بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين. والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين. اللهم اغفر لنا شيخنا ولوالديه ولمشايخه ولجميع المسلمين امين. نقل الشيخ الحافظ النووي رحمه الله تعالى في كتابه رياض الصالحين في باب فضل البكاء من خشية الله تعالى وشوقه وعن ابي امامة صديق عجلان الباهلي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ليس شيء احب احب الى الله تعالى من قطرتين واثرين. قطرة دموع من خشية الله وقطرة دم تحراق في سبيل الله تعالى. واما الاثران فاثر في سبيل الله تعالى واثر واثر في فريضة من فرائض الله تعالى. رواه الترمذي وقال حديث حسن. وفي الباب احاديث كثيرة ومنها حديث عرباض ابن سارية رضي الله عنه قال وعظنا رسول الله صلى الله عليه وسلم موعظة ذرفت منها العيون وقد سبق في باب البدع بسم الله الرحمن الرحيم. قال رحمه الله تعالى وعن ابي امامة الباهلي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال ليس شيء احب الى الله تعالى من قطرتين واثرين قول ليس شيء احب الى الله يعني اعظم ثوابا واكثر حبا وعظمة عنده. من قطرتين تثنية قطرة وهي النقطة واثرين تثنية اثر والاثر ما يبقى بعد الشيء دلالة عليه اما النقطتان فقال قطرة دموع من خشية الله. يعني البكاء من خشية الله. وهذا محبوب الى الله عز عز وجل وهو من صفات المؤمنين كما قال الله عز وجل انما المؤمنون الذين اذا ذكر الله وجلت قلوبهم واذا تليت عليهم اياته زادتهم ايمانا. وعلى ربهم يتوكلون الذين يقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون قال عز وجل واذا سمعوا ما انزل الى الرسول ترى اعينهم تفيض من الدمع مما عرفوا من الحق. وقال تعالى الله نزل احسن الحديث كتابا متشابها مثاني تقشعر منه جنود الذين يخشون ربهم ثم قال عليه الصلاة والسلام وقطرة دم تهراق في سبيل الله. يعني الدم الذي يكون بسبب الجهاد في سبيل الله والجهاد في سبيل الله هو الجهاد لتكون كلمة الله هي العليا. اي ان يبذل طاقته وجهده وسعته لاعلاء كلمة الله تعالى. قال واما الاثران اثر في سبيل الله والاثر المراد بالاثر هنا ما يبقى بعد الاندمان من اثار طعن الرمح وضربة السيف او الجرح يبقى اثره بعد برؤه واندماله واثر فريضة من فرائض الله. كاثر بلل الماء الذي يبقى على اعضاء الوضوء واثر السجود وخلوف فم الصائم الذي يكون بسبب ترك الطعام والشراب لله واثر المشي الى المساجد واثر الغبار في في سبيل الله وفي الحج الى غير ذلك من الاثار. ففي هذا الحديث دليل على فضيلة البكاء من خشية الله تعالى وانه ينبغي للانسان عند سماع ايات الله ان يحرص على الخشوع والخضوع وحضور القلب. ومنها ايضا فضيلة الجهاد في سبيل الله وانه من الاعمال المحبوبة. ومنها فضيلة الاثار التي تبقى بعد الفرائض كاثار الوضوء واثار السجود واثار المشي الى الصلاة قال المؤلف رحمه الله وفي الباب احاديث منها حديث العرباض ابن سارية رضي الله عنه قال وعظنا رسول الله صلى الله عليه وسلم موعظة وجلت منها القلوب وذرفت منها العيون. قوله وعظنا رسول الله الموعظة هي التذكير المقرون بالترغيب والترهيب وقيل ان الموعظة هي التذكير بما يصلح الخلق. سواء كان ترغيبا ام ترهيبا ام ذكرا للاحكام الشرعية بان ذكر الاحكام الشرعية وبيانها للناس من الموعظة كما قال عز وجل ان الله يأمر بالعدل والاحسان وايتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي. يعظكم لعلكم تذكرون. قال وعظنا موعظة منها القلوب يعني خافت منها القلوب. وذرفت منها العيون يعني سال منها الدم فقلنا يا رسول الله كأنها وصية مودع فاوصنا. لما رأوا هذه الموعظة التي اثرت في قلوبهم واثرت ايضا على جوارحهم بسيلان الدمع خشية لله عز وجل وخوفا منه. طلبوا من النبي صلى الله عليه وسلم ان يوصيهم فقالوا كأنها موعظة مودع فاوصنا. فاوصاهم عليه الصلاة والسلام بوصية الله تعالى عباده الاولين والاخرين وهي تقوى الله تعالى. فقال اوصيكم بتقوى الله تعالى. وتقوى الله تعالى يعني اذا العبد وقاية من عذابه بفعل اوامره واجتناب نواهيه فلا يفقدك حيث امرك ولا يجدك حيث نهاك ثم ساق رضي الله عنه الحديث والحاصل من هذا الباب ان البكاء من خشية الله من صفات المؤمنين اتنين لانه دليل على خضوع القلب وخشيته لله. وعدم ذلك دليل على قسوته. واعظم سبب من احبابي لين القلب وخضوعه وخشوعه هو هو الاقبال على كتاب الله تبارك وتعالى تلاوة وتدبرا وعملا لان كتاب الله عز وجل هو اعظم واعظ. يا ايها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما صدور وقال عز وجل لو انزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعا متصدعا من خشية الله. فاذا كان الجبل على صلابته وقوته يتصدع من خشية الله لو انزل عليه هذا القرآن فما بال قلوبنا التي هي مضغة كما قال النبي صلى الله عليه وسلم الا وان في الجسد مضغة يعني بقدر ما يمضغ من من اللحم اذا صلحت صلح الجسد كله واذا فسدت فسد الجسد كله. فعلينا ان نحرص على الاقبال على كتاب الله عز وجل يكثر من تلاوته ونتدبر هذا القرآن ونتأمل فيه ونعمل به ايضا لان العمل هو الثمرة وهو غاية والنتيجة. وفق الله الجميع لما يحب ويرضى. وصلى الله على نبينا محمد