منصة زادي للتعلم الشرعي المفتوح الاصول القرآنية لاسماء الله الحسنى بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين. وصلى الله وسلم وبارك على عبده ونبيه محمد. وعلى اله وصحبه اجمعين اللهم انا نسألك علما نافعا وعملا صالحا وتجارة لا تبور وان تحسن عاقبتنا في جميع الامور في هذه الحلقة معشر طلبة العلم وطالباته سوف نتكلم عن اصل عظيم دل عليه قول الله تعالى وما يعلم تأويله الا الله وذلك في بيان معاني التأويل وصلة ذلك بصفات الله قد قال ربنا عز وجل هو الذي انزل عليك الكتاب منه ايات محكمات هن ام الكتاب واخر متشابهات فاما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه. ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله. وما يعلم تأويله الا الله والراسخون في العلم يقولون امنا به كل من عند ربنا وما يذكر الا اولوا الالباب وقد ورد في هذه الاية العظيمة قراءتان مشهورتان احداهما قراءة الوقف على قوله وما يعلم تأويله الا الله وهي قراءة الجمهور. الثانية قراءة الوصل وما يعلم تأويله الا الله والراسخون في العلم. وهي قراءة لبعضهم قال ابن جرير الطبري رحمه الله اختلف اهل التأويل في تأويل ذلك. وهل الراسخون معطوف على اسم الله؟ بمعنى ايجاب العلم لهم بتأويل المتشابه ام هم مستأنف ذكرهم بمعنى الخبر عنهم انهم يقولون امنا بالمتشابه وصدقنا ان علم ذلك لا يعلمه الا الله. فقال بعضهم معنى ذلك وما يعلم تأويل ذلك الا الله وحده منفردا بعلمه. واما الراسخون في العلم فانهم ابتدأ الخبر عنهم بانهم يقولون امنا بالمتشابه والمحكم وان جميع ذلك من عند الله. ثم ساق باسانيده هذا القول عن عائشة وابن عباس رضي الله عنهم وعروة وعمر ابن عبد العزيز ومالك رحمهم الله ثم قال وقال اخرون بل معنى ذلك وما يعلم تأويله الا الله والراسخون في العلم وهم مع علمهم بذلك ورسوخهم في العلم يقولون امنا به كل من عند ربنا ثم ساق باسانيده هذا القول عن ابن عباس رضي الله عنهما ومجاهد والربيع ومحمد ابن جعفر ابن الزبير رحمهم الله فهدان قولان محفوظان عن السلف مبنيان على قراءتين ثابتتين. وظاهر القولين التعارض. فالاول يقطع اختصاص الرب سبحانه بعلم التأويل والثاني يدل على اشتراك الراسخين في العلم بعلم التأويل. ولكن الاشكال يزول بتحرير المراد بالتأويل عند كل من القارئين للوقف او الوصل وذلك ان للتأويل في لغة العرب معنيين صحيحين. احدهما الاول وهو الرجوع. قال الراغب الاصفهاني التأويل من الاول اي الرجوع الى الاصل. ومنه الموئل للموضع الذي يرجع اليه الثاني التفسير. قال الجوهري التأويل تفسير ما يؤول اليه الشيء. وقد جمع امام المفسرين ابن جرير الطبري بين المعنيين فقال واما التأويل في كلام العرب فانه التفسير والمرجع والمصير اعلى هذين المعنيين تحمل القراءتان التأويل في قراءة الوقف يراد به الحقيقة والكن والكيفية لصفات الله تعالى وذاك لا يعلمه الا الله قطعا والتأويل في قراءة الوصل يراد به التفسير الذي يكشف عن اصل المعنى في لغة العرب. وهذا امر يدركه الراسخون في العلم. وبذلك يزول التعارض ويرتفع الاشكال على ان بعض المتأخرين احدث معنى اصطلاحيا للتأويل ليس عليه مراد الله ولا رسوله. ولا دلت عليه لغة العرب وهو صرف الكلام عن ظاهره الراجح. الى معنى مرجوح يخالف الظاهر. لدليل يقترن به يسمونه قرينة ولا مشاحة في الاصطلاح. لكن ذلك لا يبيح حمل كلام الله ورسوله. بل ولا كلام العرب على اصطلاح حادث لم يكن معهود عند المخاطبين والا ادى الى لبس عظيم وفساد كبير وقد لخص شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله هذه الاستعمالات فقال لفظ التأويل قد صار بتعدد الاصطلاحات مستعملا في ثلاثة معان. احدها وهو اصطلاح كثير من من المتكلمين في الفقه واصوله ان التأويل هو صرف اللفظ عن الاحتمال الراجح الى الاحتمال المرجوح لدليل تقترن به وهذا هو الذي عناه اكثر من تكلم من المتأخرين في تأويل الصفات وترك تأويلها وهل ذلك محمود او ومذموم او حق او باطل الثاني ان التأويل بمعنى التفسير. وهذا هو الغالب على اصطلاح المفسرين للقرآن. كما يقول ابن جرير وامثاله من مصنفين في التفسير واختلف علماء التأويل ومجاهد امام المفسرين قال الثوري اذا جاءك التفسير عن مجاهد فحسبك به وعلى تفسيره يعتمد الشافعي واحمد البخاري وغيرهما فاذا ذكر انه يعلم تأويل المتشابه فالمراد به معرفة تفسيره الثالث من معاني التأويل هو الحقيقة التي يؤول اليها الكلام. كما قال الله تعالى هل ينظرون الا تأويله يوم تأويله يقول الذين نسوه من قبل قد جاءت رسل ربنا بالحق فتأويل ما في القرآن من اخبار المعاد هو ما اخبر الله به فيه مما يكون من القيامة والحساب والجزاء والجنة والنار ونحو ذلك. كما قال الله تعالى في قصة يوسف لما سجد ابواه واخوته قال يا ابتي هذا تأويل رؤياي من قبل فجعل عين ما وجد في الخارج هو تأويل الرؤية التأويل الثاني هو تفسير الكلام. وهو الكلام الذي يفسر به اللفظ حتى يفهم معناه او تعرف علته او دليله وهذا التأويل الثالث هو عين ما هو موجود في الخارج. ومنه قول عائشة رضي الله عنها كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول في ركوعه وسجوده سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي يتأول القرآن يعني قوله فسبح بحمد ربك واستغفره وقول سفيان ابن عيينة السنة هي تأويل الامر والنهي فان نفس الفعل المأمور به هو تأويل الامر به ونفس موجود المخبر عنه هو تأويل الخبر والكلام خبر وامر. ولهذا يقول ابو عبيد وغيره الفقهاء اعلم في التأويل من اهل اللغة كما ذكروا ذلك في تفسير اشتمال الصماء لان الفقهاء يعلمون تفسير ما امر به ونهى عنه لعلمهم بمقاصد الرسول صلى الله عليه وسلم كما يعلم اتباع ابو قراط وسيبويه ونحوهما من مقاصدهم ما لا يعلم بمجرد اللغة. ولكن تأويل والنهي لابد من معرفته بخلاف تأويل الخبر اذا عرف ذلك فتأويل ما اخبر الله تعالى به عن نفسه المقدسة المتصفة بما لها من حقائق الاسماء والصفات هو حقيقة لنفسه المقدسة المتصفة بما لها من حقائق الصفات انتهى كلام شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله وهذا تفصيل رائق وبيان شاف وبه يتبين ضلال طائفتين احداهما اهل التحريف الذين يسمون انفسهم اهل التأويل فقد عمدوا الى نصوص الصفات فاعمل فيها معاول التحريف صارفين لها عن المعنى المرادي لله الى معان ابتكروها بناء على مقدماتهم الفاسدة زاعمين ان ذلك هو التأويل الذي يعلمه الراسخون على قراءة الوصل وليس كذلك الثانية اهل التجهيل الذين يسمون انفسهم اهل التفويض. فقد سدوا باب العلم بالله ومعرفة مراده بما اخبر به عن نفسه زاعمين ان اثبات المعنى اللائق بالله دون الكيفية هو التأويل الذي استأثر الله بعلمه ونفاه عن غيره. على قراءة الوقف وليس كذلك قال شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله بعد حكاية مذهبهم فتبين ان قول اهل التفويض الذين يزعمون انهم متبعون للسنة والسلف من شر اقوال اهل البدع والالحاد وهدى الله اهل السنة والجماعة لما اختلف فيه من الحق باذنه. فاثبتوا التأويل الذي بمعنى التفسير للراسخين في العلم. كما هي الوصل ونفوا التأويل الذي بمعنى الكنه والكيفية عن غيره سبحانه كما هي قراءة الوقف. ونبذوا التأويل الاصطلاحي الذي حقيقته التحريف وحمل كلام الله على غير مراده اللهم فقهنا في الدين وعلمنا التأويل. وصلى الله على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين ايها الناس من استطاع منكم ان يتفرغ لطلب العلم وتحصيله كذلك افضل. وتلك نعمة كبرى وغنيمة كبرى. وان التفرغ لطلب العلم ليتأكد في هذا الزمان الذي قل فيه الفقهاء في دين الله. وكثر فيه طلب الدنيا والاقبال عليها من اكثر الناس. ومن لم يستطع ان لطلب العلم فليستمع الى العلم وليجلس الى اهله فيستفيد منهم ويفيد غيره