المكتبة الصوتية للعلامة الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله الثالث والاربعون والمئة الحديث الرابع عن جابر رضي الله عنه انه قال شهدت مع النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم يوم العيد فبدأ بالصلاة قبل الخطبة بلا اذان ولا اقامة ثم قام متوكأ على بلال فامر بتقوى الله تعالى وحث على طاعته ووعظ الناس وذكرهم ثم مضى حتى اتى النساء فوعظهن وذكرهن وقال تصدقن فانكن اكثر حطب جهنم فقامت امرأة من سطة النساء سفعاء الخدين فقالت لم يا رسول الله قال لانكن تكثرن الشكاة وتكفرن العشير قال فجعلن يتصدقن من حليهن يلقين في ثوب بلال من اقراطهن وخواتيمهن رواه البخاري ومسلم قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله في حديث جابر شهدت مع النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم يوم العيد فبدأ بالصلاة قبل الخطبة الى اخره فيه ان الصلاة قبل الخطبة وقوله متوكئا على بلال يحتمل انه قبل ان يتخذ المنبر ويحتمل انه بعدما اتخذه ليكون اريح له وبلال حر ولكنه يخدم النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم وقوله فامر بتقوى الله لان عليها مدار الامر وهي المقصود الاعظم من الخطبة وقوله وحث على طاعته فيكون الامر بالتقوى يعني اجتناب المحارم والحث على الطاعة الامر بفعل الاوامر وبذلك صلاح العالم وقوله ووعظ الناس بل وعظ هو تبيين الحكم مع الترغيب والترهيب والوعظ للمعرض كما قال تعالى ادعوا الى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي احسن وهذه مراتب الدعوة الى الله تعالى فالدعاء بالحكمة لمن معه فهم وحسن قصد فيكفي في دعوته ان يبين له الحق لان ما معه من الرغبة يدعوه الى فعل ما امر الله به وترك ما نهى عنه والدعاء بالموعظة الحسنة يكون لمن معه شهوة واعراض فانه يبين له الحق ويرغب ويرهب الا يكفي فيه مجرد تبيين الحق لان داعي الشهوة يمنعه من اتباع ما امر به فاذا قوبل ذلك بالترغيب والترهيب كان ابلغ وانجح والمجادلة بالتي هي احسن تكون للمعارض والعياذ بالله من ذلك فهذا لا ينفع فيه الوعظ ولا التذكير فيجادل بالتي هي احسن فكان صلى الله عليه وعلى اله وسلم يدعو الناس على قدر مراتبهم فيعظ ويذكر وقوله وذكرهم لانه قد تقرر في قلوب المؤمنين حب الخير وبغض الشر فاذا ذكروا وبين لهم الحلال فعلوه واذا بين لهم الحرام تركوه كما قال تعالى وذكر فان الذكرى تنفع المؤمنين وقوله ثم مضى حتى اتى النساء يعني هو وبلال وقوله فوعظهن وذكرهن وقال تصدقن فانكن اكثر حطب جهنم ففيه ان الصدقة سبب للنجاة من عذاب جهنم لانه احسان يكفر السيئات التي هي سبب العذاب والصدقة تدفع البلاء في الدنيا والاخرة وقوله فقامت امرأة منسطة النساء سفعاء الخدين اي في خديها تغير بسواد اما خلقة او لمرض او لكبر وقوله فقالت لم يا رسول الله؟ اي ما السبب وما الحكمة ففيه فهم نساء الصحابة وحسن تعلمهن وانه لا يمنعهن الحياء ان يتفقهن في الدين وذلك انها لما علمت ان الله حكيم لا يعذب احدا الا بذنب سألته عن ذلك فبين لها السبب بقوله لانكن تكثرن الشكاة وتكفرن العشير اي تكثرن اللعن كما في الرواية الاخرى وكفران العشير جحد نعمته والعشير الزوج ويفسر ذلك ما في بعض الروايات لو احسنت الى احداهن الدهر ثم رأت منك شيئا لقالت ما رأيت منك خيرا قط فبادرن رضي الله عنهن الى اجابة امره صلى الله عليه وعلى اله وسلم قال فجعلن يتصدقن من حليهن يلقين في ثوب بلال من اقراطهن وخواتيمهن ففي هذا بيان فضل نساء الصحابة ومبادرتهن بفعل الخير وفيه بيان جواز صدقة المرأة بلا اذن زوجها لانهن بادرن بالصدقة ولم يراجعن ازواجهن وفي هذا الحديث انه ينبغي افراد النساء بخطبة اذا لم يسمعن خطبة الرجال كما ذكر الفقهاء وكذلك اذا دعت الحاجة الى بخطبة لمعنى خاص بهن كما في هذا الحديث وفيه انه صلى الله عليه وعلى اله وسلم كان يخدم وليس هذا من الكبر والاقراط ما يجعل في الاذان من الحلي وفيه انه لا ينادى لصلاة العيد وقال بعض العلماء ينادى لها الصلاة جامعة قياسا على الكسوف والصحيح انه لا ينادى لها لانه لم يرد وقياسها على صلاة الكسوف منتقض لان الكسوف يقع بغتة لا يعلم به كثير من الناس فاحتاج الى النداء له ليعلم به من غفل او نام والعيد ليس بمحتاج الى النداء لانه مشهور يعلم به كل احد وهو ابين حتى من الصلوات الخمس لشهرته وظهوره