ومن يتوكل على الله فان الله عزيز حكيم. اذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض اي شك وشبهة من ضعفاء الايمان. للمؤمنين حين اقدموا مع قلتهم على قتال المشركين مع كثرتهم. غر المكتبة السمعية للعلامة المفسر الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله. يسر فريق مشروع كبار العلماء ان يقدم قراءة تفسير السعدي فسينفقونها ثم تكون عليهم حسرة والذين كفروا الى جهنم يحشرون يقول تعالى مبينا لعداوة المشركين وكيدهم ومكرهم ومبارزتهم لله ولرسوله وسعيهم في اطفاء نوره واخماد كلمته وان وبال مكرهم سيعود عليهم ولا يحيق المكر السيء الا باهله. فقال ان الذين كفروا ينفقون اموالهم يصد عن سبيل الله اي ليبطلوا الحق وينصروا الباطل. ويبطل توحيد الرحمن ويقوم دين عبادة الاوثان. فسينفقونها اي فيصدرون هذه النفقة وتخف عليهم لتمسكهم بالباطل وشدة بغضهم للحق. ولكنها ستكون عليهم حسرة. اين اي اخاف ان يعادلني بالعقوبة في الدنيا. ومن المحتمل ان يكون الشيطان قد سول ووسوس في صدورهم انه لا غالب لهم اليوم من الناس. وانه جار لهم. فلما اوردهم مواردهم نكص عنهم وتبرأ منهم وخزيا وذلا ويغلبون فتذهب اموالهم وما املوا. ويعذبون في الاخرة اشد العذاب. ولهذا قال اي يجمعون اليها ليذوقوا عذابها وذلك لانها دار الخبث والخبثاء فيرقمه جميعا فيجعله في جهنم هم الخاسرون والله تعالى حالة يريد ان يميز الخبيث من الطيب. ويجعل كل واحد على حدة وفي دار تخصه. فيجعل الخبيث بعضه على بعض من الاعمال والاموات والاشخاص الذين خسروا انفسهم واهليهم يوم القيامة الا ذلك هو الخسران المبين قل للذين كفروا ان ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف. وان يعودوا فقد مضت سنة الاولين هذا من لطفه تعالى بعباده. لا يمنعه كفر العباد ولا استمرارهم في العناد. من ان يدعوهم الى طريق الرشاد والهدى نهاهم عما يهلكهم من اسباب الغي والردا. فقال قل للذين كفروا ان ينتهوا عن كفرهم وذلك بالاسلام لله وحده لا شريك له يغفر لهم ما قد سلف منهم من الجرائم. وان يعودوا الى كفرهم وعنادهم. فقد مضت سنة الاولين الامم المكذبة فلينتظروا ما حل بالمعاندين. فسوف يأتيهم انباء ما كانوا به يستهزؤون. فهذا خطابه للمكذبين. واما خطابه للمؤمنين عندما امرهم بمعاملة الكافرين. فقال وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون كله لله. وقال قاتلوهم حتى لا تكون فتنة. اي شرك وصد عن سبيل الله. ويذعنوا لاحكام الاسلام. ويكون الدين كله لله. فهذا المقصود من القتال والجهاد لاعداء الدين ان يدفع شرهم عن الدين وان يذب عن دين الله الذي خلق الخلق له حتى يكون هو العالي على سائر الاديان فان انتهوا عما هم عليه من الظلم. لا تخفى عليه منهم خافية ان تولوا عن الطاعة واوضعوا في الاضاعة نعم المولى الذي يتولى عباده المؤمنين. ويوصل اليه مصالحهم وييسر لهم منافعهم الدينية والدنيوية نعم النصير الذي ينصرهم في دفع عنهم كيد الفجار وتكالب الاشرار. ومن كان الله مولاه وناصره فلا خوف عليه. ومن الله عليه فلا عز له ولا قائمة له فانزلنا وما انزلنا على عبدنا يوم الفرق ان يوم التقى الجمعان والله على كل شيء يقول تعالى واعلموا ان ما غنمتم من شيء اي اخذتم من مال الكفار قهرا بحق قليلا كان او فان لله خمسا. اي وباقيه لكم ايها الغانمون. لانه اضاف الغنيمة اليهم. واخرج منها خمسها. فدل على ان الباقي لهم يقسم على ما قسمه رسول الله صلى الله عليه وسلم للراجل سهم وللفارس سهمان لفرسه وسهم واما هذا الخمس فيقسم خمسة اسهم سهم لله ولرسوله يصرف في مصالح المسلمين العامة من غير تعيين لمصلحة لان الله جعله له ولرسوله. والله ورسوله غنيان عنه. فعلم انه لعباد الله. فاذا لم يعين الله له مصرفا دل على ان مصرفه للمصالح العامة والخمس الثاني لذي القربى وهم قرابة النبي صلى الله عليه وسلم من بني هاشم وبني المطلب واضافه الله الى القرابة دليلا على ان العلة فيه مجرد القرابة. فيستوي فيه غنيهم وفقيرهم ذكرهم وانثاهم الخمس الثالث لليتامى وهم الذين فقدوا اباءهم وهم صغار. جعل الله لهم خمس الخمس رحمة بهم. حيث كانوا عاجزين عن القيام بمصالحهم. وقد فقد من يقوم بمصالحهم. والخمس الرابع للمساكين. اي المحتاجين الفقراء من صغار ذكور واناث والخمس الخامس لابن السبيل وهو الغريب المنقطع به في غير بلده. وبعض المفسرين يقول ان خمس الغنيمة لا يخرج عنها هذه الاصناف ولا يلزم ان يكونوا فيه على السواء. بل ذلك تبع للمصلحة. وهذا هو الاولى. وجعل الله اداء الخمس على وجهه شرطا ايمان فقال ان كنتم امنتم بالله وما انزلنا على عبدنا يوم الفرقان وهو يوم بدر الذي فرق الله به بين الحق والباطل واظهر الحق وابطل الباطل. يوم التقى الجمعان جمع المسلمين وجمع الكافرين. اي ان كان ايمانكم بالله وبالحق الذي انزله الله على رسوله يوم الفرقان الذي حصل فيه من الايات والبراهين ما دل على ان ما جاء به هو الحق لا يغالبه احد الا غلبه ولكن ليقضي الله امرا كان مفعولا ليهلك من هلك عن بينة ويحيا من حي اذ انتم بالعدوة الدنيا اي بعدوة الوادي القريبة من المدينة وهم بعدوته اي جانبه البعيدة من المدينة. فقد جمعكم واد واحد كما قال تعالى كمثل الشيطان اذ قال للانسان اكفر. فلما كفر قال اني بريء منك اني اخاف الله رب العالمين اذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض غرها اولئك دينهم والركب الذي خرجتم لطلبه واراد الله غيره اسفل منكم مما يلي ساحل البحر. ولو تواعدتم انتم واياهم على هذا الوصف وبهذه الحال لاختلفتم في الميعاد. اي لابد من تقدم او تأخر. او اختيار منزل او غير ذلك. مما يعرض لكم او لهم يصدفكم عن ميعادكم. ولكن الله جمعكم على هذه الحال. ليقضي الله امرا كان مفعولا. اي مقدرا في الازل. لا بد من وقوع ليهلك من هلك عن بينة اي ليكون حجة وبينة للمعاند فيختار الكفر على بصيرة وجزم ببطلانه فلا يبقى له له عذر عند الله ويحيى من حي عن بينة اي يزداد المؤمن بصيرة ويقينا بما ارى الله الطائفتين من ادلة الحق وبراهينه ما هو تذكرة لاولي الالباب؟ سميع لجميع الاصوات باختلاف اللغات على تفنن الحاجات عليم بالظواهر والضمائر والسرائر والغيب والشهادة اذ يريكهم الله في منامك قليلا ولو اراكهم كثيرا لفشلتم ولتنازعتم في الامر ولكن الله سلم انه عليم بذات الصدور. وان يريكموهم اذ اتقيتم في في اعينكم قليلا ويقللكم في اعينهم ليقضي الله امرا كان مفعولا وكان الله قد ارى رسوله المشركين في الرؤيا عددا قليلا. فبشر بذلك اصحابه. فاطمئنت قلوبهم وتثبتت افئدتهم. ولو اراكهم الله اياهم كثيرا. فاخبرت بذلك اصحابك لفشلتم ولتنازعتم في الامر. فمنكم من يرى الاقدام على قتالهم ومنكم من لا يرى ذلك فوقع من الاختلاف والتنازع ما يوجب الفشل ولكن الله سلم فلطف بكم انه عليم بذات الصدور اي بما فيها من ثبات وجزع وصدق وكذب. فعلم الله من قلوبكم ما صار سببا للطفه واحسانه بكم. وصدق الله رؤيا رسوله فأرى الله المؤمنين عدوهم قليلا في اعينهم. ويقللكم يا معشر المؤمنين في اعينهم. فكل من الطائفتين ترى الأخرى قليلة لتقدم كل منهما على الاخرى ليقضي الله امرا كان مفعولا من نصر المؤمنين وخذلان الكافرين وقتل قادتهم وسائل الضلال منهم. ولم يبق منهم احد له اسم يذكر فيتيسر بعد ذلك انقيادهم اذا دعوا الى الاسلام. فصار ايضا لطفا بالباقون الذين من الله عليهم بالاسلام. اي جميع امور الخلائق ترجع الى الله فيميز الخبيث من الطيب ويحكم في الخلائق بحكمه العادل. الذي لا جور فيه ولا ظلم يقول تعالى يا ايها الذين الذين امنوا اذا لقيتم فئة اي طائفة من الكفار تقاتلكم فاثبتوا لقتالها واستعملوا الصبر وحبس النفس على هذه الطاعة كبيرة التي عاقبتها العز والنصر واستعينوا على ذلك بالاكثار من ذكر الله. اي تدركون ما تطلبون من الانتصار على اعدائكم. فالصبر والثبات والاكثار من ذكر الله من اكبر الاسباب للنصر. واطيعوا الله ورسوله ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب واطيعوا الله ورسوله في استعمال ما امر به. والمشي خلف ذلك في جميع الاحوال ولا تنازعوا تنازعا يوجب تشتت القلوب وتفرقها فتفشل اي تجبن وتذهب ريحكم اي تنحل عزائمكم وتفرقوا قوتكم ويرفع ما وعدتم به من النصر على طاعة الله ورسوله. واصبروا نفوسكم على طاعة الله ان الله مع الصابرين بالعون والنصر والتأييد. واخشعوا لربكم واخضعوا له والله بما يعملون محيطا. اي هذا مقصدهم الذي خرجوا اليه. وهذا الذي ابرزهم من ديارهم لقصد الاشر والبطر في الارض. ولا يراهم الناس ويفخروا لديهم. والمقصود الاعظم انهم خرجوا ليصدوا عن سبيل من اراد سلوكه. فلذلك اخبركم بمقاصدهم وحذركم ان تشبهوا به فانه سيعاقبهم على ذلك اشد العقوبة. فليكن قصدكم في خروجكم وجه الله تعالى. واعلاء دين الله والصد عن الطرق الموصلة الى سخط الله وعقابه. وجذب الناس الى سبيل الله القويم. الموصل لجنات النعيم وقال واذ لهم الشيطان اعمالهم. حسنها في قلوبهم وخدعهم. وقال لا غالب لكم اليوم من الناس. فانكم في عدد وعدد وهيئة لا يقاومكم فيها محمد ومن معه. واني جار لكم من ان يأتيكم احد ممن تخشون غائلته. لان ابليس قد تبدى لقريش في سورة سراقة ابن مالك ابن جعش من مدلجي. وكانوا يخافون من بني مدلج لعداوة كانت بينهم. فقال لهم الشيطان انا جار لكم فاطمأنت نفوسهم واتوا على حرب قادرين. فلما تراءت الفئتان المسلمون والكافرون رأى الشيطان جبريل عليه السلام يزع الملائكة خاف خوفا شديدا ونكس على عقبيه اي ولى مدبرا وقال لمن خدعهم ثم غرهم اني بريء منكم اني ارى ما لا ترون. اي ارى الملائكة الذين لا يدان لاحد بقتالهم. اني اخاف الله اهؤلاء دينهم؟ اي اوردهم الدين الذي هم عليه هذه الموارد؟ التي لا يدان لهم بها ولا استطاعة لهم بها. يقولون احتقارا لهم واستخفافا لعقولهم. وهم والله الاخفاء عقولا. الضعفاء احلاما. فان الايمان يوجب لصاحبه الاقدام عليه الامور الهائلة التي لا يقدم عليها الجيوش العظام. فان المؤمن المتوكل على الله الذي يعلم انه ما من حول ولا قوة ولا استطاعة لاحد الا بالله تعالى. وان الخلق لو اجتمعوا كلهم على نفع شخص بمثقال ذرة لم ينفعوه. ولو اجتمعوا على ان يضروه لم الا بشيء قد كتبه الله عليه. وعلم انه على الحق وان الله تعالى حكيم رحيم في كل ما قدره وقضاه. فانه لا يبالي بما اقدم عليه من قوة وكثرة وكان واثقا بربه مطمئن القلب لفزعا ولا جبانا ولهذا قال توكل على الله فان الله عزيز حكيم. فان الله عزيز لا يغالب قوته قوة. حكيم فيما قضاه واجراه