الحمد لله رب العالمين الصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين اللهم اغفر لنا ولشيخنا ولوالديه ولمشايخه ولجميع المسلمين. امين. نقل الشيخ الحافظ النووي رحمه الله تعالى الصالحين باب فضل البكاء من خشية الله تعالى وشوقا قال الله تعالى ويخرون للاتقان يبكون ويزيدهم خشوعا. وقال تعالى افمن هذا الحديث تعجبون وتضحكون ولا تبكون بسم الله الرحمن الرحيم. قال رحمه الله تعالى باب فضل البكاء من خشية الله وشوقا البكاء بالمد هو الصوت الذي يخرج من الانسان عند حزنه ونحو ذلك واما البكاء في القصر فهو خروج الدمع من العين فما كان دمعا بلا صوت فهو بكاء بالقصر وما كان معه صوت فهو بكاء ولهذا قال الشاعر بكت عيني وحق لها بكاها وما يغني البكاء ولا العويل واما التباكي فهو استجلاب البكاء. واستدعاؤه وهو نوعان منه ما هو محمود ومنه ما هو مذموم. فاما المحمود فهو استدعاء البكاء واستجلابه برقة القلب ولخشيته عند سماع كلام الله عز وجل واما المذموم فهو ما كان رياء وسمعة يعني ان يتباكى رياء وسمعة ليمدحه الناس وليثنوا عليه وقول المؤلف رحمه الله باب فضل البكاء من خشية الله الخشية اخص من الخوف لانها خوف مقرون بالاجلال والتعظيم والفرق بين الخشية والخوف من وجوه ثلاثة الوجه الاول ان الخشية تكون بسبب العلم بالمغشي وبحاله ولهذا قال الله عز وجل انما يخشى الله من عباده العلماء واما الخوف فقد يكون مع الجهل بحال المخشي او المخوف الفرق الثاني ان الخشية تكون بسبب عظمة المخشي واما الخوف فقد يكون بسبب ضعف الخائف بسبب عظمة المخوف والفرق الثالث ان الخشية اكمل من الخوف لان مادتها تدل على ذلك وقوله رحمه الله شوقا الى الله يعني اشتياقا الى الله لان البكاء قد يكون الحامل عليه هو الشوق الى الله عز وجل والى لقائه وقد يكون الحامل عليه الالم. وقد يكون بسبب الجزع والهلع وقد يكون بسبب الفرح والسرور. وقد يكون بسبب الحزن الى غير ذلك من اسباب البكاء البكاء له اسباب لكن هنا المراد ان يبكي خشية من الله عز وجل وشوقا الى لقائه ثم ساق المؤلف رحمه الله الايات في هذا الباب الاية الاولى قوله ويخرون للاذقان سجدا وقبلها قول الله تعالى ان الذين اوتوا العلم من قبله يعني اوتوا العلم واعطوه. من اهل الكتاب ومن صالحيهم من قبله يعني من قبل انزال القرآن اذا يتلى عليهم يعني يقرأ عليهم القرآن يخرون للاذقان سجدا الخرور هو النزول من اعلى وقوله يخرونني الاذقان جمع ذقن. والذقن هو مجمع اللحيين. وهذا مبالغة في سجودهم كأن اذقانهم الارض من شدة غرورهم وسجودهم لله. يخرون للاذقان سجدا. ويقولون يعني حال سبحان ربنا اي تنزيها له ان كان وعد ربنا لمفعولا اي ما وعدنا به من الجزاء والحساب والبعث لمفعولا اي لواقع لا محالة ثم قال ويخرون هذا التوكيد الاول ويخرون للاذقان سجدا يبكون يعني من تعظيمهم لله ومن تعظيما له سبحانه وتعالى سجدا ويقولون سبحان ربنا ان كان وعد ربنا لمفعولا ويخرون للاذقان سجدا يبكون ويزيدهم خشوعا. يعني ان تلاوة القرآن وسماع القرآن يزيدهم خشوعا وخضوعا لله عز وجل ففي هذه الاية الكريمة فوائد منها فضيلة العلم وانه سبب للاهتداء الحق والاخذ بالحق ومنها ايضا فضيلة من امن من اهل الكتاب برسالة النبي صلى الله عليه وسلم بان الله تعالى اثنى عليهم في هذه الاية ومنها ايضا مشروعية سجود التلاوة في هذه الاية وفي غيرها من الايات التي جاءت السنة بالسجود فيها وسنة للقارئ والمستمع. ولهذا في هذه الاية اذا يتلى عليهم. فسجود التلاوة سنة في حق القارئ المستمع لا السامع والفرق بين السامع والمستمع ان المستمع هو الذي يتقصد السماع وادراك الاصوات. واما السامع فهو الذي يدرك الصوت او يسمعه بلا قصد وفيه ايضا دليل على فضيلة البكاء من خشية الله عز وجل. وان الانسان عندما يسمع كلام الله تعالى او يتلو كلام الله عز وجل ان يخشع وان يخظع وان يلين قلبه. لان هذا القرآن هو اعظم سبب من اسباب صلاح القلب ودينه قال الله تعالى يا ايها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما في الصدور وهدى ورحمة للمؤمنين. وقال لو انزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعا متصدعا من خشية الله. فاعظم اسباب صلاح القلب ولينه واقباله على الله هو ان يكثر الانسان من تلاوة كلام الله عز وجل وان يحافظ على ذلك وان يحرص على قراءته والتفكر والتمعن. ولهذا قال ابن عبد القوي رحمه الله وحافظ على درس القرآن فانه يلين قلبا قاسيا مثل جلمد واستدل بعض العلماء رحمهم الله بهذه الاية في قوله ويقرون للاذقان استدلوا بها على مشروعية السجود عن قيام وان الانسان اذا مر باية سجدة فانه يستحب له ان يقوم ويسجد قالوا لان الله عز وجل قال يخرون والخرور انما يكون من اعلى. ولان سجود التلاوة صلاة نفل وصلاة القائم في النافلة افضل من صلاة القاعد ولان ذلك مروي عن عائشة رضي الله عنها وهذا هو المشهور من مذهب الامام احمد رحمه الله. ولكن القول الثاني في المسألة ان ذلك لا يشرع اي انه لا يشرع للانسان ان يسجد عن قيام بل يسجد على حسب حاله ان كان جاري ان كان يقرأ القرآن وهو جاء وهو جالس سجد وان كان يقرأ القرآن وهو يمشي او وهو قائم سجد قائما وانه لا يشرع تقصد ذلك لعدم ورود ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم فلم ينقل ان الرسول صلى الله عليه سجد عن قيام واما ما جاء عن عائشة رضي الله عنها من الاثر فهو ضعيف لا يصح الاحتجاج به. وفق الله الجميع ما يحب ويرضى وصلى الله على نبينا محمد