعية للعلامة المفسر الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله. يسر فريق مشروع كبار العلماء ان يقدم قراءة تفسير السعدي علام الغيوب. يخبر تعالى عن يوم القيامة وما فيه من الاهوال العظام. وان الله يجمع به جميع الرسل فيسأله ماذا اجبتم؟ اي ماذا اجابتكم به اممكم؟ فقالوا لا علم لنا وانما العلم لك يا ربنا. فانت اعلم منا انك انت علام الغيوب. اي تعلم الامور الغائبة والحاضرة اذ قال الله يا عيسى ابن مريم اذكر نعمتي عليك وعلى والدتك ان ايدتك بروح القدس تكلم اذ قال الله يا عيسى ابن مريم اذكر نعمتي عليك وعلى والدتك. اي اذكرها بقلبك ولسانك. وقم واجبها شكرا لربك. حيث انعم عليك نعما ما انعم بها على غيرك. اذ ايدتك بروح القدس اي قويتك بالروح والوحي. الذي طهرك وصار لك قوة على القيام بامر الله والدعوة الى سبيله. وقيل ان المراد بروح القدس جبريل عليه السلام وان الله اعانه به بملازمته له وتثبيته في المواطن المشقة. تكلم الناس في المهد وكهلا. المراد بالتكليم هنا. غير تكليم المعهود الذي هو مجرد الكلام. وانما المراد بذلك التكليم الذي ينتفع به المتكلم والمخاطب. وهو الدعوة الى الله ولعيسى عليه السلام من ذلك ما لاخوانه من اولي العزم من المرسلين من التكليم في حال الكهولة بالرسالة والدعوة الى الخير والنهي عن الشر وامتاز عنهم بانه كلم الناس في المهد فقال اني عبد الله اتاني الكتاب وجعلني نبيا. وجعلني مباركا اينما كنت واوصاني بالصلاة والزكاة ما دمت حيا واذ علمتك الكتاب والحكمة فالكتاب يشمل الكتب السابقة وخصوصا التوراة فانه من اعلم انبياء بني اسرائيل بعد موسى بها. ويشمل الانجيل الذي انزله الله عليه الحكمة هي معرفة اسرار الشرع وفوائده وحكمه. وحسن الدعوة والتعليم ومراعاة ما ينبغي على الوجه الذي ينبغي من الطين كهيئة الطير باذني فتنفخ فيها فتكون طيرا باذني. واذ تخلق من الطين كهيئة الطير اي طيرا مصورا لا روح فيه. فتنفخ فيه فيكون طيرا باذن الله وان تخرجوا الموتى باذني. وتبرئ الاكمه الذي لا بصر له ولا عين. والابرص باذني. واذ تخرج الموتى باذني هذه ايات بينات ومعجزات باهرات يعجز عنها الاطباء وغيرهم. ايد الله بها عيسى وقوى بها دعوته وان كففت بني اسرائيل عنك اذ جئتهم بالبينات فقال الذين كفروا منهم فقال الذين كفروا منهم ان هذا الا سحر مبين. واذ كففت بني اسرائيل عنك اذ جئتهم بينات فقال الذين كفروا منهم لما جاءهم الحق مؤيدا بالبينات الموجبة للايمان به. ان هذا الا سحر مبين. وهموا بعيسى ان وسعوا في ذلك فكف الله ايديهم عنه. وحفظه منهم وعصمه. فهذه منن امتن الله بها على عبده ورسوله عيسى ابن مريم ودعاه الى شكرها والقيام بها. فقام بها عليه السلام واتم القيام. وصبر كما صبر اخوانه من اولي العزم ايوة اذكر نعمتي عليك اذ يسرت لك اتباعا واعوانا فاوحيت الى الحواريين اي الهمتهم واوزعت قلوبهم الايمان بي وبرسولي او اوحيت اليهم على لسانك اي امرتهم بالوحي الذي جاءك من عند الله فاجابوا لذلك وانقادوا وقالوا امنا بالله واشهد انا مسلمون فجمعوا بين الاسلام الظاهر والانقياد بالاعمال الصالحة. والايمان الباطن المخرج لصاحبه من النفاق ومن ضعف الايمان. والحواريون هم الانصار صار كما قال تعالى كما قال عيسى ابن مريم للحواريين من انصاري الى الله؟ قال الحواريون نحن انصار الله قال اتقوا الله ان كنتم مؤمنين. قال اتقوا الله اذ قال الحواريون يا عيسى ابن مريم هل يستطيع ربك ان ينزل علينا مائدة من السماء انما اي مائدة فيها طعام وهذا ليس منهم عن شك في قدرة الله واستطاعته على ذلك. وانما ذلك من باب العرض والادب منهم. ولما كان سؤال اية الاقتراح منافيا للانقياد للحق. وكان هذا الكلام الصادر من الحواريين ربما اوهم ذلك. وعظهم عيسى عليه السلام فقال اتقوا الله ان كنتم مؤمنين. فان المؤمن يحمله ما معه من الايمان على ملازمة التقوى. وان ينقاد لامر الله. ولا يطلب من ايات الاقتراح التي لا يدري ما يكون بعدها شيئا قالوا نريد ان نأكل منها وتطمئن قلوبنا ونعلم ان قد صدقتنا ونكون عليها فاخبر الحواريون انهم ليس مقصودهم هذا المعنى. وانما لهم مقاصد صالحة. ولاجل الحاجة الى ذلك فقالوا نريد ان نأكل منها. وهذا دليل على انهم محتاجون لها. وتطمئن قلوبنا بالايمان. حين نرى الايات العيانية. فيكون الايمان عين كما كان قبل ذلك علم اليقين. كما سأل الخليل عليه الصلاة والسلام ربه ان يريه كيف يحيي الموتى؟ قال اولم تؤمن؟ قال بلى ولكن ليطمئن قلبي فالعبد محتاج الى زيادة العلم واليقين والايمان كل وقت. ولهذا قال ونعلم ان قد صدقتنا اي نعلم صدق ما جئت به انه حق وصدق. ونكون عليها من الشاهدين. فتكون مصلحة لمن بعدنا. نشهدها لك. فتقوم الحجة ويحصل زيادة البرهان بذلك فلما سمع عيسى عليه الصلاة والسلام ذلك وعلم مقصودهم اجابهم الى طلبهم في ذلك فقال قال عيسى ابن مريم اللهم ربنا انزل علينا مائدة من السماء تكون لنا عيدا لاولنا واخرنا واية وارزقنا وارزقنا وانت خير الرازقين اللهم ربنا انزل علينا ماء من السماء تكون لنا عيدا لاولنا واخرنا واية منك. ان يكون وقت نزولها عيدا وموسما. يتذكر به هذه الاية العظيمة تحفظ ولا تنسى على مرور الاوقات وتكرر السنين. كما جعل الله تعالى اعياد المسلمين ومناسكهم مذكرا لاياته. ومنبها على سنن المرسلين القويمة وفضله واحسانه عليهم. وارزقنا وانت خير الرازقين. اي اجعلها لنا رزقا. فسأل عيسى عليه السلام نزولها وان هنا لهاتين المصلحتين مصلحة الدين بان تكون اية باقية ومصلحة الدنيا. وهي ان تكون رزقا قال الله اني منزلها عليكم فمن يكفر بعد منكم تعذبه عذابا لا اعذبه احدا من العالمين. لانه شاهد الاية الباهية وكفر عنادا وظلما. فاستحق العذاب الاليم والعقاب الشديد. واعلم ان الله تعالى وعد انه سينزلها وتوعدهم ان كفروا بهذا الوعيد ولم يذكر انه انزلها فيحتمل انه لم ينزلها بسبب انهم لم يختاروا ذلك. ويدل على ذلك انه لم يذكر في الانجيل الذي بايدي النصارى ولا له وجود. ويحتمل انها نزلت كما وعد الله. والله لا يخلف الميعاد. ويكون عدم ذكرها في الاناجيل التي بايديهم. من الحظ الذي به فنسوه او انه لم يذكر في الانجيل اصلا. وانما ذلك كان متوارثا بينهم. ينقله الخلف عن السلف. فاكتفى الله بذلك عن ذكره في الانجيل ويدل على هذا المعنى قوله ونكون عليها من الشاهدين. والله اعلم بحقيقة الحال