ما الفت بين قلوبهم ولكن الله الف بينهم. انه عزيز حكيم وان يريدوا ان يخدعوك فان حسبك الله اي كافيك ما يؤذيك. وهو القائم بمصالحك ومهماتك. فقد سبق لك من كفايته لك ونصره المكتبة السمعية للعلامة المفسر الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله. يسر فريق مشروع كبار العلماء ان يقدم قراءة تفسير السعدي يقول تعالى وان جنحوا اي الكفار المحاربون اي مال للسلم اي الصلح وترك قتال فاجنح لها وتوكل على الله. اي اجبهم الى ما طلبوا متوكلا على ربك. فان في ذلك فوائد كثيرة. منها ان طلب العافية مطلوب كل وقت فاذا كانوا هم المبتدئين في ذلك كان اولى لاجابتهم. ومنها ان في ذلك اجماما لقواكم واستعدادا منكم لقتالهم في وقت اخر ان احتيج لذلك. ومنها انكم اذا اصلحتم وامن بعضكم بعضا. وتمكن كل من معرفة ما عليه اخر فان الاسلام يعلو ولا يعلى عليه. فكل من له عقل وبصيرة اذا كان معه انصاف فلا بد ان يؤثره على غيره من الاديان بحسنه في اوامره ونواهيه. وحسنه في معاملته للخلق والعدل فيهم. وانه لا جور فيه ولا ظلم بوجه. فحينئذ يكثر الراغبون فيه والمتبعون له. فصار هذا السلم عونا للمسلمين على الكافرين. ولا يخاف من السلم الا خصلة واحدة. وهي ان يكون الكفار قصدهم ذلك خدع المسلمين وانتهاز الفرصة فيهم. فاخبرهم الله انه حسبهم وكافيهم خداعهم. وان ذلك يعود عليهم ضرره قال الذي ايدك بنصره وبالمؤمنين والف بين قلوبهم. لو انفقت ما في الارض جميعا فيما يطمئن به قلبك فهو الذي ايدك بنصره وبالمؤمنين. اي اعانك بمعونة سماوية وهو النصر منه الذي لا يقاومه شيء ومعونة بالمؤمنين بان قيدهم لنصرك والف بين قلوبهم فاجتمعوا وائتلفوا وازدادت قوتهم بسبب اجتماعهم. ولم يكن هذا بسعي احد ولا بقوة غير قوة فلو انفقت ما في الارض جميعا من ذهب وفضة وغيرهما لتأليفهم بعد تلك النفرة والفرقة الشديدة ما الفت بين قلوبهم لانه لا يقدر على تقليب القلوب الا الله تعالى ومن عزته ان الف بين قلوبهم وجمعها بعد الفرقة. كما قال تعالى واذكروا نعمة الله عليكم اذ كنتم هم اعداء فالف بين قلوبكم فاصبحتم بنعمته اخوانا. وكنتم على شفا حفرة من النار فانقذكم منها. ثم قال تعالى يا ايها النبي حسبك الله ومن اتبعك من المؤمنين يا ايها النبي حسبك الله اي ومن اتبعك من المؤمنين اي وكافي اتباعك من المؤمنين. وهذا وعد من الله لعباده المؤمنين المتبعين لرسوله. بالكفاية والنصرة على الاعداء. فاذا اتوا بالسبب الذي هو الايمان والاتباع. فلا بد ان يكفيهم ما اهمهم من امور الدين والدنيا. وانما تتخلف الكفاية بتخلف شرطها ان يكن منكم عشرون وان يكم منكم مئة يغلب الفا من الذين كفروا يقول تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم يا ايها النبي حرض المؤمنين على على القتال اي حثهم وانهضهم اليه. بكل ما يقوي عزائمهم وينشط هممهم. من الترغيب في الجهاد ومقارعة الاعداء من ضد ذلك وذكر فضائل الشجاعة والصبر. وما يترتب على ذلك من خير الدنيا والاخرة. وذكر مضار الجبن وانه من الاخلاق الرذيلة المنقصة للدين والمروءة. وان الشجاعة بالمؤمنين اولى من غيرهم ان تكونوا تألمون فانهم يألمون كما تألمون. وترجون من الله ما لا يرجون. ان يكن منكم ايها المؤمنون عشرون صابرون يغلبوا مئتين وان يكن منكم مئة يغلب الفا من الذين كفروا يكون الواحد بنسبة عشرة من الكفار وذلك بان الكفار قوم لا يفقهون. اي لا علم عندهم بما اعد الله للمجاهدين في سبيله. فهم يقاتلون لاجل العلو في الارض والفساد فيها وانتم تفقهون المقصود من القتال انه لاعلاء كلمة الله واظهار دينه والذب عن كتاب الله وحصول الفوز الاكبر الله وهذه كلها دواع للشجاعة والصبر والاقدام على القتال. ثم ان هذا الحكم خففه الله على العباد. فقال وعلم ان فيكم ضعفا. وعلم ان فيكم ضعفا. فلذلك رحمته وحكمته التخفيف وان يكن منكم الف والله مع الصابرين. بعونه وتأييده وهذه الايات صورتها صورة الاخبار عن المؤمنين بانهم اذا بلغوا هذا المقدار المعين يغلبون ذلك المقدار المعين في مقابل من الكفار وان الله يمتن عليهم بما جعل فيه من الشجاعة الايمانية. ولكن معناها وحقيقتها الامر وان الله امر المؤمنين اول الامر ان الواحد لا يجوز له ان يفر من العشرة والعشرة من المئة والمئة من الالف ثمان الله خفف ذلك فصار لا يجوز فرار المسلمين من مثليهم من الكفار. فان زادوا على مثليهم جاز لهم الفرار. ولكن على هذا امران احدهما انها بسورة الخبر والاصل في الخبر ان يكون على بابه وان المقصود بذلك الامتنان والاخبار به الواقع والثاني تقييد ذلك العدد ان يكونوا صابرين. بان يكونوا متدربين على الصبر ومفهوم هذا انهم اذا لم يكونوا صابرين فانه يجوز لهم الفرار ولو اقل من مثليهم اذا غلب على ظنهم الضرر ما تقتضيه الحكمة الالهية. ويجاب عن الاول بان قوله الان خفف الله عنكم الى اخرها دليل على ان هذا امر لازم وامر محتم. ثم ان الله خففه الى ذلك العدد. فهذا ظاهر في انه امر وان كان في صيغة الخبر وقد يقال ان في اتيانه بلفظ الخبر نكتة بديعة لا توجد فيه اذا كان بلفظ الامر وهي تقوية قلوب المؤمنين والبشارة بانهم سيغلبون الكافرين. ويجاب عن الثاني ان المقصود بتقييد ذلك بالصابرين انه حث على الصبر وانه ينبغي منكم ان تفعلوا الاسباب الموجبة لذلك. فاذا فعلوها صارت الاسباب الايمانية والاسباب المادية مبشرة بحصول ما اخبر الله به من النصر لهذا العدد القليل هذه معتبة من الله رسوله وللمؤمنين يوم بدر اذ اسروا المشركين وابقوهم لاجل الفداء. وكان رأي امير المؤمنين عمر ابن الخطاب في هذه الحال قتلهم واستئصالهم فقال تعالى ما كان لنبي ان يكون له اسرى حتى يثخن في الارض. اي ما ينبغي ولا يليق به اذا قاتل الكفار الذين يريدون ان يطفئوا نور الله ويسعوا لاخماد دينه. والا يبقى على وجه الارض من يعبد الله. ان يتسرع الى اسرهم وابقائهم لاجل الفداء الذي يحصل منهم وهو عرض قليل بالنسبة الى المصلحة المقتضية لابادتهم وابطال شرهم فما دام لهم شر وصولة فالاوفق الا يؤسروا فاذا اثخنوا وبطل شرهم واضمحل امرهم. فحينئذ لا بأس باخذ الاسرى منهم وابقائهم. يقول تعالى تريدون باخذكم الفداء وابقائهم عرض الحياة الدنيا اي لا لمصلحة تعود الى دينكم. والله يريد الاخرة باعزاز دينه ونصر اوليائه وجعل كلمتهم عالية فوق غيرهم. فيأمركم بما يوصل الى ذلك اي كامل العزة لو شاء ان ينتصر من الكفار من دون قتال لفعل. لكنه حكيم يبتلي بعضكم ببعض لولا كتاب من الله سبق لمسكم فيما اخذتم عذاب عظيم. لولا كتاب من الله سبق به القضاء والقدر انه قد احل لكم الغنائم وان الله رفع عنكم ايها الامة العذاب وفي الحديث لو نزل عذاب يوم بدر ما نجا منه الا عمر واتقوا الله ان الله غفور فكلوا مما غنمتم حلالا طيبا. وهذا من لطفه تعالى بهذه الامة. ان احل لها الغنائم ولم يحلها لامة قبلها. واتقوا الله في جميع اموركم ولازموها. شكرا لنعم الله عليكم. ان الله غفور يغفر لمن تاب اليه جميع الذنوب ويغفر لمن لم يشرك به شيئا جميع المعاصي رحيم بكم حيث اباح لكم الغنائم وجعلها حلالا طيبا يؤتكم خيرا مما اخذ منكم الله غفور رحيم. وهذه نزلت في اسارى يوم بدر. وكان في جملتهم العباس عم رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما طلب منه الفداء ادعى انه مسلم قبل ذلك فلم يسقطه عنه الفداء. فانزل الله تعالى جبرا لخاطره. ومن كان على مثل اله يؤتكم خيرا مما اخذ منكم اي من المال بان ييسر لكم من فضله خيرا واكثر مما اخذ منكم ويغفر لكم ذنوبكم ويدخلكم الجنة. وقد انجز الله وعده للعباس وغيره. فحصل له بعد ذلك من المال شيء كثير. حتى انه مرة لما قدم على النبي صلى الله عليه وسلم مال كثير اتاه العباس فامره ان يأخذ منه بثوبه ما يطيق حمله. فاخذ منه ما كاد ان يعجز عن حمله فقد خانوا الله من قبل فامكن منهم الله عليم حكيم وان يريدوا خيانتك في السعي حربك ومنابذتك فقد خانوا الله من قبل فامكن منهم. فليحذروا خيانتك فان الله تعالى قادر عليهم. وهم تحت قبضته الله عليم حكيم. اي عليم بكل شيء. حكيم يضع الاشياء مواضعها. ومن علمه وحكمته ان شرع لكم هذه الاحكام الجليلة الجميلة وان تكفل بكفايتكم شأن الاسرى وشرهم ان ارادوا خيانة والذين اولئك بعضهم اولياء بعض. هذا عقد موالاة ومحبة. عقدها الله بين المهاجرين الذين امنوا وهاجروا وفي سبيل الله وتركوا اوطانهم لله لاجل الجهاد في سبيل الله. وبين الانصار الذين اووا رسول الله صلى الله عليه وسلم واصحابه واعانوهم في ديارهم واموالهم وانفسهم. فهؤلاء بعضهم اولياء بعض. لكمال ايمانهم وتمام اتصال بعضهم ببعض والذين امنوا ولم يهاجروا ما لكم من ولايتهم من شيء حتى يهاجروا آآ والذين امنوا ولم يهاجروا ما لكم من ولايتهم من شيء حتى يهاجروه فانهم قطعوا ولايتكم بانفصالهم عنكم في وقت شدة الحاجة الى الرجال. فلما لم يهاجروا لم يكن لهم من ولاية المؤمنين شيء لكنهم ان استنصروكم في الدين اي لاجل قتال من قاتلهم لاجل دينهم. فعليكم النصر والقتال معهم. واما من قاتلوهم لغير ذلك من المقاصد فليس عليكم نصرهم. وقوله تعالى الا على قوم بينكم وبينهم ميثاق. اي عهد بترك قتال فانهم اذا اراد المؤمنون المتميزون الذين لم يهاجروا قتالهم فلا تعينوهم عليهم لاجل ما بينكم وبينهم من الميثاق يعلم ما انتم عليه من الاحوال فيشرع لكم من الاحكام ما يليق بكم والذين كفروا بعضهم اولياء بعض الا تفعلوه تكن فتنة في الارض لما عقد الولاية بين المؤمنين اخبر ان الكفار حيث جمعهم الكفر فبعضهم اولياء نعم فلا يواليهم الا كافر مثلهم. وقوله الا تفعلوه اي موالاة المؤمنين ومعاداة الكافرين. بان واليتموهم لهم او عاديتموهم كلهم او واليتم الكافرين وعاديتم المؤمنين كبير. فانه يحصل بذلك من الشر ما لا ينحصر من اختلاط الحق بالباطل. والمؤمن بالكافر وعدم كثير من العبادات كبار كالجهاد والهجرة وغير ذلك من مقاصد الشرع والدين. التي تفوت اذا لم يتخذ المؤمنون وحدهم اولياء بعضهم لبعض والذين امنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل الله والذين المؤمنون حقا لهم مغفرة ورزق كريم. الايات السابعة في ذكر عقد الموالاة بين المؤمنين من المهاجرين والانصار. وهذه الايات في بيان مدحهم وثوابهم. فقال اولئك اي المؤمنون من المهاجرين والانصار هم المؤمنون حقا لانهم صدقوا ايمانهم بما قاموا به من الهجرة والنصرة والموالاة بعضهم لبعض. وجهادهم لاعدائهم من الكفار والمنافقين. لهم مغفرة من الله تمحى بها سيئاتهم وتضمحل بها زلاتهم ولهم رزق كريم. اي خير كثير من الرب الكريم في جنات النعيم. وربما حصل من الثواب المعجل ما تقر به اعينهم. وتطمئن به قلوبهم وكذلك من جاء بعد هؤلاء المهاجرين والانصار ممن اتبعهم باحسان امن وهاجر وجاهد في سبيل الله فاولئك منكم لهم ما لكم وعليهم ما عليكم. فهذه الموالاة الايمانية وقد كانت في اول الاسلام لها وقع كبير وشأن عظيم. حتى ان النبي صلى الله عليه وسلم اخى بين المهاجرين والانصار اخوة خاصة. غير والاخوة الايمانية العامة. وحتى كانوا يتوارثون بها فانزل الله ان الله بكل شيء عليم. واولو الارحام بعضهم اولى ببعض في كتاب الله فلا يرثه الا اقاربه من العصبات واصحاب الفروض. فان لم يكونوا فاقرب قراباته من ذوي الارحام. كما عليه عموم هذه الاية الكريمة. وقوله في كتاب الله اي في حكمه وشرعه. ان الله بكل شيء عليم. ومنه ما يعلم من احوالكم التي يجري من شرائعه الدينية عليكم ما يناسبها