بيان اخر لاباطيل اهل الكتاب. حين اخذ اليهود والنصارى بعضهم بعضا. ونشأ عن هذا النزاع عداوة اشتدت بها الاهواء. حتى صار كل طريق يزعم ان الجنة وقف عليه وهدى القلوب وبحكمة بخلاصة التفسير للقرآن لا تاجر القرآن يا احبابي. فهو الشفيع لنا بيوم حساب وهو المعلم يا اولي الالباب. هيا بنا نحيا هيا بنا. بخلاصة التفسير للقرآن اعوذ بالله من الشيطان الرجيم وقالوا لن يدخل الجنة الا من كان هودا او نصر تلك امانيهم قلها تنبرهانكم ان كنتم صادقين ذكرت الاية لونا من الوان المزاعم الباطلة. التي درج عليها اهل الكتاب. حيث قال اليهود لن يدخل الجنة الا من كان يهوديا. وقالت النصارى لن يدخل الجنة الا من كان نصرانيا. تلك امانيون الباطلة وخيالاتهم الفاسدة. التي لا تستند على دليل من النقل ولا على اساس من العقل قل لهم يا محمد ائتوني بالدليل القاطع على ما تزعمون. ان كنتم صادقين حقا في معكم ثم ياتي الرد من الله في الاية التالية بلا من اسلم وجهه لله وهو محسن فله اجره فله اجره عند ربه ولا خوف عليهم ولا هم احزنوا انما يدخل الجنة من استسلم لله وانقاد لله وهو محسن في اعتقاده وعبادته ومعاملاته وفق منهج الله. وهذه اوصاف لا تتحقق بعد بعثة النبي عليه الصلاة والسلام الا في المسلمين. فهؤلاء لهم الاجر المظمون الذي لا يضيع عند الله. ولهم الامن الموفور الذي لا يساوره خوف ولهم كل السرور الذي لا يمسه حزن وقالت اليهود ليست النصارى على شيء وقالت النصارى ليست اليهود على شيء وهم يتلونون هنا الكتاب كذلك قال الذين لا يعلمون مثل قولهم فالله يحكم بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون اليهود والنصارى تحسبهم جميعا. لكن القرآن يكشف طبيعة فيما بينهم. حيث قال اليهود ليست النصارى على دين صحيح. وقالت النصارى ليست اليهود على دينهم من الصحيح. والحال انهم اهل كتاب. فاليهود يقرأون التوراة والنصارى يقرأون الانجيل. فهم جميعا يقرأون الكتب التي انزلها الله عليهم. وما فيها من الامر بالايمان بكل الانبياء دون تفريط كذلك قال الذين لا يعلمون وهم مشركوا العرب الوثنيون. مثل قول اهل الكتاب. قالوا ليس اليهود والنصارى والمسلمون على شيء. وقالوا ما انزل الله على بشر من شيء فالله تعالى يحكم بين المختلفين يوم القيامة. من اليهود والنصارى والمشركين ويفصل بينهم بقضائه العادل. فلا فوز يومئذ الا بالايمان بكل الانبياء. وبكل ما انزل الله تعالى. فاعلموا يا اهل القرآن ان الامم الكافرة تعادي بعضها بعضا. وتكفر بعضها بعضا. لكنها تجتمع دائما في المعركة ضد الاسلام. فالاسلام عدو مشترك لليهودية والنصرانية وسائر الكفار والمشركين. كما يتضح معنا اكثر في الاية التالية ومن اظلم ممن منع مساجد الله ان يذكر فيها اسمه وسعى في خرابها اولئك ما كان لهم ان يدخلوها الا لهم في الدنيا خزي ولهم في الاخرة عذاب عظيم المشركون واليهود والنصارى. كل طائفة من هؤلاء ادعت انها على الحق ورمت غيرها بالكفر ثم اجتمعت كل هذه الطوائف على محاربة الاسلام. والتظييق على المسلمين والسعي الى تخريب دور عبادتهم الا وهي المساجد. فمشركوا مكة الوثنيون عطلوا بيت الله الحرام من عبادة الله تعالى وحده. وصد الرسول عليه الصلاة والسلام عن المسجد الحرام عام الحديبية والنصارى كم اغاروا بحملاتهم الصليبية على بيت المقدس وخربوا كثيرا من المساجد في مختلف بلادنا مسلمين واليهود احرقوا المسجد الاقصى. وخربوا مساجد فلسطين واعتدوا على حرماتها وروعوا المصلين الامنين. والاية التي معنا تتحدث عن سوء العاقبة لمن يسعى في خراب بيوت الله اب. قال الشيخ السعدي هذه الاية من الايات العظيمة اخبر بها الباري قبل وقوعها فوقعت كما اخبر. يا الله ومعنى الاية لا احد اظلم ممن حال بين المساجد وبين ان يعبد فيها الله وسعى في خرابها وخراب المساجد على قسمين. الخراب الحسي بهدمها وتخريبها وتقديرها والخراب المعنوي بتعطيلها عن مهامها كالمنع من الصلاة والعبادة والذكر. فمن فعل ذلك فقد بالغ في الظلم. اولئك الساعون في خراب المساجد. كان المرتقب منهم ان يدخلوها وهم في خشية وخوف من الله. لمكانة هذه المساجد من الشرف والكرامة باظافتها الى الله. فظلا عن التجرأ على تخريبها او تعطيلها لذلك كان جزاؤهم الذلة والهوان في الدنيا على ايدي المؤمنين. والعذاب ابو العظيم في الاخرة من رب العالمين ولله المشرق والمغرب فاينما تولوا فثم وجه الله ان الله واسع عليم ثم اخذ القرآن الكريم في تسلية المسلمين من الذين اخرجهم مشركو مكة وفارقوا المسجد الحرام. مبينا لهم ان الجهاد كلها لله اي تعالى. فجميع الارض ملك لله تعالى وحده. ففي اي مكان من المشرق والمغرب توجهتم ترى القبلة التي امركم الله تعالى استقبالها فقد استقبلتم الله. وفي اي موضع اقمتم فيه الصلاة قبلت صلاتكم دون ان تختص بها المساجد. وهذا المعنى موافق للحديث جعلت لي الارض مسجدا وطهورا. وكأن الاية تومئ الى ان سعي الظالمين في تخريب المساجد ومنع العبادة فيها. لا يمنع المسلم من اداء العبادة لله تعالى خارج المساجد وزينت الاية بقوله ان الله واسع عليم فائدة سعة ملك الله تعالى وسعة تيسيره على عباده في امر الدين. وهو عليم باعمالهم. لا يخفى فعليه عمل عامل اينما كان وكيفما كان الله ولدا سبحانه بل له ما في السماوات والارض كل له قانت من المقولات الفاسدة لاهل الكتاب والمشركين ادعائهم ان لله ولدا. حين زعم اليهود ان عزيرا ابن الله. وزعم النصارى ان المسيح ابن الله. وزعم المشركون ان الملائكة بنات الله فكذب الله تعالى الجميع في دعواهم. وقال سبحانه سبحانه نعم. اي تقدس الله تعالى وتنزه عما قالوا. ليس الامر كما زعموا. بل لا هو خالق السماوات والارض وجميع الموجودات التي من جملتها الصالح عزير والمسيح عيسى والملائكة الكرام. والكل عبيد لله. منقادون لله سبحانه وهو فيهم بما يشاء بديع السماوات والارض واذا قضى امرا فانما يقول له كن فيكون وهنا يبين الله تعالى حقيقة العلاقة بين الخالق وبين المخلوقين. فالله تعالى خالق السماوات والارض ومبدعهما على غير مثال سابق. واذا اراد الله حصول امر او ايجاد شيء فان انما يقول له كن فيكون على ما اراد الله ان يكون. لا راد لامره وقضائه. ومن كان هذا فكيف ينسب اليه الابناء او البنات؟ من هو الواحد الاحد؟ الفرد الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا احد وقال الذين لا يعلمون لولا يكلمنا الله او تأتينا كذلك قال الذين من قبلهم مثل قولهم تشابهت قلوبهم يوقنون قال الذين لا يعلمون وهم مشركوا العرب. هلا يكلمنا الله مشافهة بانك يا محمد رسول الله او تؤتينا معجزة دالة على صدق نبوتك. وهذا الطلب قد صدر منهم على سبيل التعنت والعناد والا فقد جاءتهم ايات كثيرة. وهذا القول الباطل مطابق لقول من قبلهم من الام صادقة من اليهود والنصارى وغيرهم. تشابهت قلوب هؤلاء مع قلوب بمن قبلهم فاقوال اهل الباطل تتشابه. لتشابه قلوبهم في العمى ناد والتكذيب والضلال. اما الادلة فهي واضحة. واما البراهين فهي قائمة. لكنها لا تنفع الا قوما يطلبون الحق واليقين. اما هؤلاء فليس الذي ينقصهم هو البرهان دليل وانما الذي ينقصهم هو الصدق واليقين. والذي يجد راحة اليقين في قلبه سيجد في الايات مصداقا يقينه فالايات لا تنشئ اليقين انما اليقين هو الذي يدرك دلالتها. ويطمئن الى حقيقتها اللهم ارزقنا برد اليقين واجعلنا من عبادك المتقين انا ارسلناك بالحق بشيرا ونذيرا ولا تسألوا عن اصحاب الجحيم. بعد ذكر افتراءات الكافرين صعق القرآن ما يسلي النبي عليه الصلاة والسلام ويثبته. انا ارسلناك يا محمد بالشريعة النيرة والدين القويم بشيرا للمؤمنين بجنات النعيم ونذيرا للكافرين من عذاب الجحيم. ولست مسؤول عن من بقي على كفره بعد ان بذلت جهدك في دعوته. فلا تذهب نفسك عليهم حسرات فانما عليك البلاغ وعلينا الحساب ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع عنتهم قل ان هدى الله هو الهدى ولئن اتبعت اهواءهم بعد الذي جاءك من العلم ما لك من الله من ولي ولا نصيب ثم وبين القرآن موقف اهل الكتاب من الدعوة الاسلامية. يا محمد ان اليهود والنصارى لن يرضوا عنك حتى تترك الاسلام الحق وتتبع دينهما المحرف. هذا هو الثمن الوحيد الذي يعرضونه ليمنحوك صك الرضا. وما سواه فمرفوظ. قل لهم يا محمد بكل حزم ان الدين عند الله الاسلام وهو الحق والهدى. وما سواه فهو ضلال وعمى. ولئن سايرتهم على ارائهم ضعيفة واهوائهم الفاسدة فلن تجد من الله حفظا ولا مناصرة. يا اهل القرآن كم هي عظيمة هذه الاية؟ فهي تكشف لنا حقيقة المعركة التي يشنها اعداء الاسلام فوق كل ارض وتحت كل سماء وفي كل زمان وفي كل مكان ضد الامة المسلمة. انها معركة عقيدة في صميمها الذين اتيناهم الكتاب يتلونه حق تلاوته اولئك اولئك يؤمنون به ومن يكفر به فاولئك هم الخاسرون كما ذكر القرآن الكريم احوال الكافرين من اهل الكتاب اخذ في بيان حال المؤمنين من اهل الكتاب. لئن يحصل اليأس عند الدعاء من اهل الكتاب جميعا. فليسوا سواء فطائفة من اليهود والنصارى اسلموا وهؤلاء يقرأون كتابهم قراءة حقا مصحوبة بظبط لفظه وتدبر معانيه فبضبط لفظه لم يحرفوا كلام الله. ومنها النصوص الواردة في صفة رسول الله صلى الله عليه واله وسلم وبتدبر المعنى اتبعوا الحق الذي جاء في كتبهم. فامنوا بالنبي محمد عليه الصلاة والسلام وبما انزل عليه فاولئك هم المؤمنون حقا. وطائفة اخرى من اهل الكتاب اضطرت على كفرها. فكان لها الخسران يا بني اسرائيل اذكروا نعمتي التي انعمت عليكم واني فضلتكم على العالمين وكما بدأت سورة البقرة بالحديث مع اليهود بندائهم باحب اسمائهم اليهم. استمالة لقلوبهم نحو ايمان فكان الختام الحديث عنهم ايضا بهذا النداء. يا بني اسرائيل يا اولاد نبي الصالح يعقوب عليه السلام. اذكروا النعم الكثيرة التي انعمت بها عليكم وعلى ابائكم واذكروا تفضيلي لكم على سائر الامم في زمانكم. ذكرهم الله تعالى بهذه النعم ليكون التوطئة للوصية التالية. وهي الوصية بالتقوى واتقوا يوما لا تجزي نفس عن نفس شيئا ولا يقبل منها عدل ولا يقبل منها عدل ولا تنفعها شفاعة ولا يا بني اسرائيل خافوا ذلك اليوم الرحيم عيب الذي لا تغني فيه نفس عن نفس شيئا ولا تقبل في فدية اطلاقا ولا تقبل هي شفاعة احد لكافر ابدا. فلا ناصر ولا عاصم من عذاب الله. فاذا لم انفع فداء ولا شافع ولا ناصر فلماذا لا تعملون لذلك اليوم الرهيب نسأل الله تعالى ان نكون فيه من الامنين المرضيين اياته ونذوق طعم الشند في كلماته متعلمين الى الفقم لمحاته. ان ارى به اراحنا تسمو بنا بخلاصة التفسير للقرآن. قصص به تعطي لنا اجمل عيون تحكي لنا انباء فيها مزدجر قصة الرسل الكرام مع البشر. وتكون تثبيتا لقلب حبيبنا بخلاصة التفسير للقرآن. بخلاصة التفسير