كان زاده الى النار والعياذ بالله ثم قال تعالى وكيف يحكمونك وعندهم التوراة فيها حكم الله ثم يتولون من بعد ذلك وما اولئك بالمؤمنين. قال الاخوة في المختصر في التفسير بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى اله وصحبه ومن تبعه باحسان الى يوم الدين الصحيفة الخامسة عشرة بعد المئة من كتاب المختصر في التفسير قال تعالى سماعون للكذب اكالون للسحت فان جاؤوا تفهكم بينهم او اعرض عنهم وان تعرض عنهم فلن يضروك شيئا وان حكمت فاحكم بينهم بالقسط ان الله يحب المقسطين قال الاخوة في المختصر في التفسير جزاهم الله خيرا هؤلاء اليهود كثيرو الاستماع للكذب كثيرو الاكل للمال الحرام شربا فان تحاكموا اليك ايها الرسول فصل بينهم ان شئت او اترك الفصل بينهم ان شئت فانت مخير بين الامرين وان تركت الفصل بينهم فلن يستطيعوا ان يضروك بشيء وان فصلت بينهم فافصل بينهم بالعدل وان كانوا ظلمة واعداء ان الله يحب العادلين في حكمهم ولو كان المتحاكمون اعداء للحاكم في هذه الاية الكريمة بيان لعيوب اهل الكتاب وفي ذلك بيان للعيوب وايضا ان يحذر الانسان ان ينجر بهذه العيوب وان يتابعهم او يتمثل بهم او يحبهم فوصفهم ربنا بانهم سماعون وهي صيغة مبالغة من كثرة الاستماع ولذلك في الان فتحت على الناس قنوات السوء والفجور والكذب والبهتان والبطلان فالمسلم ينزه مسامعه عن الاستماع عن الحرام سماعون للكذب اكالون للسحت. ايضا هي صيغة مبالغة. والسحت هو المال الحرام وسمي المال الحرام سحتا لانه المال ويذهب بركته فان جاؤوك فاحكم بينهم او اعرض عنهم. ان جاءوك للتحالف فاحكم بينهم فانهم قد جاؤوك. فبين حكم الله تعالى او اعرض عنهم لانهم لا يريدون الحكم الشرعي الذي شرعه الله تعالى وان تعرظ عنهم فلن يضروك شيئا في هذا تصوير للنبي صلى الله عليه وسلم في تثبيته على الحق وتصبير النبي صلى الله عليه وسلم تصبير لكل مؤمن فان الانسان اذا ثبت هذا الحق فلن يضر بشيء وان حكمت فاحكم بينهم بالقسط. اذا اردت ان تحكم ورأيت المصلحة في حكمك فاحكم بينهم القسط والعدل ولا تخالف في هذا بحجة انهم اعداء فديننا الحنيف يعلمنا العدل حتى مع المخالف ثم رغب ربنا جل جلاله بالعدل فقال ان الله يحب المقسطين ان الله يحب المقسطين فهذا فيه ترغيب فربنا يحب المقسطين ولذلك جاء في صحيح مسلم ان المقسطين على منابر من نور عن يمين الله تعالى يوم القيامة وفي هذه الاية الكريمة التحذير من الاكل مال الحرام وما اكثر اكل المال الحرام عند الناس صار الناس يتساهلون في هذا تساهلا كثيرا والقاعدة ان صاحب المال الحرام يعني ان انفقه لم يبارك له فيه. وان تصدق به لم يقبل منه. وان وان امر هؤلاء لعجب فهم يكفرون بك ويتهاكمون اليك طمعا في حكمك بما يوافق اهواءهم وهم عندهم التوراة التي يزعمون الايمان بها. فيها حكم الله ثم يعرضون عن حكمك اذا لم يوافق اهواءهم فجمعوا بين الكفر بما في كتابهم والاعراض عن حكمك وما صنيع هؤلاء الا بصنيع المؤمنين وما صنيع هؤلاء بصنيع المؤمنين فليسوا اذا من المؤمنين بك وبما جئت ربنا يقول ايها الاخوة باسم الاستفهام اشارة الى التعجب. وكيف يحكمونك؟ وعندهم التوراة فربنا جل جلاله قد انزل التوراة على موسى عليه السلام وفيها الهداية والموعظة والنور ولكن اليهود قد حرفوا وبدلوا وغيروا فيها حكم الله. التوراة التي فيها حكم الله هي التوراة غير المزورة ثم يتولون من بعد ذلك يعني بعد هذا الشيء يعرضون عن التوراة التي انزلها ولو انهم طبقوا التوراة لامنوا بالنبي صلى الله عليه وسلم وما اولئك بالمؤمنين. هذه الباء زائدة من حيث الاعراب وهي جيء بها لاجل التأكيد. وما اولئك بالمؤمنين فهؤلاء الذين يفعلون هذا الشيء هؤلاء ليس بمؤمنين ثم قال تعالى انا انزلنا التوراة فيها هدى ونور يحكم بها النبيون الذين اسلموا للذين هادوا والربانيون والاحبار بما استحفظوا من كتاب الله وكانوا عليه شهداء فلا تخشوا الناس واخشوني ولا تشتروا باياتي ثمنا قليلا ومن لم يحكم بما انزل الله فاولئك هم الكافرون قال الاخوة في المختصر في التفسير جزاهم الله عنا وعن المسلمين خيرا انا انزلنا التوراة على موسى عليه السلام. فيها ارشاد ودلالة على الخير ونور يستضاء به يحكم بها انبياء بني اسرائيل الذين انقادوا لله بالطاعة ويحكم بها العلماء والفقهاء الذين يربون الناس لما استحفظهم الله على كتابه وجعلهم امناء عليه يحفظونه من التحريف والتبديل وهم شهداء عليه بانه حق. واليهم يرجع الناس في امره فلا تخافوا ايها اليهود الناس وخافوني وحدي ولا تأخذوا بدلا من الحكم بما انزل الله ثمنا قليلا من رئاسة او جاه او مال ومن لم يحكم بما انزل الله من الوحي مستحلا ذلك او مفضلا عليه غيره او مساويا له معه فاولئك هم الكافرون حقا هذه الاية الكريمة فيها ملامح عظيمة فربنا جل جلاله بدأ بظمير العظمة ان فربنا هو الذي انزل التوراة على موسى انا انزلنا التوراة فيها هدى فيها هدى ونور. الهدى العلم والنور باعتبار ان العلم ينير الطريق فهذا العلم انار هذا العلم الطريق وذلك ان الانسان كلما ازداد علما ازداد نورا وبصيرة ومعرفة انا انزلنا التوراة فيها هدى اي هداية ونور اي استظاعة للطريق ومعرفة لاحكام الدين وما ينبغي على الانسان ومعرفة حق الله تعالى في كل امر يحكم بها النبيون الذين اسلموا للذين هادوا فهذا الحكم يحكم به موسى عليه السلام وكذلك من جاء من بعدي يحكم به الذين اسلموا في الانبياء جميعا اسلموا واستسلموا لله وجعل الاسلام هو المهيمن عليهم. وانقادوا لحكم الله تعالى والربانيون الرباني هو الذي يربي الناس بالعلم وهو نسبة الى الرب فالرباني منسوب الى الرب وهو الجامع الى العلم والفقه البصير بالسياسة والتدبير والقيام بامور رعية وما يصلحهم في دينهم ودنياهم. وهو العالم الحكيم وهو الفقيه التقي العابد والمعلم المصلح فسم نسب الى ربه اعظم نسبة باعتبار انه يبلغ عن الله رسالاته وانه يربي الناس ويعلم الناس ويسيس الناس بالموعظة الحسنة وما يصلح احوالهم والربانيون والاحبار اللي هو العالم العلماء بما استحفظوا من كتاب الله يعني هنا استحفظوا اي امروا بحفظ اوامر الله وبحفظ كتاب الله تعالى. طبعا هذا الكلام عن اهل الكتاب وهو يشمل ايضا المؤمنين وربنا جل جلاله قد تكفل بحفظ الكتاب انا نحن نزلنا الذكر وانا له لحافظون اما اولئك فقد استحفظوا ولكنهم لم يحفظوا ففيه ارشاد لهذه الامة بحفظ الوحيين الكتاب والسنة فهم استودعوا حفظ الكتاب والحفظ هو التعاهد وقلت الغفلة ومن اجل ان يحفظ من ولا يظيع منه شيء ولا يفرط بشيء منه بما استحفظوا من كتاب الله وكانوا عليه شهداء اذا هم شهدوا هذا الكتاب وهم ينبغي عليهم ان يحفظوا هذا ويبلغوه ولكنهم لم يفعلوه فلا تخشوا الناس هذا خطاب لهم واخشوني وهو ايضا يشمل جميع المخاطبين على ان المؤمن انما يخشى الله سبحانه وتعالى ويبلغ رسالات الله ولا تشتروا باياتي ثمنا قيلا اي لا تغيروا لاجل حطام الدنيا الفانية. فالدنيا كلها قليل. وربنا قال قل متاع الدنيا قليل والاخرة خير لمن اتقى ولا تظلمون فتيلا. ولا تشتروا باياته ثمنا قليلا ومن لم يحكم بما انزل الله فاولئك هم الكافرون وفيه انه لا يصلح لعبد الله في ارض الله الا حكم الله سبحانه وتعالى ثم قال تعالى وكتبنا عليهم فيها ان النفس بالنفس والعين بالعين والانثى بالامس والاذن بالاذن والسن بالسن والجروح قصاص فمن تصدق به فهو كفارة له ومن لم يحكم بما انزل الله فاولئك هم الظالمون قال الاخوة في المختصر في التفسير جزاهم الله خيرا وفرضنا على اليهود في التوراة ان من قتل نفسا متعمدا بغير حق قتل بها ومن قلع عينا متعمدا قلعت عينه ومن جذع انفا متعمدا جذع انفه ومن قطع اذنا متعمدا قطعت اذنه. ومن قلع سنا متعمدا قلعت سنه وكتبنا عليهم ان في الجروح يعاقب الجاري بمثل جنايته ومن تطوع بالعفو عن الجاني كان عفوه كفارا لذنوبه بعفوه عمن ظلمه ومن لم يحكم بما انزل الله في شأن القصاص وفي شأن غيره فهو متجاوز لحدود الله. طبعا وصف هنا قال تعالى فاولئك هم الظالمون باعتبار ان الانسان ظالم لنفسه ظالم لغيره ان لم يؤدي حق الله تعالى اذا الاسلام التام هو اسلام القلب واسلام اللسان هو اسلام الجوارح والرباني هو الذي يعلم الناس الدين الحق. فربنا قال واجتبنا عليهم فيها ان النفس بالنفس. اي تقتل النفس بالنفس ويقتل الرجل بالمرأة والعين بالعين اذا فقه الانسان عين اخر فقدت عين الجاني والانف بالانف من جدع انف اخر جذعت انفه والاذن بالاذن والسن بالسن والجروح قصاص اي مقابلة الفعل بمثله فمن تصدق به فهو كفارة له. من عفا فهو كفارة له ومن لم يحكم بما انزل الله فاولئك هم الظالمون. قال الاخوة في المختصر في التفسير بعد هذه الصفحة من فوائد الايات تعداد بعض صفات اليهود مثل الكذب واكل الربا ومحبة التحاكم لغير الشرع لبيان ضلالهم والتحذير منها بيان شرعة القصاص العادل بالانفس والجراحات وهي امر فرضه الله تعالى على من قبلنا الحث على فضيلة العفو عن القصاص وبيان اجرها العظيم المتمثل في تكفير الذنوب. الترهيب من الحكم بغير ما انزل الله في شأن وغيره الى هنا هذا وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وعلى اله وصحبه ومن تبعه باحسان الى يوم الدين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته