بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين. والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين اللهم اغفر لنا ولشيخنا ولوالديه ولمشايخه ولجميع المسلمين امين. لقد الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى في كتابه بلوغ المرام في كتاب الصيام وعن ابي هريرة رضي الله عنه قال جاء رجل الى النبي صلى الله عليه وسلم فقال هلكت يا رسول الله قال وما اهلكك؟ قال لو وقعت على امرأتي في رمضان فقال هل تجد ما تعتق رقبة؟ قال لا. قال فهل تستطيع ان تصوم شهرين متتابعين؟ قال لا. قال فهل تجد ما تطعم ستين مسكينا؟ قال لا ثم جلس فاتي النبي صلى الله عليه وسلم بعرق فيه تمر فقال تصدق بهذا فقال اعلى افقر منا؟ فما بين لابتيها اهل بيت احوج اليه منا فضحك النبي صلى الله عليه وسلم حتى بدت انيابه. ثم قال اذهب فاطعمه اهلك. رواه السبع ولفه لمسلم بسم الله الرحمن الرحيم. اه تقدم الكلام على حديث ابي هريرة رضي الله عنه في قصة الرجل الذي جامع امرأته في نهار رمضان وتقدم آآ ذكر شيء من فوائد هذا الحديث ونستكمل ما تبقى منه فمن فوائده وجوب الكفارة المغلظة في الجماع في نهار رمضان. لان النبي عليه الصلاة والسلام امره بذلك. فقال له اتجد قال لا. قال هل تستطيع ان تصوم شهرين متتابعين؟ قال لا. قال فهل تستطيع ان تطعم ستين مسكينا؟ قال لا والكفارة على الترتيب عتق فصيام فاطعام. ومن فوائده ايضا انه لا يجزئ الجمع بين خصلة من خصال الكفارة. فلا يجزئ مثلا لو اعتق نصف رقبة وصام شهرا او صام شهرا واطعم ثلاثين مسكينا بل لابد من ان يأتي بالخصلة كاملا. ومن فوائده ايضا وجوب التتابع في صيام الشهرين فلابد ان يصوم شهرين متتابعين لا يفطر بينهما. ولا ينقطع التتابع في صيام الشهرين في ثلاث في مسائل المسألة الاولى اذا انقطع التتابع لصوم واجب كما لو شرع في صيام الكفارة في اول شعبان ثم انقطع لصوم رمضان فانه يتم ما عليه من ايام من صيام الشهرين بعد رمضان فهنا حال بين الشهرين صيام واجب. والمسألة الثانية اذا انقطع التتابع لفطر واجب. كالعيدين فلو فرض مثلا انه شرع في صوم الكفارة في اول شهر ذي الحجة. فسوف يفطر يوم العيد وان التشريق اربعة ايام. فلا ينقطع التتابع بذلك. والمسألة الثالثة اذا انقطع التتابع لعذر يبين الفطر يبيح الفطر في رمضان كمرض وسفر لم يقصد به التحيل على الفطر. فحينئذ لا ينقطع التتابع وما سوى هذه المسائل الثلاث ينقطع بها التتابع. ومن فوائده ايضا انه لا بد من اطعام ستين مسكينا. فلا لو كرر الاطعام على مسكين واحد ستين يوما او ستين مرة بل لا بد من تعدد المساكين من فوائده ايضا جواز اعانة الانسان على كفارته. لان الرسول عليه الصلاة والسلام لما اوتي بعرق فيه تمر قال خذ هذا فتصدق به. فدل على انه يجوز ان يعان الانسان على ما يلزمه من كفارة او فدية او ما اشبه ذلك. ومن فوائده ايضا جواز الحلف او القسم بدون استقسام. لان هذا الرجل قال والله ما بين لابتيها اهل بيت احوج اليه مني ولم يأمره النبي عليه الصلاة والسلام بالحلف ولكنه حلف من باب التوكيد. والحلف او القسم اذا قصد به التوكيد فلا بأس بذلك. ومن ايضا جواز الحلف على غلبة الظن وانه يجوز للانسان ان يحلف على غلبة ظنه وان لم يكن متيقظ يقينا بان الرجل قال والله ما بين لابتيها اهل بيت افقر مني او احوج اليه مني. وهو لم يذهب يفتش بيوت المدينة بيتا بيتا هل هم احوج او هو احوج؟ وفي هذا الحديث ايضا دليل على وجوب نفقة الزوجة لقوله خذ هذا فاطعمه اهلك. ومنها ايضا ان الانسان قد يرزق من حيث لا يحتسب وذلك في من اتقى الله عز وجل. وقد قال الله تعالى ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب فهذا الرجل لما جاء تائبا الى الله عز وجل وكان ليس عنده شيء يكفر به رزقه الله وجل من فضله وعطائه من حيث لا يحتسب. ومن فوائده ايضا ان ظاهر الحديث انه لا يجب على المجامع ان يقضي ذلك اليوم الذي افطره. والى هذا ذهب بعض العلماء وقال ان من افطر يوما رمضان بجماع او غيره فانه لا يقضيه ولو قضاه لم ينفعه ذلك. وهذا هو اختيار شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله ولكن التحقيق في هذه المسألة اعني في مسألة القضاء على من افطر يوما من غير عذر انه يفرق بين من لم يصم اصلا وبين من صام ثم افسد صيامه. فاما الاول وهو من لم اصلا فهذا لا ينفعه القضاء. لانه تعمد اخراج العبادة. عن وقتها وزمنها المحدد شرعا واما من شرع في الصوم ثم افسده وافطر فانه يجب عليه ان يقضي لانه شرع في سادة تلزم بالشروع بان الصيام والصلاة كذلك الفريضة تلزم بالشروع. والقاعدة ان من تلبس تلزم بالشروع فانه يجب عليه ان يقضيها. وعلى هذا فهذا الرجل الذي جامع امرأته في نهار رمضان او مثله يجب عليه ان يقضي ذلك اليوم. اما من لم يصم اصلا بان قال لن اصوم غدا فهذا لا ينفعه القضاء ولو قضى لقول النبي عليه الصلاة والسلام من عمل عملا من عمل عملا ليس عليه امرنا فهو رد. واستدل بعض العلماء رحمهم الله بهذا الحديث على ان المرأة المجامعة لا كفارة عليها لان النبي صلى الله عليه وسلم لم يأمر زوجة هذا الرجل بالكفارة. ولكن الاستدلال بهذا الحديث على عدم وجوب الكفارة محل ارض وذلك اولا لان المعنى الذي ثبت المعنى الذي وجبت الكفارة فيه على الرجل موجود في المرأة وهو انتهاك حرمة الزمن وحرمة الصوم. وثانيا ان هذا الرجل جاء يستفتي عن نفسه ولم يسأل عن امرأته. فهو فالنبي صلى الله عليه وسلم اجابه على قدر سؤاله. وثالثا ان ظاهر الحديث ايضا ان المرأة كانت معذورة لانه في بعض الروايات قال هلكت واهلكت وهذا يدل على ان هذه المرأة معذورة. ولذلك كان القول الراجح ان الكفارة تجب على الرجل وتجب على المرأة لان المعنى الذي وجب فيه على الرجل موجود في المرأة والشارع لا يفرق بين متماثلين كما لا يجمع بين مفترقين. بقي مسألة مهمة وهي آآ بالنسبة للصيام هل المعتبر الهلال او المعتبر العدد المشهور من مذهب الامام احمد رحمه الله في هذه المسألة التفصيل وهو ان ابتدأ صيام الشهرين من اول الشهر اعتبر الهلال وان وان ابتدأ من اثنائه اعتبر الاهلة نعم ان ابتدأ الصيام من اول الشهر شهر اعتبر الهلال وان صام من اثنائه اعتبر العدد. فمثلا لو ان شخصا شرع في الصوم في اول المحرم وكان المحرم ناقصا وكان صفر ناقصا فسوف فسوف يصوم ثمانية وخمسين يوما. واما لو ابتدأ قوم من اثناء الشهر فالمشهور بالمذهب انه يعتبر العدد فيجب عليه ان يصوم ستين يوما. ولكن القول فالراجح في هذه المسألة ان المعتبر الاهلة او ان المعتبر الهلال مطلقا سواء ابتدأ الصوم من اول الشهر او ابتدأ الصوم من اثنائه. وبناء على هذا لو شرع في الصوم في اليوم الحادي عشر من المحرم. وقدرنا ان المحرم ما كان ناقصا فسوف ينتهي الشهر الاول بغروب شمس يوم العاشر من صفر. واذا قدرنا ان صفر كان ناقصا ايضا فسوف ينتهي الشهر الثاني بغروب شمس العاشر من شهر ربيع الاول وعلى هذا يكون قد صام ثمانية وخمسين يوما وفي هذا الحديث ايضا من الفوائد حسن خلق النبي صلى الله عليه وسلم مع اصحاب حيث انه لم يعنف هذا الرجل ولم يزجره ولم يأمر بتعزيره. وهذا يدل على ان من جاء تائبا منيبا الى الله عز وجل من ذنبه فانه لا يعنف ولا يزجر ولا يعزر لان ذلك قد يكون سببا في نفوره وعدم اقباله على التوبة والرجوع الى الله عز وجل. وفق الله الجميع لما يحب ويرضى وصلى الله على نبينا محمد