المكتبة الصوتية للعلامة الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله باب العيدين قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته سمي عيدا لانه يعود ويتكرر ولم يزل الناس من ادم والى ان تقوم الساعة وهم يتخذون يوما للفرح والسرور واصل العيد للفرح والسرور ولكن اعياد الكفار بالفرح والسرور فقط لانهم بمنزلة البهائم يأكلون كما تأكل الأنعام والنار مثوى لهم ولكن من فضل الله ومنته على المؤمنين جعل عيدهم عبادة لانه فرح بعبادة الله تعالى وفضله ومنته عليهم فشرع لهم عيد الفطر ليشكروا الله على ما من عليهم به من صيام رمضان وقيامه واكمال العدة وليكبروه وشرع لهم عيد النحر ليشكروا الله على ما من به من الحج وبهيمة الانعام ففرحهم في عيدهم عبادة لانه فرح في عبادة الله كما قال تعالى قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون والمراد بالعيدين عيد العام وهما الفطر والاضحى وشرع بعد هذين الركنين العظيمين من اركان الاسلام وشرع لهما الاجتماع لفضلهما وقد شرع الله للناس عدة اجتماعات منها اجتماع في العام مرة وذلك كالحج ومنها اجتماع في العام مرتين وذلك في العيدين ومنها اجتماع في كل اسبوع مرة وذلك في الجمع ومنها اجتماع في كل يوم وليلة خمس مرات وذلك في الصلوات الخمس وشرع الاجتماع لهذه العبادات لفوائد عديدة منها حصول التأليف والمودة بين المؤمنين ومنها مضاعفة الاجر بالاجتماع كما ورد صلاة الجماعة تفضل صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة وذلك لما يترتب عليها من المصالح وكل عبادة شرع لها الاجتماع فهي افضل من العبادة التي لم يشرع لها الاجتماع ومنها تعلم الجاهل من العالم ولهذا تجد المسلمين صغيرهم وكبيرهم كلهم ولله الحمد يعرفون احوال الصلاة ومنها اظهار شعائر الدين لان هذه العبادات التي شرع لها الاجتماع من اعظم شعائر الدين واختلف في صلاة العيد فمذهب الامام احمد انها فرض كفاية والجمهور انها فرض عين وهو رواية عن احمد وبها قال شيخ الاسلام وجملة من الاصحاب وهو الصواب لادلة كثيرة منها كما سيأتي ان النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم امر بخروج الحيض وذوات الخدور اللاتي ليس من عادتهن حضور الجماعات وقيل انها سنة وعلى كل فانهم اتفقوا على انه لو تركها اهل بلد قاتلهم الامام وهي كالجمعة لكن تخالفها في اشياء منها ان الجمعة تفعل في البلد والعيد يستحب فعلها في الصحراء حتى في المسجد النبوي لانه صلى الله عليه وعلى اله وسلم كان يفعلها في الصحراء وهو في المدينة لكن يستثنى من ذلك مكة فيستحب فعلها في المسجد الحرام ومنها ان الجمعة ينادى لها دون العيد ومنها انه يسلم على المأمومين اذا اقبل عليهم في الجمعة دون العيد ومنها التكبيرات الزوائد والذكر بينها سنة في العيد دون الجمعة ومنها انه يستحب في العيد لمن اتى من طريق ان يرجع من طريق اخرى دون الجمعة ومنها ان وقت الجمعة من ارتفاع الشمس الى دخول وقت العصر ووقت العيد من ارتفاع الشمس الى قبيل الزوال ومنها ان العيد اذا خرج وقتها تقضى من الغد على صفتها والجمعة لا تقضى بل تصلى ظهرا ومنها ان الخطبتين في الجمعة ركن وفي العيدين سنة ومنها ان الجمعة مجمع على وجوبها والعيد على ما تقدم من الخلاف ومنها ان العيد يكره لمن اتى اليها التنفل قبلها وبعدها في موضعها والجمعة يستحب التنفل قبلها وبعدها ومنها انه يستحب حضور النساء في العيد واما الجمعة فكغيرها من الصلوات لا يمنعن من الحضور وبيوتهن خير لهن ومنها انه متفق على ان خطبة الجمعة تفتتح بالحمد واختلفوا في خطبة العيد فمذهب احمد انها تفتتح بالتكبير وعليه عمل الناس وعنه انها تفتتح بالحمد وهذا اختيار شيخ الاسلام وهو الصحيح ومنها ان الخطبة في الجمعة تقدم على الصلاة وفي العيد تؤخر الخطبة عن الصلاة الاربعون والمئة الحديث الاول عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما انه قال كان النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم وابو بكر وعمر يصلون العيدين قبل الخطبة رواه البخاري ومسلم قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته ولهذا ذكره بقوله في حديث ابن عمر كان النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم وابو بكر وعمر يصلون العيدين قبل الخطبة ولم يزل عمل المسلمين على ذلك من ذلك الوقت والى زماننا هذا الا ان بعض امراء بني امية تقدم الخطبة على الصلاة وذلك لغرض ملوكي ليس من السنة في شيء فلما رأى بعض الناس يكره حضور الخطبة فاذا فرغت الصلاة دخل الناس وتركوهم فلما رأى ذلك قدم الخطبة لينجبر الناس على حضورها لاجل الصلاة وقد وقع ذلك في زمن الصحابة فلهذا بينوا رضي الله عنهم عمل الرسول وخلفائه الراشدين ولهذا لما خرج ابو سعيد مع امير المدينة في ذلك الزمان وهو مروان الى مصلى العيد فلما وصل المصلى واراد ان يصعد المنبر جذبه ابو سعيد وقال ليس هكذا السنة فقال لقد ترك ما هنالك يا ابا سعيد فقال ابو سعيد لا خير فيما خالف السنة ولكن لم يلبث هذا العمل ان ترك وعمل بالسنة ولم يزل العمل بالسنة الى زماننا هذا ولا صلاح للناس الا باتباع السنة في جميع احوالهم