وقد يكون في الدنيا يعاقب العبد فيخفف عنه بذلك من سيئاته. ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه وان ويدخل تحت هذا المنهي عنه ما ذكر عليه اسم غير الله. كالذي يذبح للاصنام واله المكتبة السمعية للعلامة المفسر الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله. يسر فريق مشروع كبار العلماء ان يقدم قراءة تفسير السعدي ولو يقول تعالى مسليا لرسوله محمد صلى الله عليه وسلم كما جعلنا لك اعداء يردون دعوتك ويحاربونك ويحسدونك. فهذه سنتنا ان نجعل لكل نبي نرسله الى الخلق اعداء. من اعطيني الانس والجن يقومون بضد ما جاءت به الرسل. يوحي بعضهم الى بعض زخرف القول غرورا. اي يزين بعضهم لبعض الامر الذي يدعون اليه اليه من الباطل ويزخرفون له العبارات حتى يجعلوه في احسن صورة. ليغتر به السفهاء وان قاد له الاغبياء الذين لا يفهمون الحقائق ولا يفقهون المعاني بل تعجبهم الالفاظ المزخرفة. والعبارات المموهة فيعتقدون الحق باطلا والباطل حقا. ولهذا قال تعالى ولتصغى اليه افئدة الذين لا يؤمنون بالاخرة وليرضوه وليقترفوا ما هم ولتصغى اليه اي لتميل الى ذلك الكلام المزخرف افئدة الذين لا يؤمنون بالاخرة لان عدم ايمانهم باليوم الاخر وعدم عقولهم النافعة يحملهم على ذلك. وليرضوه بعد ان يصغوا اليه فيصغون اليه اولا. فاذا مالوا اليه ورأوا تلك العبارات المستحسنة رضوه وزين في قلوبهم وصار عقيدة راسخة وصفة لازمة ثم ينتج من ذلك ان يقترفوا من الاعمال والاقوال ما هم مقترفون ان يأتون من الكذب بالقول والفعل. ما هو من لوازم تلك العقائد القبيحة. فهذه حال المغترين بالشياطين الانس والجن المستجيبين لدعوتهم. واما اهل الايمان بالاخرة واولوا العقول الوافية والالباب الرزينة. فانهم لا يغترون بتلك العبارات. ولا تخلبهم تلك كالتمويهات بل همته مصروفة الى معرفة الحقائق. فينظرون الى المعاني التي يدعو اليها الدعاة. فان كانت حقا قبلوها وانقادوا لها. ولو عبارات ردية والفاظا غير وافية. وان كانت باطلا ردوها على من قالها كائنا من كان. ولو البست من العبارات المستحسنة ما هو ارق من الحرير؟ ومن حكمة الله تعالى في جعله للانبياء اعداء. وللباطن انصارا قائمين بالدعوة اليه. ان يحصل لعباده الابتلاء الامتحان يتميز الصادق من الكاذب والعاقل من الجاهل والبصير من الاعمى. ومن حكمته ان في ذلك بيانا للحق وتوضيحا له. فان الحق يستنير ويتضح اذا قام الباطل يصارعه ويقاومه. فانه حينئذ يتبين من ادلة الحق وشواهده الدالة على صدقه وحقيقته ومن فساد الباطل وبطلانه ما هو من اكبر المطالب التي يتنافس فيها المتنافسون افغير الله ابتغي حكما وهو الذي انزل اليكم الكتاب مفصلا والذي فلا تكونن اي قل يا ايها الرسول افغير الله ابتغي حكما احاكم اليه واتقيد باوامره ونواهيه فان غير الله محكوم عليه لا حاكم. وكل تدبير وحكم للمخلوق فانه مشتمل على النقص والعيب والجور. وانما الذي يجب ان يتخذ حاكما فهو الله وحده لا شريك له. الذي له الخلق والامر الذي انزل اليكم الكتاب مفصلا. اي موضحا فيه الحلال الحرام والاحكام الشرعية واصول الدين وفروعه. الذي لا بيان فوق بيانه ولا برهان اجلى من برهانه. ولا احسن منه حكما ولا اقوى كما قيل لان احكامه مشتملة على الحكمة والرحمة. واهل الكتب السابقة من اليهود والنصارى. يعترفون بذلك. ويعلمون انه منزل من ربك بالحق ولهذا تواطأت الاخبارات فلا تشكن في ذلك ولا تكونن من الممترين. ثم وصف تفصيلها فقال وتمت كلمة ربك صدقا وعدلا. اي صدقا في الاخبار وعدلا في الامر والنهي. فلا اصدق من اخبار الله التي اودعها هذا الكتاب العزيز ولا اعدل من اوامره ونواهيه. لا مبدل لكلماته حيث حفظها واحكمها باعلى انواع الصدق وبغاية الحق. فلا يمكن تغيير ولا اقتراح احسن منها. وهو السميع لسائر الاصوات باختلاف اللغات على تفنن الحاجات. العليم الذي احاط علمه بالظواهر والبواطن والماظي والمستقبل آآ يقول تعالى نبيه محمد صلى الله عليه وسلم. محذرا عن طاعة اكثر الناس. وان تطع اكثر من في الارض يضلوك عن سبيل الله. فان اكثرهم قد انحرفوا في اديانهم واعمالهم وعلومهم. فاديانهم فاسدة واعمالهم تبع لاهوائهم. وعلومهم ليس فيها تحقيق. ولا ايصال لسواء الطريق بل غايتهم انهم يتبعون الظن الذي لا يغني من الحق شيئا. ويتخرصون في القول على الله ما لا يعلمون. ومن كان بهذه المثابة فحري ان ان يحذر الله منه عباده ويصف لهم احوالهم لان هذا وان كان خطاما للنبي صلى الله عليه وسلم فان امته اسوة له في سائر الاحكام التي ليست من خصائصه. والله تعالى اصدق قيلا واصدق حديثا وهو اعلم من يضل عن سبيله واعلم بمن يهتدي فيجب عليكم ايها المؤمنون ان تتبعوا نصائحه واوامره ونواهيه. لانه اعلم بمصالحكم وارحم بكم من انفسكم دلت هذه الاية على انه لا يستدل على الحق بكثرة اهله. ولا يدل قلة السالكين لامر من الامور ان يكون غير حق. بل الواقع بخلاف ذلك فان اهل الحق هم الاقلون عددا. الاعظمون عند الله قدرا واجرا. بل الواجب ان يستدل على الحق والباطل بالطرق الموصلة اليه يأمر تعالى عباده المؤمنين بمقتضى الايمان وانهم ان كانوا مؤمنين فليأكلوا مما ذكر اسم الله عليه من بهيمة الانعام وغيرها من الحيوانات المحللة. ويعتقد حلها سيفعلوا كما تفعله الجاهلية من تحريم كثير من الحلال ابتداء من عند انفسهم واضلالا من شياطينهم. فذكر الله ان علامة المؤمن مخالفة اهل الجاهلية في هذه العادة الذميمة المتضمنة لتغيير شرع الله وانه اي شيء يمنعه من اكل ما ذكر اسم الله عليه وقد فصل الله لعباده ما حرم عليهم وبينه ووضحه. فلم يبق فيه اشكال ولا شبهة توجب ان يمتنع من اكل بعض الحلال. خوفا من الوقوع في الحرام موديلت الاية الكريمة على ان الاصل في الاشياء والاطعمة الاباحة. وانه اذا لم يرد الشرع بتحريم شيء منها فانه باق على الاباحة. فما سكت الله عنه فهو حلال. لان الحرام قد فصله الله. فما لم يفصله الله فليس بحرام. ومع ذلك فالحرام الذي قد فصله الله قد اباحه عند الضرورة والمخمصة. كما قال تعالى حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير. الى ان قال فمن اضطر في مخمصة غير متجانف لاثم فان الله غفور رحيم. ثم حذر عن كثير من الناس فقال وان كثيرا ليضلون باهوائهم اي بمجرد ما تهوى انفسهم بغير علم ولا حجة. فليحذر العبد من امثال هؤلاء وعلامتهم كما وصفهم الله لعباده. ان دعوتهم غير بنية على برهان ولا لهم حجة شرعية. وانما يوجد لهم شبه بحسب اهوائهم الفاسدة وارائهم القاصرة. فهؤلاء معتدون على شرط وعن الله وعلى عباد الله والله لا يحب المعتدين بخلاف الهادين المهتدين فانهم يدعون الى الحق والهدى ويؤيدون دعوتهم بالحجج العقلية ولا يتبعون في دعوتهم الا رضا ربهم والقرب منه المراد بالاثم جميع المعاصي التي تؤثم العبد اي توقعه في الاثم والحرج من الاشياء المتعلقة بحقوق الله وحقوق عباده. فنهى الله عباده عن اقتراف الاثم الظاهر والباطن. اي السر والعلانية المتعلقة بالبدن الشوارع والمتعلقة بالقلب. ولا يتم للعبد ترك المعاصي الظاهرة والباطنة الا بعد معرفتها والبحث عنها. فيكون البحث عنها ومعرفة القلب والبدن والعلم بذلك واجبا متعينا على المكلف. وكثير من الناس تخفى عليه كثير من المعاصي. خصوصا معاصي القلب كالكبر العجب والرياء ونحو ذلك حتى انه يكون به كثير منها وهو لا يحس به ولا يشعر. وهذا من الاعراض عن العلم وعدم البصيرة. ثم اخبر تعالى ان الذين يكسبون الاثم الظاهر والباطن. سيجزون على حسب كسبهم وعلى قدر ذنوبهم قلت او كثرت. وهذا الجزاء يكون في الاخرة فان هذا مما اهين لغير الله به المحرم بالنص عليه خصوصا. ويدخل في ذلك متروك التسمية مما ذبح لله. كالضحايا هدايا او للحم والاكل. اذا كان الذابح متعمدا ترك التسمية عند كثير من العلماء. ويخرج من هذا العموم الناس بالنصوص الاخر الدالة على رفع الحرج عنه. ويدخل في هذه الاية ما مات بغير زكاة من الميتات. فانها مما لم يذكر اسم الله عليه. ونص الله عليها في قوله حرمت عليكم الميتة ولعلها سبب نزول الاية. لقوله وان الشياطين ليوحون الى اوليائهم ليجادلون بغير علم. فان المشركين حين سمعوا تحريم الله ورسوله الميتة. وتحليله للمزكاة. وكانوا يستحلون اكل الميتة قالوا معاندة لله ورسوله. ومجادلة بغير حجة وبرهان. اتأكلون ما قتلتم ولا تأكلون ما قتل الله. يعنون بذلك الميتة وهذا رأي فاسد. لا يستند على حجة ولا دليل. بل يستند الى ارائهم الفاسدة. التي لو كان الحق تبعا لها لفسدت السماوات والارض ومن فيهن. فتبا لمن قدم هذه العقول على شرع الله واحكامه. الموافقة للمصالح العامة والمنافع الخاصة. ولا استغربوا هذا منهم فان هذه الاراء واشباهها صادرة عن وحي اوليائهم من الشياطين الذين يريدون ان يضلوا الخلق عن دينهم ويدعوهم ليكونوا من اصحاب السعير. وان اطعتموهم في شركهم وتحليلهم الحرام. وتحريمهم الحلال انكم لمشركون. لانكم اتخذتموهم اولياء من دون الله ووافقتموهم على ما به فارقوا المسلمين. فلذلك كان طريقكم طريقهم. ودلت هذه الاية الكريمة على ان ما يقع في القلوب من الالهامات والكشوف التي يكثر وقوعها عند الصوفية ونحوهم. لا تدل بمجردها على انها حق. ولا تصدق حتى على كتاب الله وسنة رسوله. فان شهدا لها بالقبول قبلت. وانا قضتهما ردت. وان لم يعلم شيء من ذلك توقف فيها ان تصدق ولم تكذب. لان الوحي والالهام يكون من الرحمن. ويكون من الشيطان. فلا بد من التمييز بينهما والفرقان. وبعدم التفريق بين الامرين امرين حصل من الغلط والضلال ما لا يحصيه الا الله