فيجب على الولد ان يخدم اباه بنفسه وان يقضي له حوائجه وليس للوالد ان يتملك من مال الولد ما يضره او تتعلق به حاجته لقوله صلى الله عليه وسلم لا ضرر ولا ضرار بسم الله الرحمن الرحيم. المكتبة الصوتية لمعالي الشيخ الدكتور صالح بن فوزان الفوزان شرح كتاب الملخص الفقهي من الفقه الاسلامي للدكتور صالح بن فوزان فوزان. الدرس مئة وثلاثة وعشرون. بسم الله الرحمن رحيم الحمد لله رب العالمين شرع لعباده المؤمنين كلما يورث المحبة فيما بينهم وامرهم بالتعاون على البر والتقوى لما في ذلك من تحقيق مصالحهم في العاجل والاجل وصلى الله وسلم على نبينا محمد واله وصحبه وبعد ايها المستمعون الكرام السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتحدث اليكم في هذه الحلقة عن احكام الهبة والعطية فنقول الهبة هي التبرع من جائز التصرف لغيره بمال معلوم وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يهدي ويهدى اليه ويعطي ويعطى فالهبة والهدية من السنة المرغب فيها بما يترتب عليها من المصالح قال صلى الله عليه وسلم تهادوا تحابوا وعن عائشة رضي الله عنها قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبل الهدية ويثيب عليها وقال صلى الله عليه وسلم تهادوا فان الهدية تسل السخيمة وتلزم الهبة اذا قبضها الموهوب له باذن الواهب. فليس للواهب الرجوع بها بعد قبضها. اما قبل القبض فله الرجوع بدليل حديث عائشة رضي الله عنها ان ابا بكر نحلها جزاز عشرين وسقا من ماله بالعالية. فلما مرض قال يا بنية كنت نحلتك جذاذ عشرين وسقا ولو كنت حزتيه او قبضتيه كان لك. فانما هو اليوم مال وارث. فاقتسموه على كتاب الله تعالى وان كانت الهبة في يد متهب وديعة او عارية فوهب له صاحبها فاستدامته لها تغني عن قبضها ابتداء وتصح هبة الدين لمن هو في ذمته ويعتبر ذلك ابراء له ويجوز هبة كل ما يجوز بيعه ولا تصح الهبة المعلقة على شرط المستقبل كأن يقول اذا حصل كذا فقد وهبتك كذا ولا تصح الهبة مؤقتة كان يقول وهبتك كذا وكذا شهرا او سنة لانها تمليك للعين فلا تقبل التوقيت كالبيع لكن يستثنى من ذلك تعليق الهبة بالموت كان يقول اذا مت فقد وهبتك كذا وكذا وتكون حينئذ وصية تؤخذ من ثلث ماله ايها المستمعون الكرام ولا يجوز للانسان ان يهب لبعض اولاده ويترك بعضهم او يفضل بعضهم على بعض في الهبة بل يجب عليه العدل بينهم لتسوية بعضهم ببعض لحديث النعمان ابن بشير ان اباه اتى به النبي صلى الله عليه وسلم لما نحله نحلة ليشهد عليها النبي صلى الله عليه وسلم فقال النبي صلى الله عليه وسلم اكل ولدك نحلت مثل هذا فقال لا فقال فارجعه ثم قال اتقوا الله واعدلوا بين اولادكم. متفق عليه. فدل على وجوب العدل بين الاولاد في العطية وانها تحرم الشهادة على تخصيص بعضهم او تفضيله تحملا واداء اذا علم الشاهد ذلك واذا وهب الانسان هبة وقبظها الموهوب له حرم عليه الرجوع فيها وسحبها منه لحديث ابن عباس مرفوعا العائد في هبته كالكلب يقيء ثم يعود في قيءه فدل هذا الحديث على تحريم الرجوع في الهبة الا ما استثناه الشارع وهو الاب فللاب ان يرجع فيما وهبه لولده لقوله صلى الله عليه وسلم لا يحل للرجل ان يعطي العطية فيرجع فيها الا الوالد فيما يعطي ولده رواه الخمسة وصححه الترمذي. كما ان للوالد ان يأخذ ويتملك من مال ولده ما لا يضر الولد ولا يحتاجه بحديث عائشة رضي الله عنها ان النبي صلى الله عليه وسلم قال ان اطيب ما اكلتم من كسبكم. وان اولادكم من كسبكم كوم رواه الترمذي وحسنه ورواه غيره وله شواهد تدل بمجموعها على ان للوالد ان يأخذ ويتملك ويأكل من مال ولده ما لا يضر ولده وما كان فائضا عن حاجته بل ان قوله صلى الله عليه وسلم انت ومالك لابيك يقتضي اباحة نفس الولد لابيه كاباحة ماله وليس للولد مطالبة ابيه بدين ونحوه لان رجلا جاء الى النبي صلى الله عليه وسلم بابيه يقتضيه دينا عليه فقال النبي صلى الله عليه وسلم للولد انت ومالك لابيك فدل على انه لا يحق للولد مطالبة والده بالدين قد قال الله تعالى وبالوالدين احسانا امر سبحانه بالاحسان الى الوالدين ومن الاحسان اليهما عدم مطالبتهما بالحق الذي عليهما له ما عدا النفقة الواجبة للولد على والده فللولد مطالبته بها لضرورة حفظ النفس اذا كان الولد يعجز عن الكسب لقوله صلى الله عليه وسلم لهند خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف يعني من مال زوجها ابي سفيان ايها المستمعون الكرام ان الهدية تذهب الحقد تجلب المحبة لقوله صلى الله عليه وسلم تهادوا فان الهدايا تذهب بحر الصدور ولا ينبغي رد الهدية وان قلت وتسن الاثابة عليها لانه صلى الله عليه وسلم كان يقبل الهدية ويثيب عليها. وذلك من محاسن الدين ومكارم الشيم. هذا والى الحلقة القادمة باذن الله لمواصلة الحديث بما تيسر من احكام الفقه الاسلامي. اسأل الله لنا ولكم التوفيق للعلم النافع والعمل الصالح. وصلى الله وسلم على نبينا محمد واله وصحبه والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته والحمد لله رب العالمين