المكتبة السمعية للعلامة المفسر الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله. يسر فريق مشروع كبار العلماء ان يقدم قراءة تفسير السعدي بنصره ورزقكم من الطيبات لعلكم تشكرون. يقول تعالى ممتن على عباده في نصرهم بعد الذلة. وتكثيرهم بعد القلة. واغنائهم بعد العيلة. واذكروا اذ انتم قليل مستضعفون في الارظ اي مقهورون تحت حكم غيركم تخافون ان يتخطفكم الناس اي يأخذونكم فاواكم وايدكم بنصره ورزقكم من الطيبات فجعل لكم بلدا تأوون اليه وانتصر من اعدائكم على ايديكم وغنمتم من اموالهم ما كنتم به اغنياء لكم تشكرون الله على منته العظيمة واحسانه التام بان تعبدوه ولا تشركوا به شيئا يا ايها الذين امنوا لا تخونوا الله والرسول وتخونوا امانتكم وانتم تعلمون يأمر تعالى عباده المؤمنين ان يؤدوا ما ائتمنهم الله عليه من اوامره ونواهيه. فان الامانة قد عرضها الله على السماوات والارض والجبال فابين ان يحملنها واشفقن منها وحملها الانسان. انه كان ظلوما جهولا. فمن ادى الامانة استحق من الله ثواب الجزيل. ومن لم يؤدها بل خانها. استحق العقاب الوبيل. وصار خائنا لله وللرسول ولامانته. منقصا لنفسه بكونه اتصفت نفسه باخس الصفات واقبح الشيات وهي الخيانة. مفوتا لها اكمل الصفات واتمها. وهي الامانة واعلموا انما اموالكم واولادكم فتنة وان الله عنده اجر عظيم فلما كان العبد ممتحنا بامواله واولاده. فربما حمله محبة ذلك على تقديم هوى نفسه على اداء امانته اخبر الله تعالى ان الاموال والاولاد فتنة. يبتلي الله بهما عباده. وانها عارية ستؤدى لمن اعطاها. وترد لمن استودعها فان كان لكم عقل ورأي فاثروا فضله العظيم على لذة صغيرة فانية مضمحلة. فالعاقل يوازن بين الاشياء ويؤثر اولاها بالايثار. واحقها بالتقديم ايها الذين امنوا ان تتقوا الله يجعل لكم فرقانا. يجعل لكم فرقانا ويكفر عن منكم سيئاتكم ويغفر لكم ما الله ذو الفضل العظيم. امتثال العبد لتقوى ربه عنوان السعادة علامة الفلاح وقد رتب الله على التقوى من خير الدنيا والاخرة شيئا كثيرا. فذكر هنا ان من اتقى الله حصل له اربعة اشياء كل واحد منها خير من الدنيا وما فيها. الاول الفرقان وهو العلم والهدى الذي يفرق به صاحبه بين الهدى والضلال. والحق والباطل والحلال والحرام واهل السعادة من اهل الشقاوة. الثاني والثالث تكفير السيئات ومغفرة الذنوب. وكل واحد منهما داخل في الاخر عند الاطلاق وعند الاجتماع. يفسر تكفير السيئات بالذنوب الصغائر. ومغفرة الذنوب بتكفير الرابع الاجر العظيم والثواب الجزيل لمن اتقاه واثر رضاه على هوى نفسه واذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك او يقتلوك او يخرجوك ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين. اي اذكر ايها الرسول ما من الله به عليك. اذ يمكر بك الذين كفروا حين تشاور المشركون في دار الندوة فيما يصنعون بالنبي صلى الله عليه وسلم اما ان يثبتوه عندهم بالحبس ويوثقوه. واما ان يقتلوه فيستريحوا بزعمهم من شره. واما ان يخرجوه ويجلوه من ديارهم كل ابدى من هذه الاراء رأيا رآه. فاتفق رأيهم على رأي رآه شريرهم ابو جهل. لعنه الله وهو ان يأخذوا من كل قدير قبيلة من قبائل قريش فتى ويعطوه سيفا صارما ويقتله الجميع قتلة رجل واحد ليتفرق دمه في القبائل فيرضى بنو هاشم ثم بديته. فلا يقدرون على مقاومة سائر قريش. فترصدوا للنبي صلى الله عليه وسلم في الليل. ليوقعوا به اذا اقام من فراشه فجاءه الوحي من السماء وخرج عليهم فذر على رؤوسهم التراب وخرج. واعمى الله ابصارهم عنه حتى اذا استبطؤوه جاءهم هم ات وقال خيبكم الله. قد خرج محمد وذر على رؤوسكم التراب. فنفض كل منهم التراب عن رأسه ومنع الله رسوله منهم واذن له في الهجرة الى المدينة فهاجر اليها وايده الله باصحابه المهاجرين والانصار. ولم يزل امره يعلو حتى دخل على مكة عنوة وقهر اهلها فاذعنوا له وصاروا تحت حكمه بعد ان خرج مستخفيا منهم خائفا على نفسه فسبحان اللطيف بعبده الذي لا يغالبه مغالب وقوله لقلنا مثل هذا هذا الا اساطير الاولين. يقول تعالى في بيان عناد المكذبين للرسول صلى الله عليه وسلم. واذا تتلى عليهم اياتنا الدالة على صدق ما جاء به الرسول ان هذا الا اساطير الاولين. وهذا من عنادهم وظلمهم. والا فقد تحداهم الله ان يأتوا بسورة من مثل ويدعو من استطاعوا من دون الله فلم يقدروا على ذلك وتبين عجزهم. فهذا القول الصادر من هذا القائل مجرد دعوة كذبه الواقع وقد علم انه صلى الله عليه وسلم امي لا يقرأ ولا يكتب ولا رحل ليدرس من اخبار الاولين. فاتى بهذا الكتاب الجليل الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه. تنزيل من حكيم حميد وان قالوا اللهم ان كان هذا هو الحق من عندك فامطر علينا حجارة من السماء هجارة من السماء وائتنا بعذاب اليم. واذ قالوا اللهم ان كان الذي يدعو اليه محمد هو الحق من عندك فامطر علينا حجارة من السماء او ائتنا بعذاب اليم. قالوه على وجه الجزم منهم بباطلهم والجهل بما ينبغي من الخطاب. فلو انهم اذ اقاموا على باطلهم من الشبه والتمويهات. ما اوجب لهم ان يكونوا على بصيرة ويقين منه قالوا لمن ناظرهم وادعى ان الحق معه ان كان هذا هو الحق من عندك فاهدنا له لكان اولى لهم واستر لظلمهم فمذ قالوا اللهم ان كان هذا هو الحق من عندك. الاية علم بمجرد قولهم انهم السفهاء الاغبياء. الجهلة فلو عاجلهم الله بالعقاب لما ابقى منهم باقية. ولكنه تعالى دفع عنهم العذاب. بسبب وجود الرسول بين اظهرهم فقال فوجوده صلى الله عليه وسلم بين اظهرهم امانة لهم من العذاب وكانوا مع قولهم هذه المقالة التي يظهرونها على رؤوس الاشهاد. يدرون بقبحها فكانوا يخافون من وقوعها فيهم. فيستغفرون الله تعالى فلهذا قال تعالى وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون. فهذا مانع يمنع من وقوع العذاب بهم. بعدما انعقدت اسبابه ثم قال الا المتقون ولكن اكثرهم لا يعلمون. وما لهم الا يعذبهم الله. اي اي شيء يمنعهم من عذاب الله. وقد فعلوا ما يوجب ذلك وهو صد الناس عن المسجد الحرام. خصوصا صدهم النبي صلى الله عليه وسلم واصحابه. الذين هم اولى به منهم. ولهذا قال وما كانوا اي المشركون اولياءه. يحتمل ان الضمير يعود الى الله. اي اولياء الله. ويحتمل ان يعود الى المسجد حرام اي وما كانوا اولى به من غيرهم. ان اولياءه الا المتقون وهم الذين امنوا بالله ورسوله. وافردوا الله بالتوحيد والعبادة واخلصوا له الدين. فلذلك ادعوا لانفسهم امرا غيره هم اولى به وما كان صلاتهم عند البيت الا وتصدية. فذوقوا العذاب ما كنتم تكفرون. يعني ان الله تعالى انما جعل بيته الحرام ليقام فيه دينه. وتخلص له فيه العبادة. فالمؤمنون هم الذين قاموا بهذا الامر. واما هؤلاء المشركون الذين يصدون عنه. فما كان صلاتهم فيه التي هي اكبر العبادات الا مكاء وتصدية. اي صفيرا وتصفيقا. فعل الجهلة الاغبياء الذين ليس في قلوبهم تعظيم لربهم ولا معرفة بحقوقه. ولا احترام لافضل البقاع واشرفها. فاذا كانت هذه صلاتهم فيه. فكيف ببقية العبادات فباي شيء كانوا اولى بهذا البيت من المؤمنين الذين هم في صلاتهم خاشعون. والذين هم عن اللغو معرضون الى اخر ما وصفهم الله به من الصفات الحميدة والافعال السديدة. لا جرم اورثهم الله بيته الحرام. ومكنهم منه وقال لهم بعدما مكن لهم فيه يا ايها الذين امنوا انما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا. وقال هنا