الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك وانعم على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين وبعد فنحمد الله تبارك وتعالى على ما من به علينا وعليكم من هذا اللقاء الثاني من لقاءات التفسير مع كتاب الله تبارك وتعالى. وهذا هو الرمضان الثاني فكنا قد انهينا بفضل الله ومنة وجوده وكرمه تفسير الشيخ المبارك رحمه الله في رمظان الماظي نسأل الله جل وعلا ان يعيننا في هذا الرمظان في هذا الشهر المبارك في الايام المحددة على انهاء تفسير كتاب الله عز وجل من سوء تفسير العلامة عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله تعالى ولا شك ايها الاخوة ان المقدمات التي اوردها العلامة الشيخ السعدي رحمه الله في اول التفسير هذه المقدمات مقدمات مهمة. ولكن بما اننا قبل رمظان باسبوعين قد انهينا من التعليق على كتاب القواعد الحسان في تفسير القرآن فلا ارى داع ان نقرأ هذه المقدمات ومن اشكل عليه شيء من هذه المقدمات يمكن ان يستمع الى محاضراتنا في التعليق على كتاب الشيخ السعدي القواعد الحسان المتعلقة بتفسير القرآن ولكن قبل الشروع احب ان انبه على امر عظيم جدا وهو ان الشيخ رحمه الله فسر القرآن تفسيرا كان الله تبارك وتعالى يخاطب كل انسان بنفسه ومتى ما وضع العبد هذا المعيار في ذهنه مع صفاء الذهن مع القبول بان على الله عز وجل والانقياد لامر الله تبارك وتعالى يرزقه الله تبارك وتعالى علما وعملا واما اذا جاء الانسان وباله منشغل او جاء وانه يبحث عن الغرائب او جاء وكأن القرآن لا يخاطبه فهذا لا يستفيق فكلام الشيخ السعدي رحمه الله واظح بين وما احتاج فيه الى تعليق نعلق عليه بكلام يسير نسأل الله تبارك وتعالى باسمائه الحسنى وصفاته العليا ان يستعملنا في طاعته وان يشغلنا في عبادته وان يفرغنا لتبليغ الكتاب والسنة الى الناس والعمل بهما. واسأله جل وعلا ان يبارك لنا ولكم في الوقت من من الرابعة والربع حتى السادسة والربع يوميا ان شاء الله فنبدأ على بركة الله القراءة مع الشيخ يوسف جاسم العينات. الحمد لله رب العالمين الله وسلم وبارك وانعم على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين. اللهم اغفر لنا ولشيخنا ولمشايخه المسلمين والمسلمات يا رب العالمين. قال الامام العلامة عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله تعالى في تفسيره الفاتحة وهي مكية بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم مالك يوم الدين اياك نعبد واياك نستعين لنهدنا الصراط المستقيم صراط الذين انعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين ان يبتدأوا بكل اسم لله تعالى لان لفظ اسم مفرد مضاف. فيعم جميع الاسماء الحسنى الله هو والمألوه المعبود المستحق لاطراده بالعبادة لما اتصف به من صفات الالوهية وهي صفات الكمال. الرحمن الرحيم. اثنان يدلان على انه تعالى ذو الرحمة الواسعة العظيمة التي وسعت كل شيء وعمت كل حي وكتبها للمتقين المتبعين لانبيائه ومثله فهؤلاء لهم الرحمة المطلقة ومن عاداهم فله نصيب منها. واعلم ان من القواعد المتفق عليها بين نزلت الامة وائمتها الايمان باسماء الله وصفاته واحكام الصفات فيؤمنون مثلا بانه رحمن رحيم ذو الرحمة التي الذي اتصف التي اتصف بها المتعلقة بالمرحوم فالنعم كلها اثر من اثار رحمته وهكذا في سائر الاسماء قالوا في العليم انه عليم ذو علم يعلم به كل شيء قدير ذو قدرة يقدر على كل شيء الثناء على الله بصفات الكمال وبافعاله الدائرة بين الفضل والعدل. فله الحمد الكامل بجميع الوجوه. رب العالمين الرب هو المربي جميع العالمين وهو من سوى الله بخلقه وهو من سوى الله بخلقه لهم واعداده لهم الالات وان عليهم بالنعم العظيمة التي لو فقدوها لم يمكن لهم البقاء. فما بهم من نعمة فمنه تعالى. وتربيته وتربيته تعالى لخلقه نوعان عامة وخاصة فالعامة هي خلقه للمخلوقين ورزقهم وهدايتهم لما فيه مصالحهم والتي فيها بقائهم في الدنيا والخاصة تربيتهم لاوليائه فيربيهم بالايمان ويوفقهم له ويكملهم ويدفع عنهم ترى العوائق الحائلة بينهم وبينه. وحقيقتها تربية التوفيق لكل خير والعصمة من كل شر. ولعل هذا المعنى هو السر في لكون اكثر ادعية الانبياء بلفظ الرب فان مطالبهم كلها داخلة تحت الربوبية الخاصة. فدل قوله رب رب العالمين على انفراده بالخلق والتدبير والنعم وكمال غناه وتمام فقر العالمين اليه بكل وجه واعتبار فرق بين من الرزق والرزق الرزق فعل الرب والرزق ما يوصله الله تعالى الى العباد وهي النعم والانبياء يقولون في ادعيتهم ربنا وذلك لان فيه ملحظ الربوبية العامة والربوبية الخاصة وما من نعمة في العباد الا من ربوبية الله تعالى. نعم. قال رحمه الله مالك يوم الدين المالك هو من اتصف بصفة الملك التي من اثارها انه يأمر وينهى ويثيب ويعاقب ويتصرف بمماليكه بجميع انواع التصرفات. واضاف الملك ليوم الدين وهو يوم يوم القيامة يوم يدان الناس فيه باعمالهم خيرها وشرها لان في ذلك اليوم يظهر للخلق تمام الظهور كمال ملكه وعدله وحكمته وانقطاع املاك الخلائق حتى انه يستوي في ذلك اليوم الملوك والرعايا والعبيد والاحرار كلهم مذعونون لعظمته يخاضعون لعزته منتظرون لمجازاته. راجون ثوابه خائفون من عقابه. فلذلك خصه بالذكر الا فهو المالك ليوم الدين وغيره من الايام. كلهم مذعنون لعظمة الله عز وجل. هذا احد الا وجه والوجه الاخر انه اذا كان اعظم الايام ملكا لله فما سواه من باب اولى. نعم قال رحمه الله وقوله اياك نعبد واياك نستعين. اين خصك وحدك بالعبادة والاستعانة لان تقديم المعمول يفيد الحصر وهو اثبات الحكم للمذكور ونفيه عما عداه فكأنه يقول نعبدك ولا نعبد غيرك ونستعين بك ولا نستعين بغيرك وتقديم العبادة على الاستعانة من باب تقديم العام على الخاص واهتماما بتقديم حقه تعالى على حق عبده. ومن باب ان الغاية افضل من الوسيلة العبادة غاية والاستعانة وسيلة نعم. قال رحمه الله والعبادة اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الاعمال والاقوال الظاهرة والباطنة. والاستعانة هي الاعتماد على الله تعالى في جلب المنافع ودفع المضار مع الثقة به في تحصيل ذلك. والقيام بعبادة الله والاستعانة به هو الوسيلة لاستعادة الابدية والنجاة من جميع الشرور فلا سبيل الى النجاة الا بالقيام بهما وانما تكون العبادة عبادة اذا كانت مأخوذة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مقصودا بها وجه الله تعالى فبهذين الامرين تكون عبادة وذكر الاستعانة بعد العبادة مع دخولها فيها ينادي العبد في جميع عباداته الى الاستعانة بالله تعالى فانه ان لم يعنه الله لم يحصله ما يريده من فعل الاوامر لا بالنواهي ثم قال تعالى اهدنا الصراط المستقيم اي ذلنا وارشدنا ووفقنا الى الصراط المستقيم وهو الطريق الواضح الموصل الى الله والى جنته وهو معرفة الحق والعمل به فاهدنا الى الصراط واهدنا في الصراط فالهداية الى الصراط لزوم دين الاسلام وترك ما من الاديان والهداية في الصراط تشمل الهداية لجميع التفاصيل الدينية علما وعملا. فهذا الدعاء من اجمع الادعية للعبد ولهذا وجب على الانسان ان يدعو الله به في كل ركعة من صلاته. لضرورته الى ذلك وهذا الصراط المستقيم وهو صراط الذين انعمت عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين الذين عرفوا الحق وتركوه كاليهود ونحوهم وغير الصراط الضالين الذين تركوا الحق على جهل وضلال كالنصارى ونحو قال فهذه السورة على ايجازها قد احتوت على ما لم تحتوي عليه سورة من سور القرآن فتضمنت انواع توحيد الثلاثة توحيد الربوبية يؤخذ من قوله تعالى توحيد الربوبية يؤخذ من قوله وتوحيد الالهية وهو الله بالعبادة يؤخذ من لفظ الله ومن قوله اياك نعبد واياك نستعين وتوحيد الاسماء والصفات وهو اثبات صفات ذات الكمال لله تعالى التي اثبتها لنفسه واثبتها له رسوله صلى الله عليه وسلم من غير تعطيل ولا تمثيل ولا تشبيه وقد دل على ذلك لفظ الحمد كما تقدم. وتضمنت اثبات النبوة في قوله اهدنا الصراط المستقيم. لان ذلك ممتنع بدون الرسالة واثبات الجزاء على الاعمال في قوله ما لك يوم الدين وان الجزاء يكون بالعدل لان الدين معناه والجزاء بالعدل وتضمنت اثبات القدر وان العبد فاعل حقيقة خلافا للقدرية والجبرية. بل تضمات الرد على جميع اهل البدع والضلال في قوله اهدنا الصراط المستقيم. لانه معرفة الحق والعمل به. وكل مبتدع وضال ومخالف لذلك وتضمنت اخلاص الدين لله تعالى عبادة واستعانة في قوله اياك نعبد واياك نستعين الحمد لله رب العالمين. كان شيخنا ابو زكريا رحمه الله يقول ما من بدعة الا وفي الفاتحة ردوا عليها وما من كفر وشرك الا وفي الفاتحة الجواب عنها نعم قال رحمه الله تعالى تفسير سورة البقرة وهي مدنية ميم ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة انا رزقناهم ينفقون. والذين يؤمنون بما انزل اليك وما انزل من قبلك هم يوقنون اولئك على هدى من ربهم واولئك هم المفلحون. تقدم على البسملة واما الحروف المقطعة في اوائل السورة فالاسلم فيها السكوت عن التعرض لمعناها من غير مستند شرعي مع الجزم ان الله تعالى لم ينزلها عبثا بل لحكمة لا نعلمها. وقد ذكر شيخ الاسلام ابن تيمية ان الحكمة هي تنبيه على ان القرآن من هذه الاحرف وانتم ايها البلغاء والفصحاء والدكاترة والعلماء اذا عجزتم عن الاتيان بمثل سورة منه فاعلموا ان رجلا اميا جاءه هذا القرآن لا يكون الا من عند الله تعالى. نعم قال رحمه الله وقوله ذلك الكتاب اي هذا الكتاب العظيم الذي هو الكتاب على الحقيقة المشتمل على ما لم تشتمل عليه كتب المتقدمين متأخرين من العلم العظيم والحق المبين لا ريب فيه. فلا ريب فيه ولا شك بوجه من الوجوه ونفي الريب عنه يستلزم ضده ضد الريب والشك اليقين فهذا الكتاب مشتمل على علم اليقين المزيل للشك والريب. وايضا نفي نفي المحض ليس كمالا ذلك هنا المراد به نفي الريب والمقصود اثبات كمال ضده. وهو ان اليقين كله في القرآن والحق كله بالقرآن والصدق كله في القرآن والثبات والتقرر كله في القرآن نعم قال رحمه الله وهذه قاعدة مفيدة ان النفي المقصود به المدح لابد ان يكون متضمنا لضده وهو الكمال لان النفي عدم والعدم المحض لا مدح فيه فلما اشتمل على اليقين وكانت الهداية لا تحصل الا باليقين قال هدى للمتقين والهدى ما تحصن به الهداية من الضلالة والشبه وما به الهداية الى سلوك الطرق النافعة وقال هدى وحذف المعمول فلم يقل هدى للمصلحة الفلانية ولا للشيء لارادة العموم وانه هدى لجميع مصالح الدارين فهو مرشد للعباد فهو مرشد للعباد في المسائل الاصولية والفروعية مبين للحق من الباطل والصحيح من الضعيف ومبين لهم كيف يسلكون الطرق النافعة لهم في دنياهم واخراهم وقال في موضع اخر هدى الناس تعمم وفي هذا الموضع وغيره هدى للمتقين. لانه في نفسه هدى لجميع الناس فالاشقياء لم يرفعوا به رأسا ولم يقبلوه الله فقامت عليهم به الحجة ولم ينتفعوا به لشقائهم. واما المتقون الذين اتوا بالسبب الاكبر لحصول الهداية وهو التقوى التي في حقيقتها اتخاذ ما يقي سخط الله وعذابه بامتثال اوامره واجتناب النواهي. فاهتدوا فاهتدوا به وانتفعوا غاية الانتفاع. قال يا ايها الذين امنوا ان تتقوا الله يجعل لكم طرقانا. المتقون هم المنتفعون بالايات القرآنية والايات الكونية ولان الهداية نوعان هداية البيان وهداية التوفيق. فالمتقون حصلت لهم حصلت لهم الهدايتان وغيرهم لم تحصل لهم هداية التوفيق وهداية البيان بدون توفيق للعمل بها ليست هداية حقيقية تامة. ثم وقف المتقين بالعقائد والاعمال الباطنة والاعمال الظاهرة لتضمن التقوى لذلك فقال الذين يؤمنون بالغيب حقيقة الايمان هو التصديق التام بما اخبرت به الرتل المتضمن لانقياد الجوارح وليس الشأن في الايمان بالاشياء المشاهدة بالحس. فانه لا يتميز بها مسلم من الكافر انما الشأن في انما الشأن في الايمان بالغيب الذي لم نره ولم نشاهده. وانما نؤمن به لخبر الله وخبر رسوله الله عليه وسلم فهذا الايمان الذي الذي يميز به المسلم من الكافر لانه تصديق مجرد لله ورسله فالمؤمن يؤمن بكل ما اخبر الله به او اخبر به رسوله سواء شاهده او لم يشاهده. وسواء فهمه وعقله او لم يهتدي الى اليه عقل هو فهمه بخلاف الزنادقة المكذبين بالامور الغيبية لان عقولهم القاصرة المقصرة لم تهتدي اليها فكذبوا بما لم يحيطوا وبعلمه ففسدت عقولهم ومرجت احلامهم وزكت عقول المؤمنين المصدقين المهتدين بهدى الله. قال ويدخل في الايمان بالغيب الايمان بجميع ما اخبر الله به من الغيوب الماضية والمستقبلة واحوال الاخرة وحقائق اوساط الله وكيفيتها وما اخبرت به من ذلك فيؤمنون بصفات الله ووجودها ويتيقنونها وان لم يفهموا كيفيتها ثم قال ويقيمون الصلاة لم لم يقل يفعلون الصلاة او يأتون بالصلاة لانه لا يكفي فيها مجرد الاتيان بصورتها الظاهرة فاقامة الصلاة اقامة ظاهرة باتمام اركانها وواجباتها وشروطها واقامتها باطلا باقامة روحها وهو حضور القلب فيها وتدبر ما يقول ويفعله منها فهذه الصلاة هي التي قال الله فيها ان الصلاة تنهى عن الفحشاء المنكر وهي التي يترتب عليها الثواب فلا ثواب للعبد من صلاته الا ما عقل منها ويدخل في الصلاة فرائضها ونوافلها اه قال ثم قال ومما رزقناهم ينفقون يدخل فيه النفقات الواجبة كالزكاة والنفقة على الزوجات والاقارب والمماليك نحو ذلك والنفقات المستحبة بجميع طرق الخير ولم يذكر المنفق عليه لكثرة اسبابه وتنوع اهله ولان النفقة من حيث من حيث هي قربة الى الله واتى بمن الدالة على التبعيض لينبههم انه لم يرد لينبههم انه لم يرد منهم الا جزءا كثيرا من اموالهم غير ضار لهم ولا مثقل بل ينتفعونهم بانفاقه وينتفع به اخوانهم وفي قوله رزقناهم اشارة الى ان هذه الاموال التي بين ايديكم ليست حاصلة بقوتكم وملككم وانما هي رزق الله الذي خولكم وانعم به عليكم فكما انعم عليكم وفضلكم على كثير من عباده فاشكروه باخراج بعض ما انعم به عليكم وواسوا اخوانكم المعدمين. ومن اراد ان يتأكد ان الرزق من الله فلينظر فكم من سفيه يملك مالا ولا حسن تدبير عنده وكم من عاقل عامل مجد لا يملك شيئا لان الرزق من الله عز وجل نعم قال رحمه الله وكثيرا ما يجمع تعالى بين الصلاة والزكاة في القرآن لان الصلاة متظمنة للاخلاص للمعبود والزكاة والنفقة متضمنة للاحسان على عبيده فعنوان سعادة العبد اخلاصه للمعبود وسعيه في نفع الخلق كما ان عنوان شقاوة العبد عدم هذين الامرين منه فلا فلا اخلاص ولا احسان. وهذا حقيقة الاحسان ان يحصل الانسان ان يصل الانسان الى الاخلاص مع الله والى الخير مع الخلق نعم قال رحمه الله ثم قال تعالى والذين يؤمنون بما انزل اليك وهو القرآن والسنة قال تعالى وانزل الله عليك الكتاب والحكمة ها؟ فالمتقون يؤمنون بجميع ما جاء به الرسول ولا يفرقون بين بعض ما انزل بعض ما انزل اليه فيؤمنون ببعضه ولا يؤمنون ببعضه اما بجحده وتأويله على غير مراد الله ورسوله كما يفعل ذلك من يفعله من المبتدعة الذين يأولون النصوص الدالة على خلاف قولهم بما حاصله عدم التصديق بمعناها وان صدقوا بلفظها فلم يؤمنوا بها ايمانا حقيقيا وقوله وما انزل من قبرك يشمل يشمل الايمان بجميع الكتب السابقة ويتضمن الايمان ويتضمن الايمان بالكتب الايمان بالرسل وبما اشتملت عليه خصوصا التوراة والانجيل وهذه خاصية المؤمنين يؤمنون بالكتب السماوية كلها وبجميع الرسل فلا يفرقون بين احد منهم ثم قال وبالاخرة هم يوقنون والاخرة اسم لما يكون بعد الموت وخصه بالذكر بعد العموم لان الايمان باليوم الاخر احد اركان الايمان انه اعظم باعث على الرغبة والرهبة والعمل. واليقين هو العلم التام الذي ليس فيه ادنى شك الموجب للعمل اولئك اي الموصوفون بتلك الصفات الحميدة على هدى من ربهم اي على هدى عظيم لان التنكير للتعظيم واي هداية اعظم ومن تلك الصفات المذكورة المتضمنة للعقيدة الصحيحة والاعمال المستقيمة. وهل الهداية في الحقيقة الا هدايتهم وما سواها مما خالفها فهي ضلالة واتى بعلى في في هذا الموضع الدالة على الاستعلاء وفي الضلالة يأتي كما في قوله انا او اياكم لعلى هدى او في ضلال مبين. لان صاحب الهدى مستعلم بالهدى مرتفع به. وصاحب الضلال منغمس فيه محتقر لان صاحب الهدى يرتقي وصاحب الضلالة ينخسف الى اسفل السافلين في نار جهنم عياذا بالله نعم قال رحمه الله ثم قال تعالى واولئك هم المفلحون والفلاح هو الفوز بالمطلوب والنجاة من المرهوب حصر الفاح فيهم لانه ولا سبيل الى الفلاح الا بسلوك سبيلهم. وما عدا تلك السبيل فهي سبل الشقاء والهلاك والخسار التي تفضي بسالكها الى الهلاك فلهذا لم ما ذكر صفات المؤمنين حقا ذكر صفات الكفار المظهرين لكفرهم المعاينين للرسول فقال ان الذين سواء عليهم انذرتهم ام لم تنذرهم لا يؤمنون. ختم الله وعلى قلوبهم وعلى سمعهم وعلى ابصارهم غشاوة ولهم عذاب عظيم. يخبر تعالى ان الذين كفروا واي اتصفوا بالكفر وانصبغوا به وصار وصفا لهم لازما لا يردعهم عنه رادع. ولا ينجح فيهم وعظ انهم مستمرون على كفرهم فسواء عليهم اانذرتهم ام لم تنذرهم لا يؤمنون. وحقيقة الكفر هو الجحود لما جاء به الرسول او جحد بعضه الكفار لا تفيدهم الدعوة الا اقامة الحجة الا اقامة الحجة عليهم. وكأن في هذا قطعا لطمع الرسول صلى الله عليه وسلم وانك لا تأسى عليهم ولا تذهب نفسك عليهم حسرات. ثم ذكر الموانع المانعة لهم من الايمان فقال ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم اي طبع عليها بطابع لا يدخلها الايمان ولا ينفذ فيها فلا يعوق. فلا يعول لا ينفعهم ولا يسمعون ما يفيدون فلا يعون ما ينفعهم ولا يسمعون ما يفيدهم. وعلى ابصارهم غشاوة اي غشاء وغطاء تمنعها عن النظر الذي ينفعهم وهذه طرق العلم والخير قد سدت عليهم فلا مطمع فيهم ولا خير يرجى عندهم وانما منعوا ذلك كما سدت عنهم ابواب الايمان بسبب كفرهم وجحودهم ومعاندتهم بعد ما تبين لهم الحق كما قال تعالى ونقلب افئدتهم وابصارهم كما لم يؤمنوا به اول مرة. وهذا عقاب عاجل ثم ذكر العقاب الآجل فقال ولهم عذاب عظيم النار وسخط الجبار المستمر الدائم. اعظم ابواب العلم ثلاثة. التعقل هو مفتاحه البحث العلمي والقراءة ومفتاحه النظر لان الذي لا يستطيع النظر لا يستطيع ان يقرأ والاجتماع ومفتاحه حضور العلم فهذه ابواب العلم الثلاث بقدر ازديادك منها تزداد علما وهي التي نفاها الله عن الكفار ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى ابصارهم فمن اين يحصلون العلم النافع نعم احسن الله اليكم توجد سيارة اسود اللوحة رقم عشرة تسعة ثلاثة ثمانية واربعين سدت الطريق عن الناس ايش اسمها يا اخوان يعني نحن نأتي نريد ان نتخلق باخلاق القرآن فلا ينبغي ان نغلق على الناس الطرقات نعم احسن الله اليكم قال رحمه الله ثم قال تعالى في وصف المنافقين الذين ظاهرهم الاسلام وباطنهم الكفر ومن الناس من يقول امنا بالله وباليوم الاخر وما هم بمؤمنين يخادعون الله والذين امنوا وما يخدعون الا انفسهم وما يشعرون في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا ولهم عذاب اليم بما كانوا يكذبون. واعلم ان النفاق فهو اظهار الخير وابطال الشر ويدخل في هذا التعريف ويدخل في هذا التعريب النفاق اعتقادي والنفاق العملي فالنفاق العملي الذي ذكر النبي صلى الله عليه وسلم في قوله ايات المنافق ثلاث اذا حدث كذبا واذا وعد اخلف واذا اؤتمن خان وفي رواية واذا خاصم فجر واما النفاق اعتقادي المخرج عن دائرة الاسلام فهو الذي وصف الله به المنافقين في هذه السورة وغيرها ولم يكن النفاق موجودا قبل هجرة النبي صلى الله عليه وسلم من مكة الى المدينة ولا بعد الهجرة حتى كانت وقعة بدر واظهر الله المؤمنين واعزهم فذل من فذل من من في المدينة ممن لم يسلم فاظهر الاسلام بعضهم خوفا ومخادعة ولتحقن دماؤهم وتسلم وتسلم اموالهم. فكانوا بين اظهر المسلمين في ظهر انهم منهم وفي الحقيقة ليسوا منهم. فمن لطف الله بالمؤمنين ان انجلا احوالهم ووصفهم بانصاف يتميزون بها لان لا يغتر بهم المؤمنون ولينطمعوا ايضا عن كثير من فجورهم. قال تعالى يحذر المنافقون ان تنزل عليهم سورة تنبئهم بما في قلوبهم فوصفهم الله باصل النفاق فقال ومن الناس من يقول امنا بالله وباليوم الاخر وما هم بمؤمنين فانهم يقولون ما ليس في قلوبهم فاكذبه فاكذبهم الله بقوله وما هم بمؤمنين لان الايمان الحقيقي ما تواطأ عليه القلب واللسان وانما هذا خاضعة لله ولعباده المؤمنين والمخادعة ان ان يظهر المخادع لمن يخادعه شيئا ويبطن خلافه لكي يتمكن من مقصوده ممن يخادع. فهؤلاء المنافقون سلكوا مع الله وعباده هذا المسلك فعاد خداعهم على انفسهم وهذا من العجائب لان المخادع اما ان ينتج خداعه ويحصل له مقصوده او يسلم لا له ولا عليه. وهؤلاء عاد خداعهم على انفسهم فكأنهم يعملون ما يعملون من المكر لاهلاك انفسهم واضبارها وكيدها. لان الله لا نتضرر بخداعهم شيئا وعباده المؤمنون لا يضرهم كيدهم شيئا فلا يضر المؤمنين ان اظهر المنافقون الايمان فاستلمت بذلك اموالهم وحقنت دمائهم وصام كيدهم في نحورهم وحصل لهم بذلك الخزي والفضيحة في الدنيا. والحزن المستمر بسبب ما يحصل للمؤمن من القوة والنصرة. ثم في لهم العذاب الاليم الموجع المفجع بسبب كذبهم وكفرهم وفجورهم. والحال انهم من جهلهم وحماقتهم لا يشعرون بذلك. وقوله في قلوبهم مرض المراد بالمرض هنا مرض الشك والشبهات والنفاق وذلك ان القلب يعرض له مرضا يخرجانه عن صحته واعتداله مرض الشبهات الباطلة ومرض الشهوات المرضية. فالكفر والنفاق والشكوك والبدع كلها من بعض الشبهات والزنا ومحبة الفواحش والمعاصي وفعلها من مرض الشهوات. كما قال تعالى فيطمع الذي في قلبه مرض. وهو شهوة الزنا والمعافى من عوفي من هذين المرضين فحصل انه اليقين والايمان والصبر عن كل معصية. العجيب ان الناس يهتمون بامراض القلوب العضوية. وقل من تجد من يهتم بامراض القلوب المعنوية وكان الواجب عليهم العكس فان مرض القلب مرض الى الكفر او الى المعاصي عياذا بالله. واما مرض القلب العضوي فانه غاية ما يمكن ان يصل اليه العبد انه يعطب في صحته ويتعطل او يموت لكن هذا مرض المعنوي يبعده عن الله عز وجل وهو اعظم لمن عقل عن الله تعالى. نعم قال رحمه الله وفي قوله عن المنافقين في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا بيان لحكمته تعالى في تقدير المعاصي على العاصين وانه بسبب ذنوبهم يبتليهم بالمعاصي اللاحقة الموجبة لعقوباتها كما قال تعالى ونقلب افئدتهم وابصارهم كما لم يؤمنوا به اول مرة وقال تعالى فلما زاغوا وزاغ الله قلوبهم وقال تعالى واما الذين في قلوبهم مرض فزادتهم رجسا الى رجسهم فعقوبة المعصية المعصية بعدها كما ان من ثواب الحسنة الحسنة بعدها قال تعالى ويزيد الله الذين اهتدوا هدى. واذا قيل لهم لا تفسدوا في الارض قالوا انما نحن مصلحون. الا انهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون اي اذا نهي هؤلاء المنافقون عن الافساد في الارض وهو العمل بالكفر والمعاصي ومنه اظهار التوائم للمؤمنين لعدو وموالاتهم للكافرين قالوا انما نحن مصلحون فجمعوا بين العمل بالفساد في الارض واظهار انه ليس بافساد بل هو اصلاح قلبا للحقائق وجمعا بين فعل الباطل واعتقاده حقا. وهؤلاء اعظم جناية ممن يعمل بالمعاصي مع اعتقاد تحريمها فهذا اقرب للسلامة وارجى لرجوعه. ولما كان في قولهم انما نحن مصلحون حصل للاصلاح. حصر للاصلاح في جانبهم وفي ضمنه ان المؤمنين ليسوا من اهل اصلاح قلب الله عليهم دعواهم بقوله الا انهم هم المفسدون فانه لا اعظم لا اعظم افسادا ممن كفر بايات الله وصد عن سبيل الله وخادع الله اولياءه ووالى المحاربين لله ورسوله وزعم ما هذا وزعم مع هذا ان هذا اصلاح فهل بعد هذا الفساد فساد ولكن لا يعلمون علما ينفعهم وان كانوا قد علموا بذلك علما تقوم به عليهم حجة وانما كان العمل بالمعاصي في الارض فسادا لانه سبب لفساد ما على وجه الارض من الحبوب والثمار والاشجار والنبات. لما يحصل فيها من الافات التي سبب المعاصي ولان الاصلاح في الارض ان تعمر بطاعة الله والايمان به. لهذا خلق الله الخلق واسكنهم في الارض وادر عليهم الارزاق ليستعينوا بها على طاعته وعبادته فاذا عمل فيها بضده كان سعيا فيها بالفساد واخرابا لها عما خلقت له. واذا قيل لهم امنوا كما امنا قالوا انؤمن كما امن السفهاء الا انهم هم السفهاء ولكن لا يعلمون اي اذا قيل للمنافقين امنوا كما امنا سواء كايمان الصحابة رضي الله عنهم وهو الايمان بالقلب واللسان. قالوا بزعمهم الباطل انؤمن كما امن ويعنون قبحهم الله الصحابة رضي الله عنهم بزعمهم ان سفهاهم اوجب لهم الايمان وترك الاوطان ومعاداة الكفان وعندهم يقتضي ضد ذلك فنسبوهم الى السفه وفي ضمن ذلك انهم هم العقلاء وارباب ارباب الحجا والنهى فرد الله ذلك عليهم واخبر انهم هم السفهاء على الحقيقة لان حقيقة السفه جهل الانسان من صالح نفسه وسعيه فيما يضرها وهذه الصفة منطبقة عليهم وصادقة عليهم كما ان العقل والحدى معرفة الانسان مصالح نفسه والسعي فيما ينفعه وفي دفع ما يضره. وهذه الصفة منطبقة على الصحابة والمؤمنين فالعبرة بالاوصاف والبرهان لا بالدعاوى والاقوال الفارغة اول من اتهم الصحابة بالسفه هم هؤلاء المنافقون. والله عز وجل دافع اعنهم بقوله لما قالوا آآ الا انهم هم السفهاء هذا دليل انه لا سفه اسفه ممن الصحابة في ايمانهم. نعم قال رحمه الله تعالى في قوله واذا خلوا الى شياطينهم قالوا انا معكم انما نحن مستهزئون الله يستهزأ بهم ويمدهم في طغيانهم يعمهون. هذا من قولهم بالسنتهم ما ليس في قلوبهم وذلك لانهم اذا اجتمعوا بالمؤمنين اظهروا انهم على طريقتهم وانهم معهم. فاذا قنوا الى شياطينهم اي كبرائهم ورؤسائهم بالشر قالوا انا معكم في في الحقيقة وانما نحن مستهزئون بالمؤمنين باظهارنا لهم اننا على طريقتهم فهذه حالهم الباطنة والظاهرة ولا يحيق المتن السيء الا اهله قال تعالى الله يستهزئ بهم ويمدهم في طغيانهم يعمهون. وهذا جزاء لهم على استهزائهم بعباده فمن فمن فمن فمن استهزائه بهم ان زين لهم ما كانوا فيه من الشقاء والاحوال الخبيثة حتى ظنوا انهم معلومين لما لم يسلط الله المؤمنين ومن استهزائه بهم يوم القيامة انه يعطيهم من المؤمنين نورا ظاهرا فاذا مشى المؤمنون بنورهم طفأ نور المنافقين وبقوا في الظلمة بعد النور فما اعظم اليأس بعد الطمع ينادونهم الم نكن معكم قالوا بلى ولكنكم فتنتم انفسكم وتربصتم وارتبتم. الاية قوله ويمدهم اي يزيدهم في طغيانهم اي فجورهم وكفرهم يعمهون اي حائرون مترددون وهذا وهذا من استهزائه تعالى بهم. ثم قال تعالى كاشفا عن حقيقة احوالهم اولئك الذين اشتروا بالهدى فما ربحت تجارتهم وما كانوا مهتدين اولئك اي المنافقون الموصفون بتلك الصفات الذين اشتروا الضلالات بالهدى اي غضبوا في الضلالة رغبة السلعة التي من رغب التي من رغبته فيها يبذل فيها الأموال النفيسة وهذا من احسن الأمثلة فإنه جعل الضلال فإنه جعل الضلال التي هي غاية الشر كالسلعة وجعل الهدى الذي هو غاية الصلاة بمنزلة الثمن فبذلوا الهدى رغبة عنه في الضلال رغبة فيها فهذه جارتهم فبئس التجارة وهذه صفتهم فبئس الصفقة. واذا كان ما يبذل دينارا في مقابلة درهم خاسرا. فكيف من بذل جوهرة واخذ عنها درهما فكيف من بذل الهدى في مقابلة الضلالة واختار الشقاء على السعادة ورغب ورغب في سافل الامور وترك عاليها فما ربحت تجارته بل بل خسر فيها اعظم خسارة اولئك الذين خسروا انفسهم واهليهم يوم القيامة الا ذلك هم الخسران المبين. وقوله وما كانوا مهتدين. تحقيق لضلالهم وانهم لم يحصل لهم من الهداية شيء فهذه اوصافهم القبيحة. ثم ذكر مثلهم ثم ذكر مثلهم الكاشف لها عن غاية الكشف فقال احسنت بارك الله فيك. القراءة مع الشيخ عدنان حيرة. الله جل وعلا ذكر صفات المنافقين ان احذر منها نسأل الله جل وعلا ان يجنبنا واياكم النفاق والشقاق وسوء المنقلب والاخلاق نعم بسم الله الرحمن الرحيم قال رحمه الله تعالى مثلهم كمثل قال رحمه الله تعالى في قوله تعالى مثل كمثل الذي استنقذ نارا فلما اضاءت ما حوله الله بنورهم وتركهم في ظلمات لا يبصرون. صم بكم عمي فهم لا يرجعون. او كصيد من السماء فيه ظلمات ورعد وبرق يجعلون اصابعهم في اذانهم من الصواعق حذر الموت. والله محيط بالكافرين يكاد البرق يخطف ابصارهم كلما اضاء لهم مشوا فيه. واذا اظلم عليهم قاموا ولو شاء الله لذهب سمعهم وابصارهم ان الله على كل شيء قدير. اي مثلهم المطابق لما كانوا عليه كمثل الذي استوقد نارا اي اي كان في ظلمة عظيمة وحاجة وحاجة الى النار شديدة فاستوقدها من غيره ولم تكن عنده معدة بل هي خارجة عنه ما اضاعت النار ما حوله ونظر المحل الذي هو فيه وما فيه من المقاويس وامنها وانتفع بتلك النار وقرت بها عينه وظن انه قادر عليها فبينما هو كذلك اذ ذهب الله بنوره فزال عنه النور ذهب معه السرور. وبقي في الظلمة العظيمة والنار خريطة ما ذهب ما فيها من الاشراق وبقي ما فيها من الاحراق. فبقي في ظلمات متعددة ظلمات الليل وظلمة السحاب من ظلمة المطر والظلمة الحاصلة بعد النور. فكيف يكون حال هذا الموصوف؟ فكذلك هؤلاء المنافقون استنقذوا نار الايمان من المؤمنين ولم تكن صفة لهم فالتضاء بها مؤقتا وانتفعوا فحق فحقنت فحقنت بذلك دماء وسلمت اموالهم وحصل لهم نوع من الامن في الدنيا. فبينما هم كذلك اذ هاجم عليهم الموت فسلبهم الانتفاع ذلك النور وحصل لهم كل هم وغم وعذاب وحصل لهم ظلمة القبر وظلمة الكفر وظلمة النفاق. وظلمة المعاصي على اختلاف وبعد ذلك ظلمة النار وبئس القرار. فلهذا قال تعالى عنهم صم اي عن سماع الخير بكم اي عن النطق به عمي عن رؤية الحق فهم لا يرجعون لانهم تركوا الحق بعد ان عرفوه فلا يرجعون اليه من ترك الحق عن جهل وضلال فانه لا يعقل وهو اقرب رجوعا منهم. ثم قال تعالى او كصيد من السماء اي كصاحب صيب وهو المطر الذي يصوب اي ينزل بكثرة فيه ظلمات ظلمة الليل وظلمة السحاب ظلمة وظلمة المطر وفيه رعد وهو الصوت الذي يسمع من السحاب. وفيه برق وهو الضوء اللامع المشاهد من السحاب رأى لهم البرق في تلك الظلمات مشوا فيه واذا اظلم عليهم قاموا. اي وقفوا فهكذا حالة ولافقين اذا سمعوا القرآن واوامره ونواهيه ووعده ووعيده جعلوا اصابعهم في اذانهم واعرضوا عن نهي امره ونهيه ووعده ووعيده فيروعهم وعيده وتزعجهم وعوده. فهم يعرضون عنها غاية ما يمكنه ثم يكرهونها كراهة صاحب الصيب الذي يسمع الرعد فيجعل اصابعه في اذنيه خشية الموت فهذا ربما ما حصلت له السلامة واما المنافقون فانى لهم السلامة وهو تعالى محيط بهم قدرة وعلما. فلا يفوتونه ولا يعجزونه فليحفظوا عليهم اعمالهم ويجازيهم عليها اتم الجزاء. ولما كان ولما كانوا مبتلين بالصمم والبكم والعمى المعنوي مسدودة عليهم طرق الايمان. قال تعالى ولو شاء الله لذهب بسمعهم ابصارهم اي الحسية ففيه تخويف لهم وتحذير من العقوبة الدنيوية ليحذروا فيرتدعوا عن بعض شرهم ونفاقهم ان الله على كل شيء قدير. فلا يعجزه شيء ومن قدرته انه اذا شاء شيئا فعله من غير ممانع ولا معارض. وفي هذه الاية وما اشبهها رد على القدرية القائلين بان افعالهم غير داخلة في قدرة الله تعالى لان افعالهم من جملة الاشياء في قوله ان الله على كل شيء قدير. وقوله تعالى يا ايها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعل تتقون الذي جعل لكم الارض فراشا والسماء السماء مااء فاخرج بي. فاخرج به من الثمرات رزقا لكم فلا تجعلوا لله اندادا وانتم تعلمون. هذا امر عام لجميع الناس بامر عام وهو العبادة جامعة الامتثال اوامر الله واجتناب نواهيه وتصديق خبره فامرهم تعالى بما خلقهم له. قال تعالى وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون. ثم استدل على وجوب وحده بانه ربكم الذي رباكم باصناف النعم فخلقكم بعد العدم وخلق الذين من قبلكم عليكم بالنعم الظاهرة والباطنة فجعل لكم الارض فراشا فراشا تستقرون عليها وتنتفعون بالابنية والزراعة والحراثة والسلوك من محل الى محل وغير ذلك من وجوه الانتفاع بها وجعل السماء بناء لمسكنكم واودع فيها من المنافع بما هو من ضروراتكم وحاجاتكم كالشمس والقمر والنجوم. وانزل من السماء ماء. والسماء هو كل ما على بوقك فهو سماء ولهذا قال المفسرون المراد بالسماء ها هنا السحاب. وانزل منه تعالى ما انفى اخرج به من التمرات كالحبوب والثمار من نخيل وفواكه وزروع وغيرها. رزقا لكم به ترتزقون قوتون وتعيشون وتفكهون فلا تجعلوا لله اندادا اي اشباها ونظراء من المخلوقين فتعبدونهم كما تعبدون الله يحبونهم كما تحبونه وهم مثلكم مخلوقون مرزوقون مدبرون لا يملكون مثقال ذرة في الارض ولا في السماء ولا ينفعون ولا يضرون وانتم تعلمون ان الله ان الله ليس له شريك ولا نظيرا ولا نظير لا في الخلق والرزق ولا لا في الالوهية والكمال فكيف تعبدون معه الهة اخرى كما فكيف تعبدون معه الهة اخرى مع منكم بذلك؟ هذا من اعجب الاعجب واسفه السفه وهذه الاية جمعت بين الامر بعبادة الله بين بعبادة الله وحده هو النهي عن عبادة ما سواه وبيان الدليل الباهر على وجوب عبادته وبطلان عبادة ما سواه. وهو ذكر التوحيد للربوبية المتضمنة من انفراده بالخلق والرزق والتدبير. واذا كان كل احد مقرا بانه ليس له شريك بذلك فكذلك. فليكن قرار بانه بان الله ليس له شريك في عبادته وهذا اوضح دليل عقلي على وحدانية البار تعالى وبطلان عن الشرك وقوله لعلكم تتقون يحتمل ان المعنى انكم اذا عبدتم الله وحده اتقيتم بذلك عذابه لانكم اتيتم بسبب الدافع لذلك. ويحتمل ان يكون المعنى انكم اذا عبدتم الله صرتم من المتقين الموصوفين بالتقوى وكلا المعنىين صحيح. وهما متلازمان فمن اتى بالعبادة كاملة كان من المتقين ومن كان من المتقين حصلت له من عذاب الله وسخطه. قوله تعالى وان كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا فاتوا بسورة من مثل وادعوا شهداءكم من دون الله ان كنتم صادقين. فان لم تفعلوا ولن تفعلوا فاتقوا النار التي وقودوا الناس والحجارة اعدت للمتقين. وهذا دليل عقلي على صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم. اعدت اعدت الاية؟ ايه. اعيدها؟ ايه وان كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا فاتوا سورة من مثله وادعوا شهدائكم من دون ان كنتم صادقين. فان لم تفعلوا ولن تفعلوا فاتقوا النار التي وقودها الناس والحجارة اعدت للكافرين وهذا دليل عقلي على صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحة ما جاء به فقال وان كنتم يا معشر المعاندين قول الراضين دعوته الزاعمين كاذبة في شك وانت اشتباه مما نزلنا على عبدنا هل هو حق او غيره ها هنا امر نصب فيه الفيصلة بينكم وبينه. وهو انه بشر مثلكم ليس من جنس اخر وانتم تعرفونه منذ نشأة انكم لا يكتب ولا يقرأ فاتاكم بكتاب زعم انه من عند الله وقلتم انتم انه تقوله وافتراه فان كان الامر كما تقولون فاتوا بسورة من مثله. واستعينوا بمن تقدرون عليه من اعوانكم وشهدائكم. فان هذا امر يسير عليكم خصوصا وانتم اهل الفصاحة والخطابة والعداوة العظيمة للرسول فان جئتم بسورة من مثله هو كما زعمتم وان لم تأتوا بسورة من مثله وعجزتم غاية العجز ولن تأتوا بسورة من مثله ولكن هذا التقييم على وجه الانصاف والتنزل على وجه الانصات والتنزل معكم فهذا اية كبيرة ودليل واضح جلي على صدقه وصدق ما جاء به. فيتعين عليكم اتباعه واتقاء النار التي بلغت بالحرارة العظيمة والشدة ان كان وقودها الناس والحجارة. ليست كنار الدنيا التي انما تتق وهذه النار الموصوفة معدة ومهيئة للكافرين بالله ورسله. فاحذروا الكفر برسوله بعدما تبين لكم انه رسول الله. وهذه الاية ونحوها يسمونها اية التحدي وهو تعزيز الخلق عن ان يأتوا بمثل هذا القرآن او عارضوه بوجه قال تعالى قل لئن اجتمعت الانس والجن على ان يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون هنا بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا. وكيف يقدر المخلوق من تراب ان يكون كلامه ككلام رب الارباب ام كيف يقدر الفقير الناقص من جميع الوجوه ان يأتي بكلام ككلام الكامل الذي له الكمال المطلق والغنى الواسع من جميع الوضوء هذا ليس في الامكان ولا في قدرة الانسان وكل من له ادنى ذوق ومعرفة بانواع الكلام اذا وزن هذا ان العظيم بغيره من كلام البلاء ظهر له الفرق العظيم. انت الان تنظر الى ما يؤلفه بروفيسور في الطب. فتقارن مع ما جاء في القرآن ما في مقارنة. تقارن بين ما كتبه البروفيسور او استاذ الاستاذين في البلاغة والفصاحة مع الذي جاء في القرآن ما في مقارنة تقارن بين المعلقات السبع وبين سورة من القرآن ما هي مقارنة هذا الدليل انه كلام الله عز وجل. نعم وفي قوله وان كنتم في ريب الى اخره دليل على ان الذي يرجى له الهداية من الضلالة هو الشاب الحائر الذي لم يعرف الحق من الضلالة فهذا الذي اذا بين له بين له الحق حري باتباعه ان كان صادقا في طلب الحق. واما المعاند الذي الحق ويتركه فهذا لا يمكن رجوعه. لانه ترك الحق بعدما تبين له لم يتركه عن جهل فلا حيلة وكذلك الشاب الذي ليس بصادق في طلب الحق بل هو معرض غير مجتهد بطلبه. فهذا في الغالب لا يوفق وفي وصف الرسول صلى الله عليه وسلم بالعبودية في هذا المقام العظيم دليل على ان اعظم اوصافه صلى الله عليه وسلم قيامه بالعبودية التي لا يلحقه فيها احد من الاولين والاخرين. كما وصفه بالعبودية في مقام قال سبحان الذي اسرى بعبده ليلا. وفي مقام الانزال فقال تبارك الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرا. وفي قوله اعدت للكافرين ونحوها من الايات دليل للمذهب اهل السنة والجماعة ان الجنة والنار مخلوقتان خلافا للمعتزلة. وفيها ايضا ان الموحدين وان ارتكبوا بعض الكبائر يخلدون في النار لانه قال اعدت للكافرين. فلو كان فلو كان عصاة الموحدين يخلدون فيها لم تكن معدة للكافرين وحدهم خلافا للخوارج والمعتزلة وفيها دلالة على ان العذاب مستحق باسبابه وهو الكفر وانواع المعاصي على اختلافها وقوله تعالى وبشر الذين امنوا وبشر الذين امنوا وعملوا الصالحات ان لهم جنات تجري من تحتها الانهار كلما ارزقوا منها من ثمرة رزقا قالوا هذا الذي رزقنا من قبل واتوا به متشابها ولهم فيها ازواج وهم فيها خالدون. لما ذكر جزاء الكافرين ذكر جزاء المؤمنين اهل الاعمال الصالحات كما هي طريقته تعالى في كتابه يجمع بين موضوع الترهيب ليكون العبد راغبا راهبا خائفا راجيا فقال وبشر اي ايها الرسول ومن قام مقامك الذين امنوا بقلوبهم وعملوا الصالحات بجوارحهم طبقوا ايمانهم باعمالهم الصالحة ووصفت اعمال الخير بالصالحات لان بها تصلح احوال العبد وامور دينه ودنياه وحياته دنيوية والاخرويات ويزول بها عنه فساد الاحوال. فيكون بذلك من الصالحين الذين الذين يصلحون لمجاورة الرحمن في جنته فبشروا ان لهم جنات اي بساتين جامعة للاشجار العجيبة والثمار الانيقة والظل المديد والاغصان والافنان وبذلك صار جنة بها داخل يجتنب بها داخلها وينعم وينعم ساكنها تجري من تحتها الانهار واي انهار الماء واللبن العسل والخمر يفجرونها كيف شاؤوا ويصرفونها اين ارادوا وتسقى منها وتسقى منها تلك الاشجار فتنبت اصناف كلما رزقوا منها من ثمرة رزقا قالوا هذا الذي رزقنا من قبل اي هذا من جنسه وعلى وصفه كلها متشابهة في واللذة ليس فيها ثمرة خاصة وليس لهم وقت خال من اللذة فهم دائم متلذذون باكلها وقول هو اوتوا به متشابها. قيل متشابها في الاسم مختلفا في الطعم. وقيل متشابها في اللون مختلفا في الاسم. مختلف في الاسم وقيل يشبه بعضه بعضا في الحسن واللدغ والفكاهة ولعل هذا احسن. ثم لما ذكر مسكنهم واقواتهم من الطعام والشراب وفواكههم ذكر ازواجهم فوصفهن باكمل وصف واوجزه واوضحه فقال ولهم فيها ازواج مطهرة فلم يقل مطهرة من من العيب الفلاني ليشمل جميع انواع التطهير فهن مطهرات الاخلاق مطهرات الخلق مطهرات اللسان مطهرات الابصار فاخلاق انهم عرب متحببات متحببات الى ازواجهن بالخلق الحسن وحسن التبعل والادب القوني والفعلي وطهر الخلق خلقهن من الحيض والنفاس والمني والبول والغائض والمخاط. والبساط والرائحة الكريهة ومطهرات الخلق ايضا بكمال الجمال فليس فيهن عيب ولا دمامة خلق. بل هن خيرات حسان مطهرات اللسان والطرف. وصراط وارضيهن على ازواجهن وقاصرات السنتهن عن كل كلام قبيح. ففي هذه الاية الكريمة ذكر المبشر وهو المبشر والمبشر والسبب الموصل لهذه البشارة فالمبشر فالمبشر هو الرسول صلى الله عليه وسلم ومن قام مقامه من امته هو المبشر وهم المؤمنون هم عاملون الصالحات. والمبشر به هي الجنة الموصوفات بتلك الصفات والسبب الموصل لذلك هو الايمان والعمل الصالح فلا سبيل الوصول الى هذه البشارة الا بهما وهذا اعظم بشارة حاصلة على يد افضل الخلق بافضل الاسباب وفيه استحباب بشارة المؤمنين نشيطهم على الاعمال بذكر جزائها وتمراتها. فانها بذلك تخف وتسهل. واعظم بشرى حاصلة للانسان توفيقه للايمان عمل صالح وذلك اول بشارة واصلها ومن بعده البشرى عند الموت ومن بعده الوصول الى هذا النعيم المقيم. نسأل الله من فضله قوله تعالى ان الله لا يستحي ان يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها فاما الذين امنوا فيعلمون انه الحق من ربهم واما الذين كفروا فيقولون ماذا اراد الله بهذا؟ يضل به كثيرا ويهدي به كثيرا يضلوا به الا الفاسقين. الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ويقطعون ما امر الله به ان يوصل ويفسدون في الارض انت هم الخاسرون. يقول تعالى ان الله لا يستحي ان يضرب مثلا ما اي اي مثل كان بعوضة فما طوقها لاشتمال الامثال على الحكمة وايضاح الحق. والله لا يستحي من الحق وكأن في هذا جوابا لمن انكر ضرب الامثال في الاشياء الاشياء الحقيرة واعترض على الله في ذلك فليس في ذلك محل اعتراض بل هو من تعليم الله تعالى لعباده ورحمته بهم فيجب ان تتلقى بالقبول والشكر ولهذا قال فاما الذين امنوا فيعلمون انه الحق من ربهم فيفهمونها ويتفكرون فيها فان علموا فان علموا ما اشتملت عليه على وجه التفصيل ازداد بذلك علمهم وايمانهم. والا علموا انها حقا اشتملت عليه حق وان خفي عليهم وجه الحق فيها لعلمهم بان الله لم يضربها عبثا بل لحكمة بالغة من نعمة سابغة واما الذين كفروا فيقولون ماذا اراد الله بهذا مثلا ويعترضون ويتحيضون فيزدادون كفرا الى كفرهم كما ازداد المؤمنون ايمانا على ايمانهم ولهذا قال يضل به كثيرا ويهدي به كثيرا فهذه حال المؤمنين والكافرين عند نزول الايات القرآنية الاف واذا ما انزلت سورة فمنهم من يقول ايكم زادته هذه ايمانا فاما الذين امنوا فزادتهم ايمانا وهم يستبشرون واما الذين في قلوبهم مرض فزادتهم رجة الى رجسهم وماتوا وهم كافرون. فلا اعظم فلا اعظم نعمة على العباد من نزول الايات القرآنية ومع هذا تكون لقوم محنة وحيرة وضلالة وزيادة شر الى شرهم. ولقوم من ورحمة وزيادة خير الى خيرهم فسبحان من فاوت بين عباده وانفرد بالهداية والاضلال. ثم ذكر حكمته وعدله في اضلالهم من يضل فقال وما يضل به الا الفاسقين. اي الخارجين عن طاعة الله المعاندين لرسول لرسل الله الذين صار الفسق وصفهم ولا يبغون به بدلا فاقتضت حكمته تعالى اضلالهم لعدم صلاحيتهم للهدى. كما اقتضى فضله وحكمته هداية من اتصف بالايمان وتحلى بالاعمال الصالحة. والفسق نوعان نوع مخرج من الدين وهو الفسق المقتضي للخروج من الايمان كالمذكور في هذه الاية ونحوها ونوع غير مخرج من الايمان كما في قوله تعالى يا ايها الذين امنوا ان جاءكم فاسق فان فتبينوا الاية ثم وصف الفاسقين فقال الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه وهذا يعم العهد ما الذي بينه وبين ربهم والذي بينه وبين وبين الخلق الذي اكده عليهم بالمواثيق الثقيلة والالزامات فلا يبالون بتلك المواثيق بل ينقضونها ويتركون اوامره ويرتكبون نواهيه وينقضون العهود التي بينه وبين الخلق يقطعون ما امر الله به ان يوصل وهذا يدخل فيه اشياء كثيرة. فان الله تعالى امرنا ان نصل ما بيننا وبينه وبالايمان به والقيام بعبوديته وما بيننا وبين رسله بالايمان به ومحبته وتعزله والقيام بحقوقه وما بين وبين الوالدين والاقارب والاصحاب وسائر الخلق بالقيام بحقوقهم التي امر الله ان نصلها. فاما المؤمنون ما امر الله به ان يوصل من هذه الحقوق وقاموا بها اتم القيام واما الفاسقون فقطعوها ونبذوها ظهورهم معتادين عنها في الفسق والقطيعة والعمل بالمعاصي وهو الافساد في الارض. اولئك اي من هذه هم الخاسرون في الدنيا والاخرة فحصر الخسارة فيهم لان خسرانهم عام في كل احوالهم ليس لهم نوع من الربح ان كل عمل صالح شرطه الايمان. فمن لا ايمان له لا عمل له وهذا الخسار هو خسار الكفر. واما الخسار الذي قد يكون كفرا وقد يكون معصية وقد يكون تفريطا. في في ترك مستحب المذكور في قوله تعالى ان الانسان لفي خسر. فهذا عام لكل مخلوق الا من اتصف بالايمان والعمل الصالح والتواصي بالحق والتواصي بالصبر. وحقيقة فوات الخير الذي كان العبد بصدد تحصيله وهو تحت امكانه. ثم قال تعالى كيف تكفرون فبالله وكنتم امواتا فاحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم ثم اليه ترجعون. هذا استفهام بمعنى التعجب والتوبيخ والانكار اي كيف يحصل منكم الكفر بالله الذي خلقكم من العدم وانعم عليكم باصناف النعم ثم يميتكم عند استكمال ما لاجالكم ويجازيكم في القبور ثم يحييكم بعد البعث والنشور. ثم اليه ترجعون فيجازيكم الجزاء الاوفى. فاذا اكنتم في تصرفه وتدبيره وبره وتحت اوامره الدينية وبعد ذلك تحت دينه الجزائي افيليق بكم ان تكفروا وهل هذا الا جهل عظيم وسفه كبير؟ بل الذي يليق بكم ان تتقوه وتشكروا وتؤمنوا به تخاف عذابه وترجو ثوابه. قوله تعالى هو الذي خلق لكم ما في الارض جميعا. اي خلق لكم اي خلق لكم كن برا بكم ورحمة جميع ما على الارض للانتفاع والاستمتاع والاعتبار. وفي هذه الاية الكريمة دليل على ان الاصل في الاشياء والطهارة لانها سيقت في معرض امتنان يخرج بذلك الخبائث فان تحريمها ايضا يؤخذ من فحوى الاية وبيان المقصود منها وانه خلقها لنفعنا فما فيه ضرر فهو خارج من ذلك ومن تمام نعمته ما نعن منعنا من القبائل تنزيها لنا وقوله ثم استوى الى السماء فسواهن سبع سماوات وهو بكل شيء عليم استوى ترد في القرآن على ثلاثة معان فتارة لا تعدى بالحرث فيكون معناها الكمال والدمام بقوله عن موسى ولما بلغا شده واستوى وتارة تكون بمعنى علا وارتفع وذلك اذا عديت بعلى كقوله تعالى الرحمن على العرش استوى على ظهوره وتارة تكون بمعنى قصدك ما اذا عديت بالا كما في هذه الاية اي لما خلق تعالى الارض قصد الى خلق السماوات فسواهن سبع سماوات فخلقها واحكمها واتقنها وهو بكل شيء ويعلم ما يلج في الارض وما يخرج منها وما ينزل من السماء وما يعرض فيها ويعلم ما تسرون وما تعلنون يعلم السر واخفى وكثيرا ما يقرن بين خلقه واثبات علمه كما في هذه الاية فهو كما في قوله تعالى الا يعلم من خلق وهو الخبير لان خلقه للمخلوقات ادل دليل على علمه وحكمته وقدرته. احسنت بارك الله فيك مع الشيخ عبد السلام سعيد ما نقله بعضهم من ان استوى بمعنى قصد لا يعرف في اللغة اذا كان المقصود ان استوى بمعنى قصده لا يعرف في اللغة مطلقا فهذا صحيح. لكن استوى بمعنى قصد اذا عديت بالى فهذا المعنى معروف في اللغة لا ينكر ولذلك للشيخ رحمه الله فرق نعم اه هناك سيارة من نوع تويوتا كوريلا قد سدت الطريق ورقمها ثلاثة واحد سبعة تسعة سبعة واحد تويوتا كوريلا نرجو ان لا نسمع مثل هذه في الدروس القادمة ان شاء الله نعم قال رحمه الله تعالى وقول الله تعالى واذ قال ربك للملائكة اني جاعل في الارض خليفة قالوا اتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك قال اني اعلم ما لا تعلمون. وعلم ادم الاسماء كلها ثم عرضهم على الملائكة فقال انبئوني باسماء هؤلاء ان كنتم صادقين قالوا سبحانك لا علم لنا الا ما علمتنا انك انت العليم الحكيم. قال يا ادم انبئهم باسمائهم فلما انبأهم باسمائهم قال الم اقل لكم اني اعلم غيب السماوات والارض واعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون. واذ قلنا للملائكة اسجدوا لادم فسجدوا الا ابليس ابى واستكبر كان من الكافرين هذا شروع في ابتداء خلق ادم عليه السلام بالبشر وفضله وان الله تعالى حين اراد خلقه واخبر الملائكة بذلك وان الله مستخلف فقالت الملائكة عليهم السلام تجعل فيها من يفسد فيها بالمعاصي ويسفك الدماء وهذا تخصيص باي تعميم لبيان شدة مفسدة القتل بحسب ظنهم ان الخليفة المدعونة في الارض سيحدث منه سيحدث منه ذلك فنزه الباري عن ذلك وعظموه. واخبروا انهم قائمون بعبادة على وجه خالي من المفسدات فقالوا ونحن نسبح بحمدك اي ننزهك التنزيه اللائق بحمدك وجلالك ونقدس لك يحتمل ان معناها ونقدسك فتكون لا مفيدة للتخصيص والاخلاص ويحتمل ان يكون ونقدس لك انفسنا اي نطهرها بالاخلاق الجميلة كمحبة الله وخشيته وتعظيمه ونطهرها من الاخلاق التي قال الله للملائكة اني اعلم من هذا الخليفة ما لا تعلمون. لان كلامكم بحسب ما ظننتم وانا عالم بالظواهر والسرائر واعلم ان الخير الحاصل بخلق هذا الخليفة اضعاف اضعاف ما في ذلك الظل اضعاف اضعاف ما في ضمن ذلك من الشر. فلو لم يكن في ذلك الا الله تعالى اراد ان يتبع منهم الانبياء والصديقين والشهداء والصالحين ولتظهر اياته للخلق ويحصل من ويحصل من العبوديات التي لم تكن تحصل بدون خلق هذا الخليفة كالجهاد وغيره وليظهر ما كمل في غرائز المكلفين من الخير والشر بالامتحان وليتبين عدوه من وليه وحزبه من حربه يظهرك ما كما كمل في نفس ابليس من الشر الذي انطوى عليه واتصف به. فهذه حكم عظيمة يكفي بعضها في ذلك. ثم لما كان قول الملائكة عليهم السلام في اشارة الى فضلهم على الخليفة الذي يجعله الله في الارض اراد الله تعالى ان يبين لهم من فضل ادم ما يعرفون به فضله وكمال حكمة الله وعلمه فعلم ادم الاسماء كلها يسمى لشايهم ومن هو مسمى بها فعلمه الاسماء المسمى الى الفاظ والمعاني حتى المصغرة من الاسماء والمكبر كالقصعة والقصيعة ثم عرضهما عرض المسميات على الملائكة امتحانا لهم هل يعرفونها ام لا؟ فقال انبئوني باسماء هؤلاء كنتم صادقين في قولكم ظنكم انكم افظل من هذا الخليفة؟ قالوا سبحانك اي ننزهك من الاعتراظ منا عليك ومخالفة امرك لا علم لنا بوجه من الوجوه الا ما علمتنا اياه الفضل منك وجودا انك انت العليم الحكيم العليم الذي احاط علما بكل شيء فلا يغيب عنه ولا يعزب مثقال ذرة في السماوات والارض ولا اصغر من ذلك ولا اكبر الحكيم من له الحكمة التامة التي لا يخرج عنها مخلوق ولا يشذ عنها مأمور فما خلق شيئا الا لحكمة ولا مر بشيء الا لحكمة والحكمة والشيء في موضعه اللائق به فاقروا واعترفوا بعلم الله وحكمته وقصورهم عن معرفة ادنى شيء واعترافهم بفضل الله عليهم وتعليمه اياهم ما لا يعلمون هذا هو الايمان النافع والايمان بما انزل الله على جميع رسل الله. واما التفريق بين الرسل والكتب وازعم الايمان ببعضها دون بعض فهذا ليس بايمان بل هو الكفر بعينه ولهذا فحين اذ قال الله يا ادم امرئ باسماء ما اسماء المسميات التي عرضها على الله على الملائكة فعجزوا عنها فلما انباهم باسمائهم للملائكة فضل ادم عليهم وحكمة الباري وعلمه في استخلاف هذا الخليفة؟ قال الم اقل لكم اني اعلم غيب السماوات والارض وهو ما غاب عنها فلم نشاهده اذا كان عالما بالغيب فالشهادة من باب اولى واعلم ما تبدون ما تظهرون وما تكتمون. ثم امرهم تعالى بالسجود لادم اكراما له وتعظيما وعبودية الله تعالى ما امتثلوا امر الله وبادروا كلهم بالسجود الا ابليس ابى امتنع عن السجود واستكبر عن امر الله تعالى وعلى ادم قال ااسجد لمن خلقت طين وهذا الايباء منه والاستكبار نتيجة الكفر الذي هو منطوي عليه فتبينت حينئذ عداوته لله ولادم كفره واستكباره وفي هذه الايات من العبر والايات اثبات الكلام لله تعالى وانه لم يزل متكلما يقول ما شاء ويتكلم بما شاء وانه عليم حكيم وفيه ان العبد اذا خفيت عليه حكمة الله تعالى في بعض المخلوقات والمأمور فالواجب عليه التسليم واتهام عقله والاقرار لله بالحكمة وفيه اعتناء الله بشأن الملائكة واحسانه بهم بتعليمهم ما جهلوا وتنبيههم على ما لم يعملوه. وفيه فضيلة العلم من وجوه منها ان الله تعرف لملائكته بعلمه وحكمته ومنها ان الله عرفهم فضل ادم بالعلم وانه افضل صفة تكون فيه العبد. ومنها ان الله امرهم بالسجود لادم ومن له لما نفض علمه ومنها ان الامتحان لغير اذا عجزوا عن ما امتحنوا به ثم عرفه صاحب الفضيلة فهو اكمل مما عرفه ابتداء ومنها الاعتبار بحال ابوي الانس والجن وبيان فضل ادم وافضال الله عليه وعداوة ابليس له الى غير ذلك من العبر قوله تعالى وقلنا يا ادم اسكن انت وزوجك الجنة وكلا منها رغدا حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين فازلهم الشيطان عنها فاخرجهما مما كانا فيه وقلنا بعضكم لبعض عدو لكم في الارض مستقر ومتاع الى حين. لما خلق الله ادم وفضل واتم نعمته عليه بان خلق منه زوجة ليسكن اليها ويستأنس بها وامرهما بسكن الجنة والاكل منها رغدا اي واسعا هنيئا حيث شئتما اي من اصناف الثمار والفواكه وقال الله له ان لك الا تجوع فيها ولا تعرى انك لا تظمأ فيها ولا تضحى ولا تقربا هذه الشجرة نوع من اشجار نوع من شأن نوع من انواع شجر الجنة الله واعلم به وانما نهاهما عنهم امتحانا وابتلاء او لحكمة غير معلومة لنا فتكونا من الظالمين دل على ان النهي للتحريم لانه رتب الظلم عليه فلم يزل عدوهما يوسوس لهما ويزين لهما تناول ما نهي عنه حتى ازلهما اي حملهما على الزلل بتزيينه. وقاسمهما بالله اني لكما لمن الناصحين فاغترا به واطاعوا واطاعاه فاخرجهما مما كان فيه من النعيم والرغد اهبطوا الى دار التعب والنصب والمجاهدة بعضكم لبعض عدو اي ادم وذريته اعداء لابليس وذريته ومن المعلوم ان العدو يجد ويجتهد في ضرر عدوه وايصال الشر اليه بكل طريق وحرمانه الخير بكل طريق. ففي ضمني هذا تحذير بني ادم من الشيطان كما قال تعالى ان الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا انما يدعو حزبه ليكونوا من اصحاب السعير افتتخذونه وذريته اولياء من دوني وهم لكم عدو بئس للظالمين بدلا ثم ذكر منتهى الاهباط فقال ولكم في مستقر اي مسكن وقرار ومتاع الى حين. انقضاء اجالكم ثم تنتقلون منها للدار التي خلقتم لها وخلقت لكم ففيها مدة هذه الحياة مؤقتة عارضة ليست مسكنا حقيقيا وانما هي معبر يتزود منها يتزود منها لتلك الدار ولا مروا للاستقرار فتلقى ادم من ربه كلمات فتاب عليه انه هو التواب الرحيم فتلقى ادم وان يتلقف وتلقن والهمه الله من ربه كلمات ويقول قولوا تعالى ربنا ظلمنا انفسنا الاية فاعترف بذنبه وسأل الله مغفرته فتاب الله عليه ورحمه انه هو التواب لمن تاب اليه واناب وتوبته نوعان توفيقه اولا ثم قبوله للتوبة اذا اجتمعت شروطها ثانية الرحيم بعباده ومن رحمته ان وفقهم للتوبة وعفا عنهم واصطفى. قلنا اهبطوا منها جميعا فاما يأتينكم مني هدى فمن تبع هداي فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون. والذين كفروا وكذبوا باياتنا اولئك اصحاب النار هم فيها خالدون. كرر الاهباط ليرتب عليه ما ذكر وهو قوله فاما يأتينكم مني هدى اي وقت وزمان جاءكم مني معشر الثقلين هدى اي رسول وكتاب يهديكم لما يقربكم مني ويدنيكم من رظائي فمن تبع هداي منكم بان امن برسلي وكتبي واهتدى بهم وذلك بتصديق جميع اخبار الرسل والكتب والامتثال للامر واجتناب النهي فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون. وفي الاية الاخرى فان اتبع هداي فلا يضل ولا فرتب على اتباع هداه اربعة اشياء نفي الخوف والحزن. والفرق بينهما ان المكروه ان كان قد مضى احدث الحزن وان كان منتظرا احدث الخوف فاهما عن من اتبع الهدى واذا انتفيا حصل ضدهما وهو الامن التام. وكذلك نفي الضلال والشقاء عمن اتبع هداهم واذا انتفيا ثبت ضدهما وهو الهدى والسعادة فمن اتبع هداه حصل له الامن والسعادة الدنيوية والاخرية والاخروية والهدى وانتفى عنه كل مكروه من الخوف والحزن والضلال والشقاء فحصل له المرغوب وانتهى عنه المرهوب وهكذا عكس وهذا عكس من لم يتبع هداه فكفر به وكذب باياته فاولئك اصحاب النار ايه الملازمون لها ملازمة الصاحب لصاحبه والغنيم لغريمه هم فيها خالدون لا يخرجون منها ولا يفتر عنهم العذاب ولا هم ينصرون وفي هذه الايات وما اشبهها انقسام الخلق من الجن والانس الى اهل السعادة واهل الشقاوة وفيها صفات الفريقين والاعمال الموجبة لذلك وان الجن كالانس في الثواب كما انهم مثلهم في الامر والنهي. ثم شرع الله تعالى يذكر بني اسرائيل نعمه عليهم واحسانه فقال يا بني اسرائيل اذكروني نعمتي التي انعمت عليكم واوفوا بعهدي واوفوا بعهدكم واياي فارهبوني وامنوا بما انزلت مصدقا لما معكم ولا تكونوا اول كافر به ولا تشتروا باياته ثمنا قليلا واياي تقول ولا تلبسوا الحق بالباطل وتكتموا الحق وانتم تعلمون واقيموا الصلاة واتوا الزكاة واركعوا مع الراكعين يا بني اسرائيل المراد باسرائيل يعقوب عليه سلام الخطاب مع فرق بين فرق بني اسرائيل الذين بالمدينة وما حولها ويدخل فيه من اتى بعدهم فامرهم بامر عام فقال اذكروا نعمتي التي انعمت عليكم وهو يشمل سائر النعم التي وهو يشمل سائر النعم التي سيذكر في هذه السورة بعض سيذكر في هذه السورة بعضها بذكرها بالقلب اعترافا وباللسان ثناء وبالجوارح باستعمالها فيما يحبه ويرضيه واوفوا بعهدي وهو ما عهده اليه من الايمان به وبرسله اقامة شرعية اوفي بعهدكم وهي المداواة والمجازاة على ذلك والمراد بذلك ما ذكره الله في قوله ولقد اخذ الله ميثاق بني اسرائيل وبعثنا منهم اثني عشر وقال الله اني معكم لان اقمتم الصلاة واتيتم الزكاة وامنتم وامنتم برسلي الى قوله فقد ضل سواء السبيل ثم امرهم بالسبب الحامي على الوفاء بعهده وهو الرهبة منه تعالى وخشيته وحده فان من خشي فان من فان من خشيه اوجبت له خشيته امتثال امره واجتنابا ثم امرهم بالامر الخاص الذي لا يتم ايمانهم ولا يصح الا به فقال وامنوا بما انزلت اي القرآن الذي انزله على عبده ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم فامرهم بالايمان به واتباعه ويستلزموا ذلك الايمان بمن انزل عليه وذكر الداعي لايمانه فقال مصدقا لما معكم اي موافقا له لا مخالفا ولا مناقضا. فاذا كان موافقا لما معكم من الكتب غير مخالف لها فلا مانع لكم من الايمان به لانه جاء بما جاءت به المرسلون فانتم اولى بمن امن به وصدق به لكونكم اهل الكتب والعلم. يعني اوفوا بعهدي اوفوا بعهدك. والشيخ ذكر نوعا من الميثاق والحقيقة ان المواثيق التي اخذت على بني اسرائيل اكثر من ميثاق وهنا لم يذكر نوع العهد فدل على العموم واوفوا بعهد اي بعهودي معكم لانه مفرد مضاف دل على جميع عهود نعم وايضا فان في قوله مصدقا لما معكم اشارة الى انكم ان لم تؤمنوا به عدا ذلك عليكم بتكذيب ما معكم لان ما جاء به هو الذي جاء به موسى وعيسى وغيره من الانبياء فتكذيبكم له تكذيب لما معكم. وايضا فان في الكتب التي بايديكم صفة هذا النبي الذي جاء بهذا القرآن والبشارة به فان لم تؤمنوا كذبتم ببعض ما انزل اليكم ومن كذب ببعض ما انزل اليه فقد كذب بجميعه كما ان من كفر برسول وقد كذب الرسل جميعهم فلما امرهم الايمان به نهاهم وحذرهم عن ضده والكفر فقال ولا تكونوا اول كافر به اي بالرسول والقرآن وفي قوله اول كافر به. ابلغ من قوله ولا تكفروا به لانهم اذا كانوا اول كافر به كان فيه مبادرة من الكفر به عكس ما ينبغي منه ما صار عليه واثمهم واثم من اقتدى بهم من بعدهم ثم ذكر لو امن اثنا عشر حبرا من احبار اليهود في المدينة لما كفر يهودي على وجه الارض كما ذكر بعض الصحابة رضوان الله عليهم. نعم ثم ذكر المانع لهم من الايمان وهو اختيار العرض الادنى على السعادة الابدية فقال ولا تشتروا بايات ثمن قليلا وهو ما يحصل لهم من المناصب والمآكل كالتي يتوهمون انقطاعها ان امنوا بالله ورسوله فاشتروها بايات الله واستحبوها واثروها واياي اي لا غيري فاتقوني فانكم اذا اتقيتم الله وحده اوجبت لكم تقواه تقديم الايمان باياته على الثمن القليل كما انكم اذا اخترتم الثمن القليل فهو دليل على ترحل التقوى من قلوبكم. ثم قال ولا تلبسوا اي الحق بالباطل وتكتم الحق فنهاهم عن شيء عن خلط الحق بالباطل وكتمان الحق لان المقصود من اهل الكتب والعلم تمييز الحق من الباطل واظهار الحق يهتدي بذلك المهتدون ويرجع الضالون وتقوم الحجة على المعاندين. لان الله فصل اياته واوضح بيناته ليميز من الحق من الباطل ولتستبين سبيل المهتدين من سبيل المجرمين فمن عمل بهذا من اهل العلم فهو من خلفاء الرسل وهداة الامم ومن لبس الحق بالباطل فلم يميز هذا من هذا مع علمه بذلك وكتم الحق الذي يعلمه وامر باظهاره فهو من دعاة جهنم لان الناس لا يقتدون في امر دينهم بغير علمائهم فاختاروا لانفسهم احدى الحالتين ثم قال واقيموا الصلاة اي ظاهرا وباطنا واتوا الزكاة مستحقيها واركعوا مع الراكعين اي صلوا مع المصلين فانكم ان فعلتم ذلك مع الايمان برسل الله وايات الله فقد جمعتم بين الاعمال الظاهرة والباطنة وبين الاخلاص للمعبود والاحسان الى عبيده وبين العبادات القلبية والبدنية والمالية وقوله الراكعين يصلوا مع المصلين فيه الامر بالجماعة للصلاة ووجوبها. وفيه ان الركوع ركن من اركان الصلاة لانه عبر عن الصلاة بالركوع والتعبير عن العبادة بجزئها يدل على فرضيته فيها قوله تعالى فرضيته فيها. يعني ما دام الله ذكر الركوع معناته الركوع فرض في الصلاة. ذكر السجود السجود فرضا في ذكر القيام القيام فرض في الصلاة. ذكر القراءة وقرآن الفجر ان قرآن الفجر كان مشهودا لان القراءة فرظ نعم قوله تعالى تمرون الناس بالبر وتنسون انفسكم وانتم تتلون الكتاب افلا تعقلون تامرون الناس بالبر اي بالايمان والخير وتنسون انفسكم اي تتركونها عن امرها بذلك والحال وانتم تتلون الكتاب افلا تعقلون. وسمي العقل عقلا لانه يعقل يعقل به ما ينفعه من الخير. وينعقل به عما يضره ذلك ان العقل يحس الصاحب ان يكون اول فاعل لما يؤمر به واول تارك لما ينهى عنه فمن فمن امر غيره بالخير ولم يفعله او نهى عن الشر فلم ويتركوا دلوا دل على عدم عقله وجهله. خصوصا اذا كان عالما بذلك قامت الحجة عليه وهذه الاية وان كانت نزلت في سبيل بني اسرائيل فهي عامة لكل احد لقوله تعالى يا ايها الذين امنوا لا لم تقولون ما لا تفعلون كبر مقتا عند الله ان تقولوا ما لا تفعلون وليس في الاية ان الانسان اذا لم وبما امر به انه يترك الامر بالمعروف والنهي عن المنكر لانها دلت على التوبيخ بالنسبة الى الواجبين والا فمن المعلوم ان على الانسان امر غيره ونهيه وامر نفسه ونهيها فترك احدهما لا يكون رخصة في ترك الاخر فان الكمال ان يقوم الانسان بالواجبين والنقص الكامل ان يتركهما واما قيامه باحدهما دون الاخرين فليس في رتبة الاول وهو دون الاخير وايضا فان النفوس مجبولة على عدم الانقياد لمن يخالف قوله فعله بالافعال ابلغ من اقتدائهم بالاقوال المجردة قوله تعالى واستعينوا بالصبر والصلاة وانها لكبيرة الا على الخاشعين الذين يظنون انهم ملاقوا ربهم وانهم اليه راجعون يا بني اسرائيل اذكروا نعمتي التي انعمت عليكم واني على العالمين واتقوا يوما لا تجزي نفس عن النفس شيئا ولا يقبل منها شفاعة ولا يؤخذ منها عدل ولا هم ينصرون. امرهم الله ان يستعينوا في امورهم كلها بالصبر بجميع انواعه والصبر على طاعة الله حتى يؤديها والصبر على معصية الله حتى يتركها والصبر على اقدار الله المؤلمة فلا يتسخطها. فالصبر وحبس النفس على ما امر الله بالصبر عليه معونة عظيمة على كل امر من الامور من يتصبر يصبره الله وكذلك الصلاة التي هي ميزان الايمان وتنهى عن الفحشاء والمنكر. يستعان بها على كل امر من الامور وانها هي الصلاة لكبيرة اشاقة الا على الخاشعين فانها سهلة عليهم خفيفة. لان الخشوع وخشية الله ورجاء ما عنده يجيب له فعلها منشرح صدره لترقبه للثواب وخشيته من العقاب بخلاف من لم يكن كذلك. فانه لا داعي له يدعوه اليها واذا فعلها صارت من اثقل الاشياء عليه والخشوع هو خضوع القلب وطمأنينته وسكونه لله تعالى وانكساره بين يديه ذل وافتقارا وايمانا به وبلقائه ولهذا قال الذين يظنون ان تدرون انهم ملاقوا ربهم فيجازيهم باعمالهم وانهم اليه راجعون فهذا الذي خفف عليهم العبادات واوجب لهم التسلي في المصيبات ونفس عنهم الكربات ونفس عنهم وزجرهم عن فعل السيئات فهؤلاء لهم النعيم المقيم في الغرفات العاليات. واما من لم يؤمن بلقاء ربه كانت الصلاة وغيرها من العبادات من شق شيء عليه ثم كرر على بني اسرائيل تذكير بنعمته وعظا لهما تحذيرا وحثا وخوفهم بيوم القيامة الذي لا تجزي نفسه فيه تغني نفس ولو كانت من الانفس الكريمة كالانبياء والصالحين عن نفس ولو كانت من العشيرة الاقربين شيئا لا كبيرا ولا صغيرا وانما ينفع الانسان عمله الذي قدمه ولا يقبل منها اي النفس شفاعة لاحد بدون اذن الله ورضاه عن المشفوع له ولا يرضى من العمل الا ما اريد ولا يرضى من العمل الا لما اريد به وجهه وكان على السبيل والسنة. ولا يؤخذ منها عدل اي فداء ولو ان لكل نفس ظلمت ما في الارض جميعا ومثله معه لافتدوا به من عذاب الله ولا يقبل منهم ذلك ولا هم ينصرون ان يدفع عنه مكروه فنفى الانتفاع من الخلق بوجه من الوجوه. فقوله ولا تجزي نفس عن نفس شيئا هذا تحصيل المنافع ولا هم يوصلون هذا في دفع المضار فهذا النفي للامر المستقبل به النافع ولا يقبل منها شفاعة ولا يؤخذ منها عدل فهذا نفي للنفع الذي يطلب ممن يملكه بعوض كالعدل او بغيره كالشفاعة فهذا يوجب للعبد ان ينقطع قلبه من التعلق بالمخلوقين. لعلمه انهم لا يملكون له مثقال ذرة من النحل وان يعلقه بالله الذي يجلب المنافع ويدفع المضار في عبده وحده لا شريك له ويستعينه على عبادة ما يقرأ الا اية وبعدين قول الاية ثم اقرأ التفسير. احسن الله اليك اقرأ بداية الاية؟ ايه احسن الله اليك قوله واذ نجيناكم من ال فرعون يسومونكم سوء العذاب الاية هذا سرور في تعداد نعمه على بني اسرائيل على وجه التفصيل فقال واذا نجيناكم من ال فرعون اي من فرعون وجنوده وكانوا قبل ذلك يصومونكم ايها لؤي يولونهم ويستعملونهم سوء العذاب اي اشده بان كانوا يذبحون ابناءكم خشية نموكم ويستحيون نسائكم اي فلا يقتلونهن فانتم بين قتيل ومذلل بالاعمال شاقة. مستحي على وجه المنة عليه والاستعلاء عليه فهاء مستحيا على وجه المنة عليه والاستيلاء عليه. فهذا غاية الاهانة فمن الله عليهم بالنجاة التامة واغراق عدوهم وهم ينظرون لتقر اعينهم في ذلك ان جاء بلائنا احسان من ربكم عظيم. فهذا مما يوجب عليكم الشكر الشكر والقيام باوامره. ثم ذكر منته عليه بوعده لموسى اربعين ليلة نزل عليهم التوراة متظمنة للنعم العظيمة والمصالح العميمة ثم انهم لم يصبروا قبل استكمال الميعاد حتى عبدوا العجل من بعده. اي ذهاب اي من بعد ذهابه الظالمون عالمون بظلمكم قد قامت عليكم الحجة فهو اعظم جرما واكبر اثما. ثم انه امركم بالتوبة على نساء نبيه موسى بان يقتل بعضكم بعضا فعفى الله عنكم بسبب ذلك لعلكم تشكرون الله وان قلتم يا موسى لن نؤمن لك حتى نرى الله جارة وهذا غاية الجرة على الله وعلى رسوله فاخذتكم الصاعقة اي الموت او الغشية العظيمة وانتم تنظرون وقوع ذلك كل ينظر الى صاحبه ثم بعثناكم من بعد موتكم لعلكم تشكرون ثم ذكر نعمته عليه في والبرية الخالية من الضالين الضلال وسعة الارزاق فقال وظللنا عليكم الغمام وانزلنا عليكم انه اسم جامع لكل رزق حسن يحصل بلا تعب ومنه الزنجبيل والكمأة الخبز وغير ذلك والسلوى طائر صغير يقال له السماني طيب اللحم. فكان ينزل عليه من المن والسلوى ما يكفيهم ويقيتهم كلوا من طيبات ما رزقناكم اي رزقا لا يحصل نظيره لاهل المدن المترفين. لا يحصل نظيره لاهل المدن المترفهين فلم يشكروا هذه نعمة واستمروا على قساوة القلوب يا كثرة الذنوب. وما ظلمونا يعني بتلك الافعال المخالفة لاوامرنا لان الله لا تضره معصية العاصين كما لا تنفعه طاعة قايعين ولكن كانوا انفسهم يظلمون فيعود ضرره عليهم. وقوله تعالى واذ قلنا ندخل هذه القرية فكلوا منها حيث شئتم الاية. وهذا ايضا من نعم عليهم بعد معصيتهم اياه فامرهم بدخول قرية تكون لهم عزا ووطنا ومسكنا ويحصوا لهم فيها الرزق والرغد وان يكونوا وان يكون دخولهم على وجه على وجه الخاضعين لله فيه بالفعل وهو دخولهم الباب سجدا اي خاضعين ذليلين وبالقول هو ان يقولوا حطة اي ان يحط عنهم خطاياهم بسؤالهم اياهم مغفرة نغفر لكم خطاياكم بسؤالكم المغفرة وسنزيد المحسنين باعمالهما جزاء عاجلا واجلا فبدل الذين ظلموا منهم ولم يقل فبدلوا لانهم لم يكونوا كلهم بدلوا قولا غير الذي قيل لهم فقالوا بدل حطة حبة في حطة استهانة بامر الله تعالى واستهزاء واذا واذا بدلوا القول مع خفته فتبديلهم للفعل من بال من باب اولى ولهذا دخلوا يزحفون على ادبارهم ولما كان هذا الطغيان اكبر سبب لوقوع عقوبة الله تعالى بهم قال فانزلنا على الذين ظلموا منهم ردا اي من السماء بسبب في صدقهم وبغيهم قوله تعالى واذ استسقى موسى لقوله فقلنا اضرب بعصاك الاية استسقاء طلب لهم ما ان يشربون منه فقلنا اضرب بعصاك الحجر اما حجر مخصوص معلوم عنده واما فانفجرت منه اثنتا عشرة عينا وقبائل بني اسرائيل اثنتا عشرة قبيلة قد علم كل اناس منهم مشربهم اي محلم اي محلم ما هم الذي يشربون عليك محلهم احسن الله اليك. قبائل بني اسرائيل اثنتا عشرة قبيلة كل قبيلة من اولاد آآ من اولاد يعقوب الاثنين عشر كل قبيلة من اولاد يعقوب الاثني عشر. نعم اي محلهم الذي يشربون عليه من هذه من هذه الاعين فلا يزاحم بعضهم بعضا بل يشربونه متهنئين لا متكدرين. ولهذا قال كلوا واشربوا من رزق الله الذي اتاكم من غير سع ولا تعب ولا تعبوا في الارض اي لا تخربوا على اي لا اي لا تخربوا على وجه الافساد تعالى واذ قلتم يا موسى لن اصبر على طعام واحد الاية اي اذكروا اذ قلتم لموسى على وجه التملل لنعم الله والاحتقار لها لن نصبر على طعام اي جنس من الطعام وان كان كما فتقدم انواعا لكنها لا تتغير فادعو لنا ربك يخرج لنا مما تنبت الارض من بقرها اي نباتها الذي ليس بشجر يقوم على ساقه وقثائها وهو الخيار وفومها ثومها والعدس والعدس والبصل المعروف قال لهم موسى تستبدلون الذي هو ادنى وهو الاطعمة المذكورة بالذي هو خير وهو المن والسلوى فهذا غير بكم فان هذه الاطعمة التي طلبتم اي مصر اي مصر هبطتموه وجدتموها واما طعامكم الذي من الله به عليكم فهو خير الاطعمة واشربها فكيف تطلبون به بدلا؟ ولما كان الذي جرى منه في اكبر دليل على قلة صبرهم واحتقارهم لاوامر الله ونعمه جزاهم من جنس عملهم فقال وضربت عليهم الذلة التي تشاهد على ظهر ابدانهم والمسكنة بقلوبهم. فلم تكن انفسهم عزيزة ولا لهم هموم عالية بل انفسهم انفس مهينة وهمم هم اردأ الهمم وباءوا بغضب من الله اي لم تكن غنيمتهم التي رجعوا بها وفازوا الا ان رجعوا بسخطة عليهم فبئس غنيمة غنيمتهم وبئس الحالة حالتهم. ذلك الذي استحقوا به غضبه بانهم كانوا يكفرون بايات الله الدالة على الحق الموضحة له ما كفروا بها عاقبهم بغضبه عليهم وبما كانوا يقتلون النبيين بغير حق. وقوله بغير الحق زيادة شناعة والا فمن المعلوم قتل النبيين لا يكون بحق لكن لئلا يظنن لكن لئلا يظن جهلهم وعدم علمهم ذلك بما عصوا بان ارتكبوا معاصي الله وكانوا يعتدون على عباد الله فان المعاصي يجر بعضها بعضا في الغفلة ينشأ عنها الذنب الصغير ثم ينشأ عنه الذنب الكبير ثم ينشأ عنها انواع البدع والكفر لذلك فنسأل الله العافية من كل بلاء. امين. واعلم ان الخطاب في هذه الايات لامة بني اسرائيل الذين كانوا موجودين وقت نزول القرآن وهذه المذكورة خوطبوا بها وهي فعل اسلافهم ونسبت لهم فوائد عديدة. منها انهم كانوا يتمدحون ويزكوا انفسهم ويزعمون فضلهم على محمد ومن امن به فبين الله من فبين الله من احوال سلفهم التي قد تقررت عندهم ما يبين به ما يبين به لكل واحد منهم انهم ليسوا من اهل بالصبر ومكارم الاخلاق ومعالي الاعمال. فاذا كانت هذه حالة سلف مع ان المظنة انهم اولى وارفع حالة من بعدهم فكيف الظن بالمخاطبين ومنها ان نعمة الله على المتقدمين منهم نعمة واصلة الى المتأخرين والنعمة على الاباء نعمة على الابناء فخوطبوا بها لانها تعم لانها نعم تشملهم وتعم ومنها ان الخطاب لهم بافعال غيره مما يدل على ان المجتمعة على دين تتكافل وتتساعد على مصالح حتى حتى كأن متقدما ومتأخرا في وقت واحد وكأن الحادث من بعضهم حادث من الجميع لان ما يعمله بعضهم من الخير يعود لمصلحة الجميع وما يعمله من الشر يعود بضرر للجميع ومنها ان افعالهم اكثرها لم ينكروها والراضي بالمعصية شريك للعاصي الى غير ذلك من الحكم التي لا يعلمها الا الله ثم قال تعالى حاكما بين الفرق الكتابية ان الذين امنوا والذين هادوا والنصارى والصابئين من امن بالله واليوم الاخر وعمل صالحا فلهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون. وهذا الحكم على اهل الكتاب خاصة لان الصابرين الصحيح انهم من جملة فرق النصارى فاخبر الله ان المؤمنين من هذه واليهود والنصارى والصابئين. من امن بالله منهم واليوم الاخر وصدقوا رسلهم فان لهم الاجر العظيم والامن ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون. واما من كفر منهم بالله ورسله واليوم الاخر فهو بضد هذه الحال فعليه الخوف والحزن. والصحيح كان شيخنا رحمه الله يقول ان هذه الاية فيها دلالة على ان العبرة ليست بالدعاوى يعني انسان يقول انا مسلم وهو مشرك ما ينفع العبرة من امن بالله واليوم الاخر وعمل صالحا. العبرة بالعمل بالعلم والعمل ما هو بالدعوة انسان يقول انا مسلم بالهوية وحاله كحال اليهود والنصارى ما ينفع. نعم قال والصحيح ان هذه ان هذا الحكم بين هذه الطوائف من حيث هم لا بالنسبة الى الايمان بمحمد صلى الله عليه وسلم فان هذا اخبار عنهم قبل بعثة النبي صلى الله عليه وسلم وان هذا مضمون احوالهم وهذه طريقة القرآن اذا وقع في بعض النفوس عند سياق الايات بعض الاوهام فلا بد ان تجد ما يزيل ذلك الوهم لانه وتنزيل من اعلم الاشياء قبل وجودها ومن رحمته وسعة كل ومن رحمته ومن رحمته وسعت كل شيء وذلك والله اعلم انه لما ذكر بني اسرائيل وذمهم وذكر معاصيهم وقبائحهم ربما وقع في بعض النفوس انهم كلهم يشمله الذم فاراد الباري تعالى ان يبين من لا يلحقه الذنب منهم بوصفه ولما كان ايضا ذكر بني اسرائيل خاصة يوهم الاختصاص بهم. ذكر تعالى حكما عاما يشمل الطوائف كلها ليتضح الحق ويزول التوهم والاشكال فسبحان من اودع في كتابه ما يبهر عقول العالمين ثم عاد تبارك وتعالى يوبخ بني اسرائيل بما فعل سلفهم فقال تعالى واذا واذا اخذنا ميثاق ميثاقكم ورفعنا فوقكم الطور الاية اي واذكروا اذا اخذنا ميثاقكم وهو العدد الثقيل المؤكد بالتخويف لهم برفع الطول فوقهم وقيل لهم خذوا ما اتيناكم من التوراة بقوة اي بجد واجتهاد وصبر على اوامر الله واذكروا ما فيها ما في كتابكم بان تتلوه وتتعلموه لعلكم تتقون عذاب الله وسخطه او لتكونوا من اهل التقوى فبعد هذا التأكيد البليغ توليتم اعرضتم وكان ذلك مجملا يحل بكم اعظم العقوبات ولكنه لا فضل الله عليكم ورحمته لكنتم من الخاسرين. قوله تعالى ولقد علمتم الذين اعتدوا منكم في السبت الاية اي ولقد تقرر عندكم حالة الذين اعتدوا منكم في السبت اي وهم الذين ذكر الله قصتهم مبسوطة في سورة في قوله تعالى واسألهم عن القرية التي كانت حاضرة البحر ليعدون في السبت الايات فاوجب لهم هذا الذنب العظيم ان غضب الله عليهم وجعلهم قردة خاسئين طيرين ذليلين وجعل الله هذه العقوبة نكالا لما بين يديها اي لمن حضرها لمن حضرها من الامم وبلغه خبرها وممن هو في وقتهم وما خلفه اي من بعده اي من بعدها فتقوم على العباد حجة الله وليرتدوا عن معاصيه ولكنها لا تكون موعظة نافعة الا للمتقين واما من عاداهم فلا ينتفعون بالايات. قوله تعالى واذ قال موسى لقومه ان الله يأمركم ان تذبحوا بقرة الايات. اي واذكروا ما جرى كن مع موسى حين قتلتم قتيلا فالدارة فيها اي تدافعتم واختلفتم في قاتله حتى تفاقم الامر بينكم وكاد لا وكاد لولا تبين الله لكم يحدث لكم شر كبير فقال لكم موسى في تبيين القاتل اذبحوا بقرة وكان من الواجب المبادرة لامتثال امره وعدم الاعتراظ عليه ولكن ولكنهم ابوا الا الاعتراض فقالوا تتخذنا هزوا فقال نبي الله اعوذ بالله نكون من الجاهلين فان الجاهل هو الذي يتكلم بالكلام الذي لا فائدة فيه. وهو الذي يستهزئ بالناس وما العقل فيرى ان ان من اكبر العيوب المزرية بالدين والعقل استهزاؤه بمن هو ادمي مثله. وان كان قد فضل عليه فتفضيل وان كان قد فضل عليه فتفضيله نقتضي منه الشكر لربه والرحمة لعباده فلما قال لهم موسى ذلك علموا ان ذلك صدق فقالوا ادع لنا ربك يبين لنا ما هي اي ما سنها؟ قال انه يقول انها بقرة لا فارض ولا هي كبيرة ولا بكر اي صغيرة عوان بين ذلك افعلوا ما تؤمرون واتركوا التشديد والتعنت. قال ادعوا لنا ربك يبين لنا ما لونها فقال انه يقول انها بقرة صفراء فاقع لونها اي شديد تسر الناظرين من حسنها. قال ادع لنا ربك يبين لنا ما هي ان البقرة تشابه علينا فلم نهتدي الى ما تريد ان شاء الله لمهتدون. قال انه يقول انها بقرة لا يزالون اي مذللة بالعمل تثير الارض بالحراسة ولا تسقي الحرث اي ليست بسانية مسلمة من العيوب او من العمل لا شية فيها ان يألى لون فيها غير لونها الموصوف المتقدم قالوا الان جئت بالحق اي بالبيان الواضح هذا من جهلهم والا فقد جاءهم بالحق اول مرة فلو انهم اعترضوا اي بقرة لحصل المقصود ولكنهم شددوا بكثرة الاسئلة فشدد الله عليهم يقولوا ان شاء الله لم يهتدوا ايضا اليها فذبحوا هذه البقرة التي وصفت بتلك الاوصاف وما كادوا يفعلون بسبب التعنت الذي جرى منهم هذه الايات بها ان المسلم اذا امر بامر يأتي به ولا يستبصر كيفما وقع فهو مراد الله ما دام الله تبارك وتعالى لم يضع له شروط وضوابط مثل الذكر. الله طلب منك ان تذكر الله في كل وقت لا تحجر على نفسك الامر الواسع نعم فلما ذبحوها قلنا لهم اضربوا القتيل ببعضها اي بعض اي بعضوا منها اي بعضو منها اما بعضو معين اي او اي عضو منها فليس بتعيينه فائدة فضربوه ببعضها فاحياه الله هو اقوى واخرج ما كانوا يكتمون فاخبر بقاتله وكان في احياءه وهم يشاهدون ما يدل على احياء الله الموتى لعلكم تعقلون ينزجرون عن ما يضركم ثم قست قلوبكم اي اشتدت وغلظت فلم تؤثر لي الموعظة من بعد ذلك اي من بعد ما انعم الله عليكم من نعم عظيمة واراكم الايات ولم يكن ينبغي ان تقسو قلوبكم لان ما شاهدتم مما يوجب رقة القلب والقيادة. ثم وصف قسوتها بانها كالحجارة التي هي اشد قسوة من لان الحديد والرصاص اذا اذيب في النار ذهب بخلاف الاحجار. وقوله اوشد قسوة اي انها لا تقصر عن قساوة الاحجار وليست او بمعنى بل ثم ذكر فضيلة الاحجار على قلوبهم فقال وان من الحجارة لما يتفجر منه الانهار وان منها لما يتشقق فيخرج منها منه الماء وان منها لما يهبط من خشية الله فبهذه الامور فضلت قلوب فبهذه الامور فضلت قلوبكم ثم توعدهم تعالى اشد الوعيد فقال وما الله بغافل عما تعملون بل هو عالم بها حافظا لصغيرها وكبيرها وسيجازيكم على ذلك اتم الجزاء ووفى واعلم ان كثيرا من المفسرين رحمه الله قد اكثروا في حشو تفاسيره من قصص بني اسرائيل ونزلوا وعليها الايات القرآنية وجعلوها تفسيرا لكتاب الله محتجين بقوله عليه الصلاة والسلام حدثوا عن بني اسرائيل ولا حرج والذي يرى انه وان جاز نقل احاديث على وجه تكون مفردة غير مقرونة ولا منزلة على كتاب الله فانه لا يجوز جعلها تفسيرا لكتاب الله تعالى قطعا. اذا لم تصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وذلك كأن مرتبتها كما قال عليه الصلاة والسلام لا تصدقوا اهل الكتاب ولا تكذبوهم. فاذا كانت مرتبتها ان تكون مشكوكا فيها وكان من المعلوم بالضرورة من دين الاسلام والقرآن ما يجب الايمان به والقطع بالفاظه ومعانيه فلا يجوز ان تجعل تلك القصص فلا يجوز ان تجعل تلك القصص المنقولة بالروايات المجهولة التي يغلب على ظني كذب وكذب اكثرها معاني لكتاب الله مقطوعا بها ولا يستنير بهذا احد ولكن بسبب الغفلة عن هذا حصل ما حصل والله الموفق على كل حال الاستشهاد بالاسرائيليات في تفسير كتاب الله عز وجل فيه نظر كما قال المصلي لكن ارادة الاسرائيليات لفهم بعظ الوقائع هذا امر لا ينكر لانه تاريخ. الا ما جاء مخالفا لكتاب الله وسنة رسوله رسوله صلى الله عليه وسلم والتاريخ لا يحتاج فيه الى اثبات. نعم قوله تعالى افتطمعون ان يؤمنوا لكم وقد كان فريق منهم يسمعون كلام الله الايات هذا قطع لاطماع المؤمنين من ايمان اهل الكتاب اي فلا تطمعوا في ايمانهم واخلاقهم ولا تقتضي فانهم كانوا يحرفون كلام الله من بعد ما عقلوه وعلموه. فيضعون له معاني ما ارادها الله ليوهمه الناس انها من عند الله وما هي من عند الله فاذا كانت حالهم فاذا كانت حالهم في كتابهم الذي يرونه يرونه شرفهم ودينهم يصدون به الناس عن سبيل الله فكيف يرجى منهم ايمان لكم فهذا من ابعد الاشياء؟ ثم ذكر حال منافقين للكتاب فقال واذا لقوا الذين امنوا قالوا امنا في ظهر لهم الايمان قولا بالسنتهم ما ليس في قلوبهم واذا خلا بعضهم الى بعض فلم يكن عندهم احد من غير اهل دينهم قال بعضهم لبعضنا تحدثونا بما فتح الله عليكم اي تظهرون لهم الايمان وتخبرون انهم انكم مثلهم فيكون ذلك حجة لهم عليكم يقولون انهم قد اقروا بان ما نحن عليه حق وما هم عليه باطل يحتجون عليكم بذلك عند ربكم افلا تعقلون افلا يكون لكم عقل فتتركون ما هو حجة عليكم؟ هذا يقول بعضه لبعض اولا يعلمون ان الله يعلم ما يسرون وما يعلنون فهم وان اسروا ما يعتقدونه فيما بينهما وزعموا انهم باسرار باسرارهم لا يتطرق اليهم حجة للمؤمنين. فان هذا غلط من ثم جعله الكبير فان الله يعلم سرهم وعلنهم فيظهر لعباده فيظهر لعباده ما هم عليه. ومنهم اي من اهل الكتاب اميون اعوام وليسوا من اهل العلم لا يعلمون اتبع الى منية اي ليس لهم حظ من كتاب الله الا تلاوته فقط وليس عنده خبر بما عند الاولين الذين يعلمون حق المعرفة حالهم. وهؤلاء انما معهم ظنون تقاليد لاهل العلم منهم فذكر في هذه الايات علماءهم وعوامهم ومنافقيهم ولم ينافق منهم ومن لم ينافق منهم فالعلماء منهم متمسكون بما عليه من الضلال والعوام مقلدون لهم لا بصيرة عندهم فلا مطمع لكم في الطائفتين. فويل للذين يكتبون الكتاب بايديهم الايات توعدت على المنحرفين للكتاب الذين يقولون لتحريفهم الذين يقولون لتحريفهم وما يكتبون هذا من عند الله وهذا فيه اظهار والباطل وكتم الحق وانما فعلوا ذلك مع علمهم ليشتروا به ثمنا قليلا والدنيا كلها من اولها الى اخرها ثمن قليل فاجعلوا باطلهم شركا شركا يصطادون به ما في ايدي الناس فظلموهم من وجهين من جهة تلبيس دينهم عليهم ومن جهة اخذ اموالهم بغير حق بل بل بابطل الباطل وذلك اعظم من يأخذها غصبا وسرقة ونحوهما. ولهذا توعدهم بهذين الامرين فقال فويل فويل له مما كتبت ايديهم من التحريف والباطل وويل لهم مما يكسبون من الاموال والويل شدة العذاب والحسرة وفي ضمنها الوعيد الشديد. قال شيخ الاسلام لما ذكر هذه الايات من قولها افتطمعون الى يكسبون فان الله زم الذين يحرفون الكلمة عن مواضعي وهم متناول لمن حمل الكتاب والسنة على ما اصله من البدع الباطلة. وذم الذي وذم الذي علماء الصلاة نعم وهو متناول لمن حمل لمن حمل الكتاب والسنة على ما اصله من البدع الباطلة. وذم الذين لا يعلمون الكتاب الا امانيهم لمن ترك تدبر القرآن ولم يعلم الا مجرد تلاوة حروفه ومتناول لما كتب كتابا بيده مخالفا لكتاب الله لينال به دنياه. وقال انه من عند الله ومثل ان يقول هذا هو الشرع والدين وهذا معنى الكتاب والسنة وهذا معقول السلف والائمة وهذا هو اصول الدين الذي يجب اعتقاده على الاعيان او ومتناول لمن كتب ما عنده من الكتاب والسنة لئلا يحتج به مخالفه بالحق الذي يقوله وهذه الامور كثيرة جدا في اهل الاهواء جملة كالرافضة والجهمية ونحوه من اهل الاهواء والكلام في اهل الاهواء وتفصيلا مثل وتفصيلا مثل كثير من المنتسبين الى الفقهاء انتهى قوله تعالى وقالوا لن تمسنا النار الا اياما معدودة الايات ذكر افعالهم القبيحة ثم ذكر مع هذا انهم يزكون انفسهم ويشهدون لها بالنجاة من عذاب الله فوز بثوابه وانهم لا تمسهم النار الا اياما معدودة اي قليلة تعد بالاصابع فجمعوا بين الاساءة والامن والمكانة هذا مجرد دعوة رد تعالى عليه فقال له ايا اي فقه فقال قل لهم يا ايها الرسول واتخذتم عند الله عهدا اتخذتم عند الله عهدا اي بالايمان به وبرسله وبطاعته فهذا الوعد صاحبه الذي لا يتغير ولا يتبدل. ام تقولون على الله ما لا تعلمون فاخبرت على ان الصدق دعواه متوقفة على احد هذين الامرين الذين لا ثالث لهما قد اتخذوا عند الله عدا فتكون دعواهم صحيحة واما ان يكونوا متقولين عليه فتكون كاذبة فيكون ابلغ لخزيهم وعذابهم. وقد عني من حالهم انهم ولم يتخذوا عند الله تعالى عهدا لتكذيبهم كثيرا من الانبياء حتى وصلت بهم الحال الى ان قتلوا طائفة منهم ولنكونهم عن طاعة الله ونقضهم المواثيق. فتعين بذلك انهم متقولون متخلقون قائلون عليه ما لا يعلمون والقول عليه بلاعب من اعظم المحرمات واشنع القبيحات. ثم ذكر تعالى حكم العام لكل احد يدخل فيه بنو اسرائيل وغيرهما والحكم الذي لا حكم غيره لا امانيهم ودعاويهم. لا امانيهم ودعاويهم بصفة الهالكين والناجين فقال بلى. اي ليس كما ذكرت فانه قول لا حقيقة له ولكن ما كسب سيئة وهو نكرة في سياق الشرط فيعم الشرك وما دونه. والمراد به الشرك هنا بدليل قوله تعالى واحاطت به خطيئتها احاطت بعاملها فلم تدع له من منفذا. وهذا لا يكون الا الشرك فان من معه الايمان لا تحيط به خطيئته فاولئك اصحاب النار هم فيها خالدون. وقد احتج بها الخوارج على كفر صاحب المعصية وهي حجة عليهم كما ترى فانها ظاهرة في الشرك كما وهكذا كل مبطن يحتج باية حديث صحيح على قوله الباطل فلابد ان يكون فيما احتج به حجة عليه والذين امنوا بالله وملائكته واكتبوا يرسله واليوم الاخر وعملوا الصالحات ولا تكون الاعمال الصالحة الا بشرطين ان تكون خالصة لوجه الله متبعا بها سنة الرسول صلى الله عليه وسلم فحاصل هاتين الايتين ان اهل النجاة والفوز اهل الايمان والعمل الصالح والهالكون اهل النار مشركون بالله الكافرون به قوله تعالى واذا اخذنا ميثاق بني اسرائيل لا تعبدون الا الله وبالوالدين احسانا الايات فهذه الشرائع من اصول الدين التي امر الله تعالى بها في كل شريعة على المصالح العامة في كل زمان ومكان فلا يدخلها نسخ كاصل الدين ولهذا امرنا الله تعالى بها في قوله واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا الى اخر الاية. فقوله واذ قوله واذا اخذنا ميثاق بني اسرائيل هذا من قسوتهم ان كل امر امروا به استعصوا فلا يقبلونه الا بالايمان الغليظة والعهود الموثقة لا تعبدون الا الله فهذا امر من عبادة الله وحده ونهي عن الشرك به وهذا اصل الدين فلا تقبل الاعمال كلها ان لم يكن هذا اساسها فهذا حق الله تعالى على عباده ثم قال وبالوالدين احسانا كان يحسن بالوالدين احسان هذا يعمر كل احسان قولي وفعلهم ما هو احسان اليهم وفيه النهي عن الاساءة للوالدين واو عدم الاحسان والاساءة. لان الواجب الاحسان والامر والشيء نهي عن ضده والاحسان ضد ان لسات وهي اعظم جرما وترك الاحسان بدون اساءة وهذا محرم لكن لا يجب ان يلحق بالاول. لكن لا وان يلحق بالاول وكذا يقال في صلة الاقارب واليتامى والمساكين وتفاصيل الاحسان وتفاصيل الاحصاء الاحسان لا تنحصر بالعد بل تكون بالحد كما تقدم ثم ما امر بالاحسان الى الناس عموما فقال وقولوا للناس حسنهم القول الحسن امر بالمعروف ونهيهم عن المنكر وتعليمهم وبذل السلام والبشاشة وغير ذلك من كل كلام طيب. ولما فكان الانسان لا يسع الناس بماله امر بامر يقدر به على الاحسان الى كل مخلوق والاحسان بالقول. فيكون في ضمن ذلك النهي عن الكلام القبيح للناس حتى الكفار ولهذا قال تعالى ولا تجادلوا اهل الكتاب الا بالتي هي احسن من ادب الانسان الذي الذي ادب الله به عباده وان يكون النساء نزيها في اقواله وافعاله غير فاحش ولا شاتم ولا مخاصم بل يكون حسن الخلق واسع الحلم مجاملا لكل احد صبر على ما يناله من اذى الخلق امتثالا لامر الله ورجاء لثوابه ثم امرهم باقامة الصلاة وايتاء الزكاة لما تقدم ان الصلاة متضمنة للاخلاص للمعبود والزكاة متضمنة لاحسان العبيد ثم بعد هذا الامر لكم بهذه الاوامر الحسنة التي اذا نظر اليها البصير العاقل عرف ان من احسان الله على عباده ان ان امرهم بها وتفضل بها عليهم واخذ المواسيق عليكم على وجه الاعراض لان المتولي قد يتولى وله نية رجوع الى ما تولى عنه هؤلاء ليس لهم رغبة ولا رجوعا في هذه الاوامر. فنعوذ بالله من الخذلان فقوله الا قليلا منكم اس هذا استثناء لان لا يوهم انهم تولوا كلهم فاخبر ان قليلا منهم عصمهم الله وثبتهم وهذا القليل كان قليلا جدا قال رجلان من الذين يخافون انعم الله عليهم ادخلوا عليهم الباب تصوروا من مجموع بني اسرائيل رجلان نعم قوله تعالى واذا اخذنا ميثاقكم لا تسفكون دماءكم ولا تخرجون انفسكم وهذا فعل مذكور في هذه الاية فعل الذين كانوا في زمن الوحيك بالمدينة وذلك ان الاوس والخزرج وهم الانصار كانوا قبل المبعث النبي صلى الله عليه وسلم مشركين. وكانوا يقتتلون على عادة الجاهلية فنزلت عليهم فرق ثلاثة فرق اليهود بنو النظير وبنو قريظة وبنو قينقاب فكل فرقة منهم حالفت فرقة من اهل المدينة فكانوا اذا اقتتلوا واعان اليهودي حليفه على مقاتليه اعان اليهودي حليفه على مقاتليه الذين يعينونهم الفرقة الاخرى من اليهود فيقتل اليهودي اليهودي ويخرجه من دياره اذا حصل جلاء ونهب ثم اذا وضعت الحرب اوزارها وكان قد حصل اسارى بين الطائفتين بعضهم بعض والامور الثلاثة كلها قد فرضت عليهم ففرض عليهم الا يسفك بعضهم دم بعض ولا يخرج بعضهم بعضا هو اذا فوجدوا اسيرا منهم وجب عليهم فداء فعملوا بالاخير وتركوا الاولين فانكر الله عليهم ذلك فقالوا فقال افتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض وهو في اسيروا تكفرون ببعض هو القتل والاخراج فيها دليل على ان الايمان يقتضي فعل الاوامر واجتناب النواهي وان المأمورات من الايمان قال تعالى فما جزاهم ان يفعل ذلك منكم الا اخرجوا في الحياة الدنيا وقد وقع ذلك فاقزاهم الله وسلط رسوله عليه فقتل من قتل وادلى من اجلى ويوم القيامة يردون الى اشد العذاب اعظمه واما الله بغافل عما ثم اخبر تعالى عن السبب الذي اوجب لهم الكفر ببعض الكتاب والايمان ببعضه فقال اولئك الذين اشتروا الحياة الدنيا بالاخرة توهموا انهم ان لم يعينوا حلفهم حصى لهم عار فاختاروا النار على العار فلهذا قال فلا يخفف عنهم العذاب بل هو باق على شدته ولا يحصل لهم راحة بوقت من القات ولا هم ينصرون ان يدفع عنهم مكروه قوله تعالى وقد اتينا موسى الكتاب وقفينا من بعده بالرسل الاية يمتن الله تعالى على بني اسرائيل ان ارسل اليهم كليمه مساواة التوراة ثم تابع من بعده بالرسل الذين يحكمون بالتوراة الى ان ختم انبيائهم بعيسى ابن مريم عليه السلام واتاهم الايات البينات ما يؤمن على مثل البشر وايدناه بروح القدس اي قواه الله بروح القدس قال اكثر المفسرين انه جبريل عليه السلام قيل انه الايمان الذي يؤيد الله به عباده ثم مع هذه النعم لا يقدر قدرها. ثم هذه النعم التي ثم مع هذه النعم التي لا يقدر قدرها لما اتوكم بما لاتوا انفسكم استكبرتم على الايمان بهم ففريقا منهم كذبتم وفريقا تقتلون فقد فقد قدم قدمتم الهوى على الهدى واثرتم الدنيا على الاخرة وفيها من التوبيخ والتجديد ما لا يخفى. وقالوا قلوبنا غلف من لعنهم الله بكفرهم يعتذر عن الايمان لما دعوتهم اليه يا ايها الرسول بان قلوبهم قل ثنائي عليها غلاف واقضية فلا تفقه ما تقول يعني فيكون لكم لهم فيكون هم بزعمهم عذر لعدم العلم وهذا الكذب منهم فلهذا قال تعالى بل لعنهم الله بكفرهم. اي انهم مطرودون ملعونون بسبب كفرهم فقليلا فقليل المؤمن منهم منهم او قليلا ايمانهم وكفرهم هو الكثير. قوله تعالى ولما جاء الكتاب من عند الله مصدق لما معهم وكانوا من قبله يستفتحون الاية. اي ولما جاء القتال من عند الله على يد افضل الخلق وخاتم الانبياء المشتملة على تصديق ما معهم من التوراة وقد علموا به وتيقنوا على انهم اذا كانوا وقع بينهم وبين المشركين في الجاهلية في حروب استنصروا بهذا النبي وتوعدوهم بخروجه وانهم يقاتلون المشركين معه. فلما جاءهم الكتاب والنبي الذي عرفوا كفروا به بغيا وحسدا ينزل الله من فضله على من يشاء من عباده فلعنهم الله وغضب عليهم غضبا بعد غضب. لكثرة كفرهم وتوالي شكهم وشركهم ولهم في الاخرة عذاب قومه نيل مؤلم موجع وهو صلي وهو صلي الجحيم وفوت النعيم المقيم فبئس الحال حالهم وبئس ما استعاضوا واستبدلوا من الايمان الله وكتبه ورسله الكفر به وبكتبه وبرسله مع علمه وتيقنهم فيكون اعظم لعذابهم هذا التفسير احسن ما قيل في الاية ولما جاءهم كتابهم من عند الله الى قوله وكانوا من قبل يستفتحوه. يعني بايمانهم بالنبي صلى الله عليه وسلم ونصرته لهم على اهل الشرك واما ما جاء في الروايات انهم كانوا يستفتحون يقولون اللهم ان نسألك النصر بجاه محمد على المشركين فهذا لم يثبت نعم قول الله تعالى واذ قيل لهم امنوا واذا قيل لهم امنوا بما انزل الله قالوا نؤمن بما انزل علينا الايات اي واذا امر اليهود بالايمان بما انزل الله على تولى هو القرآن استكبروا ووعته وقالوا نؤمن بما انزل علينا ويكفرون بما براهب اي بما سواه من الكتب مع ان الواجب ان يؤمنوا بما انزل انزل الله مطلقا سواء انزل عليهم او على غيرهم قال ان الذين يكفرون بالله ورسله ويريدون ان يفرقوا بين الله ورسله ويقولون نؤمن ببعض ونكفر ببعض ويريدون ان يتخذوا بين ذلك سبيلا اولئك هم الكافرون حقا. ولهذا رد عليه تبارك وتعالى هنا رد شافيا والزمه الزاما لا محيد لهم عنه فرد عليهم بكفرهم بالقرآن بامرين فقال وهو الحق فاذا كان هو الحق في جميع ما اشتمل عليه من الاخبار والاوامر والنواهي وهو من عند ربهم فالكفر به بعد ذلك كفر بالله وكفر بالحق الذي انزله. ثم قال مصدقا لما معهم اي ثقا له في كل ما دل عليه من الحق ومهينا عليه فلما لم تؤمنون بما انزل عليكم وتكفرون بنظيره هل هذا الا تعصون اتباع للهوى لا الهدى وايظا فان ما كون القرآن مصدقا لما معهم يقتظي انه حجة لهم على سطح ما في ايديهم من الكتب فلا سبيل لهم الى اثباتها الا به فاذا كفروا به وجحدوا صاروا بمنزلة من ادعى دعوة صاروا بمنزلة من ادعى دعوة بحجة وبينة ليس له غيرها ولا تتم دعواه الا بسلامة بينته ثم يأتي هو لبينته وحجته فيقدح فيها ويكذب بها. اليس هذا من الحماقة والجنون؟ فكان كفر بالقرآن كفرا بما في ايديهم ونقضا له ثم نقض عليهم تعالى دعواهم الايمان مما انزل اليه بقوله قل لهم فلما تقتلون انبياء الله من قبل وان كنتم مؤمنين ولقد جاءكم موسى بالبينات قلة الواضحة المبينة للحق ثم اتخذتم العجلة من بعدها اي بعد مجيئه وانتم ظالمون في ذلك ليس لكم عذر. واذا اخذنا ميثاقكم ورفعنا فوقكم الطرة خذوا ما اتيناكم بقوة واسمعوا وعيسى مع قبول وطاعة واستجابة قالوا سمعنا وعصينا اذا صارت هذه حالة واشربوا في قلوبهم العجل. اي صبغ حب العجل وحب عبادته في قلوبهم وشربها بسبب كفرهم قل كما يمركم به ايمانكم ان كنتم مؤمنين. اي انتم تدعون الايمان وتتمدحون بالدين الحق وانتم قلتم قتلتم انبياء الله واتخذتم العدا الها من دون الله ما غاب عنكم موسى نبي الله ولم تقبلوا اوامره ونواهيه الا بعد التهديد ورفع الطور فوقكم ما التزمتم بالقول ونقضتم بالفعل فما هذا الايمان الذي ادعيتم وما هذا الدين فان كان هذا ايمانا على زعمك فبئس الايمان الداعي صاحبه الى الطغيان والكفر برسل الله وكثرة العصيان وقد عهد ان ان الايمان الصحيح يأمر صاحبه بكل خير وينهاه عن كل شر فوضح بهذا كذبهم وتبين تناقضهم قول الله تعالى قل ان كانت لكم الدار الاخرة عند الله خالصة من دون الناس فتمنوا الموت الايات. اي قل لهم على وجه تصعيدا وان كانت لكم الدار الاخرة يعني الجنة خالصة من الناس كما زعمتم انه لن يدخل الجنة الا من كان هودا او نصارى وان النار لن تمسهم الا ايام معدودة فان كنتم صادقين بهذه الدعوة فتمنوا الموت وهذا مباهلة بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم وليس بعد هذا الارجاء والمضايقة لهم بعد العناد منهم الا احد اما يؤمن بالله ورسوله واما ان يباهي على ما هم عليه بامر يسير عليهم هو تمني الموت الذي يوصلهم الى الدار التي هي خالصة لهم فامتنعوا عن ذلك. فعلم كل احد انه في غاية المعاندة والمحادثة الله ورسله ورسوله مع علمهم بذلك. ولهذا قال تعالى ولن يتمنوه ابدا بما قدمت ايديهم من الكفر والمعاصي لانهم يعلمون انه طريق لهم الى المجازاة الخبيثة فالموت اكره شيء اليهم وهم احرص على الحياة من كل احد من الناس حتى من المشركين الذين لا يؤمنون باحد من الرسل والكتب. ثم ذكر شدة محبة للدنيا فقال يود احدهم لو يعمر الف سنة وهذا ابلغ ما يكون من الحصي تمنوا حالة هي من المحالات. والحال انهم لو عمروا العمر المذكور لم يغني عنهم ولا تفعلوا من العذاب شيئا والله بصير بما يعلمون تهديد لهم عن المجازات باعمالهم. احسنت بارك الله فيك نقف على هذا وصلى الله على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين والحمد لله رب العالمين