حين كذبوا على ربهم الا لعنة الله على الظالمين. اي لعنة لا تنقطع لان ظلمهم صار وصفا لهم ملازما. لا يقبل التخفيف ثم وصف ظلمهم فقال الذين يصدون عن سبيل الله ويبغونها عوجا وهم بالاخرة المكتبة السمعية للعلامة المفسر الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله. يسر فريق مشروع كبار العلماء ان يقدم قراءة تفسير السعدي يقول تعالى من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها اي كل اراداته مقصورة على الحياة الدنيا وعلى زينتها من النساء والبنين والقناطير المقنطرة. من الذهب والفضة والخيل المسومة والانعام والحرث. قد صرف رغبته وسعيه وعمله في هذه الاشياء ولم يجعل لدار القرار من ارادته شيئا. فهذا لا يكون الا كافرا. لانه لو كان مؤمنا لكان ما معه من الايمان يمنعه ان تكون جميع ايراداته للدار الدنيا بل نفس ايمانه وما تيسر له من الاعمال. اثر من اثار ارادته الدار الاخرة. ولكن هذا الشق الذي كانه خلق للدنيا وحدها نوفي اليهم اعمالهم فيها. اي نعطيهم ما قسم لهم في ام الكتاب من ثواب الدنيا. وهم في لا يبخسون اي لا ينقصون شيئا مما قدر لهم ولكن هذا منتهى نعيمهم. اولئك الذين ليس لهم في الاخرة اولئك الذين ليس لهم في الاخرة الا خالدين فيها ابدا. لا يفتر عنهم العذاب. وقد حرموا جزيل الثواب. وحبط ما صنعوا فيها. اي في الدنيا اي بطل واضمحل كما عملوه مما يكيدون به الحق واهله. وما عملوه من اعمال الخير التي لا اساس لها. ولا وجود لشرطها وهو الايمان كان على بينة من ربه ويتلو شاهد منه ومن قبله كتاب موسى اذا اولئك يؤمنون بي ومن يكفر به من الاحزاب فالنار موعده. فلا تكن يذكر تعالى حال رسوله محمد صلى الله عليه وسلم. ومن قام مقامه من ورثته القائمين بدينه وحججه. الموقنين بذلك. وانهم لا يوصف بهم غيرهم ولا يكون احد مثلهم. فقال افمن كان على بينة من ربه بالوحي الذي انزل الله فيه المسائل المهمة. ودلائلها الظاهرة فتيقن تلك البينة. اي يتلو هذه البينة والبرهان برهان اخر. شاهد منه وهو شاهد الفطرة المستقيمة والعقل الصحيح حين شهد احقية ما اوحاه الله وشرعه. وعلم بعقله حسنه. فازداد بذلك ايمانا الى ايمانه وثم شاهد ثالث وهو كتاب موسى التوراة التي جعلها الله اماما للناس ورحمة لهم. يشهد لهذا القرآن بالصدق ويوافقه وفيما جاء به من الحق. اي افمن كان بهذا الوصف قد تواردت عليه شواهد الايمان؟ وقامت لديه ادلة اليقين كمن هو في الظلمات والجهالات ليس خارج منها لا يستوون عند الله ولا عند عباد الله اولئك الذين وفقوا لقيام الادلة عندهم يؤمنون بالقرآن حقيقة فيثمر لهم ايمانهم كل خير في الدنيا والاخرة. ومن يكفر به من الاحزاب ومن يكفر به اي القرآن من الاحزاب اي سائر الطوائف اهل الارض. المتحزبة على رد الحق فالنار موعده. لا بد من وروده اليها فلا تكفي مرية منه اي في ادنى شك انه الحق من ربك ولكن اكثر الناس لا يؤمنون. اما جهلا منهم وضلالا واما ظلما وعنادا وبغيا. والا فمن كان قصده حسنا وفهمه مستقيما فلا بد ان يؤمن به. لانه يرى ما يدعوه الى الايمان من كل وجه ومن اظلم ممن افترى على الله كذبا اولئك يعرضون على ربهم ويقول الاشهاد هؤلاء الذين كذبوا على ربهم الا لعنة الله على الظالمين. يخبر تعالى لانه لا احد اظلم ممن افترى على الله كذبا. ويدخل في هذا كل من كذب على الله بنسبة الشريك له او وصفه بما لا يليق بجلاله او الاخبار عنه بما لم يقل او ادعاء النبوة او غير ذلك من الكذب على الله. فهؤلاء اعظم الناس ظلما. اولئك يعرضون على بهم ليجازيهم بظلمهم. فعندما يحكم عليهم بالعقاب الشديد. يقول الاشهاد اي الذين شهدوا عليهم بافترائهم وكذبهم. هؤلاء الذين الذين يصدون عن سبيل الله فصدوا بانفسهم عن سبيل الله وهي سبيل الرسل التي دعوا الناس اليها وصدوا عنها فصاروا ائمة يدعون الى النار ويبغونها اي سبيل الله عوجا اي يجتهدون في ميلها وتشيينها لتصير عند الناس غير مستقيمة. فيحسنون الباطل ويقبحون الحق. قبحهم الله وهم بالاخرة هم كافرون اولئك لم يكونوا معجزين في الارض وما كان لهم من دون الله من اولياء ما كانوا يستطيعون السمع وما يبصرون. اولئك لم يكونوا معجزين في الارض. اي ليسوا فائتين الله لانهم تحت قبضته وفي سلطانه. وما كان لهم من دون الله من اولياء فيدفعون عنهم المكروه او يحصلون لهم ما ينفعهم بل تقطعت بهم الاسباب. يضاعف لهم العذاب يغلظ ويزاد لانهم ظلوا بانفسهم واضلوا غيرهم. ما كانوا يستطيعون السمع اي من بغضهم للحق ونفورهم عنه. ما كانوا يستطيعون ان يسمعوا ايات الله سماعا ينتفعون به. فما لهم عن التذكرة معرضين؟ كانهم حمر مستنفرة فرت من قسورة وما كانوا يبصرون. اي ينظرون نظر عبرة وتفكر فيما ينفعهم. وانما هم كالصم البكم الذين لا يعقلون الذين خسروا انفسهم وضل عنهم ما كانوا يفترون. اولئك الذين خسروا انفسهم حيث فوتوها اعظم الثواب. واستحقوا اشد العذاب. وضل عنهم ما كانوا يفترون. اي اضمحل دينهم الذي يدعون اليه ويحسنونه ولم تغن عنهم الهتهم التي يعبدون من دون الله لما جاء امر ربك. لا جرم انهم في الاخرة لا جرم اي حقا وصدقا انهم في الاخرة هم الاخسرون. حصل الخسارة فيهم بل جعل لهم منه اشده لشدة حسرتهم وحرمانهم وما يعانون من المشقة من العذاب. نستجير بالله من حالهم. ولما ذكر حال الاشقياء ذكر اوصاف السعداء وما لهم عند الله من الثواب. فقال الى ربهم اولئك اصحاب الجنة واخبتوا الى ربهم اولئك يا اصحاب الجنة يوم فيها خالدون. يقول تعالى ان الذين امنوا بقلوبهم اي صدقوا واعترفوا لما امر الله بالايمان به من اصول الدين وقواعده. وعملوا الصالحات المشتملة على اعمال القلوب والجوارح واقوال اللسان واخبتوا الى ربهم اي خضعوا له واستكانوا لعظمته وذلوا لسلطانه. وانابوا اليه بمحبته وخوفه ورجائه والتضرع اليه اولئك الذين جمعوا تلك الصفات اصحاب الجنة هم فيها خالدون. لانهم لم يتركوا من الخير مطلبا الا ادركوه. ولا خيرا الا سبقوا اليه. مثل الفريقين كالاعمى والاصم والبصير والسمين. هل مستويات مثلا افلا تذكرون مثل الفريقين اي فريق الاشقياء وفريق السعداء كالاعمى والاصم هؤلاء الاشقياء والبصير والسميع مثل السعداء. هل يستويان مثلا؟ لا يستوون مثلا بل بينهما من الفرق ما لا يأتي عليه الوصف. افلا تذكرون الاعمال التي تنفعكم يفعلونها والاعمال التي تضركم فتتركونها