فقال له بعض اخوانه يا ابا سلمة لقد سبقت اخوانك بجمع هذه الاحاديث في الوصف يعني في صفة الله عز وجل قال ابو عمرو لقد سمعت حماد بن سلمة يقول يعني مجيبا لمن بسم الله الرحمن الرحيم ان الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور انفسنا ومن سيئات اعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له. واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله ارسله الله تعالى بين يدي الساعة بشيرا ونذيرا فبلغ الرسالة وادى الامانة ونصح الامة وجاهد في الله حق جهاده حتى اتاه اليقين صلوات ربي وسلامه عليه وعلى من اهتدى بهديه واستن بسنته الى يوم الدين ثم اما بعد فانه يطيب لي في هذه الامسية المباركة ان اتوجه بالحديث الى اخواني وابنائي طلبة العلم ومن بلغ للحديث في موضوع على درجة كبيرة من الاهمية في طالب العلم المتخصص الا وهو المدخل الى كتب العقيدة المسندة وذلك ان طالب العلم محتاج ان يأخذ العلم من ينبوعه الصافي ومن اصوله لا من الكتب الوسيطة ولا يوجد علم من العلوم الاسلامية حظي بالعناية والرعاية والصيانة كما حظي به علم العقيدة كيف لا وعلم العقيدة هو اشرف علوم الدين على الاطلاق لم لانه العلم المعرف بالله العلم المتعلق بالله سبحانه وتعالى وشرف العلم كما لا يخفى متوقف على شرف المعلوم فلما كان الله سبحانه وبحمده اشرف اشرف ما اشرف معلوم كان العلم به هو اشرف العلو ولهذا سماه الامام ابو حنيفة رحمه الله الفقه الاكبر اشارة الى ان ما دونه من العلوم الفرعية هي فقه اصغر بالنسبة اليه وقال السفاريني رحمه الله في مطلع منظومته الدرة المضية وبعد فاعلم ان كل العلم كالفرع للتوحيد فاسمع نظمي لانه العلم الذي لا ينبغي لعاقل لفهمه لم يبتغي حظي هذا العلم الشريف بعناية السلف رواية ودراية اصوله ووعوا مقاصده وفهموا عن الله مراده. وعن نبيه صلى الله عليه وسلم بيانه ولم يختلفوا في مسألة من مسائله. وان وقع بينهم اختلاف في الفروع. فجاءت عباراتهم بحمد الله متطابقة. متوافقة متشابهة يصدق بعضها بعضا ويشد بعضها بعضا كما كان كتاب الله تعالى كذلك وقد قال الله تعالى عن كتابه الله نزل احسن الحديث كتابا متشابها كتابا متشابها. مثاني تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم ثم تلين جلودهم وقلوبهم الى ذكر الله ذلك هدى الله يهدي به من يشاء ومن يضلل الله فما له من هاد فلما سار السلف رحمهم الله على نسق القرآن جاء كلامهم متطابقا متوافقا فارجع البصر. هل ترى من فطور؟ لا والله. تجدك يصدق بعضه بعضا. هذا بخلاف كلام اهل الاهواء والبدع الذين كما قالوا الامام احمد عقدوا الوية البدعة واطلقوا عقال الفتنة فهم مختلفون في الكتاب مخالفون للكتاب مجمعون على مفارقة الكتاب يقولون في الله وعلى الله وفي وفي كتاب الله بغير علم يتكلمون بالمتشابه من الكلام ويخدعون جهال الناس بما يشبهون عليهم فنعوذ بالله من فتن المضلين وسر هذه المنقبة معشر طلبة العلم وطالباته ومن بلغ ان السلف الصالح اعتصموا بالكتاب والسنة وقدموا النقل على العقل. وعظموا النصوص. فكانوا اسعد الناس بالعقل والنقل وكانت طريقتهم اعلم واحكم واسلم وصاروا في جميع ابواب الدين وسطا بين طرفين وعدلا بين عوجين وهدى بين ضلالتين وقد تنكب الطريق السوي صنفان من اهل الاهواء احدهما المتكلمون وهم الذين راموا اثبات العقائد الدينية بالطرق العقلية الفلسفية ولم يشتغلوا بالرواية وحفظ الاثار. وعولوا على محض العقول ونتاج الافكار وهم في ذلك درجات بل بركات الجهمية والمعتزلة ومن تأثر بهم من الصفاتية كالكلابية والاشعرية والماتوريدية ما هذا الصنف الصنف الثاني هم الصوفية الذين استغرقوا في التهويمات القلبية وطوحوا في الشطحات الذهنية معرضين عن الاشتغال بالكتاب والسنة معتمدين على الوجد والذوق والكشف. وسائر الاحوال المزعومة زاعمين علو الاسناد بقولهم حدثني قلبي عن ربي وظل اهل السنة يأوون الى الركن الشديد والمهي عن رشيد ويستمسكون بالعروة الوثقى ويعتصمون بالوحيين فاولوا جناب العقيدة كامل الاحترام. وصانوا حماها من تعدي اللئام. وتمثل ذلك بالرواية الشفهية لمروياتها ثم تدوينها وحفظها بالكتابة والضبط وقد عرفت الدواوين والاجزاء المروية بالاسانيد التي افردت في مسائل الايمان والاعتقاد بكتب العقيدة المسندة فهذه التسمية او تحمل معنيين اولا انها كتب عقيدة مختصة بهذا العلم المعروف والعقيدة مأخوذة من العقد وهو الربط والحزم والشد واما في الاصطلاح فالعقيدة هي حكم الذهن الجازع هي حكم الذهن الجازم. والمراد بها الايمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الاخر والقدر خيره وشره وما اتصل بهذه الاصول الستة من امور اخرى كمسألة القرآن ومسألة الايمان ومسألة الصحابة وسائر العقدية ذات العلاقة هذه تسمى العقيدة واما كونها مسندة ولانها رويت بالسند المتصل يرويها الاثبات عن الاثبات حتى تنتهي الى رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا فهذه التسمية التي عنون لهذا اللقاء بها مدخل الى كتب العقيدة المسندة تمييزا لها عن سائر الفنون الشرعية من جهة وعن المصنفات العقدية التي تقرر مذهب السلف دون حكاية للاسناد. وهذا كثير سنتناول ايها الكرام اه هذا الموضوع من خلال اه عدة مباحث. اولا سنتحدث عن مراحل تدوين العقل العقيدة المسندة كيف دونت العقيدة الثاني ما الاسباب الداعية الى تدوين العقيدة المسندة وافرادها بالتصنيف واما الثالث فسنعرض مسردا تاريخيا بهذا العلم الذي نتحدث عنه ثم نختم ببيان منهج السلف في تدوين العقيدة المسندة معشر طلبة العلم وطالباته يحتاج طالب العلم الى ان يقف بنفسه على هذه الكتب المسندة ويتعاطى ويتعامل معها مباشرة فان كثيرا من طلبة العلم اكتفوا بما الفه المتأخرون او المتوسطون. من اهل السنة والجماعة الذين جمعوا زبد العقيدة وخلاصاتها لكنهم لم يقفوا بانفسهم على كلام السلف المتقدمين اكتفاء بما كتبه مثلا شيخ الاسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم او من كان بعده وهذا وان كان بحمد الله كافيا ونافعا وشافيا الا انه لا غنى لطالب العلم من الرجوع الى الاصول والاطلاع على كلام السلف المتقدمين الذين ضبطوا اصول العقيدة ذلك اننا نسمع شنشنة من اخزام تظهر بين الفينة والاخرى يقول قائلها هذا الذي تسمونه عقيدة السلف انما هو من وضع ابن تيمية والسلف لم يكونوا كذلك وقد وجد هذا القول في زمن شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله اذ كان الناس في زمن شيخ الاسلام ابن تيمية في القرن السابع وفي القرن الثامن وما قبل له وما بعده كان قد استولى على الممالك الاسلامية المذهب الاشعري وصار الناس يتلقون عقائدهم من مما الفه الاشاعرة وغيبوا وحجبوا عن كلام السلف المتقدمين فلما قام بين ظهرانيهم شيخ الاسلام ابن تيمية وقال عقيدة السلف كذا وكذا. وهذه طريقة المتكلمين اه عجبوا وحاصوا حيصة حمر الوحش وقاوموا الشيخ واذوه وسعوا فيه ووشوا حتى الف رحمه الله تعالى الفتوى الحموية احدثت دويا هائلا في منتصف اخر القرن اه السابع الهجري على رأس القرن احدثت دويا هائلا لان الشيخ رحمه الله نقل كلام السلف المتقدمين في اثبات الصفاح الصفات واقرارها وامرارها من مصادرها الاصلية التي لم يكن الناس ذلك الوقت يشتغلون بها ما ادى هذا الى وجود هزة عامة في العالم الاسلامي واوى الناس الى مذهب السلف وتم تجليده بحمد الله على رأس المئة السابعة وحينما قيد الله له ان ينتقل الى مصر مغفورا وبقي في بلاد مصر مدة من الزمن سأله سائل من مراكش عن هذه المسألة فالف القاعدة المراكشية خسارة في الافاق في بلاد المغرب. فكانت الفتوى الحموية اه فتحا على بلاد المشرق الاسلامي. والقاعدة المراكشية فتحا على بلاد اهل المغرب. فلم يزل بحمد الله مذهب السلف تجدد وصار الناس على بينة من امرهم لهذا اقول معشر طلبة العلم على طالب العلم ان يقف بنفسه على كلام السلف المتقدمين. ليدرك ان ما قرره شيخ الاسلام وتلامذته ومدرسته. ومن جاء بعدهم الى يومنا هذا انه عين كلام السلف وان الذين شطحوا في مذهب اهل السنة والجماعة واختطفوه قوم لم يدركوا ولم يفقهوا مذهب السلف الصالح بحري بك يا طالب العلم ان تتعامل مع هذه الكتب المسندة دعونا يرعاكم الله نتناول لمحة عن مراحل تدوين العقيدة. كيف دونت هذه العقيدة الاسلامية ان اول تدوين للعقيدة الاسلامية تمثل في كتابة المصحف لان المصحف هو المكنز الرئيس للعقيدة الاسلامية ولا ريب ان اشرف اسناد دونت به مسائل الاعتقاد ما نزل به الروح الامين على قلبك لتكون من المنذرين ولا ريب ايضا ان اصح تحمل واداء وقع ما وقع لمعلم الناس الخير بابي هو وامي صلى الله عليه وسلم قال الله تعالى لا تحرك به لسانك لتعجل به. ان علينا جمعه وقرآنه. فاذا قرأناه فاتبع قرآنه ثم ان علينا بيانه اذا قد اطمئننا اطمأننا غاية الطمأنينة على صحة المصدر. وان اصل هذه العقيدة دون في كتاب الله. تلقاه رسول الله صلى الله عليه وسلم عن جبريل الامين عن رب العالمين ثم حفظه الله في صدر نبيه واملاه نبيه صلى الله عليه وسلم على الكتبة فحفظ اول نصوص هذه العقيدة سيدتي المسندة ثم انه صلى الله عليه وسلم بين للناس ما نزل اليهم من ربهم غاية البيان وترك امته على البيضاء ليلها كنهارها. لا يزيغ عنها الا هالك لا سيما في اشرف علوم الدين وهو باب والعلم بالله فان ذلك اعظم مهام الانبياء. قال الله تعالى وما ارسلنا من قبلك الا رجال نوح اليهم اسألوا اهل الذكر ان كنتم لا تعلمون. بالبينات والزبر وانزلنا اليك الذكر لتبين للناس ما نزل اليهم ولعلهم يتفكرون اود ايها الكرام ويا ايتها الكريمات ومن بلغ ان اقف عند هذه النقطة لاؤكد بشكل تام ان النبي صلى الله عليه وسلم باشر بنفسه تعليم امته العقيدة الصحيحة وان الامر ليس كما يظن بعض السفهاء ان النبي صلى الله عليه وسلم كان يتلو عليهم القرآن ويكتفون بالايمان الاجمالي. حتى بلغ الامر ببعض الاغبياء ان يقول طريقة السلف اسلم وطريقة الخلف اعلم واحكم زعما منهم بان السلف الصالح من الصحابة والتابعين لم يكونوا اهل تحقيق وتدقيق وانما كانوا مجرد آآ حملة ورواة اثار وانهم يتعمقون في فهم معنى ما نزل الى نبيه صلى الله عليه وسلم. هذا من افضل الباطل وامحل المحال ولهذا اه فان شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله اه ذكر كلاما قويا حازما صارما في مقدمة الحموية اليه ايها الكرام ارعوه اسماعكم. انظروا كيف انه رحمه الله تدرج في ذكر محالات لا يمكن ان تقع ليصل الى ان هذا العلم الشريف جرى بيانه بيانا شافيا كافيا من لدن النبي صلى الله عليه وسلم وانه لم يكن بحاجة الى ان يأتي قوم في اخر الزمان ليضعوا النقاط على الحروف كما زعموا يقول رحمه الله واحسبوا معي لم ترد كلمة محال من المحال قال رحمه الله فمن المحال في العقل والدين ان يكون السراج المنير الذي اخرج الله به الناس من الظلمات الى النور نزل معه الكتاب بالحق ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه. وامر الناس ان يردوا ما تنازعوا فيه من امر دينهم الى ما بعث من الكتاب والحكمة. وهو يدعو الى الله والى سبيله باذنه. على بصيرة. وقد اخبر الله بانه اكمل له ولامته. دينه واتم عليه نعمته محال مع هذا وغيره ان يكون قد ترك باب الايمان بالله والعلم به ملتبسا مشتبها ولم يميز بينما يجب لله من الاسماء الحسنى والصفات العلى وما يجوز عليه وما يمتنع عليه. فان معرفة هذا اصل الدين واساس الهداية وافضل ما واوجب ما اكتسبته القلوب وحصلته النفوس وادركته العقول فكيف يكون ذلك الكتاب وذلك الرسول وافضل خلق الله بعد النبيين لم يحكموا هذا الباب اعتقادا وقولا ومن المحال ايضا ان يكون النبي صلى الله عليه وسلم قد علم امته كل شيء حتى الخراءة. وقال صلى الله عليه وسلم تركتكم على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها الا هالك. وقال فيما صح عنه ايضا ما بعث الله من نبي الا كان حقا عليه ان يدل امته على خير ما يعلمه لهم. وينهاهم عن شر ما يعلمه لهم. وقال ابو ذر لقد توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وما طائر يقلب جناحيه في السماء الا ذكر لنا منه علما. وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم مقاما فذكر بدء الخلق حتى دخل اهل الجنة منازلهم واهل النار منازلهم. حفظ ذلك من حفظه ونسيه من نسيه. رواه البخاري محال مع تعليمهم كل شيء لهم فيه منفعة في الدين. وان دقت ان يترك تعليمهم ما يقولونه بالسنتهم ويعتقدونه في قلوبهم في ربهم ومعبودهم رب العالمين. الذي معرفته غاية المعارف وعبادته اشرف المقاصد والوصول اليه غاية المطالب بل هذا خلاصة الدعوة النبوية وزبدة الرسالة الالهية فكيف يتوهم من في قلبه ادنى مسكة من ايمان وحكمة الا يكون بيان هذا الباب قد وقع من الرسول على غاية التمائم ثم اذا كان قد وقع ذلك منه فمن المحال ان يكون خير امته وافضل قرونها قصروا في هذا الباب زائدين فيه او ناقصين عنه. ارأيتم؟ انتقل رحمه الله بعد التأكيد والتقرير ان النبي صلى الله عليه وسلم قد امته هذا الباب غاية التعليم الى من بعد النبي صلى الله عليه وسلم وهم الصحابة تبين ايضا انه من المحال ان يكونوا قصروا في هذا الباب قال ثم من المحال ايضا ان تكون القرون الفاضلة. القرن الذي بعث فيه النبي صلى الله عليه وسلم ثم الذين يلونهم ثم الذين كانوا غير عالمين او غير قائلين في هذا الباب بالحق المبين مستحيل لان ضد ذلك اما عدم العلم والقول واما اعتقاد نقيض الحق فعلا ان لم يكونوا كذلك فهم اما موصوفون بالجهل واما معتقدون للباطل. وقول خلاف الصدق وكلاهما ممتنع اما الاول فلان من في قلبه ادنى حياة وطلب للعلم او نهمة في العبادة يكون البحث عن هذا الباب والسؤال عنه ومعرفة الحق فيه اكبر مقاصده واعظم مطالبه اعني بيان ما ينبغي اعتقاده لا معرفة كيفية الرب وصفاته. وليست النفوس الصحيحة الى كشيء اشوق منها الى معرفة هذا الامر. وهذا امر معلوم بالفطرة الوجدية فكيف يتصور مع قيام هذا المقتضي الذي هو من اقوى المقتضيات ان يتخلف عنه مقتضاه في اولئك السادة في مجموع هذا لا يكاد يقع في ابلد الخلق واشدهم اعراضا عن الله واعظمهم اكبابا على طلب الدنيا والغفلة عن ذكر الله تعالى فكيف يقع في اولئك الى اخر كلامه رحمه الله اذا ايها الكرام ويا ايتها الكريمات تبين وفور هذا العلم الشريف اعني علم العقيدة في الكتاب والسنة وتبين توفر الدواعي على نقله وروايته مسندا الى الله ورسوله ولهذا فقد مر تدوين العقيدة بمراحل اجملها بثلاث المرحلة الاولى التي دونت فيها العقيدة الاسلامية هي مرحلة التدوين العام لمرويات علوم الدين المتضمنة للعقائد والاحكام والاداب هذه هي المرحلة الاولى تدوين العام لمرويات علوم الدين المتضمنة لجميع ابوابه. دون تمييز بين باب وباب اذ كان المقصود في هذه المرحلة حفظ السنة كان المقصود في هذه المرحلة حفظ السنة بجميع ابوابها من الضياع دون مراعاة للتصنيف الموضوعي ترى متى بدت اول بادرة لتدوين السنة الواقع ان هذه الفكرة وقعت ممثلة فيما كان يعرف في صحائف الصحابة ما كان يعرف بصحائف الصحابة واشهر هذه الصحائف الصحيفة المنسوبة الى علي ابن ابي طالب رضي الله عنه وعبدالله ابن عمرو وعمرو بن حزم وجابر وابي هريرة وسمرة بن جندب فهؤلاء الستة اشتهر عنهم صحائف والواقع ان هذه الصحائف قد جرى بحمد الله استيعاب ما فيها بالرواية عنهم وحكمة وحفظها بمعنى ان ما كانت في هذه الصحائف مرقوما مكتوبا قد حدثوا به التابعين والتابعون نقلوه الى من بعدهم فلا نظن ان شيئا مما في هذه الصحائف قد ضاع. لان الله قد تكفل بحفظ الدين لكن لنقل ان هذه هي اول اه بادرة لتدوين السنة وقد وقعت باذن خاص من النبي صلى الله عليه وسلم. اذ انكم تعلمون ان النبي صلى الله عليه وسلم لم لم يكن يأذن بكتابة غير القرآن حتى لا يختلط غيره به الا لاناس معينين استأذنوه ضمن النبي صلى الله عليه وسلم محافظتهم عليه وتمييزهم بين القرآن والسنة فاذن لهم ثم انه بدا لامير المؤمنين عمر عمر بن الخطاب رضي الله عنه ان يدون السنة ثم عدل عن ذلك لقد روى البيهقي بسنده عن عروة ابن الزبير ان عمر بن الخطاب رضي الله عنه اراد ان يكتب السنن استشار في ذلك اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فاشاروا عليه ان يكتبها وطفق عمر يستخير الله فيها شهرا ثم اصبح يوما وقد عزم الله له قال اني كنت اردت ان اكتب السنن واني ذكرت قوما كانوا قبلكم كتبوا كتبا فاكبوا عليها وتركوا كتاب الله واني والله واني والله لا البس كتاب الله بشيء ابدا اذا عدل عمر رضي الله عنه عن كتابة السنة ولله في ذلك حكمة بالغة اذ لو انها كتبت في ذلك الوقت المبكر لتقاعس كثير من التابعين عن حفظ السنة والرحلة في طلب الحديث. لكن لما بقيت روايات شفاهية يحملها الصحابة الى الانصار ظهرت الامثلة العظيمة البديعة في الرحلة في طلب الحديث حتى كان الرجل يرحل من مصر الى مصر لطلب حديث واحد وعنوا بها غاية العناية فكان الامر في مبدأه رواية شفاهية محفوظة بالاسناد الا ان اول اذان بتدوين السنة بتدوين السنة اي كتابتها مجموعة وقع في عهد عمر بن عبد العزيز سيدي عمر بن الخطاب من جهة امه فقد علق الامام البخاري في صحيحه قائلا كتب عمر بن عبدالعزيز الى ابي بكر بن حزم انظر ما كان من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فاكتبه فاني خفت دروس العلم وذهاب العلماء ولا تقبل الا حديث النبي صلى الله عليه وسلم يعني لا تخلطه بغيره ولتفشوا العلم ولتجلسوا حتى يعلم من لا يعلم فان العلم لا يهلك حتى يكون سرا رحمه الله فان العلم لا يهلك حتى يكون سرا وفي الموطأ من رواية محمد بن الحسن قال اخبرنا مالك قال اخبرنا يحيى ابن سعيد ان عمر ابن عبد العزيز كتب الى ابي بكر ابن عمر ابن حزم ان انظر ما كان من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم او سنته او حديث عمر او نحو هذا وفي بعضه حديث عمرة او نحو هذا فاكتبه لي فاني قد خفت دروس العلم وذهاب العلماء قال محمد اي محمد ابن الحسن وبهذا نأخذ ولا نرى بكتابة العلم بأسا وهو قول ابي حنيفة رحمه الله. وروى البيهقي بسنده عن عبد الله بن دينار انه عمر ابن عبد العزيز رحمه الله كتب الى ابي بكر ابن حزم ابي بكر ابن محمد ابن عمر ابن حزم يأمره انظر ما كان من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم او سنة ماضية او حديث عمرة فاكتب فاني خفت دروس العلم وذهاب اهله وكتب بمثله الى بقية الانصار وكان ذلك على رأس القرن الاول اذا ان عمر ابن عبد العزيز رحمه الله قد تولى على رأس القرن الاول نحو عام تسعة وتسعين اذا كانت هذه هي اول خطوة عملية للتدوين لتدوين السنة مجتمعة لكن اول جمع موسوعي للمرويات تم على يد محمد بن شهاب الزهري رحمه الله المتوفى سنة مائة واربع وعشرين حيث كان محمد بن شهاب رحمه الله يخرج لطلابه اجزاء مكتوبة من مروياته غير مبوبة ثم بعد ذلك شاع التدوين ابان القرن الثاني دون ابن جريج المتوفي سنة مئة وخمسين وابن اسحاق اه سنة مئة وواحد وخمسين وكان بمكة وسعيد بن ابي عروبة المتوفى سنة مئة وست وخمسين الربيع بن صبيح المتوفى سنة مئة وستين ومالك سنة المتوفى سنة مئة وتسعة وسبعين وهؤلاء الثلاثة كانوا في المدينة ودون حماد بن سلمة المتوفى سنة مئة وسبع وستين بالبصرة وسفيان الثوري المتوفى سنة مائة وواحد وستين وكان بالكوفة والاوزاعي المتوفى سنة مئة وسبعة وخمسين وكان بالشام وهشيم رحمه الله المتوفى سنة مئة وثلاثة وسبعين وكان بواسط وابن المبارك المتوفى مئة وواحد وثمانين. ولا زلنا ايها الاخوة في بحر القرن الثاني وكان ابن المبارك بخراسان ومعمر سنة مئة واربعة وخمسين وكان في اليمن وجرير ابن عبد الحميد وكان بمصر وكان رحمه الله بالري وقد توفي سنة مئة وثمانية وثمانين وسفيان ابن عيينة المتوفى سنة مئة وثمان وتسعين بالكوفة والليث ابن سعد المتوفى مئة وخمسة وسبعين وكان بمصر وشعبة ابن الحجاج المتوفى سنة مئة وستين وكان بواسطة كل هؤلاء الائمة كلهم دونوا بعد محمد ابن شهاب الزهري وعلى هذا النسق جرى الامر في العصر الذهبي لتدوين السنة ما هو العصر الذهبي لتدوين السنة القرن الثالث الهجري. الذي شهد تدوين الجوامع والمسانيد الكبار على مرويات الصحابة. كمسند عبدالله بن موسى العبسي ومسدد ابن مسرهد واسد ابن موسى ونعيم ابن حماد الخزاعي واسحاق بن راهويه وعثمان بن ابي شيبة واخوه توجه الامام احمد رحمه الله بمسنده الشهير صارت حركة علمية دائبة في تدوين السنة وحفظها بجميع انواعها وفروعها. وقد احصى بعض الباحثين عدد المسانيد التي الفت في القرون الثلاثة فقط. القرون الثلاثة الفاضلة فبلغ بها خمسا وستين خمسة وستين مسندا خمسة وستين مسندا. كما احصى الجوامع فبلغ بها ستة عشر جامعا جامع معمر ومصنف عبد الرزاق وغيره تصوروا هذا العدد الكبير الذي حفظ الله تعالى به الدين والسنة طبعا كل ذلك ايها الكرام واحاديث العقيدة تأتي في خضم المرويات المختلفة مع الاحكام والتفسير والسير والمغازي والمناقب ولا تختص بديوان اما المرحلة الثانية فهي التبويب الخاص التبويب الخاص لمرويات العقيدة المسندة ضمن كتب السنن يعني ما مضى هو عبارة عن جمع تراكمي ليس فيه تبويب ولا تصنيف موضوعي حصلت مرحلة لاحقة وهو ان وهو تصنيف السنن بمعنى ان ان يتم ترتيب المرويات لا على اسماء الصحابة وانما على الموضوعات وذلك بتخصيص ابواب لاحاديث الايمان والتوحيد والقدر مع بقية ابواب العلم كالصلاة والزكاة والحج وقد ظهر هذا التصنيف الموضوعي والتفنن فيه في كتب السنن ومن اشهرها الكتب الستة الصحاح صحيح البخاري صحيح مسلم وسنن ابي داوود سنن الترمذي آآ جامع جامع الترمذي سنن ابن ماجه سنن النسائي اه وهذا جرى ابدال القرن الثالث الهجري. ذلك ان البخاري توفي سنة مئتين وستة وخمسين للهجرة ومسلم سنة مئتين وواحد وستين للهجرة وابو داوود سنة مئتين وخمسة وسبعين للهجرة والنسائي في القرن الرابع. توفي ثلاث مئة وثلاثة في مطلعه. والترمذي توفي سنة مئتين وتسعة وسبعين وابن ماجة سنة مئتين وثلاثة وسبعين اذا هذا التصنيف الموضوعي شغل القرن الثالث الهجري ومن طالع صحيح البخاري وجد في اوله كتاب الايمان بعد كتاب كيف كان آآ بدء الوحي جاء بعد ذلك كتاب الايمان ثم في اخره كتاب التوحيد وكتاب الاعتصام بالسنة وقبل ذلك كتاب القدر وغير ذلك كتاب الفتن صاروا يصنفون على هذا النحو وكذلك مسلم بدأ بكتاب الايمان وابو داوود اه اخرج ابوابا للقدر والرد على الجهمية وغير ذلك والمقصود انه في هذه الحقبة هذه المرحلة الثانية جرى تدوين موضوعي لكنه ضمن كتب السنن تجد الابواب جنبا الى جنب هذا يتعلق بالعقيدة وهذا في الاحكام الى غير ذلك يقول الشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ان كتب الصحاح والسنن والمسانيد هي المشتملة على احاديث الصفات بل قد بوب بل قد بوب فيها ابواب مثل كتاب التوحيد والرد على الزنادقة والجهمية الذي هو اخر كتاب صحيح البخاري ومثل كتاب الرد على الجهمية في سنن ابي داوود وكتاب النعوت في سنن النسائي. فان هذه مفردة لجمع احاديث الصفات وكذلك قد تضمن كتاب السنة من سنن ابن ماجة ما تضمنه وكذلك تضمن صحيح مسلم وجامع الترمذي وموطأ ماله ومسند الشافعي ومسند احمد بن حنبل ومسند موسى ابن قرة الزبيدي وذكر جمعا من المساجد اذا في هذه المرحلة جرى آآ ضموا احاديث العقيدة بعضها الى بعض تحت ابواب اديها لله ولكنها ضمن ديوان يضم جميع ابواب الدين وقد احصى بعض الباحثين كتب السنن التي الفت في في القرون الثلاثة الاولى فقط فبلغ بها خمسين مصنفا ارأيتم يا كرام كيف كان سلفنا الصالح يصنع بذلوا جهدهم كما جاء في في الاثر يحمل هذا الدين من كل خلف عدوله ينفون عنه تحريف الغاليين وانتحال بذلوا وسعهم ما فاه رسول الله صلى الله عليه وسلم بشيء الا وقع في اذن صحابي فبلغه الى تابعي حتى لم يبقي الله شيئا من الدين محجوبا عنا وقال نبيه صلى الله عليه وسلم مرغبا في هذا المشروع العظيم. مشروع حفظ العلم قال نضر الله امرأ سمع منا مقالة فوعاها فاداها كما سمعها فرب مبلغ اوعى من سعد وقال من سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له به طريقا الى الجنة. الى غير ذلك من الاحاديث التي كان النبي صلى الله عليه وسلم يحفز فيها طلبة العلم على حفظ العلم. وجعل صدورهم وعاء له اما المرحلة الثالثة والحاء المرحلة المتخصصة فهي التصنيف الخاص في مسائل الاعتقاد تصريفه الخاص في مسائل الاعتقاد وافرادها عن بقية ابواب الدين وذلك في كتب او اجزاء في كتب او اجزاء الكتاب ما يضم عدة موضوعات. والجزء ما يكون في موضوع متخصص يقال مثلا جزء في النظر الى الى الله عز وجل. جزء في اللفظ جزء في القرآن. جزء في الرؤية وهكذا اول من فتح هذا الباب بحق باب التصنيف الخاص والافراد هو حماد بن سلمة رحمه الله محمد بن سلمة كان في القرن الثاني وتوفي سنة مئة وسبعة وستين نقل ابو يعلى القاضي ابو يعلى بسنده عن ابراهيم الخاتلي في كتابه العظمة باسناده عن ابي عمرو البصري قال ايها الاخوة حماد بن سلمة في التدوين في تدوين مسائل الاعتقاد قال اي ابو عمرو البصري كان اول من خرج هذه الاحاديث احاديث الرؤيا وجمعها من البصريين حماد بن سلمة اورد عليه هذا الايراد انه والله ما دعتني نفسي الى اخراج ذلك الا اني رأيت العلم يخرج. رأيت العلم يخرج. يقولها ثلاثا. وهو ينفظ كفه فاحببت احياءه وبثه في العامة لان لا يطمع في خرجه اهل الاهواء اذن حماد بن سلمة هو اول من فتح هذا الباب في افراد احاديث الصفات بمؤلف مستقل اشار شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله الى هذا الخصوص بعد العمومة السابق في الجواب على من طالبه من قضاة زمانه ان لا يتعرض لاحد الصفات واياتها عند العوام ولا يكتب بها الى البلاد. ولا في الفتاوى المتعلقة بها هذا جزء من محنة الامام اه شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله لما انه هز عروش الاشاعرة والمتكلمين في زمنه واوقفهم على مذهب السلف تحاملوا عليه حتى انهم الزموه بان لا يكتب والا يصنف في احاديث الصفات الو اكتب ذلك لا تحدث به انظروا بماذا اجاب قال رحمه الله ان سلف الامة وان سلف الامة وائمتها ما زالوا يتكلمون ويفتون ويحدثون العامة والخاصة بما في بما في الكتاب والسنة من الصفات وهذا في كتب التفسير والحديث والسنن اكثر من ان يحصيه الا الله. حتى انه لما جمع الناس العلم وبوبوه في كتب فصنف ابن جريج التفسير والسنن وصنف معمر ايضا وصنف مالك بن انس وصنف حماد بن سلمة وهؤلاء من اقدم من صنف في العلم صنفوا هذا الباب. فصنف حماد بن سلمة كتابه في يعني اشار الى ان جمعا صنفوا في هذا على سبيل الجمع لكن حمد بن سلمة هو الذي افرد في الصفات. كما صنف كتبه في سائر ابواب العلم. وقد قيل ان مالكا انما صنف الموطأ تبعا له وقال اي مالك جمعت هذا خوفا من الجهمية يضل الناس لما ابتدعت الجهمية النفي والتعطيل. حتى انه لما صمت الكتب الجامعة صنف العلماء فيها كما صنف نعيم بن حماد الخزاعي شيخ البخاري كتابه في الصفات والرد على الجهمية وصنف عبدالله بن محمد شيخ البخاري كتابه في الصفات والرد على الجهمية وصنف عثمان بن سعيد الدارمي كتابه في الصفات والرد على الجهمية وذكر شيخ عشرات الامثلة لهذه المصنفات التي آآ الفت في الصفات ثم قال بعد ذلك وايضا فقد جمع العلماء من اهل الحديث والفقه والكلام والتصوف هذه الايات والاحاديث وتكلموا في اثبات معانيها وتقرير صفات التي دلت عليها هذه النصوص لما ابتدعت الجهمية جحد ذلك والتكذيب له كما فعل عبدالعزيز الكيناني واحمد ابن واسحاق بن راهوي وكما فعل عثمان بن سعيد الدارمي الى اخره وقد احصى بعض الباحثين المصنفات المفردة في العقيدة المسندة حتى نهاية القرن السابع الهجري تجاوز بها ثلاث مئة وثلاثين مصنفا الذين الفوا ايها الكرام في العقيدة المسندة من كتب واجزاء تجاوز عدد العناوين الثلاث مئة بل الثلاث مئة والثلاثين حتى نهاية القرن السابع. نعم ربما كان بعض العناوين مكررا لاختلاف النساخ في كتابته لكن ايا كان هذا عدد كبير يدل على عناية الامة بهذا العلم وحرصهم على ضبطه اذا تبين لنا بحمد الله ان العقيدة حظيت بالعناية الفائقة منذ وقت مبكر احاديث الاعتقاد في مختلف ابواب آآ الايمان آآ دونت في مبدأ الامر تدوينة تراكميا جامعا شاملا مع بقية ابواب الدين. ثم دونت بعد ذلك آآ مبوبة في كتب السنن مبوبة في كتب السنن اه على ابواب اه ذات دلالة عقدية. ثم بعد ذلك اه افردت بالتأليف افردت بالتأليف بلغ هذا المبلغ من كتب اه هذا هو القسم الاول الذي نتحدث عنه في هذه المحاضرة. وسوف نتحدث ان شاء الله اه فيما بقي من الوقت عن الاسباب الداعية الى تجويد العقيدة نقوم برحلة في كتب العقيدة المسندة ونختم ببيان منهج السلف في ذلك هذا والله المستعان وعليه التكلان. وصلى الله على نبينا محمد وعلى اله وصحبه