بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين. والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين. اللهم اغفر لنا ولشيخنا ولوالديه ولمشايخه ولجميع المسلمين. امين. نقل الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى في كتابه في بلوغ المرام في كتاب الصيام. وعن جابر ابن عبد الله رضي الله عنهما. ان رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج عام الفتح الى مكة في رمضان فصام حتى بلغ كراع كراع الغميم فصام الناس ثم دعا بقدح من ماء فرفعه حتى نظر الناس اليه ثم شرب قيل له بعد ذلك ان بعض الناس قد صام. قال اولئك العصاة اولئك العصاة. وفي لفظ فقيل له ان الناس قد شق عليهم الصيام وانما ينظرون فيما فعلت فدعا بقدح من ماء بعد العصر فشرب. رواه مسلم. وعن وعن حمزة بن عمرو الاسلمي رضي الله عنه انه قال يا رسول الله اجد بي قوة على الصيام في السفر فهل علي جناح؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم هي رخصة من الله فمن اخذ بها فحسن ومن احب ان يصوم فلا جناح عليه. رواه مسلم. واصله في المتفق من حديث عائشة رضي الله عنها ان حمزة سأل بسم الله الرحمن الرحيم قال رحمه الله تعالى وعن جابر ابن عبد الله رضي الله عنهما قال خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم عام الفتح في رمضان. وكان ذلك في السنة الثامنة من الهجرة. قال رضي الله عنه فلما بلغ النبي صلى الله عليه وسلم كراع الغميم وهو واد بين مكة والمدينة يعرف في اليوم بوادي عسفان يبعد عن مكة نحو من ستين كيلو. فقيل للنبي صلى الله عليه وسلم ان الناس قد شق عليهم الصيام يعني مع شدة الحر وانهم ينظرون فيما تفعل. فدعا النبي صلى الله عليه وسلم بقدح من ماء يعني باناء من ماء بعد العصر فشرب والناس ينظرون. فلما قيل له بعد ذلك ان بعض الناس قد صام يعني مع المشقة قال اولئك العصاة اولئك العصاة ففي هذا الحديث دليل على فوائد منها اولا جواز الخروج للقتال في رمضان. لان النبي صلى الله عليه وسلم خرج لفتح مكة في رمضان. ومنها ايضا جواز الصوم للمسافر. وان المسافر يجوز له ان يصوم لان الرسول عليه الصلاة والسلام في اول الامر صام. ومنها ايضا جواز الفطر للمسافر. سواء شرع في الصوم في الحضر ام شرع في الصوم في السفر فها هنا صورتان الصورة الاولى شرع في الصوم في خبر ثم سافر فله ان يفطر. والصورة الثانية شرع في الصوم في السفر فله ان يفطر ومن فوائده ايضا ان الافضل في حق المسافر اذا كان عليه مشقة ان يفطر لان النبي صلى الله عليه وسلم افطر اصحابه بالفطر والمسافر بالنسبة للصوم لا يخلو من ثلاث حالات. الحال الاولى ان يشق عليه الصوم مشقة عظيمة لا تحتمل. فالصوم في حقه محرم والفطر واجب لقول النبي عليه الصلاة والسلام في الصحابة الذين صاموا مع المشقة اولئك العصاة اولئك العصاة. ولان النبي صلى الله وسلم كان في سفر فرأى زحاما ورجلا قد ظلل عليه. فقال ما هذا؟ قالوا صائم. فقال عليه الصلاة والسلام ليس من البر الصيام في السفر. يعني في مثل هذه الحال التي يشق فيها الصيام. الحال الثانية من احوال الصوم بالنسبة للمسافر ان يشق عليه مشقة يسيرة محتملة. فيكره في حقه الصوم والفطر في حقه افضل لان في صومه عدولا عن رخصة الله تعالى. والله تعالى يحب ان تؤتى رخصه. والحال الثالث ليس من احوال الصيام بالنسبة للمسافر الا يكون عليه مشقة. ففي هذه الحال يخير بين الصوم وبين الفطر فان استوي فالصوم افضل. فاذا لم يكن على المسافر مشقة في الصوم فان الصوم في حقه افضل لوجوه اربعة. اولا ان ذلك هو فعل النبي صلى الله عليه وسلم. كما في حديث ابي الدرداء رضي الله عنه قال خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في يوم شديد الحر حتى ان كان احدنا ليضع يده على رأسه من شدة الحر وما فينا صائم الا رسول الله صلى الله عليه وسلم وعبد الله بن رواحة. ومعلوم ان النبي عليه الصلاة والسلام لا الا ما هو اكمل وافضل. والوجه الثاني ان صيامه في هذه الحال اسرع في ابراء الذمة. واسبق للخير وثالثا انه انشط على المكلف غالبا بانه اذا صام مع الناس فان ذلك انشط له. ورابعا ان انه يدرك الزمن الفاضل بان الصيام في رمضان ليس كالصيام في غيره. ومن فوائد هذا الحديث ايضا انه ينبغي للامام والمتبوع ان يراعي احوال من معه. فيعدل من الافضل الى المفضول مراعاة اللحى عليهم كما في هذا الحديث ان النبي عليه الصلاة والسلام راعى حال اصحابه فافطر عليه الصلاة والسلام مراعاة لهم ونظير ذلك تأخيره عليه الصلاة والسلام العشاء فانه اخرها ذات يوم فلما رأى ان اصحابه قد شق عليهم قال انه لوقتها لولا ان اشق على امتي. ومنها ايضا جواز الاخبار عن المشقة في العبادة هذا اذا لم يكن ذلك على سبيل التشكي وانما كان على سبيل الخبر. واما الحديث الثاني حديث حمزة ابن رضي الله عنه انه قال للنبي صلى الله عليه وسلم يا رسول الله اني اجد قوة على الصيام يعني على صيام رمضان في السفر فهل علي جناح؟ يعني هل علي اثم فيما لو صمت؟ قال النبي صلى الله عليه وسلم هي رخصة والرخصة هي التسهيل لسبب اما بترك واجب او بفعل محرم. هذه هي الرخصة ان يسهل الشارع حكما شرعيا لسبب اما لاجل ان يترك واجبا من الواجبات او ان يفعل محرما من المحرمات وقد عرفها الاصوليون بانها اعني الرخصة ما ثبت على خلاف دليل شرعي لمعارض لكن ما ذكرته اسهل واولى ان الرخصة هي التسهيل لسبب اما بترك واجب واما بفعل محرم فقال هي رخصة من اخذ بها فحسن اي فحسن اخذه بها. ومن احب ان يصوم فلا جناح عليه. ففي هذا الحديث دليل على مسائل منها اولا حرص الصحابة رضي الله عنهم على العلم وعلى التفقه في الدين والصحابة رضي الله عنهم حينما يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يسألونه لمجرد العلم والمعرفة فقط وانما يسألونه للعلم والعمل. ومنها ايضا ثبوت الرخص في الشريعة الاسلامية. لكن رخصاء في الشريعة الاسلامية لا تثبت الا لسبب والا لكان الشرع متناقضا. ثمان الرخص بالشريعة الاسلامية على اقسام ثلاثة رخصة واجبة يجب الاخذ بها كاكل الميتة في حال الاضطرار فانه يجب على الانسان اذا خاف على نفسه الهلكة ان يأكل الميتة. والقسم الثاني رخصة مستحبة كالقصر والفطر للمسافر. فانه مستحب. والقسم الثالث رخصة مباحة. يعني يباح له ان يفعلها كلبس الحرير لمن لمن به حكة لتداو ونحوه. ومن فوائد هذا الحديث ايضا جواز الصيام للمسافر وان المسافر اذا لم يكن عليه مشقة في الصوم فان الصوم في حقه افضل لما تقدم من الوجوه فعل النبي صلى الله عليه وسلم. وفق الله الجميع لما يحب ويرضى وصلى الله على نبينا محمد