المكتبة السمعية للعلامة المفسر الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله. يسر فريق مشروع كبار العلماء ان يقدم قراءة تفسير السعدي. ولا تصلي على احد منهم مات ابدا ولا تقم على قبره انهم كفروا بالله ورسوله وماتوا وهم فاسقون. يقول تعالى ولا تصلي على احد احد منهم مات ابدا من المنافقين. ولا تقم على قبره بعد الدفن لتدعو له. فان صلاته ووقوفه على قبورهم شفاعة منهم لهم وهم لا تنفع فيهم الشفاعة. انهم كفروا بالله ورسوله وماتوا وهم فاسقون. ومن كان كافرا ومات على ذلك. فمات شفاعة الشافعين. وفي ذلك عبرة لغيرهم. وزجر ونكال لهم. وهكذا كل من علم منه الكفر والنفاق. فانه لا يصلى عليه وفي هذه الاية دليل على مشروعية الصلاة على المؤمنين. والوقوف عند قبورهم للدعاء لهم. كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعل ذلك في المؤمنين فان تقييد النهي بالمنافقين يدل على انه قد كان متقررا في المؤمنين ولا تعجبك اموالهم واولادهم انما يريد الله ان يعذبهم بها في الدنيا انما يريد الله ان يعذبهم بها في الدنيا وتزهق انفسهم وهم كافرون. اي لا تغتر بما اعطاهم الله في الدنيا من الاموال والاولاد. فليس ذلك لكرامتهم عليه. وان ما ذلك اهانة منه لهم. انما يريد الله ان يعذبهم بها في الدنيا. فيتعبون في تحصيلها ويخافون من زوالها. ولا يتهنأون بها بل لا يزالون يعانون الشدائد والمشاق فيها وتلهيهم عن الله والدار الاخرة حتى ينتقلوا من الدنيا وتزهق انفسهم وهم كافرون. قد سلبهم حبها عن كل شيء. فماتوا وقلوبهم بها متعلقة. وافئدتهم عليها متحرقة يقول تعالى في بيان استمرار المنافقين على التثاقل عن الطاعات وانها لا تؤثر فيهم الصور والايات. واذا انزلت سورة يؤمرون فيها بالايمان بالله والجهاد في سبيله. استأذنك اولو الطول منهم. يعني اولي الغنى الاموال الذين لا عذر لهم وقد امدهم الله باموال وبنين. افلا يشكرون الله ويحمدونه ويقومون بما اوجبه عليهم سهل عليهم امره ولكن ابوا الا التكاسل والاستئذان في القعود. وقالوا ذرنا نكن مع القاعدين. قال تعالى ان يكونوا مع الخوالف وطبع على قلوبهم فهم لا يفقهون. رضوا بان يكونوا مع الخوالف اي كيف فرضوا لانفسهم ان يكونوا مع النساء المتخلفات عن الجهاد. هل معهم فقه او عقل دلهم على ذلك؟ ام طبع الله على قلوبهم فلا تعي الخير ولا يكون فيها ارادة لفعل ما فيه الخير والصلاح. فهم لا يفقهون مصالحهم. فلو فقهوا حقيقة الفقه لم يرضوا لانفسهم بهذه التي تحطهم عن منازل الرجال هم المفلحون. يقول تعالى اذا تخلف هؤلاء المنافقون عن الجهاد فالله سيغني عنهم. ولله عباد وخواص من خلقه اختصهم بفضله. يقومون بهذا الامر وهم الرسول محمد صلى الله عليه وسلم. والذين امنوا معه جاهدوا باموالهم وانفسهم غير متثاقلين ولا كاسلين. بل انهم فرحون مستبشرون. واولئك لهم الخيرات الكثيرة في الدنيا والاخرة. واولئك هم المفلحون الذين ظفروا باعلى المطالب واكملها من الرغائب اعد الله لهم جنات تجري من تحتها الانهار خالدين فيها. ذلك الفوز فتبا لمن لم يرغب بما رغبوا فيه وخسر دينه ودنياه واخراه. وهذا نظير قوله تعالى قل امنوا به او لا تؤمنوا ان الذين اوتوا العلم من قبله اذا يتلى عليهم يخرون للاذقان سجدا. وقوله فان يكفر بها فقد وكلنا بها قوما ليسوا بها بكافرين وجاء المعذرون من الاعراب ليؤذن لهم مقعد الذين كذبوا الله ورسوله يقول تعالى وجاء المعذرون من الاعراب ليؤذن لهم اي جاء الذين تهاونوا وقصروا منهم في الخروج لاجل ان يؤذن لهم في ترك الجهاد. غير مبالين في الاعتذار لجفائهم وعدم حيائهم. واتيانهم بسبب ما معهم من الايمان الضعيف. واما الذين كذبوا الله ورسوله منهم فقعدوا وتركوا الاعتذار بالكلية. ويحتمل ان معنى قوله المعذرون اي الذين لهم عذر اتوا الى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليعذرهم. ومن عادته ان يعذر من له عذر الذين كذبوا الله ورسوله في دعواهم الايمان. المقتضي للخروج وعدم عملهم بذلك. ثم توعدهم بقوله سيصيب الذين كفروا ومنهم عذاب اليم في الدنيا والاخرة لما ذكر المعتذرين وكانوا على قسمين. قسم معذور في الشرع وقسم غير معذور ذكر ذلك بقوله ليس على الضعفاء في ابدانهم وابصارهم الذين لا قوة لهم على الخروج والقتال ولا على المرضى وهذا شامل لجميع انواع المرض الذي لا يقدر صاحبه معه على الخروج والجهاد من عرج وعمى وحمى وذات في الجنب والفارج وغير ذلك. ولا على الذين لا يجدون ما ينفقون. اي لا يجدون زادا ولا راحلة يتبلغون بها في سفرهم. فهؤلاء ليس عليهم حرج بشرط ان ينصحوا لله ورسوله بان يكونوا صادق الايمان وان يكون من نيتهم وعزمهم انهم لو قدروا لجاهدوا وان يفعلوا ثم يقدرون عليه من الحث والترغيب والتشجيع على الجهاد. ما على المحسنين من سبيل اي من سبيل يكون عليهم فيه تبعة. فانهم باحسان فيما عليهم من حقوق الله وحقوق العباد. اسقطوا توجه اللوم عليهم. واذا احسن العبد فيما يقدر عليه سقط عنه ما لا يقدر عليه ويستدل بهذه الاية على قاعدة وهي ان من احسن على غيره في نفسه او في ماله ونحو ذلك. ثم ترتب على احسانه نقص او تلف انه غير ضامن لانه محسن ولا سبيل على المحسنين. كما انه يدل على ان غير المحسن وهو المسيء كالمفرط ان عليه الضمان والله غفور رحيم. من مغفرته ورحمته. عفا عن العاجزين واثابهم بنيتهم الجازمة. ثواب القادرين فاعلين ولا على الذين اذا ما اتوك لتحملهم قلت لا اجد ما احملكم عليه تولي تفيض من الدم حزنا ان لا يجدوا ما ينفقون ولا على الذين اذا ما اتوك لتحملهم فلم يصادفوا عندك شيئا. قلت لهم معتذرا لا اجد ما احملكم عليه. تولوا واعينهم تفيض من الدمع حزنا الا يجدوا ما ينفقون. فانهم عاجزون باذلون لانفسهم. وقد صدر منهم من الحزن والمشقة ما ذكره الله عنهم فهؤلاء لا حرج عليهم. واذا سقط الحرج عنهم عاد الامر الى اصله. وهو ان من نوى الخير واقترن بنيته الجازمة فيما يقدر عليه ثم لم يقدر فانه ينزل منزلة الفاعل التام وهم اغنياء رضوا بان يكونوا مع الخوالف وطبع الله على انما السبيل يتوجه واللوم يتناول الذين يستأذنونك وهم اغنياء قادرون على الخروج لا عذر لهم. فهؤلاء رضوا لانفسهم ومن دينهم بان يكونوا مع الخوالف. كالنساء والاطفال ونحوهن وانما رضوا بهذه الحال. لان الله طبع على قلوبهم اي ختم عليها فلا يدخلها خير. ولا يحسون بمصالحهم الدينية والدنيوية فهم لا يعلمون. عقوبة لهم على ما اقترفوا