المكتبة السمعية للعلامة المفسر الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله. يسر فريق مشروع كبار العلماء ان يقدم قراءة تفسير السعدي يقول وتعالى ولو ترى الذين كفروا بايات الله حين توفاهم الملائكة الموكلون بقبض ارواحهم. وقد اشتد بهم القلق وعظم كربهم والملائكة يضربون وجوههم وادبارهم يقولون لهم اخرجوا انفسكم ونفوسهم ممتنعة مستعصية على الخلق خروج لعلمها ما امامها من العذاب الاليم. ولهذا قال اي العذاب الشديد نحرق ذلك العذاب حصل لكم غير ظلم ولا جور من ربكم. وانما هو بما قدمت ايديكم من المعاصي التي اثرت لكم ما اثرت. وهذه سنة الله في الاولين والاخرين فان دأب هؤلاء المكذبين اي سنتهم وما اجرى الله عليهم من الهلاك بذنوبهم ان الله قوي شديد كدأب ال فرعون والذين من قبلهم من الامم المكذبة كفروا بايات الله اخذهم الله بالعقاب بذنوبهم قال لا يعجزه احد يريد اخذه. ما من دابة الا هو اخذ بناصيتها ان الله سميع عليم. ذلك العذاب الذي اوقعه الله بالامم المكذبين. وازال عنهم فيه من النعم والنعيم بسبب ذنوبهم وتغييرهما بانفسهم. فان الله لم يك مغيرا نعمة انعمها على قوم من نعم الدين والدنيا بل يبقيها ويزيدهم منها ان ازدادوا له شكرا. حتى يغيروا ما بانفسهم. من الطاعة الى المعصية. فيكفروا نعمة الله يبدلوها كفرا فيسلبهم اياها ويغيرها عليهم كما غيروا ما بانفسهم. ولله الحكمة في ذلك والعدل والاحسان الى عباده حيث لم يعاقبهم الا بظلمهم. وحيث جذب قلوب اوليائه اليه. بما يذيق العباد من النكال. اذا خالفوا امره يسمع جميع ما نطق به الناطقون سواء من اسر القول ومن ويعلم ما تنطوي عليه الضمائر وتخفيه السرائر فيجري على عباده من الاقدار ما اقتضاه علمه وجرت به مشيئته كدأب ال فرعون اي فرعون وقومه. والذين من قبلهم كذبوا بايات ربهم حين جاءتهم. فاهلكناهم ذنوبهم كل بحسب جرمه. واغرقنا ال فرعون وكل من المهلكين لكانوا ظالمين لانفسهم. ساعين في هلاكها لم يظلمهم الله ولا اخذهم بغير جرم اقترفوه. فليحذر المخاطبون ان يشابهوهم في الظلم. في حل الله بهم من عقابه ما احل باولئك فاسقين لا يؤمنون الذين عاهدت منهم ثم ينقضون عهدهم في كل مرة وهم لا يتقون هؤلاء الذين جمعوا هذه الخصال الثلاث الكفر وعدم الايمان والخيانة بحيث لا يثبتون على عهد عاهدوه ولا قول قالوا هم شر الدواب عند الله فهم شر من الحمير والكلاب وغيرها. لان الخير معدوم منهم والشر متوقع فيهم. فاذا هؤلاء ومحقهم هو المتعين بالا يسري داؤهم لغيرهم. ولهذا قال فاما تثقفنهم في الحرب اي تجدنهم في حال المحاربة بحيث لا يكون لهم عهد وميثاق فشرد بهم من خلفهم اي نكل بهم غيرهم. واوقع بهم من العقوبة ما يصيرون به عبرة لمن بعدهم. لعلهم اي من خلفهم يذكرون صنيعهم لئلا يصيبهم ما اصابهم. وهذه من فوائد العقوبات والحدود المرتبة على المعاصي. انها سبب لازدجار من لم يعمل المعاصي وزجرا لمن عملها الا يعاودها. ودل تقييد هذه العقوبة في الحرب ان الكافر ولو كان كثير الخيانة سريع الغدر انه اذا اعطي عهدا لا يجوز خيانته وعقوبته وانا تخافن من قوم خيانة فانبت اليهم على سواء ان الله لا يحب الخائنين. اي واذا كان بينك وبين قوم عهد وميثاق على ترك القتال فخفت منهم خيانة. بان ظهر من قرائن احوالهم ما يدل على خيانتهم من غير تصريح منهم بالخيانة. فانبذ اليهم عهدهم اي ارميه عليهم واخبرهم انه لا عهد بينك وبينهم على سواء اي حتى يستوي علمك وعلمهم بذلك ولا يحل لك ان تغدرهم او تسعى في شيء مما منعه موجب العهد حتى تخبرهم بذلك خائنين. بل يبغضهم اشد البغض. فلابد من امر بين يبرئكم من الخيانة. ودلت الاية على انه اذا وجدت كانت المحققة منهم لم يحتج ان ينبذ اليهم عهدهم لانه لم يخف منهم بل علم ذلك ولعدم الفائدة ولقوله على سواء وهنا قد كان معلوما عند الجميع غدرهم. ودل مفهومها ايضا انه اذا لم يخف منهم خيانة بان لم يوجد منهم ما يدل على ذلك انه لا يجوز نبذ العهد اليهم. بل يجب الوفاء الى ان تتم مدته ولا يحسبن الذين كفروا سبقوا انهم لا يعجزون اي لا يحسب الكافرون بربهم المكذبون باياته انهم سبقوا الله وفاتوه. فانهم لا يعجزونه. والله لهم بالمرصاد. وله تعالى الحكمة البالغة وفي امهالهم وعدم معاجلتهم بالعقوبة. التي من جملتها ابتلاء عباده المؤمنين وامتحانهم. وتزويدهم من طاعته ومراضيه ما يصلون به الى المنازل العالية واتصافهم باخلاق وصفات لم يكونوا بغيره بالغيها. فلهذا قال الله لعباده المؤمنين اي واعدوا لاعدائكم الكفار الساعين في وابطال دينكم. ما استطعتم من قوة. اي كل ما تقدرون عليه من القوة العقلية والبدنية. وانواع الاسلحة ونحو ذلك مما يعين على قتالهم فدخل في ذلك انواع الصناعات التي تعمل فيها اصناف الاسلحة والالات من المدافع والرشاشات والبنادق والطيارات الجوية والمراكب البرية والبحرية والحصون والقلاع والخنادق والات الدفاع والرأي والسياسة التي بها يتقدم المسلمون ويندفع عنهم به شر اعدائهم. وتعلم الرمي والشجاعة والتدبير. ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم الا ان القوة الرمي ومن ذلك الاستعداد بالمراكب المحتاج اليها عند القتال. ولهذا قال تعالى ومن رباط ترهبون به عدو الله وعدوكم. وهذه العلة موجودة فيها في ذلك الزمان. وهي ارهاب الاعداء. والحكم يدور مع علته فاذا كان شيء موجود اكثر ارهابا منها كالسيارات البرية والهوائية المعدة للقتال التي تكون النكاية فيها اشد كانت مأمورا بالاستعداد بها. والسعي لتحصيلها حتى انها اذا لم توجد الا بتعلم الصناعة. وجب ذلك. لان ما لا يتم الواجب الا به فهو واجب. وقوله ترهبون به عدو الله وعدوكم. ممن تعلمون انهم اعداؤكم واخرين من دونهم لا تعلمونهم. ممن سيقاتلونكم بعد هذا الوقت الذي يخاطبهم الله به. الله يعلمهم. فلذلك امرهم بالاستعداد لهم ومن اعظم ما يعين على قتالهم بذل النفقات المالية في جهاد الكفار. ولهذا قال تعالى مرغبا في ذلك وما تنفقوا من شيء في سبيل الله قليلا كان او كثيرا. يوفى اليكم اجره يوم القيامة مضاعفا اضعافا كثيرة. حتى ان النفقة في سبيل الله تضاعف الى سبعمائة ضعف الى اضعاف كثيرة. اي لا تنقصون من اجرها وثوابها شيئا