قل هذه سبيلي ادعو الى الله على بصيرة انا ومن وسبحان الله من المشركين. قال الامام احمد العلم لا يعدله شيء لمن صحت نيته. قالوا وكيف تصلح يا ابا عبدالله قال ينوي رفع الجهل عن نفسه وعن غيره. قال الامام شيخ الاسلام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله تعالى في رسالته القواعد الاربع بسم الله الرحمن الرحيم اسأل الله الكريم رب العرش العظيم من يتولاك في الدنيا والاخرة وان يجعلك مباركا اينما كنت وان يجعلك ممن اذا اعطي شكر واذا ابتلي صبر واذا اذنب استغفر فان هؤلاء الثلاثة عنوان السعادة اعلم ارشدك الله لطاعته ان الحنيفية ملة ابراهيم ان تعبد الله وحده مخلصا له الدين كما قال تعالى وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون فاذا عرفت ان الله خلقك لعبادته فاعلم ان العبادة لا تسمى عبادة الا مع التوحيد كما ان الصلاة لا تسمى صلاة الا مع الطهارة فاذا دخل الشرك في العبادة فسدت الحدث اذا دخل في الطهارة فاذا عرفت ان الشرك اذا خالط العبادة افسدها واحبط العمل وصار صاحبه من الخالدين في النار عرفت ان اهم ما عليك معرفة ذلك لعل الله ان يخلصك من هذه الشبكة وهي الشرك بالله الذي قال الله تعالى فيه ان الله لا يغفر ان يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء وذلك بمعرفة اربع قواعد ذكرها الله تعالى في كتابه القاعدة الاولى ان تعلم ان الكفار الذين قاتلهم رسول الله صلى الله عليه واله وسلم مقرون بان الله تعالى هو الخالق الرازق المدبر وان ذلك لم يدخلهم في الاسلام والدليل قوله تعالى قل من يرزقكم من السماء والارض من يملك السمع والابصار ومن يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي ومن يدبر الامر فسيقولون الله فقل افلا تتقون القاعدة الثانية انهم يقولون ما دعوناهم وتوجهنا اليهم الا لطلب القربة والشفاعة فدليل القربة قوله تعالى والذين اتخذوا من دونه اولياء ما نعبدهم الا ليقربونا الى الله زلفى ان الله يحكم بينهم فيما هم فيه يختلفون ان الله لا يهدي من هو كاذب كفار ودليل الشفاعة قوله تعالى ويعبدون من دون الله ما لا يضرهم ولا ينفعهم ويقولون هؤلاء شفعاءنا عند الله والشفاعة شفاعتان شفاعة منفية وشفاعة مثبتة فالشفاعة المنفية ما كانت تطلب من غير الله فيما لا يقدر عليه الا الله والدليل قوله تعالى يا ايها الذين امنوا انفقوا مما رزقناكم من قبل ان يأتي يوم لا بيع فيه ولا خلة ولا شفاعة والكافرون هم الظالمون والشفاعة المثبتة هي التي تطلب من الله والشافع مكرم بالشفاعة والمشفوع له من رضي الله قوله وعمله بعد الاذن كما قال تعالى من ذا الذي يشفع عنده الا باذنه بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين. وصلى الله وسلم وبارك على عبده ونبيه محمد. وعلى اله وصحبه اجمعين. اما بعد ففي هذا اليوم نتناول مؤلفا مختصرا من مؤلفات شيخ الاسلام محمد ابن عبدالوهاب رحمه الله وهو القواعد الاربع. وهذه هي المادة الثانية في سلم الاعتقاد ادعوا لي هذه الدورة التأصيلية. قد بات معلوما مما تقدم من ذكر سيرته رحمه الله عناية الشيخ بمسائل التوحيد وحرصه وحرصه على تحقيق مسائل الولاء والبراء فقد كان هذا هو شغله الشاغل ومشروعه الذي امضى فيه عمره حتى حصل به بحمد الله تجديد الدين في القرن الثاني عشر الهجري. فكانت عناية الشيخ رحمه الله في مسائل التوحيد والولاء والبراء سببا عظيما في رجوع كثير من المسلمين عن البدع العقدية العملية التي اجتاحت معظم بلاد المسلمين. وها نحن في هذه البلاد وفي غيرها من بلاد المسلمين نتفيأ ظلال هذه الدعوة المباركة. وهذه الدعوة شجن في حلوق مخالفيها. فلم يزل اهل البدع والاشراك من منتسبين الى الاسلام يرمون دعوة الشيخ محمد ابن عبد الوهاب عن قوس واحدة ويرون فيها الخصم الالد ها هم الروافض في كل مكان ينعون ويذمون دعوة الشيخ محمد ابن عبد الوهاب لعلمهم انها الدعوة التي تقضي على باطلهم. وانها صوت الحق الواضح. المبني على النص والدليل الذي يقضي ماذا يكون حالنا؟ لو كان كل من اذنب يحمل وزره على كتفيه. ماذا سيجتمع علينا منا الذنوب والخطايا؟ لكن خالصة يدعو بها العبد ربه. ويقول رب اغفر لي فانه لا يغفر الذنوب الا انت. يمحق الله تعالى بها على خزعبلاتهم وعلى غلوائهم وعلى خداعهم لعوام الناس ودهمائهم. فهذه الدعوة وبحمد الله دعوة موصولة بدعوة النبي صلى الله عليه وسلم ودعوة المرسلين. كيف لا؟ والشيخ رحمه الله لا يذكر مسألة من مسائل الدين الا ويقرنها بالدليل من كتاب او سنة. استهل الشيخ رحمة رحمه الله تعالى قواعده هذه بالبسملة وقد سبق تعريف البسملة. ثم اتبع ذلك بالتلطف لمن خاطبه وربما وقعت هذه الرسالة جوابا لسؤال ورد عليه. وقد كان الشيخ رحمه الله كثير الاجوبة على المسائل التي ترده تردهم من بلدات نجد. وربما انه رحمه الله كتبها ابتداء للدعوة الى الله عز وجل. فاستهلها دعاء الله عز وجل للمخاطب بعد الثناء على ربه. فقال اسأل الله الكريم رب العرش العظيم. فالله تعالى من اسمائه الحسنى الكريم. فله الكرم المطلق في عطائه وفي ملكه. وفي حكمه سبحانه وبحمده وهو رب العرش العظيم. ويوصف العرش بانه عظيم. لان لانه اعظم المخلوقات واعلاها واجلها. فالعرش هو عرش الرحمن. الذي عليه استوى سبحانه وبحمده وهو بالنسبة للمخلوقات سقفها. فالعرش فالعرش سقف الكون. وفوقه الرحمن سبحانه وبحمده قال الله عز وجل الرحمن على العرش استوى. وقال في ستة مواضع ثم استوى على العرش وقال سبحانه وتعالى فان تولوا فقل حسبي الله لا اله الا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم فعرش الرحمن سرير عظيم ذو قوائم. تحمله يوم القيامة ثمانية من الملائكة الكرام العظام ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية. فالله تعالى رب العرش العظيم. فلولا الله ما كان العرش ولا قام العرش فليس الله تعالى محتاجا للعرش ليحمله او ليقله كلا بل العرش محتاج الى الرب سبحانه وتعالى لانه لا قيام لشيء الا بالله تعالى. ولا يصح تأويل العرش الى الملك او الهيمنة او السيطرة او نحو ذلك بل هو كما جاء موصوفا في الايات الكريمات وفي الاحاديث الصحيحة انه عرش حقيقي قال ان يتولاك ان يتولاك في الدنيا والاخرة. تولي الله تعالى لعبده في الدنيا بان يحفظه وان يسدده وان يعصمه. وتولي الله تعالى لعبده في الاخرة بان يرحمه وان يدخله الجنة. قال ان يتولاك في الدنيا والاخرة وان يجعلك مباركا اينما كنت نعم البركة وصف يجعله الله تعالى في الذوات والاشياء يحصل من جرائه خير الكثير. فمعنى البركة انما والخير الكثير. فدعاؤك لاحد ان يجعله الله مبارك اي ان يجري على يديه وبسببه الخير. وهذا احد معروف فان من الناس من يكون مباركا فاذا حل بمكان نشأ عنه علم وفضل وموعظة ونصيحة. ومن الناس من يكون ضد ذلك يكون نقمة. فاذا حل في مكان نشأ من ذلك شر وفر واختلاف. فلهذا يسأل العبد ربه ان يجعله مباركا اينما كان. قال وان يجعلك ممن اذا اعطي شكر واذا ابتلي صبر واذا اذنب استغفر. ما اجمل هذه الثلاث ان ينتظمها دعاء واحد. فانها الخير او كما قال الشيخ فان هذه الثلاث عنوان السعادة. والسعادة غاية يطلبها كل حي اذا اعطي شكر. اي انه يقابل العطاء والنعمة بالشكران. واذا ابتلي صبر فيقابل البلاء بالصبر والسلوان. والشكر والصبر عبادتان جليلتان يتعبد بهما العبد لله تعالى. وذلك ان انه ايها الكرام ويا ايتها الاخوات الكريمات لا يخلو حي في هذه الارض من ابتلاء فاما ان يبتلى بالسراء واما ان يبتلى بالضراء. وليس مجرد البلاء علامة نعمة او شقاء وانما ما يكون منه من جراء ذلك. ارجو الانتباه. تأملوا معي هذه الايات. يقول الله عز وجل. فاما الانسان اذا ما ابتلاه ربه فاكرمه ونعمه فيقول ربي اكرمني. واما اذا فابتلاه فقدر عليه رزقه اي الضيق عليه رزقه فيقول ربي اهان كلا وكلا في القرآن مع ليس الامر كما تظنون. فليس عطاؤنا دليل الكرامة. وليس منعنا دليل المهانة بل دليل الكرامة ودليل المهانة ما يكون من العبد تجاه هذا الابتلاء ان كان ممن اذا اعطي شكر واذا ابتلي صبر فهو الكريم السعيد. وان كان ممن اذا اعطي استخف واذا منع اه تبرم وضجر فهو الشقي. النكد. فلهذا قال الله عز وجل كلا اي ليس الامر كما كما تظنون. اذا ينبغي ان نعلم ان التوسعة في الرزق والصحة في البدن ونحو ذلك من المحبوبات ليس بالضرورة علامة الرضا. ربما كان استدراجا كما ان ما يقع على العبد من الضيق في العيش او البلاء في البدن او النفس او الاهل او غير ذلك ليس دليلا على الهوان على الله عز وجل كما قد لبعض البسطاء والجهلة لا بل ان الله تعالى يبتلي العباد بالسراء والضراء. وفي حديث صهيب رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عجبا لامر المؤمن ها هو النبي صلى الله عليه وسلم يعجب من شأن المؤمن ان امره كله له خير. ان اصابته ضراء ان اصابته سراء شكر فكان خيرا له. وان اصابته ضراء صبر فكان خيرا له. وليس ذلك لاحد الا للمؤمن. الله اكبر. واعتبروا يرعاكم الله بحال الناس هذا سليمان ابن داوود عليهما السلام. قال ربي هب لي ملكا لا ينبغي لاحد من بعدي. انك انت الوهاب وكان من نعمة الله عليه في موقف من المواقف ان سأل الله تعالى او ان طلب من بعض جلسائه بما انعم الله عليه من السخرة ان يحضر له عرش ملكة سبأ. فقال عفريت من الجن انا اتيك به قبل ان تقوم من مقامك يعني في ضحوة انا الذي عنده علم من الكتاب انا اتيك به قبل ان يرتد اليك طرفك. يعني ما بين غمضة عين وانتباهتها. فلما رآه مستقر عنده ماذا قال؟ لم يستخفه الاشر والبطر او ينتفش كما ينتفش بعض من يفقد الجاذبية عند حصول النعم رأس القالة هذا من فضل ربي اثنى بالخير على معطيه ومسيه ليبلوني ادرك الحكمة والسر من وراء ذلك ليبلوني ااشكر ام اكفر؟ فما احرانا ايها الاخوة عند النعم ان نستحضر هذا الموقف السليماني فاذا وقع لاحدنا نعمة قال هذا من فضل ربي لكن ليبلوني اشكر ام اكفر؟ قارن هذا بما جرى لقارون الذي قال الله تعالى عنه واتيناه من الكنوز. ما ان مفاتحه لتنوء بالعصبة اولي القوة. هذه مفاتيح لا يستطيع ان يحملها العصبة من الرجال. فما بالك بالمفتوح؟ اذ قال له قومه لا تفرح ان الله لا يحب الفرحين لكن الرجل شمخ بانفه وقال انما اوتيته على علم عندي يعني انني حصلت هذا المال بحذقي وكياستي وذكائي فاثنى بالنعمة على نفسه فكان من امره ما قد علمتم فخسفنا به وبداره الارض اذله الله تعالى فهو يتجلجل في الارض الى يوم القيامة. وانظر في مقام الصبر كيف ان نبيا من انبياءه يبلغ به الحزن امرا عظيما. يعقوب عليه السلام يفقد ابنه نحو عشرين سنة. حتى انه كما قال الله عز الصوت الابيضت عيناه من الحزن فهو كظيم. ادركه ما يدركه الناس. لكنه كان يقول انما اشكو بثي وحزني الى الله اعلم من الله ما لا تعلمون. ثم لم يمنعه ذلك من ان يسعى. يا بني اذهبوا فتحسسوا من يوسف واخيه. ولا تيأسوا من روح الله انه لا ييأس من رح الله الا القوم الكافرون. ارأيتم ايها الاخوان كيف ان المؤمن يبتلى بما يؤلم نفسه لكن ذلك لا يفقده العصمة بجناب الله ومن الناس من اذا اصابه شيء من الالم والابتلاء قال انا حظي انا منحوس على كذا وكذا واخذ يهرف بما لا يعرف. ويتضجر ويتبرع. فعلينا ان نتمثل هذه الدعوات. من اذا اعطي شكر واذا ابتلي صبر. واذا اذنب استغفر. هذه خصلة ثالثة. وهو انه لا لا يكاد العبد يخلو من ذنب كما جاء في الحديث كل بني ادم خطاء وخير الخطائين التوابون. وقال صلى الله عليه وسلم لولا انكم تذنبون فتستغفرون لذهب الله بكم واتى بقوم يذنبون فيستغفرون. فالخطأ والذنب وارد حتى ان حتى ان الله تعالى اضافه الى نبيه صلى الله عليه وسلم فقال واستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات. فيمكن ان يستر الذنب من النبي لكن الله تعالى في حق النبي لا يقره عليه ينبهه وعليه كذلك يغفر له كما وقع لجميع انبياء الله تعالى. فينبغي للانسان ان يكون ممن وصف الله عز ممن اذا اذنبوا يستغفرون. والا يصر ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون فعود نفسك يا عبد الله ان تكون رجاعا او اوابا الى الله تعالى ولا تيأس. فقد جاء في الحديث ان عبدا من عباد الله اذنب قال ربي اصبت ذنبا فاغفره لي. فقال الله تعالى علم عبدي ان له ربا يأخذ بالذنب ويعفو عن الذنب قد غفرت لعبدي فعاد فاذنب فقال ربي اصبت ذنبا فاغفره لي. فقال الله مثل ما قال. ثم عادت اذنبة الثالثة ولعله نفس الذنب فقال الله فقال مثل ما قال فقال الله علم عبدي ان له ربا يأخذ بالذنب ويعفو عن الذنب قد غفرت لعبدي اعمل عبدي ما شاء. ماذا يعني ذلك؟ هذا لا يعني اسقاط الواجبات واحلال المحرمات. لا وانما ما دام يذنب تجمع شروط التوبة في كل مرة فيستغفر فاني لا ازال اغفر له. هذه نعمة عظيمة. ارأيتم ايها الاخوان لو لم تشرع التوبة جميع السيئات ولما ذكر الله عز وجل كبائر الذنوب وقال ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلقى اثاما يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهانا قال الا من تاب. الله اكبر الا من تاب وامن وعمل عملا صالحا. فاولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات. وكان الله غفورا رحيما. اذا هذه الثلاث عنوان السعادة. واما وجه كونها عنوان السعادة فلان لا يسعد الا بان يهدأ باله. وتستقر نفسه. فاذا كان يقابل الضراء بالصبر. وما اعطي العبد عطاء خيرا واوسع له من الصبر. ويقابل السراء بالشكر فانه يكون متوازنا متوازنا نفسيا لا يستخفه الاشر والبطر ويفقد الجاذبية والميزانية عند السراء ولا يصيبه الكمد والاحباط والقنوط اطفي حال الضراء بل يبقى متوازنا. هذا في شأن الدنيا وفي الاخرة واذا اذنب استغفر. فاذا كان يفد الله عز وجل وقد محيت خطاياه فقد حصل سعادة الدنيا والاخرة وهذا عنوان السعادة