المكتبة السمعية للعلامة المفسر الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله. يسر فريق مشروع كبار العلماء ان يقدم قراءة تفسير السعدي اية حتى يروا العذاب الاليم يقول تعالى ان الذين حقت عليهم كلمة ربك اي انهم من الضالين معاوين اهل النار لا بد ان يصيروا الى ما قدره الله وقضاه. فلا يؤمنون ولو جاءتهم كل اية. فلا تزيدهم الايات الا طغيان سنعين الى غيهم وما ظلمهم الله ولكن ظلموا انفسهم بردهم للحق لما جاءهم اول مرة فعاقبهم الله بان طبع على قلوبهم واسماعهم وابصارهم. فلا يؤمنوا حتى يروا العذاب الاليم. الذي وعدوا به. فحينئذ يعلمون حق اليقين ان ما عليه هو الضلال. وان ما جاءتم به الرسل هو الحق. ولكن في وقت لا يجدي عليهم ايمانهم شيئا. فيومئذ لا ينفع الذين ظلموا معذرة ولا هم يستعتبون. واما الايات فانها تنفع من له قلب. او القى السمع وهو شهيد يقول تعالى فلولا كانت قرية من قرى المكذبين امنت حين رأت العذاب فنفعها ايمانها اي لم يكن منهم احد انتفع بايمانه حين رأى العذاب. كما قال تعالى عن فرعون ما تقدم قريبا. لما قال امنت انه لا اله الا الذي امنت به بنو اسرائيل وانا من المسلمين. فقيل له الان وقد عصيت قبل وكنت من المفسدين كما قال الله تعالى فلما رأوا بأسنا قالوا امنا بالله وحده وكفرنا بما كنا به مشركين. فلم يك ينفعهم ايمانهم لما رأوا او بأسنا سنة الله التي قد خلت في عباده. وقال الله تعالى حتى اذا جاء احدهم الموت قال رب ارجعون. لعلي اعمل صالحا فيما تركت كلا والحكمة في هذا ظاهرة فان الايمان الاضطراري ليس بايمان الحقيقة ولو صرف عنه العذاب الامر الذي اضطره الى الايمان لرجع الى الكفران وقوله الا قوم يونس لما امنوا بعدما رأوا العذاب كشفنا عنهم عذاب الخزي في الحياة الدنيا ومتعناهم الى حين. فهم مستثنون من العموم السابق. ولابد لذلك من حكمة لعالم الغيب والشهادة لم تصل الينا ولم تدركها افهامنا. قال الله تعالى وان يونس لمن المرسلين. الى قوله فارسلناه الى مئة الف او ويزيدون فامنوا فمتعناهم الى حين. ولعل الحكمة في ذلك ان غيرهم من المهلكين لو ردوا لعادوا لما نهوا عنه. واما قوم يونس فان الله علم ان ايمانهم سيستمر. بل قد استمر فعلا وثبتوا عليه. والله اعلم. ولو شاء جاء ربك لامن من في الارض كلهم جميعا. يقول تعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم ولو شاء ربك لامن من في الارض كلهم جميعا بان يلهمهم الايمان ويوزع قلوبهم فقدرته صالحة لذلك. ولكنه اقتضت حكمته ان كان بعضهم مؤمنين. وبعضهم كافرين. افانت تكره الناس حتى يكون مؤمنين اي لا تقدر على ذلك. وليس في امكانك ولا قدرة لغير الله على شيء من ذلك ويجعل الرجس على الذين لا يعقلون. وما كان لنفس ان تؤمن الا باذنه الله اي بارادته ومشيئته واذنه القدري الشرعي. فمن كان من الخلق قابلا لذلك يزكو عنده الايمان وفقه وهداه ويجعل الرجز اي الشر والضلال على الذين لا يعقلون عن الله اوامره ونواهيه. ولا يلقون بالا لنصائحه مواعظه قل ينظر ما لا في السماوات والارض يدعو تعالى عباده الى النظر لما في السماوات والارض. والمراد بذلك نظر الفكر والاعتبار والتأمل. لما فيها وما تحتوي عليه والاستبصار فان في ذلك لايات لقوم يؤمنون. وعبرا لقوم يوقنون. تدل على ان الله وحده المعبود المحمود ذو الجلال الاكرام والاسماء والصفات العظام. وما تغني الايات والنذر عن قوم لا يؤمنون. فانهم لا ينتفعون بالايات لاعراضهم نادهم فهل ينتظرون الا مثل ايام الذين خلوا من قبلهم؟ اي فهل ينتظر هؤلاء الذين لا يؤمنون ايات الله بعد وضوحها الا مثل ايام الذين خلوا من قبلهم. اي من الهلاك والعقاب فانهم صنعوا كصنيعهم. وسنة الله تجارية في الاولين والاخرين. قل فانتظروا اني معكم من المنتظرين. فستعلمون لمن تكون له العاقبة الحسنة. والنجاة في الدنيا والاخرة وليست الا للرسل واتباعهم. ولهذا قال ذلك حقا علينا ننجي المؤمنين. ثم ننجي رسلنا والذين امنوا من مكاره الدنيا والاخرة وشدائدهما. كذلك حقا علينا اوجبناه على انفسنا. ننجي المؤمنين. وهذا من دفعه عن المؤمنين. فان الله يدافع عن الذين امنوا فانه بحسب ما مع العبد من الايمان تحصل له النجاة من المكاره يعبدون من دون الله ولكن اعبدوا الله الذي يتوفاكم وامرت ان اكون من المؤمنين. يقول تعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم. سيد المرسلين وامام المتقين وخير الموقنين. قل يا ايها الناس ان كنتم في شك من ديني اي في ريب واشتباه فاني لست في شك منه. بل لدي العلم اليقيني انه الحق. وان ما تدعون من دون الله باطل. ولي على كذلك الادلة الواضحة والبراهين الساطعة. ولهذا قال فلا اعبد الذين تعبدون من دون الله من الانداد والاصنام وغيرها لانها لا تخلق ولا ترزق. ولا تدبر شيئا من الامور. وانما هي مخلوقة مسخرة. ليس فيها ما يقتضي عبادتها. ولكن الله الذي يتوفاكم. اي هو الذي خلقكم وهو الذي يميتكم ثم يبعثكم. ليجازيكم باعمالكم. فهو الذي يستحق ان يعبد بدأ ويصلى له ويخضع ويسجد. وامرت ان اكون من المؤمنين. وان اقم وجهك للدين حنيفا ولا تكونن وان اقم وجهك للدين حنيفا. اي اخلص اعمالك الظاهرة والباطنة لله. واقم جميع شرائع الدين ديني حنيفة اي مقبلا على الله معرضا عما سواه. ولا تكونن من المشركين لا في حالهم ولا تكن معهم لا تدعو من دون الله ما لا ينفعك ولا يضرك وهذا وصف لكل مخلوق انه لا ينفع ولا يضر. وانما النافع الضار هو الله تعالى. فان فعلت بان دعوت من دون الله ما الا ينفعك ولا يضرك فانك اذا من الظالمين. اي الضارين انفسهم باهلاكها. وهذا الظلم هو الشرك. كما قال تعالى ان الشرك لظلم عظيم. فاذا كان خير الخلق لو دعا مع الله غيره لكان من الظالمين المشركين. فكيف بغيره يمسسك الله بضر فلا كاشف له الا هو. وان يردك بخير من عباده وهو الغفور هذا من اعظم الادلة على ان الله وحده المستحق للعبادة. فانه النافع الضار المعطي المانع. الذي اذا مس بضر كفقر ومرض ونحوها فلا كاشف له الا هو. لان الخلق لو اجتمعوا على ان ينفعوا بشيء لم ينفعوا الا بما كتب الله ولو اجتمعوا على ان يضروا احدا لم يقدروا على شيء من ضرره. اذا لم يرده الله ولهذا قال وان يردك بخير فلا راد لفضله. اي لا يقدر احد من الخلق ان يرد فضله واحسانه. كما قال تعالى ما يفتح الله للناس من رحمة لا ممسك لها وما يمسك فلا مرسل له من بعده. يصيب به من يشاء من عباده ان يختص برحمته من شاء من خلقه. والله ذو الفضل العظيم وهو الغفور لجميع الزلات. الذي يوفق عبده لاسباب مغفرته. ثم اذا فعلها العبد غفر الله ذنوبه زارها وصغارها. الرحيم الذي وسعت رحمته كل شيء. ووصل جوده الى جميع الموجودات. بحيث لا تستغني عن احسانه طرفة عين فاذا عرف العبد بالدليل القاطع ان الله هو المنفرد بالنعم وكشف النقم واعطاء الحسنات وكشف السيئات والكربات وان احدا من الخلق ليس بيده من هذا شيء الا ما اجراه الله على يده. جزم بان الله هو الحق. وان ما يدعون من دونه هو والباطل ولهذا لما بين الدليل الواضح قال بعده فمن اهتدى فانما يهتدي لنفسه ومن ضل فانما يضل عليها وما انا عليكم اي قل يا ايها الرسول لما تبين البرهان يا ايها الناس قد جاءكم الحق من ربكم الخبر الصادق المؤيد بالبراهين الذي لا شك فيه بوجه من الوجوه. وهو واصل اليكم من ربكم الذي من اعظم تربيته لكم. ان انزل اليكم هذا القرآن الذي فيه تبيان لكل شيء. وفيه من انواع الاحكام والمطالب الالهية والاخلاق المرضية. ما فيه اعظم تربية واحسان منه اليكم. فقد تبين الرشد من الغي. ولم يبق لاحد شبهة. فمن اهتدى بهدى الله بان علم الحق وتفهم واثره على غيره فلنفسه. والله تعالى غني عن عباده. وانما ثمرة اعمالهم راجعة اليهم. ومن ضل عن الهدى بان اعرض عن العلم بالحق او عن العمل به فانما يضل عليها ولا يضر الله شيئا فلا يضر الا نفسه وما انا عليكم بوكيل فاحفظ اعمالكم واحاسبكم عليها. وانما انا لكم نذير مبين. والله عليكم وكيل. فانظروا لانفسكم ما دمتم في مدة الامهال اه واصبر حتى يحكم الله وهو خير الحاكمين. واتبع ايها طول ما يوحى اليك علما وعملا وحالا. ودعوة اليه واصبر على ذلك. فان هذا اعلى انواع الصبر. وان عاقبته حميدة فلا تكسل ولا تضجر. بل دم على ذلك واثبت حتى يحكم الله بينك وبين من كذبك. وهو خير الحاكمين. فان حكمه مشتمل على العدل التام والقسط الذي يحمد عليه. وقد امتثل صلى الله عليه وسلم امر ربه. وثبت على الصراط المستقيم حتى اظهر الله الله دينه على سائر الاديان. ونصره على اعدائه بالسيف والسنان. بعدما نصره الله عليهم بالحجة والبرهان. فلله الحمد الحسن كما ينبغي لجلاله وعظمته وكماله وسعة احسانه