الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك وانعم على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين وبعد فهذا هو المجلس العاشر من المجالس العلمية المعقودة مع الاخوة طلاب العلم في اندونيسيا وفقهم الله وسددهم لمذاكرة رسالة العقيدة الوسطية وهذا هو المجلس العاشر ونحن في عصر الاربعاء الثالث عشر من شهر جمادى الاولى عام اربعة واربعين اربع مئة والف من هجرة المصطفى صلى الله عليه وسلم ولا زلنا فيما اورده المصنف رحمه الله من الايات كنا قد وقفنا على قوله وقوله الرحمن على العرش استوى فنبدأ على بركة الله ونسأله سبحانه وتعالى ان يرزقنا واياكم العلم النافع والعمل الصالح نعم الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله اما بعد. اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللسامعين قال مصنف رحمه الله تعالى وقوله تعالى الرحمن على الارض استوى في سبع مواضع في سورة الاعراف قوله تعالى ان ربكم الله الذي خلق السماوات والارض في ستة ايام ثم استووا وعلى وقال في سورة يونس ان ربكم الله الذي خلق السماوات والارض في ستته ايام ثم استوى على العرش وقال في سورة الرعد الله الذي رفع السماوات بغير عمد ترونها ثم استوى على العرش. وقال في سورة طه الرحمن على العرش استوى. وقال في سورة فرقان ثم استوى على العرش الرحمن. وقال في سورة وقال في سورة الف لام ميم. السجدة الله الذي خلق السماوات والارض. وما بينهما في ستة ايام ثم استوى على العرش وقال في سورة الحديد والذي خلق السماوات والارض في ستة ايام ثم استوى على الارض هذه الايات في المواظع السبعة التي اوردها المصنف رحمه الله فيها دلالة واضحة جلية لمن كان مقدرا لخبر الله عز وجل في انه سبحانه وتعالى فوق العرش استوى على العرش وقد اخبر عن هذا الاستواء ب الاسم الظاهر كما في سورة طه الرحمن على العرش استوى وفي قوله جل وعلا بسورة الفرقان ثم استوى على العرش الرحمن وفي بعض المواضع يكون الفاعل ظميرا مستترا كما في اية الاعراف وغيرها ثم استوى على العرش استوى فعل ماضي والفاعل ظمير مستتر تقديره يعود الى الله جل وعلا باجماع المفسرين وهذا الاستواء فعل من افعال الرب تبارك وتعالى. وافعاله سبحانه وتعالى يفعلها بمشيئته جل وعلا وحكمته سبحانه وتعالى وقدرتي جل وعز فما من فعل الا وهو متعلق بمشيئته وارادته من جهة. وبحكمته من جهة اخرى وحكمته من جهة اخرى وقوته وقدرته من جهة ثالثة لما اخبر سبحانه وتعالى بسورة الاعراف و هو اول موضع فيه الخبر عن استوائه على العرش وقد سبق قبل هذا الموضع ايات فيها الدلالة على علوه سبحانه وتعالى فاخبر انه العلي واخبر انه علا واخبر انه الاعلى وصفة العلو من الصفات الذاتية باتفاق علماء اهل السنة فهو سبحانه وتعالى موصوف بالعلو والفوقية جل في علاه ولما خلق الخلق اخبر سبحانه وتعالى انه بعد خلقه السماوات والارض في ستة ايام ثم استوى على العرش ومعنى استوى جاء عن السلف في تفسير هذه الكلمة معان اربعة ذكرها ابن القيم رحمه الله وهذا اذا كان استوى قد عدي بعلى فان معنى استوى على العرش اي على استوى على العرش اي ارتفع استوى على العرش يعني صعد استوى على العرش يعني استقر هذه المعاني الاربعة قد ثبتت باحاديث واثار صحيحة عن الصحابة والتابعين رضوان الله تعالى عليه. واما ما روي في تفسير الاستواء بالجلوس فهذا لا يصح لغة ولم يثبت منقولا وانما روي ضعيفا فلا يستدل به ولما خلق الله جل وعلا السماوات والارض معلوم ان السماوات هي المخلوقات العلوية الافلاك العلوية المحيطة بالارض والارض الفلك السفلي الذي هو منتهى السفول فالكلام هنا في قوله خلق السماوات والارض عن خلقه جل وعلا الافلاك العلوية والسفلية ولما كان الحديث عن خلقه للافلاك العلوية والسفلية فحينئذ اخبر سبحانه وتعالى انه لما خلق السماوات والارض لم يخلقهما ل يكون فيهما فان الكينونة في المصنوع من علامات المصنوعين الكينونة في المصنوع من علامات المصنوعين ولهذا نجد ان الانسان اذا صنع بيتا فانما يصنعه ليكنه ويأويه واذا بنى منزلا لينزل فيه واذا صنع دارا ليحميه ويدور حوله من الواردات ولا يصنع الطائر العش الا يجلسا ويكنه ويجعل فيه حاجته وبيضه ولا يحفر الزواحف حفرة الا للايواء فلما كان هذا المعنى متقررا في الصانعين اخبر سبحانه وتعالى عن اختلاف صنعة وانه ما خلق السماوات والارض لكي يكون فيهما فاخبر سبحانه انه استوى على العرش والعرش سقف المخلوقات واعلى المخلوقات وهو فلك بدليل حديث اذا سألتم الله الجنة فشلوه الفردوس الاعلى فانه فشلوه الفردوس فانه فانه اعلى الجنة واوسط الجنة وفوقه عرش الرحمة وقد ذكر شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله في الرسالة العرشية ان العرش مخلوق فلكي كالقبة فوق المخلوقات ورب العرش ورب العرش جل في علاه اخبر انه فوق العرش وانه على العرش وانه صعد على العرش وعلا على العرش فدل على انه فوق المخلوقات تبارك وتعالى وربما يتوهم متوهم انه اذ كان فوق المخلوقات فربما يغيب عنه شيء مما هو في المخلوقات ولدفع هذا التوهم ذكر الله علمه بعد استوائه على العرش كما في اية الحديد فقال جل وعلا ثم استوى على العرش يعلم ما يلج في الارض وما يخرج منها اذا ذكره للاستواء على العرش وهذا فعله تبارك وتعالى لدفع توهم ان يكون في المخلوقات وان تكون هذه المخلوقات في ذاته عياذا بالله تبارك وتعالى وذكره لعلمه بعد استوائه على عرشه لدفع توهم من قد يتوهم انه اذا علا على المخلوقات وربما يغيب عنه شيء من المرئيات او المسموعات او المعلومات فقال جل وعلا يعلم ما يلج في الارض وما يخرج منها اذا هذه الايات بدلالة السياق والسباق واللحاق تقرر بجلاء ان الله جل وعلا على العرش اي فوق العرش صعد على العرش علا على العرش استقر على العرش من الامور العقلية فان العقل الصحيح مقرر لهذا المعنى الفصيح الوارد في الكتاب والسنة فان العقل الرجيح يقول ان الله لما خلق المخلوقات اما ان يكون خلقها داخل ذاته العلية او خارجها والاول ممتنع لانه يلزم منه ان تكون هذه الفانيات في الذات الدائمة كما يلزم من قولنا المخلوقات في الذات العلية عياذا بالله يلزم منه ان تكون هذه القاذورات والنواقص والنجاسات كذلك وهذا محال في حق الله تبارك وتعالى اذا استحال من الناحية العقلية ان تكون هذه المخلوقات في الذات العلية تعين الثاني وهو كون هذه المخلوقات خارجة عن الذات العلية فان كان الامر كذلك فان من المعلوم عند المسلمين قاصيهم ودانيهم عالمهم وجاهلهم ان الله عز وجل له وجود حقيقي خارجي ليس وجوده ذهنيا خياليا او وهمية فاذا كان له وجود وللمخلوقات وجود وهي ليست في الذات العلية تعين ان تكون احد هذه الامور اما ان تكون مساوية للخالق وهذا يعني نقص الخالق جل وعلا. فيمتنع او تكون المخلوقات فوق الخالقين كما لو قال قائل العرش فوق الله فهذا يلزم منه نقص الخالق ايضا فهو ممتنع كالذي سبق فلم يبقى الا ان هذه المخلوقات دون الخالق جل وعلا وهو فوقها سبحانه وتعالى وهذا هو معنى ثم استوى على العرش وهذا هو معنى الرحمن على العرش استوى وهذه الايات التي وردت وتكررت في كتاب الله جل وعلا لا يجوز تأويلها بتأويلات متأخرة لم تكن معروفة في زمن السلف الصالح في زمن الصحابة والتابعين وتبع التابعين فان قال قائل فقد نقل بعض المفسرين في قوله تعالى ثم استوى الى السماء فسواهن سبع سماوات عن بعض المفسرين انهم قالوا ثم قصد الى جهة السماء الجواب ان استوى الى يختلف عن استوى على كما انا نقول ان استوى اذا تعدى بنفسه اختلف معناه فان العرب تقول توا زيد بمعنى نضج وكمل ومنه قوله تعالى فلما استوى اتيناه حكما وعلما اذا استوى اذا عدت بنفسها تقرر بدلالة الوضع اللغوي ان المعنى اذا نضج وكبر اذا تعدى كلمة استوى بالى يحتمل معنى علا ويحتمل معنى قصدي الى كذا او القصد الى كذا اما اذا عديت على فلم يحتمل الا معنى استوى بمعنى علا وارتفع واستقر وصعد اذا تقرر هذا فان قال قائل متأثر بعلم الكلام او الفلسفة انا اذا قلنا انه استوى على العرش فيلزم منه الحاجة نقول هذا متصور اعني هذا اللازم متصور في المخلوق اما الخالق جل في علاه فهو استوى على العرش وهو مستغن عن العرش وما دونه كما قال الامام ابو جعفر الطحاوي رحمه الله تعالى فهو فوق العرش وهو ليس محتاجا الى العرش فاستواؤه ليس كاستواء من استوى على الفلك ثم هو بحاجة الى الفلك فان المخلوق من شأنه انه اذا استوى على شيء كان محتاجا اليه والخالق جل في علاه لما اخبر عن استوائي على العرش علمنا ان هذا الفعل المضاف اليه سبحانه وتعالى هذا الفعل الذي حصل منه لا يعني الحاجة كما انا نقول انه اذا صنع فليس صنعه كصنع نوح للفلك وانه اذا اوجد فليس ايجاد كايجاد الصانعين اذا لما نقول ان الله بنى السماء بنى في علم ماضي. والباني هو الله والسماء مفعول به ثم نقول بنى الرجل السقفة فهل يتصور عاقل ان بناء العبد كبناء الرب او ان بناء الرب كبناء العبد هذا لا يقول به من يعد في جملة العقلاء اه فظلا عن المؤمنين الاتقياء ولهذا لما جاء الرجل الى الامام مالك رحمه الله فقال ان الله اخبر انه استوى كيف استوى علته الرحظاء ونزل منه العرق تغير وجهه واطرق ولم ينظر الى السامع اغضابا له ثم قال يا هذا الاستواء معلوم اي معناه فان فانكم انتم تترجمون كلمة استوى باللغة الاندونيسية واهل الفرس يترجمون كلمة استوى باللغة الفارسية واهل الترك يترجمون كلمة استوى باللغة التركية بمعنى علا وارتفع واهل الانجليز يفسرونها بالانجليزية فالكل يفهمون المعنى. لهذا قال الامام ما لك الاستواء معلوم والكيف مجهول لان هذا الاستواء مضاف الى الخالق جل وعلا والقاعدة المطردة ان الصية والعقلية ان العلم بفعل الفاعل ان العلم بكيفية فعل الفاعل وان العلم بكيفية الصفة الموصوف مبني على العلم بالفاعل وعلى العلم بذات الموصوف فلما جهلنا العلم بكيفية الذات العلية ولم نعلم كيف ذاته سبحانه وهو يفعل فحين اذ لا نعلم كيف يفعل وان علمنا معنى فعله سبحانه وتعالى ولهذا يقول شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله وغيره من علماء اهل السنة من قبل ومن بعد ان اثبات الصفات عند اهل السنة والجماعة هو اثبات وجود لا اثبات تكييف اذا تقرر هذا فان نقول لو قال قائل ان استوى بمعنى استولى نقول هل هذا القول قلته ولك فيه سلف من الصحابة فسيقول لا هل استوى بمعنى استولى له ذكر في القرآن يقول لا له ذكر في السنة يقول لا له ذكر في اقوال الصحابة يقول لا له ذكر في اشعار العرب السابقين يقول لا فيقال لهذا وامثالي فمن سلفك في ترجمة وتفسير استوى بمعنى استولى غاية ما عندهم انهم يقولون ذكر ان الاخطل قال قد اشتوى بشر على العراق من غير ما سيف ولاد من مراق وعنا باستوى بشر عن العراق يعني استولى فحينئذ يقال لهم كيف تستدلون بتأويل اية وتصرفونها عن ظاهرها الى معنى لغوي مولد فان الاخطلان نصراني من المولدين ثم لو فرضنا ان قوله حجة فهل يجوز ان نترك ظاهر القرآن والسنة؟ لقول نصراني ثالثا من الذي سبقكم الى هذا التأويل؟ والله لن يجدوا سلفا الا المعتزلة فانهم يفسرون استوى بمعنى استولى ومع انا نقول لهؤلاء الذين ترجموا الاستواء بالاستيلاء ونقول للمعتزلة حنانيكم فانما هربتم منه خشية ما زعمتم من التشبيه يلزمكم فيما سرتم اليه من القول بالتأويل والقول بان الاستواء معناه الاستيلاء فنقول لكم ان قلتم ان استوى بمعنى استولى. استوى على العرش استولى على العرش يلزمكم ان تجيبوا هل كان العرش ليس تحت استيلاء حتى يستولي علي اولا ثانيا هل استيلاؤه كاستيلاء كما قال شاعركم قد استوى بشر على العراق من غير ما سيف ولا دم مهراق هل كان استيلاؤه كاستيلاء الرب او استيلاء الرب كاستيلاءه فاما ان يقولوا نعم فيلزمهم التشبيه واما ان يقولوا لا فنقول لهم كما قلت منا اجتله ليس كاستيلاء بشر على العراق فقولوا ان استوائه ليس كاستواء فلان على الفلك واستواء فلان على الكرسي واستواء فلان على السقف وهذه قاعدة مطردة يجب على طالب العلم ان يحفظه وهي ان المؤول اذا اول اي صفة معنى اخر فيلزمه في الاخر ما فر منه مما زعم انه لازم في النص الوارد في كتاب الله تبارك وتعالى ثم ها هنا انبه على امر واختم فاقول ان الاستواء ان الاستواء عند اهل السنة والجماعة من الصفات الفعلية بمعنى ان الله جل وعلا موصوف بالعلو ازلا وابدا اما وصفه على العرش فهو علو خاص انما كان بعد خلق السماوات والارض وبعد العرش اذا استوى على العرش في وقت معين فلما كان فعله في وقت معين كان صفة فعل ثم سيأتي معنا في احاديث النزول ما يكون جوابا عما يزعمه البعض من التناقض لكني ابين ها هنا قضية مهمة وهي ان استواه على العرش واحاطة علمه بالارض والفرش وما تحته ليس بينهما تناقض ولذلك اخبر الله عن استوائه على العرش وعن علمه في ايات معا كما في سورة الحديد في قوله تعالى هو الذي خلق السماوات والارض في ستة ايام ثم استوى على العرش يعلم ما يلج في الارض وما يخرج منها وما ينزل من السماء وما فيها وهو معكم اذا استواؤه على العرش لا ينفي معيته التي هي بمعنى العلم استواه على العرش لا ينفي معيته الخاصة ولا معيته العامة نعم احسن الله اليك. وقوله تعالى اذ قال الله يا عيسى اني متوفيك ورافعك الي. بل رفعك الله اليه اليه يسعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه وقال فرعون يا هامان ابريق فرحا لعلي ابلغ لعلي ابلغ الاسباب اسباب السماوات فاطلع الى اله موسى. امنتم من في السماء ان يخسف بكم الارض فاذا هي تمور. ام امنتم من في السماء ان يرسل عليكم حاصبا اه فستعلمون كيف نظير نعم اكمل اكمل يا شيخ خالد احسن الله اليكم. وقوله والذي خلق السماوات والارض في ستة ايام ثم ثم استوى على العرش يعلم ما يلج في الارض وما يخرج منها وما ينزل من السماء وما يعبد فيها وهو معكم اينما كنتم. والله بما تعملون بصير. وقوله الم المتر ان الله يعلم ما في السماوات وما في الارض. ما يكون من نجوى ثلاثة الا هو الا هو رابعهم ولا خمسة الا هو سادسهم. ولا ادنى من ذلك ولا اكثر الا اهو معهم اينما كانوا. ثم ينبئهم بما عملوا يوم القيامة. ان الله بكل شيء عليم اليم. وقوله لا تحزن ان الله معنا. وقوله انني معكما اسمع وارى وقالوا ان الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون. وقوله واصبروا ان الله مع الصابرين. وقوله كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة باذن الله مع الصابرين. هذه الايات التي اوردها المصنف رحمه الله فيها الدلالة على امرين. الاول ايات تؤكد علوه جل وعلا وفوقيته سبحانه وتعالى وقد ذكر العلامة ابن القيم رحمه الله في كتابه العظيم اجتماع الجيوش الاسلامية على غزو المعطلة الجهمية ذكر اكثر من الف دليل على علو الله جل وعلا في خلقه. على وانصح كل طالب علم ان يقرأ هذه الرسالة اعني اجتماع الجيوش الاسلامية. المرة بعد بل مرة فان فيها علما جما وما اورده المصنف رحمه الله انما هو غيظ من فيظ من الادلة الدالة على علو الله جل وعلا ومن ذلك قوله تعالى يا عيسى اني متوفيك ورافعك الي والشاهد في الاية ورافعك الي فدل قوله ورافعك الي ان الله في العلو اذ لو كان كما يقوله المعتزلة انه في كل مكان او انه لا يشار اليه بمكان فلم يكن لقوله رافعك الي من معنى فلما قال اني متوفيك بمعنى قابضك روحا وجسدا وليس معنى متوفيك اي اني آآ مميتك لان الوفاء كلمة مشتركة تطلق على القبظ روحا وبدنا وعلى قبظ الروح دون البدن وعلى النوم اذا كلمة الوفاء مشتركة تطلق على الموت وعلى النوم وعلى القبض التام روحا وبدنا اني متوفيك اي قابضك روحا وبدنا فهو رفع بروحه وبدنه الى السماء قال ورافعك الي فدل انه في العلو ومن هنا قال الامام الدارمي رحمه الله في نقضه على بشر قال فزعم الزاعم ان من كان في السماء فهو كمن في الارض وهذا كلام باطل. اذ لو كان الامر كذلك لما كان للاسراء والمعراج من معنى. ولما كان لقوله ورافعك الي من معنى وقوله تعالى بل رفعه الله الي فدل انه جل وعلا في العلو قوله اليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه اذا فهو سبحانه اشار الى نفسه بقوله اليه يصعد والصعود انما يكون من سفل الى علو. كما ان الرفع يكون من سفل الى علو واول من انكر علو الله عز وجل بعد سماعه لخبر موسى في ان ربه في السماوات هو فرعون ولهذا ايها الاخوة الجهمية يصح ان يقال عنهم انهم فراعنة على طريقة فرعون فان فرعونيين زعموا ان الرب الذي ينبغي ان يعبد لا بد ان يكون في المخلوقات ولكن موسى اخبر ان ربه في العلو وقال فرعون يا هامان ابن لي صرحا لعلي. ابلغ الاسباب. والاسباب هي الطرق والوسائل الموصلة الى السماوات لعلي ابلغ الاسباب اي ابواب السماوات. قال اسباب السماوات اي ابواب السماوات طرق السماوات وهي المعنية عند علماء الفلك بطرق المجرات. فاطلع الى اله موسى اذا اخبر الكليم فرعون بان الله في العلو لذلك قال فاطلع الى اله موسى واني لاظنه كاذبا فاول مكذب للعلو هو فرعون وتبعه على ذلك الفلاسفة والجهمية ومن وافقهم وفي قوله جل وعلا منكم من في السماء السماء اسم وكلمة مشتركة تطلق على اربعة معان المعنى الاول السماء بمعنى مطلق العلو بمعنى مطلق العلو السماء بمعنى الجرم المشاهد بمعنى الجرم المشاهد الفلك المحيط الارض السماء بمعنى المطر السماء بمعنى السحاب فهذه اربعة معان لكلمة السماء وهي مشتركة كيف نحدد احد المعاني بي النظر الى التفاسير السلفية وهذه الطريقة سهلة وسوية الا انه سبحانه معنا فعلمه لا يغيب عن علمه شيء. هذه المعية لا يجوز ان تفهم ان الذات العلية في المخلوقات نية لا يجوز ان نفهم من معنى وهو معكم انه او بالنظر الى السياق والسباق واللحاق فيتبين المعنى فلما قال الصحابي على اثر سماء كانت من الليل علمنا ان المقصود بسماء يعني مطر ولما قال جل وعلا والسحاب المسخر بين السماء والارض. علمنا ان السماء هنا الجرم المشاهد المحيط بالارض ولما قالوا انزلنا من السماء ماء علمنا ان المطر ينزل من السحاب فالمراد بكلمة من السماء اي من السحاب ولما قال امنتم من في السماء فهنا علمنا ان المقصود اي من في العلو وهنا اجد نفسي مضطرا الى ان اذكر امرا مهما وهو ان بعض المتكلمين وعلى رأسهم الغى الاب ابو حامد وعلى رأسهم ابي حامد الغزالي والرازي وغيرهم يزعمون ان الجهات الست العلو والسفن واليمن والشمال والامام والخلف نسبية يمكن ان تختلف باختلاف الاوضاع فمثلا الان فوقي سقف المكتبة فان انا صعدت فوق المكتبة صار سطح الذي كان فوقي صار تحتي فهذا امر نسبي ويمكن الان اقول عن يميني الباب ثم التفت فيصبح الباب امامي وان التفت هكذا يصبح الباب خلفي فهذه جهات نسبية ظنوا ان قوله جل وعلا منكم من في السماء ان المقصود بذلك الجهات النسبية وليس الامر كذلك لان العلو والسفول من المقصود بهما السفول المطلق الذي لا يتغير بتغير الاوضاع والمقصود بالسماء هنا العلو المطلق الذي لا يتغير بتغير الاوضاع ولهذا لو ان انسانا اه وقف على يديه ثم رفع رجليه الى الى جهة السماء لا يستطيع ان يقول ان وضعي تغير فاصبح الارض تحت قدمي والسماء فوق رأسي اذا والارض فوق رأسي اذا الارض سماء والسماء ارض لا يقبل منه هذا القول احد من العقلاء فضلا عن المؤمنين الاتقياء. اذا امنتم من في السماء؟ يعني في العلو المطلق لماذا قلنا العلو المطلق؟ لان قلنا تقرر فيما مضى انه سبحانه تعالى فوق العرش والعرش اعلى المخلوقات وهو فوق اعلى المخلوقات اذا امنتم من في السماء اي في العلو المطر الذي لا يمكن ان يكون فوقه شيء امنتم من في السماء اي من في العلو. اي يخسف بكم الارض فاذا هي تمر وهذا دليل على عظيم قدرته مع علوه على خلقه وقولها منتم من في السماء اي في العلو المطلق ان يرسل عليكم حاصبا. دليل ايضا على عظيم قدرته. وانه متى ما شاء ذلك يكون هذا التفسير هو التفسير الاولى الذي ينبغي ان يسار اليه ويمكن ان يقال في الاية امنتم من في السماء ان ان السماء المقصود بها الجرم المشاهد وكلمتي فيه بمعنى على وهذا سائغ في لغة العرب فان العرب تو آآ تتعاوض بين الاحرف فتضع كلمتي في مكان على وكلمة على ما كان فيه ولكن لابد ان يكون ذلك لمناسبة فلما قال اامنتم من في السماء اذا فسرنا السماء بمعنى الجرم المشاهدة المحيط بالارض فالمعنى امنتم من على السماء لان الله عز وجل فوق الاجرام المشاهدة وحينئذ في بمعنى على كما في قوله تعالى عن فرعون انه قال لاصلبنكم في جذوع النخل فيه بمعنى على وانما اتى في الكلام البليغ كلمة في او حرف في بدلا عن حرف على للدلالة او للتنويه على انه اراد صلبا شديدا حتى تصبح اجسامهم في الجذوع كأنها فيهم كانها فيهم اذا لا بد ان ننتبه ان قوله جل وعلا منكم من في السماء اما ان نفسره بالتفسير المطلق واما ان نفسر السماء بالجرم المشاهد وتكون كلمة في بمعنى على اما اية سورة الحديد ففيها الاثبات بين علوه جل وعلا على العرش وبين علمه سبحانه وتعالى اذا تقرر انه في العلو وانه فوق العرش هنا يأتي السؤال وعلمه علمه جل وعلا لا يغيب عن علمه شيء لا من الموجودات ولا من المعدومات ولا مما لم يوجد لو يوجد كيف يوجد فهو سبحانه يعلم ما هو كائن كما يعلم ما كان وهو يعلم ما سيكون ويعلم ما لم يكن لو كان كيف سيكون ولهذا قال يعلم ما يلج في الارض وما يخرج منها وما ينزل من السماء وما يعرج فيها. هنا السماء المقصود هنا وما ينزل من السماء اما مطلق العلو واما ما ينزل من يعني الجرب اذا قلنا مطلق العلو فالمقصود امره وخبره وشرعه ووحيه سواء للانبياء والرسل او للملائكة واذا قلنا ما ينزل من السماء اي العلو طمعناه الجرم المشاة من نزول الملائكة ومن نزول الامطار وما يعرج فيها يصعد من الابخرة والادخنة واعمال بني ادم مما هو مشاهد ومبصر ومما هو ليس بمشاهد ولا مبصر وهو معكم اينما كنتم فهو ما علوه سبحانه وتعالى آآ جل في علاه ذو ان ذا الجلال والاكرام في هذه الفانيات في هذه الموجودات التي تفنى. اذا ما معنى وهو معكم؟ هو ما قاله السلف. وهو معكم بتفسير ما سبق اي بعلم يعلم ما ينجو في الارض وبتفسير ما يأتي والله بما تعملون بصير. اذا الاية مبدوءة بالعلم مختومة بالعلم فالمقصود بالمعية معية العلم العرب تقول سرت والقمر معي فمعية كل شيء بحسبه. فلما قال سرت والقمر معي ليس معناه ان لو صار القمر ملاصقا له واذا قال الانسان صرت وزيد معي فليس معنى انهما صارا ذاتا واحدة واذا قال شربت الشاي مع السكر فهنا معيته ممازجة. فمعية كل شيء بحسبه. كما انك اني اقول اه مشيت والكتبة معي. طيب ما هي معية الكتبة معي؟ معية وجود. لا نعلم كيفيتها اذا معية كل شيء بحسبه. ثم اورد اية المجاة المجادلة او المجادلة في قوله تعالى لم تر ان الله يعلم ما في السماوات وما في الارض. وتأمل اهمية التفسير بناء على سبق الاية ولحاق الاية. وسوق الاية. فان الاية بدأت بالعلم. الم ان الله يعلم وختمت بالعلم ان الله بكل شيء عليم. فما بينهما قضية علمية على ضوء السابق واللاحق. وهذا هو التفسير السلف وليس هذا تأويلا كما ظنه الخلف هذا ليس تأويل لاني لما اقول جاء زيد فالان فهم انسان فهم السامع مجيء زيد. فان قلت جاء زيد راكبا فليه فهم معنى زائدا وهو كيفية مجيء؟ لا ليس معنى هذا اني اولت الكلام الاول بل وظحته اكثر فان قلت جاء زيدا راكبا ومعه فلان ليس معناه اني اولت بل معناه اني زدت الكلام معنى فإذا كونه قال وهو معكم اينما ولا اكثر الا هو معهم اينما كانوا. اذا هذه المعية هي معية علم هذا تأويلا بل هذا هو ظاهر اللفظ ومن زعم ان هذا تأويل فانه لم يفهم معنى التأويل ثم اورد قوله جل وعلا لا تحزن ان الله معنا وهنا لابد ان ننتبه ان معية الله جل وعلا مع المخلوقات على نوعين الاول المعية الاولى معية علم وتسمى بالمعية العامة المعية العامة وهي الاولى وهي الاول من النوعين المعية الاولى معية العلم هي معية علم ومعية سمع ومعية بصر ومعية قدرة ومعية احاطة هذه المعية العامة وهذه المعية هي مساوية من باب التقارب لا من باب الترادف مساوية لمعنى الربوبية فان الرب عالم بمربوبه سميع بمربوب. بصير به قادر عليه ثم اذا قلنا النوع الثاني من المعية المعية الخاصة وهي الثانية وفي الترتيب هو الثاني ايضا وذلك لان المعية الاولى اسبق وجوده. والمعية الثانية افضل رتبة فانها تعني المعاني السابقة الخمس التي ذكرناها لمعية الربوبية وتزيد عليها معية الصون والحفظ والكلاءة والرعاية ومعنى الولاية والنصرة ومعنى الولاية والنصر. اذا لا تحزن ان الله معنا فهي معية خاصة زائدة عن المعية العامة بمعنى ان الله ينصرنا وانه يتولى امرنا وليس معنى ان الله معنا اي بذاته العلية في الغار تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا وهو العزيز الغفار وقوله انني معكما اسمع وارى موسى وهارون. هي معية خاصة فهو يسمع ويرى وهو مع فرعون وقومه بمعية الربوبية ومع موسى وهارون بمعية خاصة التي سببها الالوهية وسببها تعبد وقوله ان الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون وقوله واصبروا ان الله مع الصابرين وقوله والله مع الصابرين هذه الايات الثلاث فيها دلالة على المعية الثانية وهي الخاصة وفيها اشارة الى سبب نيل هذه المعية الخاصة كيف ينال العبد المعية الخاصة انما ينال العبد المعية الخاصة باوصاف العبودية الخاصة وهو انه يتعبد لله عز وجل بالصبر. يتعبد لله تبارك وتعالى بالاحسان. الاحسان في العمل تعبد والصبر في باب القدر فهو في باب الالوهية في باب التعبد ملتزم الامر وفي باب القضاء والقدر صابر وهو اقل درجات او راض او شاكر وفي قوله والله مع الصابرين تأكيد على ان نيل المعية الخاصة سببه اما عبودية خاصة في جانب التأله والتعبد واما عبودية خاصة في جانب التعامل مع القدر ونكتفي بهذا المعنى بهذا القدر مما ذكرنا والله تعالى اعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين اذا كان عندكم اسئلة عندنا خمس دقائق حتى الاذان