الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك وانعم على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين وبعد فهذا هو المجلس الحادي عشر مجالس قراءتنا لتفسير القرآن العظيم ضمن مشروع قراءة المطولات ونحن في مساء الاحد الثامن والعشرون من شهر ربيع الثاني عام خمسة واربعين واربع مئة والف من هجرة المصطفى صلى الله عليه وسلم كنا قد وقفنا على الاية التاسعة عشر من سورة البقرة من قوله تعالى وكصيد من السماء فيه ظلمات ومراد وبرق ونبدأ على بركة الله ونسأله جل وعلا ان يرزقنا واياكم العلم النافع والعمل الصالح نعم الحمد لله وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى اله وصحبه ومن والاه اما بعد. اللهم احفظ لنا شيخنا واغفر له ولوالديه ولنا لوالدينا والمسلمين اجمعين. امين. قال الله تعالى او كصيد من السماء فيه ظلمات ورعد وبرق. يجعلون اصابعهم في اذانهم من الصواعق حذر الموت والله محيط بالكافرين. يكاد البرق يخطف ابصارهم كلما اضاء لهم مشؤوا فيه. واذا اظلم عليهم قاموا ولو شاء الله لذهب بسمعهم وابصارهم ان الله على كل شيء قدير قال الحافظ ابن كثير رحمه الله وهذا مثل اخر ظربه الله تعالى بظرب اخر من المنافقين وهم قوم يظهر لهم الحق تارة ويشكون تارة اخرى فقلوبهم في حال شكهم وكفرهم وترددهم كصيد والصيب المطر قاله ابن مسعود وابن عباس وناس من الصحابة وابو العاري ومجاهد وسعيد ابن جبير وعطاءها الحسن البصري وقتادة وعطية العوفي وعطاء الخرساني والسدي والربيع بن انس وقال الضحاك هو السحاب والاشهر هو المطر نزل من السماء في حال ظلمات وهي الشكوك والكفر والنفاق ورعد وهو ما يزعج القلوب من الخوف فان من شأن المنافقين الخوف الشديد والفزع كما قال تعالى يحسبون كل صيحة عليهم هم العدو. وقال ويحلفون بالله انهم لمنكم وما هم منكم. ولكنهم قوم يفرقون لو يجدون ملجأ او مغارات او اليه وهم يجمحون. والبرق هو ما يلمع في قلوب هؤلاء الضرب من المنافقين في بعض الاحيان من نور الايمان. ولهذا قال يجعلون اصابعهم في اذانهم من السرائق حذر الموت والله محيط بالكافرين. اي ولا يجدي عنهم حذرهم شيئا لان الله محيط بقدرته وهم تحت مشيئته وارادته كما قال هل اتاك حديث الجنود دعونا وثمود بل الذين كفروا في تكذيب والله من ورائهم محيط. ثم قال يكاد البرق يخطف ابصارهم. اي لشدته وقوته في نفسه وضعف بصائرهم وعدم ثباتها للايمان. وقال علي ابن ابي طلحة عن ابن عباس رضي الله عنهما النسخة اللي عندك غير نسخ الليل الطبعة الاولى ايه يعني بعد والله من ورائهم محيط شنو فيه ثم قال يكاد البرق يخطف ابصاره آآ هنا فيه آآ اربعة تسطر قال الصواعق جمع صاعق وهي نار تنزل من السماء في وقت الرعد الشديد وحكى الخليل ابن احمد عن بعضهم صاعقة بالسين وحكى بعظهم صاعقة وصعقة وساقعة ونقل عن الحسن البصري انه قرأ من الصواقع حذر الموت بتقديم القاف وانشدوا لابي اللحم يحكون بالمصقولة القواطع تشقق البرق عن الصواقع ثم قال يكاد البرق. نعم ما شاء الله عليكم ثم قال يكاد البرق يخطف ابصارهم اي لشدته وقوته في نفسه وضعف بصائرهم وعدم ثباتها وقال علي ابن ابي طلحة عن ابن عباس يكاد البرق يخطف ابصارهم يقول يكاد محكم القرآن يدل على عورات المنافقين وقال ابن اسحاق حدثني محمد ابن ابي محمد عن عكرمة او سعيد ابن جبير عن ابن عباس كاد البرق يخطف ابصارهم اي لشدة ضوء الحق. كلما اضاء لهم مشوا فيه واذا اظلم عليهم قاموا. اي كلما ظهر لهم من الايمان شيء استأنسوا به واتبعوه وتارة تعرض لهم الشكوك الشكوك اظلمت قلوبهم فوقفوا حائرين. وقال ابن ابي طلحة عن ابن عباس كلما اضاء لهم مشوا فيه. يقول كلما اصاب المنافقين من عز الاسلام اطمأنوا اليه. واذا اصاب الاسلام نكبة قاموا ليرجعوا الى الكفر كقوله تعالى ومن الناس من يعبد الله على حرف فان اصابه خير اطمأن به وان اصابته فتنة انقلب على وجهه خسر الدنيا والاخرة وقال محمد بن اسحاق عن محمد بن ابي محمد عن عكرمة او سعيد بن جبير عن ابن عباس كلما اضاء لهم مشوا فيه واذا اظلم عليهم اي يعرفون الحق ويتكلمون به فهم من قولهم به على استقامة فاذا ارتكسوا منه الى الكفر قاموا اي متحيرين وهكذا قال ابو العارية والحسن البصري وقتادة والربيع بن انس والسدي بسنده عن وهو اصح واظهر والله اعلم وهكذا يكونون يوم القيامة عندما يعطى الناس النور بحسب ايمانهم فمنهم من يعطى من النور ما يضيء له مسيرة فراسخ واكثر من ذلك واقل من ذلك ومنهم من يطفأ نوره تارة ويضيء له اخرى. ومنهم من يمشي على الصراط تارة ويقف اخرى ومنهم من يطفأ نوره بالكلية. وهم الخلص من المنافقين الذين قالوا تعالى فيهم يوم يقول المنافقون والمنافقات للذين امنوا انظرونا نقتبس من نوركم. قيل ارجعوا ورائكم فالتمسوا نورا. وقال في حق المؤمنين. يعني كلام الحافظ ابن كثير هنا ان المنافقين انوارهم بحسب نوع نفاقهم وقدر نفاقهم وهذا امر حسن. ذلك لان المنافقين ليسوا على مرتبة واحدة من النفاق فهم على دركات نعم وقال في حق المؤمنين يوم ترى المؤمنين والمؤمنات نورهم بين ايديهم وبايمانهم. بشراكم اليوم جنات تجري من تحتها الانهار الاية وقال تعالى يوم لا يخزي الله النبي والذين امنوا معه نورهم يسعى بين ايديهم وبايمانهم يقولون ربنا اتمم لنا نورنا واغفر لنا انك على كل شيء قدير ذكر الحديث الوارد في ذلك. قال سعيد ابن ابي عروبة عن قتادة في قوله تعالى يوم ترى المؤمنين والمؤمنات الاية. ذكر ذكر لنا ان نبي الله صلى الله الله عليه وسلم كان يقول من المؤمنين من يضيء نوره من المدينة الى عدن ابين فصنعاء ودون ذلك. الى عدن ابينة ساعدني ابينه وعدني ابين لان هناك عدن اخر فاذا قلت عدني ابين لم ينصرف الا الى عدن المعروفة اليوم نعم حتى ان من المؤمنين من لا يضيء نوره الا موضع قدميه رواه ابن جرير ورواه ابن ابي حاتم من حديث عمران ابن داور القطان القتادة بنحوه. وهذا كما قال المنهال بن عمرو عن قيس ابن السكني عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه انه قال يؤتون نورهم على قدر اعمالهم فمنهم من يؤتى نوره كالنخلة ومنهم من يؤتى نوره كالرجل القائم وادناهم نورا على ابهامه يطفأ مرة يطفأ مرة ويتقد مرة وهكذا رواه ابن جرير عن ابن مثنى عن ابن ادريس عن ابيه عن المنهاج. قال ابن ابي حاتم حدثنا به قال حدثنا علي ابن محمد الطنافسي قال حدثني ابن ادريس قال سمعت ابي يذكر عن المنهال ابن عمرو عن قيس ابن سكن عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه نورهم يسعى بين ايديهم قال على قدر اعمالهم يمرون على الصراط اطمئنهم من نوره مثل الجبل ومنهم من نوره مثل النخلة. وادناهم نورا من نوره في ابهامه يتقد مرة ويطفأ اخرا. وقال ابن ابي حاتم القلب الاغلب فقلب الكافر واما القلب المنكوس فقلب المنافق عرف ثم انكر واما القلب المصفح فقلب في ايمان ونفاق. ومثل الايمان فيه كمثل البقرة يمدها الماء الطيب. ومثل النفاق فيه كمثل القرحة يمدها القيح يتم ايظا حدثنا محمد ابن اسماعيل الاحمشي قال حدثنا ابو يحيى الحمماني قال حدثنا عتبة ابن اليقطان عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال ليس احد من اهل التوحيد الا يعطى نورا يوم القيامة. فاما المنافق فيعطوا نوره واما فالمؤمن مشفق مما يرى اطفاء نور المنافقين فهم يقولون ربنا اتمم لنا نورنا. هذا النور اصله ومبدأه التوحيد وكلما قوي التوحيد ازداد هذا النور وآآ يزداد هذا النور وضاءة بسبب الوضوء وجلاء بسبب الصلاة بقاء بسبب الصدقات هذا قال والصدقة صدقة برهان والصلاة نور فهذه انوار بعضها فوق بعض لكن اذا لم يوجد اصل النور فلا يبنى عليه شيء فلا يبنى عليه شيء اما اذا وجد اصل النور فيبنى عليه بالاعمال الاخرى فالله الله في التوحيد. نعم وقال الضحاك ابن مزاحم يعطى كل كل من كان يظهر الايمان في الدنيا يوم القيامة نورا. فاذا انتهى الى الصراط نور المنافقين فلما رأى ذلك المؤمنون اشفقوا فقالوا ربنا اتمم لنا نورنا فاذا تقرر هذا صار الناس اقساما مؤمنون خلص وهم الموصوفون بالايات الاربع في اول البقرة وكفار خلصهم الموصوفون بالايتين بعدها ومنافقون وهم قسمان خلص وهم المضروب لهم المثل الناري ومنافقون يترددون تارة يظهر لهم مع يظهر لهم جمع من الايمان تارة يظهر لهم لمع من الايمان وتارة يخبو وهم اصحاب المثل المائي وهم اخف حالا من الذين قبلهم وهذا المقام يشبه من بعض الوجوه ما ذكر في سورة النور من ضرب مثل المؤمن وما جعل الله في قلبه من الهدى والنور بالمصباح في الزجاجة. التي كانها كوكب دري وهي قلب المؤمن المفطور على الايمان واستمداده من الشريعة الخالصة الصافية الواصلة اليه من غير كدر ولا تخييط. كما سيأتي في موضعه ان شاء الله ثم ضرب مثل العباد من الكفار الذين يعتقدون انهم على شيء وليسوا على شيء وهم اصحاب الجهل المركب في قوله تعالى والذين كفروا الهم كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماءه حتى اذا جاءه لم يجده شيئا. الاية ثم ضرب مثل الكفار الجهال الجهل بسيط وهم الذين قال الله تعالى فيهم او كظلمات في بحر لجي يغشاه موج من فوقه موج من فوقه سحاب ظلمات بعضها فوق البعض اذا اخرج يده لم يكد يراها ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور. فقسم الكفار ها هنا الى قسمين داعية ومقلد كما في اول سورة الحج ومن الناس من يجادل في الله بغير علم ويتبع كل شيطان مريد. وقال بعده ومن الناس من يجادل في الله بغير علم ولا هدى ولا كتاب ابي منير وقد قسم الله المؤمنين في اول الواقعة وفي اخرها وفي سورة الانسان الى قسمين سابقون وهم المقربون واصحاب يمين وهم الابرار فتلخص من مجموع هذه الايات الكريمات ان المؤمنين صنفان مقربون وابرار وان الكافرين صنفان دعاة ومقلدون وان المنافقين ايضا صنفان منافق خالص ومنافق فيه شعبة من نفاق. كما جاء في الصحيحين عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما عن النبي صلى الله الله عليه وسلم انه قال ثلاث من كن فيه كان منافقا خالصا ومن كانت فيه واحدة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها. من اذا حد كذب واذا وعد اخلف واذا اؤتمن خان واستدلوا به على ان الانسان قد تكون فيه شعبة من ايمان وشعبة من نفاق اما عملي في هذا الحديث او اعتقادي كما دلت عليه الاية. كما ذهب اليه طائفة من السلف وبعض العلماء كما تقدم وكما سيأتي ان شاء الله تعالى. حديث اه عبد الله بن عمرو ثلاث من كن فيه كان منافقا خالصا الخلاص هنا المقصود المنافق الخالص النفاق العملي فانه اذا جمع هذه الخصال فقد جمع خصال المنافقين العملية فلم يبقى عنده الا زلة قدم او كلمة فينتقل الى النفاق الاعتقادي وليس معناه ان من اجتمعت في هذه الخصال فهو منافق نفاقا اعتقاديا كما ظنه بعظ الشراح نعم قال رحمه الله قال الامام احمد حدثنا ابو النظر قال حدثنا ابو معاوية يعني شيبان عن ليث عن عمرو ابن مرأة عن ابي البختاري عن ابي سعيد رضي الله عنه انه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم القلوب اربعة قلب اجرد فيه مثل السراج يزهر يزهر يزهر احسنت وقلب اغلف مربوط على خلافه على غلافه وقلب منكوس وقلب مصفح. فاما القلب الاجرد فقلب المؤمن سراجه فيه نوره. واما فاي المادتين غلبت على الاخرى غلبت عليه وهذا اسناد جيد حسن وقوله تعالى ولو شاء فيه دلالة على ان من الناس من في قلبه عياذا بالله صفحة من نفاق وصفحة من ايمان لان الحديث عن القلب قلب المصفح فيه صفحات والعبرة بالمادة التي لها الغلبة وبما عليه يموت الانسان. نعم وقوله تعالى ولو شاء الله لذهب بسمعهم وابصارهم ان الله على كل شيء قدير. قال محمد بن اسحاق حدثني محمد بن ابي محمد يعني كلمة او سعيد ابن جبير عن ابن عباس في قوله تعالى ولو شاء الله لذهب بسمعهم وابصارهم قال لما تركوا من الحق بعد معرفة ان الله على كل شيء قدير. قال ابن اسحاق اي ان الله على كل ما اراد بعباده من نقمة او عفو قدير وقال ابن جرير انما وصف الله تعالى نفسه بالقدرة على كل شيء في هذا الموضع لانه حذر المنافقين بأسه وسطوته واخبرهم انه بهم محيط. وعلى اذهاب اسماعهم وابصارهم قدير. ومعنى قدير قادر. كما ان معنى عليم عالم وذهب ابن جرير الطبري ومن تبعه من كثير من المفسرين معنى قدير قادر لا شك ان هذا معناه لكن اه ان قال قائل فان كان معنى قدير هو القادر فلماذا جيء بصيغة فعيل دون اسم الفاعل قادر لان اسم الفاعل لا لا يفيد معنى غير اسم الفاعل اما القدير يفيد معنى اسم الفاعل والمبالغة وايش والمبالغة لانه فعيل من صيغ المبالغة فهذا هو الوجه في كون اسماء الله عز وجل ها ادير عليم كريم رحيم غفور فعول ها رحمن اه يعني فعلان فلا يعدل عن صيغ المبالغة الى غيرها الا لمعنى اخر والا فالاصل ان اسماء الله تبارك وتعالى لا تكون الا على صيغ المبالغة نعم قال رحمه الله وذهب ابن جرير الطبري ومن تبعه من كثير من المفسرين لان هذين المثلين مضروبان لصنف واحد من المنافقين وتكون او في قوله تعالى او كصيم من السماء بمعنى الواو. كقوله تعالى ولا تطع منهم اثما او كفورا او تكون للتأخير اي اضرب لهم مثلا بهذا وان شئت بهذا. الان اه استحضرت معنا اخر وهو ان اسماء الله التي تأتي على وزنه فعيل ينظر فيه ربما يصح على معنى اسم المفعول ايضا فانت تقول عليم بمعنى معلوم. فالله عز وجل معلوم علوم وجوده معلوم فعله معلوم خصائصه وايضا قدير بمعنى مقدور اي مقدور العلم به مقدور ادراك حقوقه ونحو ذلك ولكن الاول هو الاظهر نعم قال رحمه الله قال القرطبي او للتساوي مثل جالس الحسن او ابن سيرين على ما وجه على ما وجهه الزمخشري ان كل ان كلا منهما مساو للاخر في اباحة الجلوس اليه. ويكون معناه على قوله سواء ضربت لهم بهذا او بهذا فهو مطابق لحالهم. الذي يظهر والله اعلم انه ليس للتساؤل وانما او للتنويع وهو الذي ذكره ابن كثير اولا لان او للتساوي لا يفيد معنى جديدا الا معنى المثل الاخر لكن لما تقول او للتنويع افاد مثلا اخر وافاد جنسا اخر وصنفا اخر ينطبق عليهم المثل والمنافقون اصناف فكان لا بد من تنوع امثالهم نعم قلت هذا يكون باعتبار جنس المنافقين فانهم اصناف ولهم احوال وصفات كما ذكرها الله كما ذكرها الله تعالى في سورة براءة ومنهم ومنهم ومنهم يذكر احوالهم من صفاتهم وما يعتمدونه من الافعال والاقوال فجعل هذين المثلين صنفين منهم اشد مطابقة لاحوالهم من صفاتهم والله اعلم. كما ضرب المثلين في سورة النور لصنفي الكفار الدعاة والمقلدين في قوله تعالى والذين كفروا اعمالهم ك بقيعة الى ان قال او او كظلمات في بحر لجي الاية فالاول للدعاة الذين هم في جهل مركب. والثاني لذوي الجهل البسيط من الاتباع المقلدين. والله اعلم بالصواب يا ايها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون. الذي جعل لكم الارض فراشا والسماء وانزل من السماء ماء فاخرج به من الثمرات رزقا لكم فلا تجعلوا لله اندادا وانتم تعلمون شرع تبارك وتعالى في بيان وحدانية الوهيته بانه تعالى هو المنعم على عبيده باخراجهم من العدم الى الوجود. واسباغ عليهم النعم الظاهرة روى الباطل بان جعل لهم الارض فراشا اي مهدا كالفراش مقررة موطأة مثبتة بالرواسي الشامخات والسماء بناء وهو السقف كما قال في الاية الاخرى وجعلنا السماء سقفا محفوظا وهم عن ايات معرضون وانزل لهم من السماء ماء والمراد به السحاب ها هنا في وقته عند احتياجهم اليه. فاخرج لهم به من انواع الزروع والثمار اهو مشاهد؟ رزقا لهم ولانعامهم كما قرر هذا في غير موضع من القرآن ومن اشبه اية بهذه الاية قوله تعالى الذي جعل لكم الارض قرارا والسماء بناء وصوركم فاحسن صوركم رزقكم من الطيبات ذلكم الله ربكم فتبارك الله رب العالمين. ومضمونه انه الخالق الرازق مالك الدار وساكنيها رازقهم فبهذا يستحق ان يعبد وحده ولا يشرك به غيره. ولهذا قال فلا تجعلوا لله اندادا وانتم تعلمون. وفي الصحيحين عن ابن مسعود رضي الله عنه انه قال قلت يا رسول الله اي الذنب اعظم عند الله؟ قال ان تجعل لله ندا وهو خلقك. الحديث وكذا حديث معاذ اتدري ما حق الله على عباده؟ ان يعبدوه ولا يشركوا به شيئا الحديث. وفي الحديث الاخر لا يقولن احدكم ما شاء الله شاء فلان ولكن ليقل ما شاء الله ثم شاء فلان وقال حماد بن سلمة حدثنا عبد الملك بن عمير عن ربعين بن حراش عن الطفيل بن سأخبرة اخي عائشة ام المؤمنين لامها قال رأيت فيما يرى النائم كأني اتيت على نفر من اليهود فقلت من انتم؟ قالوا نحن اليهود. قلت انكم لانتم القوم لولا انكم تقولون عزير ابن الله. قالوا وانكم لانتم قوم لولا انكم تقولون ما شاء الله وشاء محمد. قال ثم مررت بنفر من النصارى فقلت من انتم؟ قالوا نحن النصارى. قلت انكم لانتم القوم لولا انكم تقولون المسيح ابن الله. قالوا وانكم لانتم القوم لولا انكم تقولون ما شاء الله وشاء محمد فلما اصبحت اخبرت بها من اخبرته ثم اتيت النبي صلى الله عليه وسلم فاخبرته فقال هل اخبرت بها احدا؟ قلت نعم فقام فحمد الله واثنى عليه ثم قال اما بعد فان طوفان رأى ارؤيا اخبر بها من اخبر منكم وانكم قلتم كلمة كان يمنعني كذا وكذا ان انهاكم عنها فلا تقولوا ما شاء الله وشاء محمد ولكن قولوا ما شاء الله وحده هكذا رواه ابن مردوء في تفسير هذه الاية من حديث حماد ابن سلمة به واخرجه ابن ماجة ومن وجه اخر عن عبد الملك ابن عمير به وبنحوت وقال سفيان بن سعيد الثوري عن الاجلح بن عبدالله الكندي عن يزيد بن الاصم عن ابن عباس رضي الله عنه انه قال قال رجل للنبي صلى الله الله عليه وسلم ما شاء الله وشئت فقال اجعلتني لله ندا؟ قل ما شاء الله وحده رواه ابن مردود واخرجه النسائي وابن ماجة من حديث عيسى ابن كان الاجنح به. وهذا كله صيانة وحماية لجناب التوحيد والله اعلم وقال محمد ابن اسحاق النبي عليه الصلاة والسلام ومن اقواله صلوات ربي وسلامه عليه انه حمى حمى التوحيد بمعنى ان الاشياء التي لا تكون في نفسها شركا الا لفظيا او شركا الا ظاهريا انه ليس بحقيقة شرك المشركين ومع ذلك نهى عنه صلوات ربي وسلامه عليه نعم قال رحمه الله وقال محمد بن اسحاق حدثني محمد بن ابي محمد عن اسحاق اذا قال محمد بن ابي محمد اعطيناكم القاعدة المقصود به مولى زيد ابن ثابت الانصاري المدني نعم عن عكرمة او سعيد بن جبير عن ابن عباس قال قال الله تعالى يا ايها الناس اعبدوا ربكم للفريقين جميعا من الكفار والمنافقين اي وحدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم وبه عن ابن عباس فلا تجعلوا ولله انداد وانتم تعلمون اي لا تشركوا بالله غيره من الانداد التي لا تنفع ولا تضر. وانتم تعلمون انه لا رب لكم يرزقكم غيره غيره. وقد علمتم ان الذي يدعوكم اليه الرسول صلى الله عليه وسلم من توحيده هو الحق الذي لا شك فيه. وهكذا قال قتادة. وقال ابن ابي حاتم حدثنا احمد ابن ابن ابي عاصم قد حدثنا ابي عمرو قال حدثنا ابي عمرو قال حدثنا ابي الضحاك ابن مخلد ابو عاصم قال حدثنا شبيب بن بشر قد حدثنا عكرمة عن ابن عباس في قول الله عز وجل فلا تجعلوا لله اندادا. قال الانداد هو الشرك اخفى من دبيب النمل على صفات سوداء في في ظلمة الليل وهو ان يقول والله وحياتك يا فلان وحياتي ويقول لولا كلبة هذا لاتنا اللصوص ولولا البط في الدار لاتى اللصوص وقول رجل صاحبه ما شاء الله وشئت او قول الرجل لولا الله وفلان لا تجعل فيه فلان هذا كله به شرك في الحديث ان رجلا قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم ما شاء الله وشئت قال اجعلتني لله ندا وفي الحديث الاخر نعم القوم وانتم لولا انكم تنددون تقولون ما شاء الله وشاء فلان. قال ابو العالية فلا تجعلوا لله اندادا غدا اي عدلاء عدلاء شركاء وهكذا قال الربيع بن انس وقتادة السدي وابو مالك واسماعيل ابن ابي خالد وقال مجاهد فلا تجعلوا لله اندادا وانتم تعلمون قال تعلمون انه اله واحد في التوراة والانجيل ذكر حديث في معنى هذه الاية الكريمة. قال الامام احمد حدثنا عفان قال حدثنا ابو خلف موسى ابن خلف وكان يعد من البدلاء. قال حدثنا يحيى ابن وابي كثير عن زيد ابن سلام عن جده منطور عن الحارث الاشعري ان نبي الله صلى الله عليه وسلم قال ان الله عز وجل امر يحيى ابن زكريا عليه السلام خمس كلمات ان يعمل بهن وان يأمر بني اسرائيل ان يعملوا بهن فكان يبطئ بها. فقالوا له عيسى عليه السلام انك قد امرت بخمس ان تعمل بهن وتأمر بني اسرائيل ان يعمل بهن. فاما ان ان تبلغهن واما ان ابلغهن. فقال يا اخي اني اخشى ان سبقتني ان اعذب او يخسف بي. قال فجمع يحيى بن زكريا بني اسرائيل في بيت المقدس حتى امتلأ المسجد. فقعد على فحمد الله واثنى عليه ثم قال ان الله امرني بخمس كلمات ان اعمل بهن وامركم ان تعملوا بهن. اولهن ان تعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا ان مثل ذلك مثل رجل اشترى عبدا من خالص ماله بورق او ذهب فجعل يعمل ويؤدي غلته الى غير سيده فايكم يسره ان يكون عبده كذلك وان الله خلقكم ورزقكم فاعبدوه ولا تشركوا به شيئا. وامركم بالصلاة فان الله ينصب وجهه لوجه ما لم يلتفت فاذا صليتم فلا تلتفتوا وامركم بالصيام فان مثل ذلك كمثل رجل معه صرة من مسك في اصابة كلهم يجد ريح المسك. وان خلوف فم الصائم عند الله اطيب من ريح المسك وامركم بالصدقة فان مثل ذلك مثل رجل اسره العدو فشدوا يديه الى عنقه وقدموه ليضربوا عنقه فقال لهم هل لكم ان افتدي نفسي منكم فجعل يفتدي نفسه منهم بالقليل والكثير حتى فك نفسه. وامركم بذكر الله كثيرا وان ذلك كمثل رجل طلبه العدو سراعا في اثره فاتى حصنا حصينا فتحصن فيه. وان العبد احصن ما يكون من الشيطان اذا كان في ذكر الله قال وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وانا امركم بخمس الله امرني بهن الجماعة والسمع والطاعة والهجرة والجهاد في سبيل الله فانه من خرج من الجماعة قيد شبر فقد خلع ربقة الاسلام من عنقه الا ان يراجع ومن دعا بدعوة جاهلية فهو من جثى جهنم. قالوا يا رسول الله وان صام وان صلى فقال وان صام وان صلى وزعم انه مسلم فادعوا المسلمين باسمائهم على ما سماهم الله عز وجل المسلمين المؤمنين عباد الله. هذا حديث حسن والشاهد منه في هذه الاية وان الله خلقكم ورزقكم فاعبدوه ولا تشركوا به شيئا وهذه الاية دالة على توحيده تعالى بالعبادة وحده لا شريك له وقد استدل بها كثير من المفسرين كالرازي وغيره على وجود الصانع تعالى على ذلك بطريق الاولى فان من تأمل هذه الموجودات السفلية والعلوية واختلاف واختلاف اشكالها والوانها وطباعها في عياءها ووضعها في مواضع النفع بها محكمة على ما قدرة خالقها وحكمته وعلمه واتقانه عظيم سلطانه كما قال بعض الاعرابي وقد سئل ما الدليل على وجود الرب تعالى؟ فقال يا سبحان الله ان البعرة لتدل على البعير وان كسر الاقدام لتدل على المسير. فسماء ذات اوراد وارض وارض ذات فجاج وبحار ذات امواج. الا يدل وذلك على وجود اللطيف الخبير وحكى فخر الدين على كل حال لا شك ان الاية تدل بالطريق الاولى على فاثبات وجود الله عز وجل لكن لكن لابد ان ننتبه ان جميع الايات التي فيها اثبات الربوبية لم تسق لاثبات وجود الله. ولم تسق باثبات الربوبية لانها من الامور الفطرية العقلية التي اطبق عليها العقلاء ولا عبرة بزبلات المجتمعات من الملاحدة وغيرهم ممن كابروا العقل وخالفوا الحس اللي الايات بانها تدل على وجود الله هذا نوع صرف للناس عن المقصود الاعظم من الايات ان المقصود الاعظم من الايات توحيد العبادة انتم تقرون ان الله هو الخالق الرازق المالك فاعبدوه نعم قال رحمه الله وحكى فخر الدين الرازي عن الامام ما لك ان الرشيد سأله عن ذلك فاستدل له باختلاف اللغات والاصوات والنغمات وعن ابي حنيفة ان بعض الزنادقة سألوه عن وجود الباري تعالى فقال لهم دعوني فاني مفكر في امر قد اخبرت عنه ذكروا لي ان سفينة في البحر موقرة فيها انواع من المتاجر وليس بها احد يحرسها ولا يسوقها وهي مع ذلك تذهب وتجيء وتسير بنفسها وتخترق الامواج العظام حتى خلص منها وتسير حيث شاءت بنفسها من غير ان يسوقها احد فقالوا هذا شيء لا يقوله عاقل. فقال ويحكم هذه الموجودات بما فيها من العالم العلوي والسفلي. وما اجتمع عليه من الاشياء المحكمة ليس لها صانع فبهت القوم ورجعوا الى الحق واسلموا على يديه. وعن الشافعية انه سئل عن وجود الصانع فقال هذا ورق التوت طعمه واحد يأكله الدود فيخرج منه البرسيم وتأكله النحل يخرج منه الابري السم او اللي هو الحرير خيط الحرير يقال له الابريسم اما البرسيم هذا تأكله الدواب نعم قال رحمه الله يأكله الدود فيخرج منه ابليس وتأكله النحل فيخرج منه العسل وتأكله الشاة والبعير والانعام فتلقيه بعرا وروثا. وتأكله الضباب فيخرج منها المسك هو شيء واحد. الله اكبر وعن الامام احمد بن احمد بن حنبل رحمه الله انه سئل عن ذلك فقال ها هنا حصن حصين املس ليس له باب ولا منفذ ظاهره كالفضة البيضاء وباطنه كالذهب الابريز. فبين هو كذلك اذا انصدع جداره فخرج منه حيوان سميع بصير ذو شكل حسن وصوت مليح يعني بذلك البيض اذا خرج منها الدجاجة وسئل ابو نواس عن ذلك فانشد تأمل في نباته تأمل تأمل في نبات الارض وانظر الى اثار ما صنع المليك عيون من لجين شاخصات باحداق هي الذهب السبيك. على قضب الزبرجد شاهدات. لان الله ليس فله شريك هذا من احسن ما قاله ابو نواس مع انه كان شاعرا ماجنا نعم وقال ابن المعتز فيا عجبا كيف يعصى الاله؟ ام كيف يجحده الجاحد؟ وفي كل شيء له اية تدل على انه واحد وقال اخرون من تأمل هذه السماوات في ارتفاعها واتساعها وما فيها من الكواكب الكبار والصغار المنيرة من السيارة ومن الثوابت وشاهدها كيف تدور مع الفلك العظيم في كل يوم وليلة دويرة ولها في انفسها سير يخصها. ونظر الى البحار المكتنة للارض من كل جانب والجبال الموضوعة في الارض قر ويسكن ساكنوها مع اختلاف اشكالها والوانها كما قال تعالى ومن الجبال جدد بيض وحمر مختلف الوانها غرابيب سود ومن الناس والدواب والانعام مختلف الوانه كذلك. انما يخشى الله من عباده العلماء وكذلك هذه الانهار السارحة من قطر الى قطر للمنافع وماذا رأت الارض من الحيوانات المتنوعة والنباتات المختلفة الطعوم والارايح والاشكال كان مع اتحاد طبيعة التربة والماء تدل على وجود الصانع وقدرته العظيمة وحكمته ورحمته ولطفه بهم واحسانه اليهم وبره بهم. لا اله غيره ولا رب سواه عليه توكلت واليه منيب والايات في القرآن الدالة على هذا المقام كثيرة جدا. كل الايات الدالة على وحدانية الرب تبارك وتعالى هي تأخذ بلب الرجل لعبادته وحده سبحانه وتعالى ان كان له لبن نعم وان كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا فاتوا بسورة وفي قوله يا ايها الناس اعبدوا ربكم هو اول امر في القرآن وهو اول امر بالتوحيد لانه اعظم امر وفي قوله فلا تجعلوا لله اندادا هو اول نهي في القرآن لان اعظم نهي النهي عن الشرك المعنى المجتمع بين فاعبدوا ايها الناس اعبدوا فلا تجعلوا لله اندادا النتيجة لا اله الا الله وبقيت شهادة الرسالة فجاءت وان كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا اثبات شهادة الرسالة نعم قال تعالى وان كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا فاتوا بسورة من مثله وادعوا شهداءكم من دون الله ان كنتم صادقين ام تفعلوا ولم تفعلوا فاتقوا النار التي وقودها الناس والحجارة اعدت للكافرين ثم شرع تعالى في تقرير النبوة بعد ان قرر انه لا اله الا هو فقال مخاطبا الكافرين وان كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا. يعني محمد صلى الله عليه وسلم فاتوا بسورة من مثل ما جاء به ان زعمتم انه من عند غير الله فعارضوه بمثل ما جاء به واستعينوا على ذلك بمن من دون الله فانكم لا تستطيعون ذلك قال ابن عباس رضي الله عنهما شهداءكم اعوانكم اي قوما اخرين يساعدونكم على ذلك. وقال السدي عن ابي ما لك شركاء قم اي استعينوا بالهتكم في ذلك يمدونكم وينصرونكم. وقال مجاهد وادعوا شهداءكم. قال ناس يشهدون به. يعني حكم الفصحاء. وقد تحداهم الله تعالى بهذا في غير موضع من القرآن فقال في سورة القصص قل فاتوا بكتاب من عند الله هو منه ما اتبعه ان كنتم صادقين. وقال في سورة سبحان قل لئن اجتمعت الانس والجن على ان يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا. وقال في سورة هود ام يقولون افتراه. قل فاتوا بعشر سور مثله وادعوا من استطعتم من دون الله ان كنتم صادقين. وقال في سورة يونس وما كان هذا القرآن ان يفترى من دون الله. ولكن تصديقا الذي بين يديه وتفصيل الكتاب لا ريب فيه من رب العالمين ام يقولون افتراه؟ قل فاتوا بسورة مثلي وادعوا من استطعتم من دون الله ان كنتم صادقين. وكل هذه الايات مكية. في قوله وادعوا ادعوا شهداءكم من دون الله من تفسير مجاهد جميل جدا لما قال شهداءكم يعني حكم الفصحاء ذلك لانهم في الجاهلية كانوا يأتون بالفصحاء ويجعلونهم شهداء في مجامع الشعر وفي مجامع الخطابة وفي مجامع النثر ثم هؤلاء الشهداء الحكماء الفصحاء يحكمون كلام من؟ هو الفصيح فيقولون والله كلام فلان هو الفصيح فيأخذ جائزة الشعر وكلام فلان هو الفصيح فيأخذ جائزة الخطابة وكلام فلان هو الفصيح فيأخذ جائزة النثر وهكذا فالمقصود وادعوا شهداءكم اي حكامكم الفصحاء لينظروا الى بلاغة القرآن فلا يجدون اي مقارنة بين الثريا البلاغي الموجود في كلام الله العلي وبين الثرى الموجود في كلام المخلوق. نعم قال رحمه الله ثم تحداهم بذلك ايضا في المدينة فقال في هذه الاية ان كنتم في ريب اي في اي شك مما نزلنا على عبدنا يعني محمدا صلى الله عليه وسلم ان كنتم في ريب يعني من مثل القرآن قاله مجاهد وقتادة واختاره ابن جرير الطبري والزمخشري وفخر الدين الرازي ونقله عن عمر ابن مسعود ابن عباس الحسن البصري واكثر المحققين. ورجح ذلك بوجوه من احسنها انه تحداهم كلهم اه متفرقين ومجتمعين سواء في ذلك اميهم وكتابيهم وذلك اكمل في التحدي واشمل من ان يتحدى آآ احاد الاميين ممن لا يكتب ولا يعاني شيئا من العلوم وبدليل قوله تعالى فاتوا بعشر سور مثله. وقوله لا يأتون بمثله. وقال بعضهم من مثل محمد من مثلي فأتوا بسورة من مثله اي من مثل محمد نعم وقال بعضهم من مثل محمد صلى الله عليه وسلم يعني من رجل امي مثله. يعني ابحثوا في الاعراب كلهم بالجزيرة كلها ثم ليتكلم احدهم ونقارن كلامه بكلام المنزل على محمد صلى الله عليه وسلم فنجد البون الشاسع نعم والصحيح الاول لان التحدي عام لهم كلهم مع انهم افصح الامم وقد تحداهم بهذا في مكة والمدينة مرات عديدة مع شدة عداوتهم له وبغضهم لدينه وتعصبهم لدينهم. ومع هذا عجزوا عن ذلك. ولهذا قال تعالى فان لم تفعلوا ولن تفعلوا ولن لنفي التأبيد في المستقبل اي ولن تفعلوا ذلك ابدا لا تفيد نفي التأبيد المستقبلي ابدا الا بقرينة اما لن بنفسه فهو حرف يفيد النفي لا يفيد التأبيد ولذلك قال عز وجل ولن يتمنوه ابدا لان لن لا يفيد التعبيد بنفسه فاتى بكلمة ابدا وهنا لن مفيد للتعبيد لكن ليس بنفسه وانما بقرينته فان لم تفعلوا الان ولن تفعلوا اي في مستقبل الازمان الدائمة التي تأتي نعم وهذه ايضا معجزة اخرى وهو انه اخبر خبرا جازما قاطعا مقدما مقدما غير خائف ولا مشفق ان هذا القرآن لا يعارض بمثله ابد الابدين ودهر الداهرين وكذلك وقال الامر ولم يعارض من لدنه الى زماننا زماننا هذا ولا يمكن وانى يتأتى ذلك لاحد والقرآن كلام الله خالق كل شيء وكيف يشبه كلام الخالق تلامى المخلوقين وكيف يشبه كلام الخالق كلام المخلوقين على كل حال تضعيفه لقول من قال فاتوا بسورة من مثله اي من مثل محمد صلى الله عليه وسلم الذي يظهر ان هذا التضعيف لا وجه له لان التحدي قائم على امرين الاول في هذه الاية فاتوا بسورة آآ بهذه الاية فاتوا بسورة من مثله اي من مثل محمد صلى الله عليه وسلم امي لم يتعلم ولم يكتب ولم يقرأ فهنا المثلية مقصودة وهذا ابلغ بالتحدي رجل امي يتكلم بمثل هذا الكلام واما في الايات في ايات التحدي الاخرى يأتوا بمثل هذا القرآن فهذا عام يشمل من مثله ومن غير مثله ولا يأتون ابدا نعم قال رحمه الله ومن تدبر القرآن من تدبر القرآن وجد فيه من وجوه الاعجاز فنونا ظاهرة وخفية من حيث اللفظ ومن جهة المعنى. قال الله تعالى الف لام راء كتاب احكمت اياته ثم فصلت من لدن من حكيم خبير فاحكمت الفاظه وفصلت معانيه او بالعكس على الخلاف. فكل من لفظه ومعناه فصيح لا يجارى ولا يدان. فقد اخبر عن مغيبات ماضية وكانت ووقعت طبق ما اخبر سواء بسواء. وامر بكل خير ونهى عن كل شر كما قال تعالى وتمت كلمة ربك صدقا وعدلا. اي صدقا في الاخبار وعدلا في الاحكام. فكله حق وصدق وعدل وهدى. صدقا في الله اخبار بفتح الهمز احسن لان الاخبار جمع خبر اما الاخبار فعل وليس هذا المراد. المراد الجمع نعم ليس فيه مجازفة ولا كذب ولا افتراء كما يوجد في اشعار العرب وغيرهم من الاكاذيب والمجازفات التي لا لا التي لا لا يحسن لا يحسن شعرهم الا بها التي لا يحسن شعرهم الا بها كما يقال في الشعر ان اعذبه اكذبه وتجد القصيدة الطويلة المديدة قد استعمل غالبها في وصف النساء او الخيل او الخمر او في مدح شخص معين او في او فرس او نار او حرب او كائنة او او سير او مخافة او سبع او شيء من المشاهدات المتعينة التي لا تفيد شيء الا قدرة المتكلم المعين في على التعبير عن الشيء الخفي او الدقيق فازوا الى الشيء الواضح ثم تجدوا فيه بيتا او بيتين او اكثر هي بيوت القصيد وسائرها هذر لا طائل تحته. واما القرآن فجميعه فصيح في غاية نهايات البلاغة. عند من يعرف ذلك تفصيل اذا واجمالا ممن فهم كلام العرب وتصاريف التعبير. فانه ان تأملت اخباره وجدتها في غاية الحلاوة سواء كانت مبسوطة او وجيزة وسواء تكررت ام لا وكلما تكرر حلا وعلا لا يخلق عن كثرة الرد ولا ولا يمل منه العلماء. وان اخذ في الوعيد والتهديد جاء منه ما تقشعر منه الجبال الصم الراسية فما ظنك بالقلوب الفاهمات؟ وان وعد اتى بما بما يفتح القلوب بما يفتح القلوب والاذان ويشوق الى دار السلام ومجاورة عرش الرحمن كما قال في الترغيب فلا تعلم نفس ما اخفي لهم من قرة اعين جزاء بما كانوا يعملون. وقال وفيها ما تشتهيه الانفس وتلذ الاعين وانتم في فيها خالدون. وقال في الترهيب افأمنتم ان يخسف بكم جانب البر اامنتم من في السماء ان يخسف بكم الارض فاذا هي تمور ام امنتم من في السماء يرسل عليكم حاصبا فستعلمون كيف نذير وقال في الزجر فكلا اخذنا بذنبه. وقال في الوعظ افرأيت ان متعناهم سنين ثم جاءهم ما كانوا يوعدون. ما اغنى انهم ما كانوا يمتعون الى غير ذلك من انواع الفصاحة والبلاغة والحلاوة. وان جاءت الايات في الاحكام والاوامر والنواهي اشتملت على الامر بكل ما حسن نافع طيب محبوب والنهي عن كل قبيح رذيل دنيء كما قال ابن مسعود وغيره من السلف اذا سمعت الله تعالى يقول في القرآن يا ايها الذين امنوا فارعها سمعك فانها خير يأمر به او شر ينهى عنه. ولهذا قال تعالى يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر. ويحل لهم الطيبات ويحرم الخبائث ويضع عنهم اصرهم والاغلال التي كانت عليهم الاية. وان جاءت الايات في وصف المعاد وما فيه من الاهوال وبيان الاحوال وفي وصف الجنة والنار وما اعد الله فيهما لاوليائه واعدائه من النعيم والجحيم والملاذ والعذاب الاليم. بشرت به وحذرت انذرت وانذرت ودعت بشرت به وحذرت وانذرت وداعت الى فعل الخيرات واجتناب المنكرات وزاهدت في الدنيا ورغبت في في اخرى وثبتت على الطريق المثلى وهدت الى صراط الله المستقيم وشرعه القويم ونفت عن القلوب رجس الشيطان الرجيم ولهذا ثبت في الصحيحين عن ابي هريرة رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ما من الانبياء من نبي الا قد اعطي من الايات ما مثل وامنا عليه البشر وانما كان الذي اوتيت احيانا اوحاه الله اليه فارجو ان اكون اكثرهم تابعا يوم القيامة لفظ مسلم. وقوله صلى الله عليه وسلم انما كان الذي اوتيت وحيا اي الذي اختصت به من بينهم هذا القرآن المعجز للبشر ان يعارضوه بخلاف غيره من الكتب الالهية فانها ليست معجزة عند كثير من العلماء والله اعلم. وله عليه الصلاة والسلام ان الكتب الالهية الاخرى معجزة وليست اه كما هو عند الكثير لكن اعجازه ليس من جهة التركيب وانما من جهة المعنى والخبر والامر والنهي. نعم وله عليه الصلاة والسلام من الايات الدالة على نبوته وصدقه فيما جاء به ما لا يدخل تحت حصر ولله الحمد والمنة. وقد قرر بعض متكلمين الاعجاز بطريق يشمل قول اهل السنة وقول المعتزلة في الصرفة. فقال ان كان هذا القرآن معجزا في نفسه لا يستطيع البشر الاتيان بمثله ولا في قواهم ومعارضته فقد حصل المدعى وهو المطلوب. وان كان في امكانه معارضته بمثله ولم يفعلوا ذلك مع شدة عداوتهم مع شدة عداوتهم له كان ذلك دليلا على انه من عند الله لصرفه اياهم عن معارضته مع قدرتهم على ذلك وهذه الطريقة وان لم تكن مرضية لان القرآن في نفسه معجز لا يستطيع البشر معارضته كما قررنا الا انها تصلح على سبيل التنزل مجادلة والمنافحة عن الحق وبهذه الطريقة اجاب فخر الدين الرازي في تفسيره عن سؤاله في في السور والقصار كالعصر وانا اعطيناك الكوثر. احسنت نكتفي بهذا القدر ان شاء الله نكمل بعد صلاة العشاء صلي لهما قول الحافظ ابن كثير رحمه الله ان قال قرر بعض المتكلمين الاعجاز بطريق يشمل قول اهل السنة وقول المعتزلة في الصرف الحقيقة ان هذه الطريقة وان قررها بعض المتكلمين كالرازي لكنها غير مستقيمة في نفسها لماذا غير مستقيمة في نفسها ما معنى القول بالصرفة معناه ان الله صرف العرب عن مجاراة القرآن ان الله صرف العجم عن مجاراة القرآن هذا معنى القول بالصرفة يعني هم في واقع حالهم يقدرون على مجاراة القرآن لكن الله صرفه وهذا قول باطل ايما بطلان ولو لم يكن من الدلائل على بطلانه الا امران لكانا كافيا الاول انهم ما قالوا انا فصحاء لكن اذا جئنا نتحدى القرآن نجد العي لو كانوا يجدون العي لكان التحدي في غير محله فان الصحيح لو قال للمقعد اسابقك لكان استهزاء وعجزا دالا على الصحيح وليس على المريظ صح ولا لا فلما تحدى الله الانس والجن على الاتيان بمثل هذا القرآن علمنا انهم لم يصرفوا عما كانوا عليه معتادين من البلاغة في الفصاحة الامر الثاني ان كلام العرب الفصيح والعجم موجود في كتبهم في اشعارهم في خطبهم اي مناسبة بينها وبين القرآن تاخذ المعلقات السبع لا تجد بينها وبين القرآن اي مناسبة فهذا دليل على ان القول بالصرفة باطل والله تعالى اعلم