بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين. والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين اللهم اغفر لنا ولشيخنا ولوالديه ولمشايخه ولولاة امورنا ولجميع المسلمين. قال الشيخ المجد ابن تيمية رحمه الله تعالى في كتابه الملتقى في كتاب قال رحمه الله باب التحفظ من الغيبة واللغو وما يقول اذا شتم. عن ابي هريرة رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال قال اذا كان يوم صوم احدكم فلا يرفث يومئذ ولا يصحب. فان شاتمه احد او قاتله فليقل اني امرؤ صائم. والذي نفس محمد بيده دخلوه في فم الصائم اطيب عند الله من ريح المسك. وللصائم فرحتان يفرحهما اذا افطر فرح بفطره واذا لقى ربه فرح بصومه متفق عليه. وعن ابي هريرة رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في ان يدع طعامهم وشرابه. رواه الجماعة الا مسلما والنسائي. بسم الله الرحمن الرحيم قال رحمه الله تعالى ابي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال اذا كان صوم يوم احدكم فلا يرفث ولا يسقط الرفث هو الكلام الفاحش ويدخل في ذلك الجماع ومقدماته. ولا يصخب الصخب هو اللغط. والجلبة ورفع الصوت مما لا فائدة فيه. قال فان سابه احد او شاتمه فان سابه احد يعني سبه وشتمه. بان قال له بان تكلم عليه بالفاظ نابية او بالفاظ محرمة فليقل اني صائم. وفي لفظ فليقل اني امرؤ وظاهر الحديث انه يقول ذلك جهرا سواء كان صيامه فرضا ام نفلا. وفائدة قول الصائم بمن سابه او شاتمه اني صائم اولا ان فيه اعزازا لنفسه. وانه لم يمنعه من من مقابلة هذا السب وهذا الشتم الا انه صائم. فيعز نفسه بهذه الكلمة. وثانيا انه اقطع للنزاع لان الشاب والشاتم اذا قوبل بقوله اني صائم علم انه لن يقابله بالمثل وحينئذ يرتدع وثالثا ان فيه تعليما بالفعل لانه يعلم هذا الشاب والشاتم ان المشروع في حقه الا يسب والا يشتم ثم قال ولخنوف فم الصائم اطيب عند الله من ريح المسك. الخلوف ويقان الخلوف بضم الخاء وفتحها هو الرائحة التي تنبعث من المعدة بخلوها من الطعام والشراب. هذه الرائحة مستقرة عند ولكنها محبوبة الى الله عز وجل بانها ناشئة عن طاعته. وما نشأ عن طاعة الله فانه محبوب الى الله تعالى ونظير ذلك دم الشهيد عليه فانه محبوب الى الله تعالى. ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم ما من يكلم في سبيل الله يكلم ان يجرح. ما من مكلوم يكلم في سبيل الله. والله اعلم بمن يكلم في سبيله جاء يوم القيامة وجرحه يثعب دما اللون لون الدم والريح ريح المسك. لانه نشأ عن طاعة الله عز وجل ثم قال للصائم فرحتان يفرحهما. فرحة عند فطره وفرحة عند لقاء ربه فيفرح عند فطره لامرين الامر الاول انه اتم هذه العبادة وهي الصيام التي هي من افضل الاعمال الى الله وتقرب بها الى الله عز وجل. وثانيا يفرح بما احل الله تعالى واباح له من الطعام والشراب الذي انا ممنوعا منه حال صيامه. وفرحة عند لقاء ربه. حيث يجد ثواب هذا الصيام مغفورا عند الله عز وجل وينادى يوم القيامة اين الصائمون؟ ليدخلوا الجنة من باب الريان الذي لا يدخله احد سواهم فهذا الحديث فيه امر الصائم بالتحفظ بصيامه. وان يصون صيامه عن اللغط وعن اللغو والرفث وعن كل محرم. وفيه ايضا دليل على مشروعية قول الصائم بمن سابه او شاتمه اني صائم ليقطع النزاع وليعز نفسه بذلك. وليمتثل امر النبي صلى الله عليه وسلم. ومنها ايضا بيان رحمة الله عز وجل بعباده. حيث انه كلفهم بهذه العبادة العظيمة الجليلة مع ذلك فانهم يفرحون بها في الدنيا والاخرة. اما الحديث الثاني وهو قول النبي صلى الله عليه وسلم من لم يدع قول الزور والعمل به والجهل فليس لله حاجة في ان يدع طعامه وشرابه. من لم يدع يعني يترك من الودع وهو الترك ومنه قول الله عز وجل في قراءة ما ودعك ربك وما قلى. يعني ما تركك وما هجرك وقلاك من لم يدع قول الزور وقول الزور او الزور الزور كل قول مائل عن الحق لانه مأخوذ من فرار وهو الميل. فقول الزور كل قول باطل. مائل عن الحق من الكذب والغيبة والنميمة والسب والشتم والعمل به اي العمل بقول الزور. كشهادة الزور ونحو ذلك. والجهل الجهل هو السبب والمراد به هنا الكلمات النابية التي لا تصل الى درجة التحريم. بل هي كلمات تنافي الادب والمروءة. قال فليس لله حاجة. الحاجة هنا بمعنى الارادة. فليس لله حاجة ان في ان يدع طعامه وشرابه يعني ان الله عز وجل لم يرد من عباده من فرض الصيام عليهم ان يدعوا الطعام والشراب وانما اراد منهم امرا ذلك وهو التحفظ وتقوى الله عز وجل. ولهذا قال الله تعالى يا ايها الذين امنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون. فمن حكم الصيام ومن حكم مشروعيته تقوى الله عز وجل وتحقيقها ولهذا قال فليس لله حاجة في ان يدع طعامه وشرابه في هذا الحديث فيه مشروعية تحفظ الصائم وان الصائم مأمور بان يحفظ جوارحه من الامور المحرمة القولية والفعلية. وفيه ايضا ان لهذه الامور المحرمة اثرا على ايام فانها تنقص ثوابه واجره. وفيه ايضا دليل على بيان الحكمة من مشروعية الصيام وهي تحقيق التقوى بان يزكو الانسان بنفسه وان يطهرها من الادناس ومن كل محرم سواء كان قوليا فعليا فالواجب على الصائم ان يحفظ صيامه وان يصونه من النواقض والنواقص النواقص يعني التي تنقضه وتفسده من المفطرات من اكل وشرب وحجامة وغيرها. ومن النواقص يعني من الامور المحرمة التي لا تبطل الصيام ولكنها تنقص ثوابه واجره. ولهذا جاء في الحديث رب صائم حظه من صيامه الجوع والعطش. فهو يجوع ويعطش ولا يستفيد من صيامه ثوابا واجرا لانه لم يحفظ ولم يصن صومه عن المحرمات وفق الله الجميع لما يحب ويرضى. وصلى الله على نبينا محمد