ثم ميزوا ما فيها من الاركان والواجبات والمستحبات بذكر ما يختص به كل واحد منها ثم بعد ذكر المكملات ذكروا المنقصات لها من مكروهات تنقص ثوابها ومقصودها ومن مبطلات تفسدها وتلغيها المكتبة الصوتية للعلامة الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله الفائدة التاسعة والمئة فصل تابع اذا علمت هذه المقدمة فلنعد الى ما قصدنا بيانه فنقول فقهاؤنا واصحابنا الحنابلة وكذلك جمهور العلماء وغيرهم بدأوا بالطهارة قبل الصلاة لانها مفتاحها وسابقة لها ومتقدمة عليها ولما كانت الطهارة نوعين اصلية وهي الطهارة بالماء قدموها وبدنية وهي التيمم اخروها عنها فكتاب الطهارة يبحث فيه عما يتطهر به من المياه وما لا يتطهر وعما يستعمل من الانية وما لا يستعمل ثم باب الاستنجاء الذي هو مقدمة الطهارة وشرط من شروطها ويفرعون احكامه ثم السواك وسنن الفطرة لتقدمه على الوضوء ثم الوضوء وشروطه وفروضه وصفاته وسننه والحقوه بباب المسح على الخفين لانه في الحقيقة متمم للوضوء فان اعضاء الوضوء لها حالة يباشرها الماء وحالة يمسح ما عليها من الحوائل فاحتيج الى الحاقه ثم بما ينقص الطهارة وما يرجع اليه عن الشك والاشتباه ثم ما يمتنع على المحدث من العبادات ثم الحقوا ذلك بالطهارة الكبرى وصنعوا فيها كما صنعوا بالطهارة الكبرى ثم بعد ذلك تكلموا عن التيمم ومتى يشرع وما ينوب عن طهارة الماء فيه عند التعذر وهل هو في كل شيء او في شيء دون شيء وذكروا مكملاته ومفسداته ثم لما كانت الطهارة قسمين احداثا ترفع ونجاسات تزال ذكروا باب ازالة النجاسة وذكروا فيه انواعها وكيفية تطهيرها وذكروا في هذا الباب اصولا كبيرة تتعلق بالطهارة والنجاسة والحلال والتحريم من الحيوانات وغيرها ولما كان الحيض والنفاس والاستحاضة قسما من اقسام النجاسات ولكن لها خواص واحكام تخصها افردوها بباب ذكروا فيه كل احكامها وختموا بذلك باب الطهارة كتاب الصلاة ذكروا اولا في مقدمة هذا الكتاب احكام الصلاة في الجملة ومن تجب عليه ومن لا تجب وحكم تاركها وتوابع ذلك مما تستصحبه معك في ابواب الصلاة كلها ولا يخفى مناسبة تقديم الاذان لانه اعلام بدخول وقتها ثم قدموا الشروط لانها تتقدم على المشروط وتستمر معه الى الفراغ ثم ذكروا صفة الصلاة ما يلزم فيها وما يستحب على ترتيبها ثم لما كان السهو متأخرا عنها اخروه وفصلوه في باب ذكروا اسبابه الثلاثة الزيادة والنقصان والشك وحكم كل واحد ثم عقبوا بصلاة التطوع لانها تكميل للفرائض وتتميم وذكروا مراتبها ودرجاتها ولما كانت صلاة الجماعة والواجبات للصلاة في حق بعض المصلين لا من الواجبات فيها اخروها على هذه الابواب وذكروا حكمها والامام وصفته اللازمة والمستحبة ودرجات الائمة وكيفية الائتمام ثم ذكروا الاعذار التي تسقط وجوب الجمعة والجماعة وعقبوه بباب صلاة اهل الاعذار من جميع المصلين وقسموا الاعذار الى امراض ونحوها وسفر وخوف وذكروا لكل سبب ما يناسبه ثم اخروا صلاة الجمعة والعيدين لانها تتكرر في الاسبوع وفي العام ثم ذكروا صلاة الكسوف والاستسقاء لانها عوارض تعرض بحسب وجود اسبابها ثم ختموا كتاب الصلاة بصلاة الجنائز لان اهم ما يفعل بالميت الصلاة وقد ذكروا فيه جميع احكام الميت واهل المصيبة وزيارة القبور وتوابعها وبهذه الابواب لم يبقوا من متعلقات الصلاة شيئا الا ذكروه فجزاهم الله خير الجزاء بجمعهم وحسن ترتيبهم وتقسيمهم كتاب الزكاة ذكروا في مقدمته نظير ما ذكروه في الصلاة ذكروا الاحكام الكلية التي تشترك فيها جميع الاموال وشروطها وما يمنعها ويتعلق بذلك ثم فصلوا كل نوع من انواع الاموال المزكاة بشروطه واحكامه الخاصة ومقادير انصبائه ونحو ذلك ثم ذكروا زكاة الابدان وهي زكاة الفطر وذكروا اهل الزكاة ومن تدفع اليه وموانع ذلك وصفة الاخراج وختموه بصدقة التطوع لانها تكميل وتتميم للفريضة كتاب الصيام ذكروا في مقدمته من يجب عليه صيام رمضان وحقيقة الصيام والصيام الواجب والمندوب ثم ذكروا المفطرات التي تفسده والمنقصات التي تنقص اجره وثوابه والايام التي يكره صيامها او يحرم وختموه بذكر ليلة القدر وبالاعتكاف لانها خاتمة الصيام كتاب الحج ذكروا في مقدمته شروط الوجوب ثم المواقيت ثم الانساك الثلاثة وما تشترك فيه وما يتميز به كل واحد منها ثم محظورات الاحرام ثم صفة الحج والعمرة من اولها الى اخرها وميزوا اركانها من واجباتها من مستحباتها وما يختص به كل واحد ثم ذكروا الدماء الواجبة والمستحبة وجزاء الصيد وتوابع ذلك وذكروا بعده زيارة النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم ومسجده وحين ذكروا الهدي ناسب ان يذكروا بعده ابواب الاضاحي والعقيقة لان هذه الدماء دماء قربان الى الله فالهدي كمال النسك وزينته والفدية ترقع خلله والاضاحي قربة عامة لجميع المسلمين والعقيقة شكرا بنعمة الله بوجود الاولاد وهبتهم ولهذا كانت على قدر النعمة فالذكر عقيقتان والانثى لها واحدة كما كانت الانثى نصف الذكر في الميراث والوصية والهبة والشهادة والعتق عتق النفل وبعد ان ذكروا اركان الاسلام الاربعة وفروعها ومتعلقاتها وكان الجهاد في سبيل الله ذروة سنام الدين وبه قيامه ولا تتم العبادات المذكورة والايمان لاهلها الا به ذكروا احكام الجهاد الكثيرة وحيث كان من احكامه حكم الاسلام على الكفار ولهم ذكروا بعده احكامهم من اهل الذمة والمستأمنين واهل الحرب وما يختص به كل قسم وبه ختم العبادات كتاب البيوع والمعاملات تقدم ان البيوع بعد العبادات في المرتبة الاولى من الحاجة والكثرة وضرورة العباد اليه لهذا قدموه فذكروا حده الجامع لمتفرقاته وشروطه السبعة التي تأتي على كل نوع منه حتى الابواب التي يفردونها عنه كباب السلم وباب بيع الاصول والثمار فشروط البيع السبعة مستصحبة معك في هذه الابواب ولكن ذكروا وخصوا هذه الابواب لانفرادها باحكام تميزت به فشروط السلم السبعة غير الشروط السبعة الاصلية وبشروطه الخاصة افردوه وكذلك بيع الاصول والثمار حيث كان للعقارات وللثمار احكام خاصة في حل البيع وعدمه وفي الذي يدخل في مسمى ما عقد عليه وما لا يدخل افردت بباب وذكروا بعد البيع وشروطه الاصلية التي لابد منها الى الشروط فيه الذي يشرطها احد المتعاقدين على الاخر لمصلحته او مصلحتها وما يحل منها وما لا يحل كما ذكروا هذا النوع في ابواب كثيرة لان كل متعاقدين يكون لهما او لاحدهما اغراض ومقاصد يضطر او يحتاج الى شرطها على الاخر فيحتاج الى تمييز ما يحل منها وهي الاصل التي لا تنافي مقتضى ذلك العقد ولا تدخل في محرم ولا تخرج من واجب مما لا يحل كاحد الاقسام الثلاثة ثم لما كان للبيع موانع ومفسدات غير الاخلال بشروطه ذكروا بعده البيوع التي يستعان بها على الاثم والعدوان وعدم حلها لغايتها الضارة وذكروا ايضا ابواب الربا الذي حرمه الشارع تحريما بليغا وحده بحدوده فذكروه وذكروا متعلقاته ثم لما كانت البيوع حقيقتها دفع عوض واخذ معوض على وجه التحرير والكسب والنظر الى المبيعات والى اجالها وتفريع ذلك وكان الناس مضطرين في اوقات كثيرة الى استقراض بعضهم من بعض لا على وجه المعاوضة بل على وجه الاحسان والرفق هذا يربح الانتفاع الدنيوي والمقرض يربح الانتفاع الاخروي والمعروف الحاضر ذكروا باب القرض واحكامه ثم لما كانت المعاوضات قد يتأخر تسليم احد العوضين او لا يتأخر وكانت تحتاج الى توثيق الحقوق لحفظها والاطمئنان للوفاء وسرعته فاتبعوا هذه الابواب بابواب الرهن والضمان والكفالة التي تحفظ به الحقوق ويستوفى منها عند التعذر ولما كانت التوثقة الرابعة لا يستوفى منها الحق بل يستوفى بها وكانت شاملة لجميع ابواب الفقه اخروها الى ابواب القضاء لمناسبتها الاقضية ثم لما كانت عقول المعاوضات بعضها واقع على الاعيان بمنافعها وهي البيوع قدموها وبعضها واقع على منافع الابدان ومنافع الاعيان وهي الاجارة ذكروا احكام الاجارة وحيث كانت المعاملات تارة يستقل بها الانسان وهي الاصل وهي الاكثر وتارة يشارك فيها غيره اتبعوا هذه الابواب بابواب الشركة والمزارعة والمساقاة والمغارسة لانها كلها من باب واحد ثم انه لما كان الانسان الاصل فيه والاكثر ان يكون مباشرا للتصرف في ماله لا مانع له ولا حجر عليه قدموا هذه الابواب وتارة تحتاج الى منعه عن التصرف في ما له اما لمصلحته كالصغير والمجنون والسفيه لئلا تضيع اموالهم التي جعلها الله قياما للعباد واما لمصلحة المعاملين كالمفلس ذكروا بعد هذا ابواب الحجر واحكامه ثم لما كانت الحقوق والمعاملات يقع فيها من الاشتباه والتنازع والتخاصم ما هو معلوم معروف ذكروا ما يحل هذا التنازع ويزيل الاشتباه وهي ابواب الصلح بانواعه واتبعوه بحقوق الجيران لكثرة هذا النوع فيهم والحاجة الى حله بالصلح ثم لما ذكروا المعاملات المتبادلة بين الاثنين فاكثر على وجه العدل والرضا ذكروا قسما واقعا كثيرا وهو الاستيلاء بغير حق على اموال الناس وحقوقهم بغير حق اتبعوا ذلك بابواب الغصب واحكامه ولما كان الناس محتاجين بل مضطرين الى ابقاء اموالهم عند غيرهم ليحفظوها نيابة عنهم ذكروا باب الوديعة والامانات واحكامها وهنا قسم اخر من الاموال تضيع عن اهلها ويجدها غيرهم فاحتاجوا الى ذكر اللقطة واللقيط وبذلك ختموا ابواب المعاملات باب التبرعات ثم اتبعوا هذه الابواب بابواب التبرعات التي يبذلها صاحبها احسانا ومعروفا وتقربا الى الله وهي الاوقاف والهبات والوصايا وذكروا احكامها لكن لما كان من التبرعات القرض والعارية ذكروا هذين البابين في تضاعيف ابواب المعاملة لانها تشارك التبرعات بالاحسان والرفق وتشارك المعاوضة برد العين او عوضها الى ربها فهي احسان يرجع عوضه الى الانسان ثم لما كانت التبرعات قسمين قسم يبذله صاحبه طوعا واختيارا وهي المذكورات ونوع ينحاز الى غيره قهرا واضطرارا وهي المواريث ذكروها بعدها وذكروا احكامها وفروعها واتبعوها بابا من جنسها وبمناسبة ذكر الولاء وتفريعه وبيان انه احد اسباب الارث الثلاثة ذكروا بعده العتق واحكامه لان الولاء يتفرع عليه وذكروا فيه احكام العبيد فانظر الى هذا الارتباط الوثيق بين هذه الابواب والى هذا الترتيب المناسب غاية المناسبة فجزاهم الله عن الامة خير الجزاء وبعده انتقلوا الى احكام الانكحة كتاب النكاح هذا الكتاب اكثر ابواب الفقه احكاما لكثرة العلاقات والتعلقات بين الزوجين فذكروا حده وحكمه والخطبة واتبعوه بشروطه واركانه التي لابد منها وبعده بالمحرمات وهي موانعه ولو وجدت شروطه واركانه واتبعوا ذلك بالشروط التي يشرطها احد الزوجين على الاخر ما يصح منها وما لا يصح وحكم العيوب فيه ثم الصداق والوليمة وعشرة النساء وذكروا في ضمن ذلك احكاما كثيرة ولما كان النكاح هو المقصود والخلع والطلاق غير مقصود اخروا احكام هذين البابين وايضا هما متفرعان عن النكاح والحقوا بهما ابواب الايلاء والظهار واللعان ثم اتبعوا ذلك بابواب العدد لترتبها على الفراق في الحياة وبعد الممات وذكروا في ضمن هذه الابواب فسوخا كثيرة فسخ فيها لاحدهما اذا لم يحصل من صاحبه القيام بالواجب وتعذر ذلك ثم ذكروا الرضاع وبعده النفقات لان الرضاعة يشبه ابواب الانكحة لتعلق التحريمات والمحرمية ويشبه النفقات واخروا النفقات عن الفسوخ كالطلاق ونحوه وان كانت سابقة لذلك لان النفقات لا تختص باحكام الزوجية بل ذكروا معها النفقة على الاقارب والمماليك كما اخروا الصداق والوليمة عن احكام النكاح الكثيرة لانها وسائل والنكاح مقصود وهذا من باب تقديم المقصود المهم على غيره واتبع الحضانة بالنفقات لارتباط البابين لانها واجبة على من عليه النفقة على انه قد يكون غيره احق منه بها لذلك جعلوا له بابا مستقلا وبه ختموا كتاب الانكحة ومتعلقات الزوجين وادخلوا في ضمن ذلك مما يتعلق بغيرهما احكاما كثيرة على وجه الاستطراد والمناسبات كتاب الجنايات والحدود اخروها لوقوعها غالبا بعد الانكحة ولقلتها بالنسبة الى غيرها فذكروا قتل النفوس والجناية على الاطراف والجروح وفصلوا احكام العمد المحض والخطأ وشبه العمد والقصاص في الاول وشروطه والدية واحكامها في الاخيرين وما عليه وان الاول على القاتل والاخيرين على العاقلة ففصلوا احكام العاقلة وذكروا بعدها القسامة لانها من طرق اثبات القتل او نفيه ثم اعقبوا ذلك بالحدود على المعاصي وبدأوا بالاثقل فالاثقل وفصلوا احكامها واحكام المرتدين وما به تحصل الردة وبه ختموا الجنايات والحدود كتاب الاطعمة ذكروا فيها اصولا محيطة بما يحل من الاطعمة والاشربة وما يحرم منها وامن لكسية فمحلها ذكروها في شروط الصلاة في باب السترة لتلك المناسبة ولما كانت الاطعمة اجناسا ثلاثة حيوانات بحرية وخارج من الارض من حبوب وثمار ونحوها وهذان القسمان الاصل حلهما الا ما استثني من ذلك لضرورة وحيوانات برية وكان الحلال منها اي من البرية مشروطا بذكاته اتبعوه باب الذكاة لانه كالتتمة له وكذلك الصيد له احكام خاصة افردوه بباب فهما في الحقيقة من باب الاطعمة ثم ذكروا بعد ذلك الايمان والنذور لانها اجابات جديدة يوجبها المكلف على نفسه فيتفرع عليها احكام شرعية كثيرة كتاب القضاء والاقرار لما كانت جميع الابواب السابقة يقع فيها بين الناس اشتباهات وارتباطات وحقوق ومخاصمات عقبوها بباب القضاء الذي يوضح هذه الاشتباهات ويحل هذه المنازعات وذكروا اصوله وطرقه واحكامه وذكروا في ظنه الشهادات وشروطها وموانعها لان اكثر ما يعتمد القضاة عليها في حل المشكلات والنزاع كما هو مشاهد وختموا الفقه بباب الاقرار لان الاقرار اوسع البينات واشملها وهو يأتي على كل باب من ابواب الفقه ويقع من البر والفاجر والمسلم والكافر في العبادات والمعاملات والحقوق وغيرها وكل كتاب وباب مما ذكروه رتبوا اجناس مسائله وانواعها وافرادها بابواب وفصول يعين طالب العلم اعانة ظاهرة فلله الحمد حيث حفظ دينه باسباب يعلمها العباد واسباب لا يعلمونها ومن جملة الاسباب تعاليم اهل العلم المحققين وارشاداتهم وهدايتهم هداية ينتفعون بها وينفعون غيرهم فغفر الله لهم ورحمهم وكمل نواقصهم واوصلهم الى ما املوه ورجوه انه جواد كريم