بسم الله الرحمن الرحيم. المكتبة الصوتية لمعالي الشيخ الدكتور صالح بن فوزان الفوزان شرح كتاب الملخص الفقهي من الفقه الاسلامي للدكتور صالح بن فوزان فوزان ادرس مائة وستة وعشرون. بسم الله الرحمن رحيم. الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده نبينا محمد واله وصحبه وبعد ايها المستمعون الكرام السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نواصل الحديث معكم في موضوع الوصايا امتدادا لحلقتنا السابقة فمن احكام الوصايا جواز الوصية بكل المال لمن لا وارث له. لقول النبي صلى الله عليه وسلم انك ان تذر اغنياء خير من ان تذرهم عالة يتكففون الناس فافاد انه اذا لم يكن له ورثة فانه يجوز ان يوصي بكل ماله في سبل الخير وروي جواز ذلك عن ابن مسعود رضي الله عنه قال به جمع من العلماء لان المنع من الوصية بما زاد عن الثلث لاجل حق الورثة فاذا عدموا زال المانع لانه لم يتعلق به حق وارث ولا غريم فاشبه ما لو تصدق بماله في حال صحته. قال الامام ابن القيم رحمه الله الصحيح ان ذلك له لانه انما منعه الشارع فيما زاد على الثلث اذا كان له ورثة فمن لا وارث له لا يعترض عليه فيما صنع في ماله انتهى ومن احكام الوصايا انه اذا لم يفي ثلث مال الموصي بها ولم تجز الورثة الزيادة على الثلث فان النقص يدخل على الجميع بالقسط فيتحاصون ولا فرق بين متقدمها ومتأخرها لانها كلها تبرع بعد الموت فوجدت دفعة واحدة تساوى اصحابها في الاصل وتفاوتوا في المقدار فوجبت المحاصة كمسائل العول في الفرائض مثال ذلك لو اوصى لشخص بثلث ماله ولاخر بمئة ريال ولثالث بخمسين ريالا ولرابع بثلاثين ولخامس بعشرين ريالا وثلث ماله مائة ريال ومجموع الوصايا ثلاث مئة ريال فاذا نسبت مبلغ الثلث الى مبلغ مجموع الوصايا بلغ ثلثه فيعطى كل واحد ثلث ما له به فقط ومن احكام الوصايا ان الاعتبار لصحتها وعدم صحتها بحالة الموت فلو اوصى لوارث فصار عند الموت غير وارث كاخ حجب بابن تجدد صحت الوصية اعتبارا بحال الموت لانه الحال الذي يحصل به الانتقال الى الوارث والموصالة. وبعكس ذلك لو اوصى لغير وارث فصار عند الموت وارثا فانها لا تصح الوصية كما لو وصى لاخيه مع وجود ابنه حال الوصية ثم مات ابنه عند الوفاة فانها تبطل الوصية ان لم تجزها الورثة لان اخاه صار عند الموت وارثه ويترتب على هذا الحكم ايضا انه لا يصح قبول الوصية ولا يملك الموصى له العين الموصى بها الا بعد موت الموصي لان ذلك وقت ثبوت حقه ولا يصح القبول قبل موت الموصي قال الموفق لا نعلم خلافا بين اهل العلم في ان اعتبار الوصية بالموت وان كانت الوصية لغير معين كالفقراء والمساكين او من لا يمكن حصرهم كبني تميم او على مصلحة كالمساجد لم تفتقر الى قبول ولزمت بمجرد الموت اما اذا كانت على معين فانها تلزم بالقبول بعد الموت ومن احكام الوصايا انه يجوز للموصي الرجوع فيها ونقضها او الرجوع في بعضها لقول عمر يغير الرجل ما شاء في وصيته وهذا متفق عليه بين اهل العلم فاذا قال رجعت في وصيتي او ابطلتها ونحو ذلك بطلت ولما سبق من ان الاعتبار بحالة موت الموصي من حيث القبول ولزوم الوصية فكذلك للموصي ان يرجع عنها في حياته ولو قال ان قدم زيد فله ما وصيت به لعمرو فقدم زيد في حياة الموصي فالوصية له ويكون الموصي بذلك قد رجع عن الوصية لعمرو وان لم يقدم زيد الا بعد وفاة الموصي فالوصية لعمرو لانه لما مات الموصي قبل قدومه استقرت الوصية للاول وهو عمرو. في المثال ومن احكام الوصية انه يخرج الواجب في تركة الميت من الديون والواجبات الشرعية كالزكاة والحج والنذور والكفارات اولا وان لم يفي به وان لم يوصي به لقوله تعالى من بعد وصية يوصي بها او دين ولقول علي رضي الله عنه قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالدين قبل الوصية. رواه الترمذي واحمد وغيرهما فدل على تقديم الدين على الوصية وفي الصحيح اقضوا الله والله احق بالوفاء فيبدأ بالدين ثم الوصية ثم الارث بالاجماع. والحكمة في تقديم ذكر الوصية على الدين في الاية الكريمة وان كانت تتأخر عنه في التنفيذ انها لما اشبهت الميراث في كونها بلا عوظ كان في اخراجها مشقة على الوارث فقدمت في الذكر حثا على اخراجها واهتماما بها وجيء بكلمة او التي للتسوية فيستويان في الاهتمام وان كان الدين مقدما عليها ايها المستمعون الكرام ان امر الوصية مهم حيث نوه الله بشأنها في كتابه الكريم وقدمها في الذكر على غيرها اهتماما بها وحثا على تنفيذها ما دامت تتمشى على الوجه المشروع قد توعد الله من تساهل بشأنها او غير فيها وبدل من غير مسوغ شرعي قال سبحانه فمن بدله بعدما سمعه فانما اثمه على الذين يبدلونه. ان الله سميع عليم قال الامام الشوكاني رحمه الله في تفسيره والتبديل التغيير وهذا وعيد لمن غير الوصية المطابقة للحق التي لا جنف فيها ولا مضارة وانه يبوء بالاثم وليس على الموصي من ذلك شيء فقد تخلص مما كان عليه بالوصية به انتهى والى الحلقة القادمة باذن الله لاستكمال الحديث عن احكام الوصايا في الفقه الاسلامي والحمد لله وصلى الله وسلم على نبينا محمد السلام عليكم ورحمة الله وبركاته