الحمد لله رب العالمين والعاقبة للمتقين. ولا عدوان الا على الظالمين. واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلوات الله وسلامه عليه وعلى اله وصحبه اجمعين اما بعد قال الحافظ النووي رحمه الله تعالى في كتابه رياض الصالحين بسم الله الرحمن الرحيم. باب الاخلاص احضار النية في جميع الاعمال والاقوال والاحوال البارزة والخفية قال الله تعالى وما امروا الا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة وقال تعالى لن ينال الله لحومها ولا دماؤها ولكن يناله التقوى منكم. وقال تعالى قل تخفوا ما في صدوركم او تبدوه يعلمه الله بسم الله الرحمن الرحيم. قال الحافظ النووي رحمه الله في كتابه رياض الصالحين باب اخلاص النية في الاقوال والاعمال وفي سائر الاحوال في السر والخفاء. قوله باب اخلاص النية الاخلاص في بمعنى تنقية الشيء وتخريصه من الشوائب وهو تنقية الشيء وتخليصه من الشوائب واما شرعا فهو ان يقصد الانسان بعمله وجه الله عز وجل والدار الاخرة واما النية فهي في اللغة بمعنى القصد يقال نواك الله بخير اي قصدك واما اصطلاحا فهي العزم على فعل العبادة تقربا الى الله تعالى والنية نوعان نية المعمور له وهي الاخلاص وهذه يتكلم عليها ارباب السلوك والنوع الثاني من النية نية العمل وتمييزه. وهذه يتكلم عليها الفقهاء في كتبهم ولها فائدتان الفائدة الاولى تمييز العبادات عن العادات الانسان مثلا يغتسل تنظفا ويغتسل تبردا ويغتسل تعبدا فالذي يميز هذا هذا من هذا هو النية. وثانيا تمييز العبادات بعضها عن بعض. فالانسان يصلي فرضا ويصلي نفلا الظهر اربعا ويصلي العصر اربعا. الذي يميز هذا من هذا هو النية. والنية محلها القلب والتلفظ بها بدعة فلا يشرع للانسان اذا اراد ان يفعل عبادة كالوضوء ان يقول اللهم اني نويت الوضوء او صلاة ان يقول اللهم اني نويت لان ذلك لم يرد عن الرسول صلى الله عليه وسلم ولا عن اصحابه وينبغي للعبد عند فعل اي عبادة ان ينوي ثلاثة اشياء كل عبادة تريد ان تفعلها فينبغي لك ان تستحضر النية في ثلاثة امور. اولا ان تنوي ان هذه العبادة لله عز وجل بان تقصد بها وجه الله تعالى والدار الاخرة. وبها اعني بهذه النية يتحقق الاخلاص. ثانيا ان تنوي انك تفعل هذه العبادة امتثالا لامر الله عز وجل. وبها يتحقق الثواب ثالثا ان تنوي تعيين هذه العبادة من فرض او نفل من ظهر وعصر وبها يتحقق الاجزاء. فينبغي ان يحرص على نية الاخلاص بان يقصد بها وجه الله ونية الثواب بان يفعل العبادة طلبا لرضا الله عز وجل وامتثالا لامره ونية الاجزاء بان يعين نوع هذه العبادة. وقوله في جميع الاقوال الاعمال والاحوال يعني ان الانسان يستحضر النية في جميع احواله وفي جميع اقواله. بل الموفق الذي بنية تنقلب عاداته الى عبادات. ثم ذكر المؤلف رحمه الله الايات في ذلك الاية الاولى قول الله عز وجل وما امروا الا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء. قالوا وما امروا الظمير عائد على اليهود والنصارى المشركين الذين ذكرهم الله عز وجل في اول السورة في قوله لم يكن الذين كفروا من اهل الكتاب والمشركين منفكين حتى البينة ما امروا يعني في شرائعهم وفيما انزل عليهم من الكتب الا ليعبدوا الله اي ليتذللوا له وبالطاعة حبا وتعظيما. مخلصين له الدين يعني موحدين في عبادتهم وقول مخلصين له الدين اي قائمين بالتوحيد والاخلاص له في جميع اقوالهم وفي جميع احوالهم مخلصين له الدين حنفا الحنيف المائل عما سوى الله. اي مائلين عما سوى الله ومائلين عن جميع الاديان الا دين الاسلام الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم. وذلك دين القيمة وذلك اي التوحيد والاخلاص دين القيم اي دين الملة القيمة. والشرعة المستقيمة التي توصل الى رضوان الله عز وجل وجنات النعيم اما الاية الثانية وهي قول الله عز وجل لن ينال الله لحومها ولا دماؤها ولكن يناله التقوى منكم. هذه الاية ذكرها الله عز وجل بعدما ذكر الهدايا والضحايا يعني لن ينال الله عز وجل لحوم هذه الهدايا والضحايا ولن ينال ولكن يناله التقوى منكم بان تفعلوا هذه العبادة وهذه النتيجة مخلصين لله تعالى فيها. لان الذبح من اعظم القرب التي تقرب الى قال الله عز وجل قل ان صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي. لله رب العالمين لا شريك له. فيبتغي الانسان بذبحه ونحره وجه الله عز عز وجل ولهذا قال ولكن يناله التقوى منكم. واما الاية الثالثة وهي قول الله عز وجل وما تفعلوا من خير يعلمه الله. ففيها بيان سعت علم الله عز وجل وانه عالم بالظواهر قل ان تخفوا ما في صدوركم او تبدوه يعلمه الله. ويعلم ما في السماوات وما في الارض. فالله عز وجل عليم بكل شيء بما كان وما يكون لو كان كيف يكون. فعلى هذا ينبغي للعبد الا يسر في قلبه امرا يخالف القاهرة ومن ذلك ان يظهر في قلبه رياء او شركا فان الله تعالى مطلع على ذلك. فهذه الايات التي ساقها المؤلف فيها حث وترغيب على اخلاص النية. في عبادة الله عز وجل وان يكون الانسان مخلصا في جميع اقواله وفي جميع احواله وفي جميع ازمانه. وفق الله الجميع لما يحب ويرضاه وصلى الله على نبينا محمد