فالله لا يقبله مهما تصدق الانسان من كسب خبيث فان الله لا يقبله. وكذلك لا يقبل الا اذا كان طيبا بمعنى ان يكون خالصا لوجه الله عز وجل ليس فيه شرك ولا ويكون صوابا على سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس فيه بدعة ولا خرافة وان ما هو على وفق السنة فهذا هو العمل الطيب الذي يتقبله الله سبحانه وتعالى. كذلك القول الطيب من ذكر بسم الله الرحمن الرحيم. المكتبة الصوتية لمعالي الشيخ الدكتور صالح بن فوزان الفوزان. شرح كتاب الاربعين النووية للحافظ النووي رحمه الله نعم الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد قال المصنف رحمه الله تعالى وعن ابي هريرة رضي الله تعالى عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان الله تعالى طيب لا يقبل الا طيبا. وان الله امر المؤمنين بما امر به المرسلين. فقال تعالى يا ايها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا. وقال تعالى يا ايها الذين امنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم. ثم ذكر رجل يطيل السفر اشعك اغبغ يمد يديه الى السماء يا رب يا رب ومطعمه حرام ومشربه حرام وملبسه حرام وغذي بالحرام فانى جابوا له رواه مسلم بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى اله اصحابه اجمعين. هذا الحديث فيه ان الله طيب لا يقبل الا طيبا. وصف الله جل وعلا بانه طيب فهو سبحانه وتعالى طيب بمعنى انه منزه منزه عن النقائص والعيوب فهو طيب في ذاته وفي اسمائه وصفاته وفي اوامره ونواهيه فهو طيب من كل الوجوه سبحانه وتعالى لا يتطرق اليه نقص. ولذلك فانه لا يقبل من الاعمال والاقوال والمقاصد خذ الا ما كان طيبا فلا يقبل الخبيث من الاقوال والاعمال والمقاصد و الطيب كما قال تعالى اليه يصعد الكلم الطيب فهو لا يقبل الا الكلام الطيب والعمل الطيب والصدقة من الكسب طيب اما الخبيث فانه لا يقبله. سواء كان خبيثا بمعنى الردي لا الخبيث منه تنفقون وكان خبيثا في ذاته كالميتة والخمر والخنزير والربا والرشوة والقمار وغير ذلك الخبيث اما ان يكون خبيثا في ذاته واما ان يكون خبيثا في مكسبه طريق الحصول عليه لله التسبيح والتهليل والتكبير وكذلك طيب من من الامر بالمعروف والنهي عن المنكر الدعوة الى الله والنصيحة كل هذا من الكلم الطيب الذي يتقبله الله ويرفعه سبحانه تعالى اليه يصعد الكلم الطيب. اما القول الخبيث فان الله يرده ويبغضه. من الكذب والغيبة والنميمة والشتم قول الزور وشهادة الزور جميع الاقوال الخبيثة والشرك والكفر كله اقوال خبيثة لا ترتفع الى الله عز وجل ولا تقبل. لا يقبل الا طيبا من كل شيء. يخرج بذلك ما كان خبيث فان الله جل وعلا يرده ولا يقبله. ثم قال وان الله امر المؤمنين بما امر به المرسلين. فدل على ان المرسلين والمؤمنين مأمورون ومنهيون. لا انهم يفعلون او يقولون شيئا من تلقاء انفسهم او مستحسنات عقولهم وانما يفعلون ما يؤمرون الملائكة والرسل والمؤمنون يفعلون ما يؤمرون ويتركون ما نهوا عنه وما اتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا فهم مأمورون ومنهيون من قبل الله جل وعلا لانهم كلهم عباده. فلا يسبقونه بالقول ولا يتقدمون بين يدي الله ورسوله بقول او فعل. وانما يتبعون الاوامر فلا يفعلون الا ما امر الله به ولا يتركون الا ما نهى الله عنه. لانهم عباد والرسل عباد والملائكة عباد. ولو كانوا بمنزلة عظيمة وجلالة قدر لكنهم عباد يتبعون اوامر الله سبحانه وتعالى. امر المؤمنين لما امر به المرسلين. ثم ذكر الشاهد والدليل على ذلك. الله امر المرسلين بقوله تعالى يا ايها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا. كلوا من الطيبات اي من الحلال. طيب هو الحلال والخبيث هو الحرام فالله امر بالاكل من الطيبات اي من المباحات ونهى عن الاكل من الحرام والخبائث ثم ذكر اما يترتب على اكل الحلال؟ واعملوا صالحا فاكل الحلال يعين على العمل الصالح ويجعل العمل الصالح متقبلا. واما اكل الحرام فانه يثبت ويكسل عن العمل الصالح ويخذل الانسان لذلك تجد الذين ياكلون الحرام يكتسبون الحرام من ابعد الناس عن الطاعات والعبادات واكسل الناس عن الصلوات لان الحرام ثقل في بطونهم وقلوبهم فكسلهم عن الطاعة خلاف الذي يتغذى بالحلال ويتحرى الحلال فان ذلك يعينه على طاعة الله ويلين قلبه ويرقق قلبه كلوا من الطيبات واعملوا صالحا. اني بما تعملون عليم. وهذا تحذير من ان الانسان يخل بعمله او يتظاهر بالعمل والاخلاص لكنه بخلاف ذلك فان الله عليم جل وعلا لا يروج عليه لا يروج عليه البهرج والكذب مهما تظاهر الانسان بالصلاح والتقوى اذا كان في باطنه بخلاف ذلك فان الله يعلم. فلا ينطلي عليه الظاهر مع خبث الباطن انما هذا في حق الناس الذين لا يعلمون الغيب يبنون على الظاهر اما الله جل وعلا فانه يعلم كل شيء بما تعملون عليم. قوله اني بما تعملون عليم يتضمن شيئين. الشيء الاول ان الانسان لا يخشى ان يضيع له شيء اي يضيع له عمل او ان الله ينساه او يتركه من الحسنات والسيئات ان الله يعلمها ويحصيها ويكتبها لصاحبها. سواء كانت حسنة او سيئة. هذا الشيء الاول الشيء الثاني ان الله جل وعلا لا ينخدع بالظواهر الباطلة والزخرف والتزوير وانما يعلم الحقائق سبحانه وتعالى. وقال تعالى في حق المؤمنين يا ايها الذين امنوا كلوا من طيبات ما نعم هذا امر من الله جل وعلا بالاكل من الطيبات وهي المباحات. طيب في ذاته والطيب في مكسبه والحصول عليه. يا ايها الذين امنوا كلوا من طيبات ما رزقناهم. هذا الامر امر اباحة. كلوا هذا امر اباحة ان الله اباح لنا الطيبات ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث. كلوا من طيبات ما وفي ضمن ذلك النهي عن اكل الخبائث النهي عن اكل الخبائث. وفيه الرد على الذين يحرمون الطيبات بزعمهم ان هذا من العبادة كالصوفية والمتزهدة الذين يتركون طيب ويظنون ان هذا فيه اجر هذا تكلف لان الله امر بالاكل من الطيبات والمستلذات يشمل الطيب الذي هو غير خبيث ويشمل الطيب الذي هو المستلذ من اللحوم والفواكه وانواع المتعة الطيبة من النساء الملذات المباحة فالانسان يتناول منها ولا لا يحرم نفسه من غير اسراف من غير اسراف. فالذي يتقرب الى الله بترك المباحات والطيبات هذا متنطع كلوا من الطيبات. والنبي صلى الله عليه وسلم كان يأكل مما يسر الله له. يأكل اللحم يأكل الفاكهة يأكل ما تيسر له عليه الصلاة والسلام ويتزوج النساء ويتطيب بالطيب يستعمل الطيبات عليه الصلاة والسلام. كلوا من الطيبات واعملوا صالحا مثل ما قال للرسل امرهم بامرين الاكل من الطيبات والعمل الصالح. لان اكل الطيبات يعين من العمل الصالح لانه يغذي تغذية طيبة وينشط البدن فالاكل من الطيبات يعين على طاعة الله سبحانه وتعالى. ليس المراد ان الانسان يعطي نفسه ما تشتهي ويتكاسل عن الطاعة هذي طريقة البهايم انما الانسان يأكل ويشكر يشكر الله عز وجل. فقوله واعملوا صالحا هذا من شكر نعمة الله عز وجل. كلوا من كلوا من طيبات ما رزقناكم واشكروا لله كنتم اياه تعبدون. ثم ان النبي صلى الله عليه وسلم ضرب مثلا للذي يأكل الحرام ويدعو الله عز وجل في حالة رثة وفي حالة تقتضي اجابة دعوته لكن عنده مانع من قبول الدعاء. عنده اسباب لقبول الدعاء وعنده مانع من قبول الدعاء الاسباب يمد يديه. مد اليدين في الدعاء هذا من اسباب الاستجابة. يمد يديه الى السماء. لماذا يمد يديه الى السماء اشارة الى علو الله سبحانه وتعالى. لان الله جل وعلا في السماء يمد يديه الى السماء. وفي هذا مشروعية رفع اليدين في الدعاء وهو الاصل الاصل في الدعاء رفع اليدين الا ما دل الدليل على انه لا ترفع فيه الايدي فلا توضع يمد يديه الى السماء. السبب الثاني يقول يا رب يا ربي توسل الى الله بربوبيته. وهذا من التوسل مشروع تتوسل الى الله باسمائه وصفاته وربوبيته هذا سبب للاجابة السبب الثالث انه اشعث اغبى في حالة رثة ليس عنده كبر. اما الانسان المستكبر الكبر يمنع قبول الدعاء. فهذا عنده سبب الاجابة وهو انه متواضع وايضا طويل السفر يطيل السفر والدعاء من المسافر مظنة اجابة لانه بحاجة لان المسافر بحاجة فعنده اسباب القبول لكن المانع الذي منعه جعل الاسباب لا تعمل ولا تؤدي نتيجة. مطعمه حرام ومشربه حرام وملبسه حرام وغذي بالحرام. فان الاستبعاد الا يستجاب لذلك يعني لا يستجاب له. يبعد ان يستجاب له. لان عنده الموانع هذه فالدعاء لا يقبل الا اذا توفرت اسبابه وانتفت موانعه موانع القبول فانى استجابوا لذلك فهذا دليل على التحذير من الحرام. وهو من مفهوم قوله تعالى كلوا من الطيبات. مفهومه ان الحرام لا يؤكل ان الحرام لا يؤكل والخبيث لا يؤكل. الله جل وعلا يحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث مطعمه حرام وملبسه حرام ومشربه حرام وغذي بالحرام. هذه موانع والعياذ بالله موانع بل القبول فالانسان الذي يدعو الله يفعل يفعل الاسباب اسباب الاجابة ويتجنب اسباب الموانع اسباب منع بالقبول ليس المقصود انك تدعو فقط. لابد مع الدعاء انك تعمل اسباب الاجابة وتتجنب اسباب الحرمان هذا هو المقصود. فدل هذا الحديث على فوائد عظيمة. اولا ان العباد كلهم مأمورون الانبياء والملائكة والرسل والمؤمنون كل الخلق مأمورون ومنهيون. لا احد يحدث شيء من عند نفسه ابدا ولا يقبل الله ذلك. الفائدة الثانية الحديث دليل على اباحة الطيبات. اباحة الطيبات وهي المباحات والمستلذات ايضا. الله اباحها سبحانه وتعالى. لعباده فلا يأتي احد ويقول من العبادة ترك المباحات وحرمان النفس هذا ليس عبادة لله عز وجل الرسول صلى الله عليه وسلم كان يأكل من الطيبات والمستلذات والفواكه واللحوم وكان يتزوج وكان ينام وكان عليه الصلاة والسلام يأخذ ما اباحه الله له ويترك ما نهاه الله عنه وهو القدوة عليه الصلاة سلام. ففيه الرد على من يزعم ان الزهد ان الزهد هو ترك الطيبات. لا. الزهد هو ترك الحرام وترك الفظول فظول الاشياء التي لا يحتاج الانسان اليها هذا هو الزور. ترك الفظول اما الذي يحتاجه الانسان فهذا تركه ليس من الزهد. ليس من الزهد هذا. وليس الزهد حرمان النفس مما اباح الله لها سال من الزهد. وفي الحديث ان الدعاء لا يقبل الا اذا توفرت اسباب الاجابة وانتفت موانع الاجابة وفيه ان الحرام يفسد البدن لانه يغذي تغذية خبيثة فهو يفسد البدن من من الناحية المعنوية ومن الناحية الحسية ايضا فان هذه المحرمات فيها اضرار جسمية فيها امراض الله ما حرمها الا لان فيها مضار. انظر مثلا الى الميتة. الله حرمها لان فيها اضرار وامراض شخص الاطباء منها اشياء كثيرة من الامراض الميكروبات الخمر ماذا فيها من الاضرار المخدرات ماذا فيها من الاضرار الدخان القات كلها اضرار اضرار جسمية واضرار دينية وليس للعباد فيها مصلحة البتة. اللهم الا اذا اضطر الانسان ضرورة خشي الموت فله ان يأكل من الميتة ما يبقي عليه حياته. ويكون في هذه الحالة رخصة مباحة بقدر الضرورة. وفي هذه الحالة لا اذا اكل من الميتة لا يتظرر بها. اما اذا اكل منها في غير الضرورة فانه يتظرر بها. معنويا وحسيا الحاصل ان هذا حديث عظيم. ومنهج يسير عليه المسلم. في حياته. نعم