المكتبة السمعية للعلامة المفسر الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله. يسر فريق مشروع كبار العلماء ان يقدم قراءة تفسير السعدي يقول تعالى مبينا ان المتخلفين من المنافقين قد ظهر منهم من القرائن ما يبين انهم ما قصدوا الخروج للجهاد بالكلية وان اعذارهم التي اعتذروها باطلة. فان العذر هو المانع الذي يمنع اذا بذل العبد وسعه. وسعى في اسباب الخروج ثم منعه مانع شرعا فهذا الذي يعذر. واما هؤلاء المنافقون فلو ارادوا الخروج لاعدوا له عدة. اي لاستعدوا وعملوا ما يمكنهم من الاسباب ولكن لما لم يعدوا له عدة علم انهم ما ارادوا الخروج. ولكن كره الله انبعاثهم معكم في الخروج للغزو. فثبطهم قدرا قضاء وان كان قد امرهم وحثهم على الخروج وجعلهم مقتدرين عليه. ولكن بحكمته ما اراد اعانتهم بل خذلهم وثبطهم وقيل اقعدوا مع القاعدين من النساء والمعذورين. ثم ذكر الحكمة في ذلك فقال لو خرجوا فيكم ما زادوكم الا خبالا اي ولاوضعوا خلالكم اي ولسعوا في الفتنة والشر بينكم وفرقوا جماعتكم المجتمعين يبغونكم الفتنة اي هم حريصون على والقاء العداوة بينكم. وفيكم اناس ضعفاء العقول. سماعون لهم. اي مستجيبون لدعوتهم يغترون بهم. فاذا كانوا حريصين على خذلانكم والقاء الشر بينكم وتثبيتكم عن اعدائكم. وفيكم من يقبل منهم ويستنصحهم. فما ظنك بالشر الحاصل من خروجهم مع المؤمنين والنقص الكثير منهم. فلله اتم الحكمة حيث ثبتهم ومنعهم من الخروج مع عباده المؤمنين رحمة بهم. ولطف من ان يداخلهم ما لا ينفعهم بل يضرهم. والله عليم بالظالمين. في علم عباده كيف يحذرونهم. ويبين لهم من المفاسد فيها وتعب البدن. فلو قابلت لذاتهم فيها بمشقاتهم لم يكن لها نسبة اليها. فهي لما الهتهم عن الله وذكره صارت اقبالا عليهم حتى في الدنيا. ومن وبالها العظيم الخطر ان قلوبهم تتعلق بها واراداتهم لا تتعداها. فتكون منتهى الناشئة من مخالطتهم. ثم ذكر انه قد سبق لهم سوابق في الشر. فقال اه وظهر امر الله وهم كارهون لقد ابتغوا الفتنة من قبل اي حين هجر الى المدينة بذلوا الجهد وقلبوا لك الامور. اي اداروا الافكار واعملوا الحيل في ابطال دعوتكم وخذلان دينكم. ولم يقصروا في ذلك حتى جاء الحق وظهر امر الله وهم كارهون. فبطل كيدهم واضمحل باطلهم. فحقيق بمثل هؤلاء ان يحذر الله عباده مؤمنين منهم والا يبالي المؤمنون بتخلفهم عنهم. ومنهم من يقول ائذن لي ولا تفتنا انا في الفتنة سقطوا وان جهنم لمحيطة بالكافرين. اي ومن هؤلاء المنافقين من في التخلف ويعتذر بعذر اخر عجيب. فيقول ائذن لي في التخلف ولا تفتني في الخروج. فاني اذا خرجت فرأيت نساء بني الاصفر لا اصبر عنهن كما قال ذلك الجد ابن قيس. ومقصوده قبحه الله الرياء والنفاق بان مقصودي مقصود حسن. فان في خروجي فتنة وتعرضا للشر. وفي عدم خروج عافية وكفا عن الشر. قال الله تعالى مبينا كذب هذا القول الا في الفتنة فانه على تقدير صدق هذا القائل في قصده. فان في التخلف مفسدة كبرى وفتنة عظمى محققة. وهي معصية الله ومعصية رسوله والتجرؤ على الاثم الكبير والوزر العظيم. واما الخروج فمفسدة قليلة بالنسبة للتخلف. وهي متوهمة مع ان هذا القائل قصده التخلف لا غير. ولهذا توعدهم الله بقوله وان جهنم لمحيطة بالكافرين. ليس لهم عنها مفر ولا مناص. ولا في ذاك ولا خلاص مصيبة وهم فرحون. يقول تعالى مبينا ان المنافقين هم الاعداء حقا. المبغضون للدين صرفا. ان تصبك حسنة كنصر وادالة على العدو تسؤهم اي تحزنهم وتغمهم. وان تصبك مصيبة كادالة العدو عليك. يقولوا متبجح بسلامتهم من الحضور معك. قد اخذنا امرنا من قبل. اي قد حذرنا وعملنا بما ينجينا من الوقوع في مثل هذه المصيبة. ويتولوا وهم فرحون فيفرحون بمصيبتك. وبعدم مشاركتهم اياك فيها. قال تعالى رادا عليهم في ذلك لنا الا ما كتب الله لنا هو مولانا وعلى الله فليتوكل المؤمنون. قل لن يصيبنا الا ما كتب الله لنا اي قدره واجراه في اللوح المحفوظ. هو مولانا اي متولي امورنا الدينية والدنيوية. فعلينا الرضا باقداره وليس في ايدينا من الامر شيء. وعلى الله وحده فليتوكل المؤمنون ان يعتمدوا عليه في جلب مصالحهم ودفع المضار عنهم به في تحصيل مطلوبهم فلا خاب من توكل عليه. واما من توكل على غيره فانه مخذول غير مدرك لما امل قل هل تربصون بناء الا احدى الحسنيين ونحن نتربص بكم ان يصيبكم الله بعذاب من اي قل المنافقين الذين يتربصون بكم الدوائر اي شيء تربصون بنا فانكم لا تربصون بنا الا امرا فيه غاية نفعنا وهو احدى اما الظفر بالاعداء والنصر عليهم ونيل الثواب الاخروي والدنيوي. واما الشهادة التي هي من اعلى درجات الخلق وارفع المنازل الله. واما تربصنا بكم يا معشر المنافقين. فنحن نتربص بكم ان يصيبكم الله بعذاب من عنده. لا سبب لنا فيه او بايدينا بان يسلطنا عليكم فنقتلكم. فتربصوا من الخير انا معكم متربصون بكم الشر انكم كنتم قوما من فاسقين. يقول تعالى مبينا بطلان نفقات المنافقين. وذاكرا السبب في ذلك. قل لهم انفقوا نوعا من انفسكم او كرها على ذلك بغير اختياركم. لن يتقبل منكم شيء من اعمالكم. انكم كنتم قوما فاسقين جينا عن طاعة الله ثم بين صفة فسقهم واعمالهم فقال وما منعهم ان تقبل منهم نفقاتهم الا انهم كفروا بالله وبرسوله. والاعمال كلها شرط قبولها الايمان. فهؤلاء لا ايمان لهم ولا عمل صالح. حتى ان الصلاة التي هي افضل اعمال البدن. اذا قاموا اليها قاموا قال ولا يأتون الصلاة الا وهم كسالى. اي متثاقلون لا يكادون يفعلونها من ثقلها عليهم. ولا ينفقن الا وهم كارهون من غير انشراح صدر وثبات نفس. ففي هذا غاية الذم لمن فعل مثل فعلهم. وانه ينبغي للعبد الا يأتي الصلاة الا وقتها وهو نشيط البدن والقلب اليها. ولا ينفق الا وهو منشرح الصدر ثابت القلب. يرجو ذخرها وثوابها من الله وحده. ولا يتشبه بالمنافق منافقين يقول تعالى فلا تعجبك اموال هؤلاء المنافقين ولا اولادهم فانه لا غبطة فيها. واول بركاتها عليهم ان قدموها على مرض ربهم. وعصوا الله لاجلها. انما يريد الله ليعذبهم بها في الحياة الدنيا. والمراد بالعذاب هنا ما ينالهم من المشقة في تحصيلها. والسعي الشديد في ذلك وهم القلب مرغوبهم ولا يبقى في قلوبهم للاخرة نصيب. فيوجب ذلك ان ينتقلوا من الدنيا وتزهق انفسهم وهم كافرون اي عقوبة اعظم من هذه العقوبة الموجبة للشقاء الدائم والحسرة الملازمة ويحلفون بالله انهم لمنكم وما هم منكم ولكنهم قوم يفرقون ويحلفون بالله انهم لمنكم وما هم منكم. ولكنهم قصدهم في حلفهم هذا انهم قوم يفرقون اي يخافون الدوائر وليس في قلوبهم شجاعة تحملهم على ان يبينوا احوالهم فيخافون ان اظهروا حالهم منكم ويخافون ان تتبرأ منهم فيتخطفهم الاعداء من كل جانب. واما حال قوي القلب ثابت الجنان فانه يحمله ذلك على بيان حاله. حسنة كانت او سيئة ولكن المنافقين خلع عليهم خلعة الجبن وحلوا بحلية الكذب ثم ذكر شدة جبنهم فقال لو يجدون ملجأ يلجأون اليه عندما تنزل بهم الشدائد او مغارات يدخلونها فيستقرون فيها او مدخرا اي محلا يدخلونه فيتحصن فيه لو اليه وهم يجمحون اي يسرعون ويهرعون فليس لهم ملكة يقتدرون بها على الثبات