بسم الله الرحمن الرحيم. المكتبة الصوتية لمعالي الشيخ الدكتور صالح بن فوزان الفوزان شرح كتاب الملخص الفقهي من الفقه الاسلامي للدكتور صالح بن فوزان فوزان. الدرس مئة وخمسة عشر. بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى اله واصحابه اجمعين وبعد ايها المستمعون الكرام السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نواصل معكم الحديث عبر برنامج من الفقه الاسلامي ونخص في حلقتنا هذه التحدث عن حفظ الودائع اذ الفقهاء رحمهم الله يعقدون لذلك بابا يسمونه باب الوديعة يذكرون فيه احكامها وما يلزم نحوها والايداع توكيل في الحفظ تبرعا والوديعة لغة مأخوذة من ودع الشيء اذا تركه سميت بذلك لانها متروكة عند المودع وهي شرعا اسم للمال المودع عند من يحفظه بلا عوض ويشترط لصحة الايداع ما يعتبر للتوكيل من البلوغ والعقل والرشد لان الايداع توكيل في الحفظ ويستحب قبول الوديعة لمن علم من نفسه انه ثقة قادر على حفظها لان في ذلك ثوابا جزيلا لما في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم والله في عون العبد ما كان العبد في عون اخيه ولحاجة الناس الى ذلك اما من لا يعلم من نفسه القدرة على حفظها فيكره له قبولها ومن احكام الوديعة انها اذا تلفت عند المودع ولم يفرط فانه لا يظمنها كما لو تلفت من بين ماله لانها امانة والامين لا يظمن اذا لم يتعدى وورد في حديث فيه ضعف ان النبي صلى الله عليه وسلم قال من اودع وديعة فلا ضمان عليه رواه ابن ماجة ورواه الدارقطني بلهو ليس على المستودع غير المضل ظمان والمغل الخائن وفي رواية بلفظ لا ضمان على مؤتمن ولا ولان المستودع بحفظها لمالكها محسن في ذلك فلو ضمن لامتنع الناس من قبول الودائع فيترتب على ذلك الظرر بالناس وتعطل المصلحة اما المعتدي على الوديعة او المفرط في حفظها فانه يظمنها اذا تلفت لانه متلف لمال غيره ومن احكام الوديعة انه يجب على المودع حفظها في حرز مثلها كما يحفظ ماله لان الله تعالى امر بادائها في قوله ان الله يأمركم ان تؤدوا الامانات الى اهلها ولا يمكن اداؤها الا بحفظها ولان المودع حينما قبل الوديعة فقد التزم بحفظها فيلزمه ما التزم به واذا كانت الوديعة دابة لزم المودع اعلافها فلو قطع العلف عنها بغير امر صاحبها فتلفت ظمنها لان اعلاف الدابة من كمال حفظها والعرف يقتضي ذلك اذ الحيوان لا يبقى عادة بدون العلف فكأنه مأمور به ومع كونه يضمنها فانه يأثم ايضا بتركه اعلافها او سقيها حتى ماتت. لانه يجب عليه على وسقيها لحق الله تعالى لان لها حرمة ويجوز للمودع ان يدفع الوديعة الى من يحفظ ما له عادة زوجته وعبده وخازنه وخادمه وان تلفت عند احد من هؤلاء من غير تعد ولا تفريط لم يضمن لان له ان يتولى حفظها بنفسه او يولي حفظها من يقوم مقامه وكذا لو دفعها الى من يحفظ مال صاحبها برئ منها لجريان العادة بذلك اما لو سلمها الى اجنبي منه ومن صاحبها فتلفت فانه يظمنها لانه ليس له ان يودعها عند غيره من غير عذر الا اذا كان ايداعها عند الاجنبي لعذر اضطره الى ذلك كما لو حضره الموت او اراد سفرا ويخاف عليها اذا اخذها معه فلا حرج عليه في ذلك ولا يظمن اذا تلفت وان حصل خوف او اراد المودع ان يسافر فانه يجب عليه رد الوديعة الى صاحبها او وكيله فان لم يجد صاحبها ولا وكيله فانه يحملها معه في السفر اذا كان ذلك احفظ لها فان لم يكن السفر احفظ لها دفعها الى الحاكم لان الحاكم يقوم مقام صاحبها عند غيبته. فان لم يمكن ايداعها عند الحاكم اودعها عند ثقة لان النبي صلى الله عليه وسلم لما اراد ان يهاجر اودع الودائع التي كانت عنده عند ام ايمن رضي الله عنها وامر عليا ان يردها الى اهلها وكذا من حضره الموت وعنده ودائع للناس فانه يجب عليه ردها الى اصحابها فان لم يجدهم او لم يتمكن من ردها عليهم اودعها عند الحاكم او عند ثقة والتعدي على الوديعة كما لو اودع دابة فركبها لغير علفها او سقيها او اودع ثوبا فلبسه لغير خوف من عس وكما لو اودع دراهم في حرز فاخرجها من حرزها او كانت مشدودة فازال الشد عنها فانه يظمن الوديعة اذا تلفت في هذه الحالات لانه قد تعدى بتصرفه هذا. والمودع امين يقبل قوله اذا ادعى انه ردها الى صاحبها او الى من يقوم مقامه ويقبل قوله ايضا اذا ادعى انها تلفت من غير تفريط منه لكن مع يمينه لانه امين لان الله تعالى سماها امانة بقوله ان الله يأمركم ان تؤدوا الامانات الى اهلها ولان الاصل براءته اذا لم تقم قرينة على كذبه وكذا لو ادعى تلفها بحادث ظاهر كالحريق فانه لا يقبل قوله الا اذا اقام بينة على وجود ذلك الحادث ولو طلب منه صاحب الوديعة ردها اليه فتأخر من غير عذر حتى تلفت ظمنها لانه فعل محرما بامساكها بعد طلب صاحبها لها والله اعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد واله وصحبه. والى الحلقة القادمة باذن الله تعالى. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته والحمد لله رب العالمين