من منا اليوم يجلس ساعة في خلوة مع ربه؟ من اليوم يفرح اذا لم يجد احدا في المسجد ها يشغله فيكون مع الله مسبحا مهللا مكبرا حامدا اصبحنا اليوم مع الاسف ذكر الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك وانعم على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين وبعد فنستأنف لكتاب الفوائد العلامة ابن القيم رحمه الله. وكنا قد وقفنا على قوله فصل لما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من حصر العدو في حصر النصر فنبدأ على بركة الله ونسأله جل وعلا ان يرزقنا العلم النافع والعمل الصالح. بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين. والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين. اما بعد اللهم اغفر لنا ولوالدينا ولمشايخنا وللمسلمين يا رب العالمين. قال ابن القيم رحمه الله تعالى فصل لما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في من حصر العدو دخل في حصر النصر فعبثت ايدي سراياه بالنصر في الاطراف فطار ذكره في الافاق فصار الخلق معه ثلاثة اقسام مؤمن به ومسالم له وخائف منه. القى اذر الصبر في مزرعة فاصبر كما صبر اولو العزم من الرسل فاذا فاذا اغصان النبات تهتز بخزامى والحرمات قصاص. فدخل مكة دخولا ما دخله احد قبله ولا بعده حوله المهاجرون والانصار لا يبين منه الا الحدق الحدق والصحابة على مراتبهم. والملائكة فوق رؤوسهم وجبريل يتردد وبين ربه فقد اباح له حرمه الذي لم يحله في احد سواه. فلما قال سبيل هذا اليوم بين هذا اليوم وبين واذ يمكر بك الذين كفروا يثبتوك او يقتلوك او يخرجوك. فاخرجوه ثاني اثنين دخل وذقنه يمس قرب سرجه خضوعا وذلا لمن البسه ثوب هذا العز الذي رفعت اليه فيه الخليقة رؤوسها ومدت اليه الملوك اعناقها فدخل مكة مالكا مؤيدا منصورا وعلى كعب بلال بلال فوق الكعبة بعد ان كان يجر في الرمضاء على جمر فتنة فنشر بزا طوي عن القوم من يوم قوله احد احد ورفع صوته بالاذان فاجابت من كل ناحية فاقبلوا يأمون الصوت فدخلوا في دين الله افواجا وكانوا قبل ذلك يأتون احادا فلما جلس الرسول صلى الله عليه وسلم على منبر العز وما نزل عنه قط مدت مدت الملوك واعناقها بالخضوع اليه فمنهم من سلم لي مفاتيح البلاد ومنهم من سلوا الموادعة والصلح منهم من اقر بالجزة والصغار ومنهم من اخذ في الجمع والتأهب للحرب ولم يدري انه لم يزد جمع الغنائم وسوق الاسار اليه وسوق الاسار اليه. فلما تكامل نصره فبلغ الرسالة وادى الامانة جاءه منشور انا فتحنا له انا فتحنا لك فتحا مبينا. ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر ويتم نعمته عليك ويهديك صراطا مستقيما وينصرك الله نصرا عزيزا. وبعده توقيع اذا جاء نصر الله والفتح. ورأيت الناس يدخلون في دين الله افواجا جاءه رسول ربه يخيره بين المقام في المقام في الدنيا وبين لقائه فاختار لقاء ربي شوقا اليه. فتزينت الجنان اليوم اليوم قدوم روحه روحه الكريمة ذاك زينة المدينة يوم قدوم الملك. اذا كان عرش الرحمن قد اهتز الموت بعظ اتباع فرحا واستبشارا بقدوم روحه فكيف بقدوم روح سيد الخلائق فيا منتسبا الى غير هذا الجناب ويا واقفا هذا الباب ستعلم يوم الحجر اي اي سريرة تكون على يوم تبلى سرائره. المقصود من هذه الفائدة ان الانسان يقايس حال النبي صلى الله عليه وسلم وينظر الى حال النبي الكريم صلى الله عليه وسلم كان مستضعفا هو واصحابه في مكة. واخرجوا من مكة وشردوا وضربوا هجروا ثم لما التزم حصر النصر لما لزم صبرا اتاه بعد ذلك النصر. وهذا فيه دلالة. ان النصر مع الصبر. فلا يمكن لانسان ان يحصل السعادة بلا صبر. ولا ان يحصل المكنة بلا صبر بل ان العقلاء يدركون ان فضائل الدنيا الدنية لا تدرك الا بالصبر كم يصبر فلان حتى يحصل منصبا؟ وكم يصبر فلان حتى يحصل صنعة وكم يصبر فلان في البكور والغدو والرواح والسفر والتجارة حتى يحصل مالا. فالصبر اساس ومبدأ النصر. والصبر هو بذر كل خير الصبر بذل كل خير. النبي صلى الله عليه وسلم لما صبر في مجاهدة كان النصر له. ولكن ينبغي للانسان ان يقتدي بنبيه الله عليه وسلم فيكون في حال نصره ذليلا لربه. عزيزا عن رفيعا عن مستوى الانتقامات. فلم ينتقم النبي صلى الله عليه وسلم لصوته لنفسه قط ولا رفع صوته كالجبابرة الذين يدخلون البلدان ويقتلون ويفعلون انظروا الى يوم دخوله الى مكة فاتحا. لم يقتل ولا امرأة ولا طفل ولا شيخ بل ولا رجل مقاتل في ذلك اليوم هذا دليل على ان النبي صلى الله عليه وسلم انما يأتمر بامر ربه. لا يبحث عن انتقام لنفسه قل يا اصحابي فكان في النصر ممتثلا امر ربه حتى جاء المنشور من الله انا فتحنا لك فتحا مبينا ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر. وهذا الفتح المبين باتفاق العلماء المقصود به فتح خيبر صلح الحديبية وما بعدها. المقصود بها صلح الحديبية وما بعد حديبية كفتح خيبر ومكة. وختمت ومعنى وبعده توقيع التوقيع هنا بمعنى ختم الوحي من حيث اخر سورة نزلت هي سورة اذا جاء نصر الله والفتح واخر اية نزلت هي اية الربا واتقوا يوما ترجعون فيه الى الله. ثم توفى كل نفس ما كسب وقارن رحمه الله بين فرح الجنان بمقدم روح سيد العالمين صلى الله عليه وسلم وفرح المدينة بمقدمه عليه الصلاة والسلام وبين انه اذا كان عرش الرحمن قد اهتز لموظف لموت بعظ اتباعه كسعد. فكيف كان يوم قدوم رح سيد الخلايا صلى الله عليه وسلم. فليعتبر العاقل الذي ينتسب الى غير هذا الجناب. واتق الله عز وجل في نفسك. لا انتسب الا اليه صلى الله عليه وسلم. باتباعه وحبه والاقتداء به. وجعله الاسوة تنال المكرمات بذلك. اما اذا انتسبت الى غيره فانية. منصب منصب زائل مال مورث دنيا فانية فاي فائدة في هذا العاقل يفكر مع نفسه فيقوي علاقته ورابطته مع ما يبقى في اخرته ويلازم ذلك حتى يكون من اهل الحظوة يوم الحسرة ولا ينتسب الى الفانيات الزائلات. من الاسماء والارقام والمناصب والاموال والاراضي والدور ستعلم يوم الحشر اي سريرة تكون عليها يوم تبلى السرائر الله ان يجعل سرائرنا خيرا من ظواهرنا. وظواهرنا موافقا لشرعة ربنا عز وجل. اذا لا بد للانسان ان ينتبه وان يجعل حاله وان يعتبر حاله بحال النبي الكريم صلى الله عليه فيقتدي به ظاهرا وباطنا. نعم. احسن الله اليك. قال رحمه الله تعالى يا مغرورا بالامان لعن ابليس اهبط من منزل العز من منزل العز بترك سجدة واحدة امر بها. واخرج ادم من الجنة بلقمة تناولها وحجب القاتل عنها بعد ان رأى اعيانا بملئ كف من دم وامر بقتل الزاني اشنع القتلات بإيلاج بإيلاج قدر فيما لا يحل لا يحل. وامر بايساع الظهر سياطا بكلمة بكلمة قذف او بقطرة مسكر وابان عضوا من اعضائك بثلاثة دراهم فلا تأمنه ان ان يحبسك في النار بمعصية واحدة من معاصيه. ولا يخافوا عقباها دخلت امرأة دخلت امرأة النار في هرة وان الرجل وان الرجل ليتكلم بكلمة لا يلقى لها لا يلقي لها بالا يهوي بها في النار ابعد ما بين المشرق والمغرب. وان الرجل ليعمل بطاعة الله ستين سنة. فاذا كان عند الموت في الوصية فيختم له سوء عمله فيدخل النار والعمر باخره والعمل بخاتمته. من احدث قبل السلام بطل ما قضى من صلاته ومن افطر قبل غروب الشمس ذهب صيامه ضائعا. ومن اساء في اخر عمره لقي ربه بذلك الوجه لو قدمت لو قدمت لقمة وجدتها ولكن يؤذيك ولكن يؤذيك الشره شره. كم جاء الثواب يسعى اليك فوقف فرده بواب بواب سوف ولعل وعسى كيف الفلاح بين ايمان ناقص وامل زائد ومرض لا طبيب له ولا عائد او هوى وهوى المستيقظ وعقل الراقد ساهيا في غمرته عميها عميها عميها عميها في سكرته سابحا في لجة جهله مستوحشا من ربه مستأنسا بخلقه ذكر الناس فاكهة وقوته وذكر الله حبس هو موته لله من لله منه جزء جزء يسير من ظاهره وقلبه ويقينه لغيره. لا كان من لسواه لا كان من لي سواك فيه يجد السبيل به اليه العذر العزلة. العزل احسنت عذب احسنت. يعني الانسان لا يجوز ان يغتر ويجعل رحمة الله هي سفينته فقط. بل الواجب ان ان سفينة النجاة مكونة من ثلاثة امور. رحمة لا قنوط معها ورجاء لا يأس معهم. هذا من جهة الفضل وطلب الخير والتوبة والاوبة. والامر الثاني الخوف الذي لا يكون معه الامان. الخشية. التي تمنع اللامبالاة هذه الجهة الثانية. الامر الثالث وهو الاهم المحبة المنتجة لامتثال الامر واجتناب النهي واتباع المحبوبات الربانية والعجب كل العجب ممن يغتر برحمة ربه وينسى ان ابليس لعن واهبط من المنازل العالية في السماء بترك سجدة واحدة امر بها يا مغرورا بالاماني كيف تغتر؟ وابوك عدم قد اخرج من الجنة بلقمة اكلها من شجرة يا مغرورا بالاماني كيف تغتر وتنسى ان الله عز وجل امر بالقصاص على فعل القتل واراقة دم كيف يغتر الانسان بالاماني وهو يعلم ان الله امر بقتل الزاني اشنع القتلات. على فعل واحد وهو الزنا وامر اجاع وضرب بالسياط لاجل كلمة ينقذ وامر بقطع اليد لاجل ربع دينار فصاعدا كيف يأمنه الا مغرور. ولهذا قال عز وجل لا يأمن مكر الله الا القوم الخاسرون. فالله سبحانه الذي انا ابليس بفعله. وانزل ادم من الجنة بلقمة وامر بقتل الزاني اشنع قتلة وبظرب القاذف بالسياط بلا رحمة وبقطع اليد على سرقة كيف يأمنه الانسان؟ وهو يعلم من ربه لا يخاف عقبى ما هذه العقوبات العلماء في ارجاع الظمير في قوله ولا يخاف عقباه. هل هي راجعة الى فعل الرب عز وجل فدمدم عليهم ربهم بذنبهم فسواها ولا يخاف عقباها. اي عقبى ما يترتب على هذه الدمدمة والعقوبة وعلى هذا المعنى ساق المصنف الاية. فالله يعاقب ولا يخاف ما يترتب على العقوبات في علاه اذا امرأة دخلت النار في هرة فكيف يأمن العاقل؟ اذا رجل هوى في النار ابعد ما بين المشرق والمغرب بكلمة. فكيف يأمن العاقل؟ يجب ان يكون حذر الفعال. عفيف اللسان. اذا علم الانسان ان العبرة بالخواتيم ولا يدري باي شيء يختم له ويبعث المرء على ما مات عليه. ولا يدري كيف يموت. فليبذل قصارى جهده في ان يكون على الطاعات حتى تأتيه المنية وهو على ذلك انسان يدرك ان من سلم من احدث قبل السلام في صلاته بطلت صلاته ومن افطر قبل قبل غروب الشمس بلحظة ذهب صيامه ضائعا. فكيف بالذي يضيع عباداته لو قدم الانسان لقمة بل نصف تمرة وجدها عند الله وما تقدموا لانفسكم من خير تجدوه عند الله. فما الذي يمنعه من ان يقدم ويزيد في رصيده الاخروي كما يزيد في رصيده الدنيوي الذي يبقى للورثة الشرع البخل سوف كم مرة جاء الثواب الى بابك؟ علما وعملا دعوة وصلاحا فعلا للخيرات تركا للمنكرات سعة على المسلمين والمسلمات. فرد صاحبه بسوفة ولعل وعسى. وهذه اعني سوف ولعل وعسى هي اقوال المفاليس. واما اقوال اهل العزائم لا يقولون سوف وانما يقومون. لا يقولون لعل وانما يستغفرون ولا يقولون عسى وانما يجزمون. يتأمل الانسان العاقل فيدرك البون الشاسع بين ايمان ناقص وامل زائد ومرظ لا طبيب له. مرض الغفلة. مرض التسويف. مرض القيل والقال الامراظ التي لا ينتبه لها الناس ولا يبحثون عن طبيب لها كيف الفلاح بايمان ناقص وعمل زائد ومرض لا طبيب له وهوى كم مستيقظ وعقل راقد لا يفكر في المآلات. ساهيا في غمرته عمها في سكرته سابحا في لجة جهله مستوحشا من ربه لا يأنس به. مستأنسا بخلقه الناس فاكهتنا وقوت فلان قال وفلان كذا حتى اصبحنا نرى من المصلين من اذا انتهى من الصلاة فطره بعد الصلاة على فتح جواله وماذا اتى من رسائله او تنبيهات اليه. ليس فطره بعد الصلاة على ذكر الله. ما الذي حبسهم عن الانس بالله عز وجل من الذي اشغلهم عن الفرح بذكر الله عز وجل؟ الا الغفلة الا سكرة الحياة الدنيا. الا الهوى المتلبس على القلب اصبح اصحاب الايمان الضعيف اوقاتهم الفاضلة الزائدة لله واوقاتهم الاساسية للدنيا. اسأل الله ان يتجاوز عنا وعنكم. الانسان لا يبرأ نفسه لعلي يكون اولكم. كم نجلس في الاعمال والدوامات؟ كم انا عن نفسي لا يقل عن ثمان ساعات. في اعمال الدنيا لاجل راتب لا ندري هل احسنا فيها العمل او اسأنا ايضا لا ندري هل ادينا حق هذا الراتب او لا ايضا؟ وهذه مصيبة اخرى. ثم اذا جاء علم وجاء العمل وجاء ذكر الله وجاءت العبادة صوفنا وقلنا ان لنفسك عليك حق. هل قال احد لنا هون على نفسك من العمل فان لنفسك عليك حقا. والله وقد وصلت الى الخمسين من العمر ما اذكر ان احدا قال لي يوما في عمل دنيوي هون على نفسك. بل الكل يشجع ويحث وكم وكم رأيت وسمعت من اناس قم يقولون هون على نفسك. يا سبحان الله. من يعمل لاخرته يقال له هون على من يتعبد الله يقال له هون على نفسك. ومن يعمل لدنياه لا يقال له شيء بل يشجع هذا دليل على ضعف ايماننا. نسأل الله ان يقوي ايماننا وان يبصرنا في ديننا. نعم. نكتفي بهذا القدر وصلى الله وبارك على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين