فاتقوا الله ايها ايها المسلمون ولا تأخذوا ما ليس لكم لا عن طريق القوة ولا عن طريق الحيلة ولا عن طريق الخصومة فان حقوق الناس عظيمة ولا يبرأ الانسان منها الا بمسامحة اصحابها واعطيت للمظلوم وان لم تكن له حسنات اخذ من سيئات المظلوم اطرحت عليه وطرح في النار او كما قال صلى الله وعليه وسلم. وقال صلى الله عليه وسلم لا يأخذ احدكم متاع اخيه لا لاعبا ولا جادا. ومن اخذ عصا بسم الله الرحمن الرحيم. المكتبة الصوتية لمعالي الشيخ الدكتور صالح بن فوزان الفوزان شرح كتاب الملخص الفقهي من الفقه الاسلامي للدكتور صالح بن فوزان فوزان. الدرس مائة وثلاثة عشر. بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين ايها المستمعون الكرام السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. نواصل الحديث معكم في موضوعات الفقه الاسلامي ونتناول في هذه الحلقة ان شاء الله الكلام عن احكام الغصب من حيث حكمه وما يترتب عليه. فالغصب لغة اخذ الشيء ظلما ومعناه في اصطلاح الفقهاء رحمهم الله الاستيلاء على حق غيره قهرا بغير حق والغصب محرم باجماع المسلمين. لقوله تعالى ولا تأكلوا اموالكم بينكم بالباطل والغصب من اعظم اكل المال بالباطل. ولقوله صلى الله عليه وسلم ان دمائكم واموالكم واعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في بلدكم هذا في شهر كم هذا وقال صلى الله عليه وسلم لا يحل مال امرئ مسلم الا بطيب نفسه والمال المغصوب قد يكون عقارا وقد يكون منقولا. لقوله صلى الله عليه وسلم من اقتطع شبرا من الارض ظلما طوقه من سبع اراضين. فيلزم الغاصب ان يتوب الى الله عز وجل. ويرد المغصوب الى صاحبه ويطلب منه العفو والمسامحة قال صلى الله عليه وسلم من كانت عنده لاخيه مظلمة فليتحلل منه اليوم قبل ان لا يكون دينار ولا درهم يعني يوم القيامة ان كانت له حسنات اخذ من حسناته واخيه فليردها اليه. رواه ابو داوود وليس هذا خاصا بالعصا لانه اذا كان هذا حكم العصا الذي يتسامح فيه الناس عادة وثمنه زهيد فما بالك بما هو اعلى منه؟ فان كان المغصوب باقيا رده بحاله. وان كان تالفا رد بدله وهو مثل المثل وقيمة المتقوم. قال الامام الموفق ابن قدامة رحمه الله اجمع العلماء على وجوب رد المغصوب. اذا كان بحاله لم يتغير انتهى وكذلك يلزمه رد المغصوب بزياداته سواء كانت زيادات متصلة او منفصلة لانها نماء المغصوب فهي لمالكه كالاصل وان كان الغاصب قد بنى في الارض المغصوبة او غرس فيها لزمه قلع البناء والغراس اذا طالبه المالك بذلك لقوله صلى الله عليه وسلم ليس لعرق ظالم حق رواه الترمذي وغيره وحسنه وان كان ذلك يؤثر على الارض اي قلع الغراس والبناء لزمه غرامة نقصها ويلزمه ايضا ازالة اثار الغراس والبناء المتبقية حتى يسلم الارض لمالكها سليمة كما اخذها ويلزمه ايضا دفع اجرتها منذ ان غصبها الى ان سلمها اي اجرة مثلها لانه منع صاحبها من الانتفاع بها في هذه المدة في غير حق وان غصب شيئا وحبسه حتى رخص سعره وضمن نقصه على الصحيح لانه حبسه عن صاحبه ومنعه من التصرف فيه وان خلط المغصوب مع غيره فان كان مما يتميز بعضه عن بعض كحنطة خلطها بشعير لزم الغاصب تخليص تخليص المغصوب ورده الى صاحبه وان خلطه بما لا يتميز كما لو خلط حنطة بمثلها لزمه رد مثلها كيلا او وزنا من المخلوط وان خلقه بدونه او احسن منه او خلطه بغير جنسه مما لا يتميز عنه فانه يباع المخلوط ويعطى كل منهما قدر حصته من الثمن وان نقص المغصوب في هذه الصورة عن قيمته منفردا ومن الغاصب نقصه ومما ذكروه في هذا الباب قولهم والايدي المترتبة على يد الغاصب كلها ضمان ومعناه ان الايدي التي ينتقل اليها المغصوب عن طريق الغاصب كلها تضمن المغصوب اذا تلف عندها وهذه الايدي عشر يد المشتري ومن في معناه. ويد المستأجر ويد القابض تملكا بلا عوظ كيد المتهم ويد القابض لمصلحة الدافع كالوكيل ويد المستعير ويد الغاصب ويد المتصرف في المال كالمضارب. ويد المتزوج للمغصوبة ويد القابض تعويضا بغير بيع ويد المتلف للمغصوب نيابة عن الغاصب كمن ذبح الحيوان نيابة عن غاصبه. وفي كل هذه الصور اذا علم الثاني بحقيقة الحال وان الدافع اليه غاصب فقرار الضمان عليه لتعديه على ما يعلمه غير مأذون فيه من مالكه وان لم يعلم بحقيقة الحال فقرار الظمان يكون على الغاصب الاول. واذا كان المغصوب مما جرت العادة بتأجيره لزم الغاصب اجرة مثله مدة بقائه في يده لان المنافع مال متقوم فوجب ظمانها كظمان العين وكل تصرفات الغاصب الحكمية باطلة لعدم اذن المالك فيها وان غصب شيئا وجهل صاحبه حتى يتمكن من رده اليه سلمه الى الحاكم الذي يضعه في موضعه الصحيح او تصدق به الغاصب عن صاحبه بنية ظمانه ان جاء صاحبه واذا تصدق به في هذه الحالة صار ثوابه لصاحبه وتخلص منه الغاصب ايها المستمع الكريم ليس اغتصاب الاموال مقصورا على الاستيلاء عليها بالقوة والغلبة بل ذلك يشمل الاستيلاء عليها بطريق الخصومة الباطلة والايمان الفاجرة قال الله تعالى ولا تأكلوا اموالكم بينكم بالباطل وتدلوا بها الى الحكام لتأكلوا فريقا من اموال الناس بالاثم وانتم تعلمون وقال تعالى ان الذين يشترون بعهد الله وايمانهم ثمنا قليلا اولئك لا خلاق لهم في الاخرة ولا يكلمهم الله يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب اليم. وقال صلى الله عليه وسلم من اقتطع ما من اقتطع مال امرئ مسلم بيمينه لقي الله وهو عليه غضبان او كما قال صلى الله عليه وسلم فالامر شديد والحساب عسير وقال صلى الله عليه وسلم من غصب شبرا من الارض طوقه من سبع اراضين. وقال صلى الله عليه وسلم من قضيت له بحق اخيه فلا يأخذه اينما اقطع له قطعة من نار وعفوهم عنه وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه والى الحلقة القادمة باذن الله تعالى لنواصل الحديث معكم ان شاء الله تعالى والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته الحمد لله رب العالمين وصلى الله على نبينا محمد وعلى اله وصحبه وسلم