الحمد لله رب العالمين. والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين. اللهم اغفر لنا ولشيخنا ولوالديه من مشايخنا ولاة امورنا ومن جميع المسلمين. امين. قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى في كتابه بلوغ المرام. كتاب الحج باب فضله وبيان من فرض عليه عن ابي هريرة رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال العمرة الى العمرة كفارة لما بينهما والحج ليس له جزاء الا الجنة. متفق عليه. بسم الله الرحمن الرحيم. قال رحمه الله تعالى كتاب الحج. الحج في اللغة بمعنى القصد او قصد مكان معظم. واما شرعا فهو التعبد لله عز وجل بقصد في مكة لاداء نسك مخصوص. والحج احد اركان الاسلام ومبانيه العظام ولهذا قال الله عز وجل ولله على الناس حج البيت من استطاع اليه سبيلا. ثم قال ومن كفر فان الله غني عن العالمين. وقال ومن كفر الكفر هنا يشمل الكفر الاصغر والكفر الاكبر الذي يخرج عن الملة ولكن بحسب الاعتقاد فاذا انكر وجوب الحج فانه يكفر كفرا اكبر لانه مكذب لله ولرسوله ولاجماع المسلمين واما اذا تركه عمدا مع القدرة عليه والاستطاعة فانه يكون كفرا اصغر يعني كفرا دون كفر وقد اجمع المسلمون على وجوب الحج. وانه ركن من اركان الاسلام. وفيه فضل عظيم فمن فضائل ما جاء في حديث ابي هريرة رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال العمرة الى العمرة كفارة لما بينهما اي ان الانسان اذا اعتمر ثم اعتمر مرة ثانية فما بين العمرتين يقع مكفرا. ثم قال هو الحج المبرور ليس له جزاء الا الجنة. الحج المبرور من البر وهو الذي لم يخالطه اثم او معصية. ولا يكون الحج مبرورا الا اذا استكمل اوصافا خمسة الوصف الاول الاخلاص لله عز وجل بان يكون الحامل له على ذلك هو ابتغاء وجه الله تعالى والدار الاخرة فلا يحج رياء ولا سمعة ولا ليكتسب لقبا ويقال له الحاج فلان او يا حاج ونحو ذلك وثانيا المتابعة للرسول صلى الله عليه وسلم بان يحرص ان يكون حجه كحج النبي صلى الله عليه وسلم لعموم قول الله عز وجل لقد كان لكم في رسول الله اسوة حسنة لمن كان الله واليوم الاخر وذكر الله كثيرا. ولخصوص قول النبي صلى الله عليه وسلم خذوا عني مناسككم فيحرص على الاقتداء والاهتداء والتعسي بالنبي صلى الله عليه وسلم في اقواله وافعاله والوصف الثالث من اوصاف الحج المبرور ان يكون قائما بالواجبات العامة والخاصة فالواجبات العامة هي التي تجب على المحرم وعلى غيره. من الحرص على الطهارة وعلى الصلاة في اوقاتها وان يؤديها مع الجماعة وعلى الامر بالمعروف والنهي عن المنكر الى غير ذلك من الواجبات العامة. واما الواجبات الخاصة فهي التي تتعلق بالنسك من الوقوف بعرفة والمبيت في المزدلفة والمبيت في منى ورمي الجمار والطواف والسعي وغيرها من الواجبات الوصف الرابع من اوصاف الحج المبرور ان يجتنب المحرمات العامة والخاصة. فالمحرمات العامة هي التي تحرم على المحرم وعلى غيره. ولكنها في حق المحرم اعظم واشد. سواء كانت محرمات قولية ام فعلية كالكذب والغيبة والنميمة والسماع المحرم والقول المحرم والاعتداء على الناس وعلى حقوقهم الى غير ذلك من المحرمات العامة. واما المحرمات الخاصة فهي المتعلقة بالنسك وهي التي تسمى عند العلماء بمحظورات الاحرام من حلق الشعر وتقديم الظهر وعقد النكاح والطيب والصيد وغيرها من المحرمات الوصف الخامس من اوصاف الحج المبرور ان يكون حجه بمال حلال. فمن حج بمال محرم فحجه ليس مبرورا لان الله تعالى طيب لا يقبل الا طيبا. قال الله تعالى اليه يصعد الكلم الطيب الصالح يرفعه. وقال النبي صلى الله عليه وسلم ان الله طيب لا يقبل الا طيبا. فلا يقبل وتعالى من الاعمال والاقوال والاموال الا ما كان طيبا. والطيب ما وافق الشريعة بان كان مخلصا لله فيه متبعا لرسول الله صلى الله عليه وسلم. وعلى هذا فالذي يحج بمال محرم. سواء كان محرما لكسبه ام محرما لحق الغير فان حجه ليس مبرورا. بل ذهب بعض اهل العلم رحمهم الله الى ان من حج بمال حرام فان حجه لا يصح. ولا يكون مقبولا عند الله تعالى. وجعلوا كون المال حلالا شرطا من شروط صحة الحج. وعلى هذا قول الشاعر اذا حججت بمال اصله سحت فما حججت ولكن حجت العير لا يقبل الله الا كل صالحة ما كل من حج بيت الله مبرور ولكن القول الراجح ان من حج بمال حرام فحجه صحيح. ولكنه يأثم ووجه الصحة انفكاك الجهة. لان الشارع لم يقل لا تحجوا بمال حرام. وانما نهى عن اكتساب المال المحرم سواء احتسبه لينفق ام اكتسبه ليحج به؟ ام اكتسبه ليسافر به؟ فاكتساب المال المحرم منهي عنه نهيا والقاعدة الشرعية ان النهي اذا كان عاما لا يختص بالعبادة فانه لا يفسدها. فهذا الحديث فيه دليل على فضيلة الحج والعمرة لان النبي صلى الله عليه وسلم قال العمرة الى العمرة كفارة لما بينهما والحج المبرور ليس له جزاء الا الجنة. وفيه ايضا دليل على فضيلة تكرار العمرة ومتابعتها. ويؤيده قول الرسول صلى الله عليه وسلم تابعوا بين الحج والعمرة فإنهما ينفيان الفقر والذنوب كما ينفي الكير خبث والذهب والفضة وليس للحجة المبرورة جزاء الا الجنة. ولكن اذا قال قائل ما هو الزمن الذي يكون بين العمرة والعمرة. فالجواب ان احسن ما يقال في ذلك ما جاء عن انس ابن مالك رضي الله انه كان اذا كان في مكة وحمم رأسه اي اسود شعر رأسه خرج واعتمر. ولهذا قال احمد رحمه الله اذا حمم رأسه فليعتمر. واما ما يفعله بعض الجهال من كونه يكرر العمرة في اليوم الواحد اكثر من مرة فهذا مخالف لسنة الرسول صلى الله عليه وسلم ولعمل الصحابة. ولان فيه تضييقا وايذاء لمن هم احق منه بهذا النسك. لانه ما دام انه ادى هذا النسك وفعل هذه الفريضة ان كانت او ان كانت سنة فليفسح المجال لغيره. ممن اراد ان يعتمر. وفق الله الجميع لما يحبه ويرضى وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين