بعد ان امر الله تعالى عباده المؤمنين بذكره وشكره وجه الله اليهم نداء بلفظ الايمان ليستنهض هممهم الى امتثال الاوامر الالهية. وهو النداء الثاني الذي جاء بلفظ الايمان في سورة البقرة وسببها لمراتب الاحسان وبحكمة نحيا بها قلوبنا بخلاصة التفسير للقرآن لا تهجروا القرآن يا احبابي. فهو الشفيع لنا بيوم وهو المعلم يا اولي الالباب. هيا بنا ونحيا به هيا بنا. بخلاصة التفسير للقرآن اعوذ بالله من الشيطان الرجيم يا ايها الذين امنوا استعينوا بالصبر والصلاة ان الله مع الصابرين. بعد تحديد القبلة الخاصة بامة اسلام ذات الشخصية الخاصة والكيان الخاص. جاء الامر الالهي للمؤمنين بالاستعانة على امور الدين والدنيا باعظم سلاحين. يعينان على تكاليف هذا الدور العظيم. وهما الصبر والصلاة فبئ الصبر تنالون كل فضيلة. وبالصلاة تنتهون عن كل رذيلة وقد خص الله تعالى الصبر والصلاة معا لان الصبر اشد الاعمال الباطنية والصلاة اشد الاعمال الظاهرية. الا ان الصلاة هي ام العبادات. وفيها لقاء المؤمن برب لقاء يقوي من روحه ويشد من ازره. وبالاستعانة بالصبر يكون الله مع الصابر فكفى بهذه المعية نصرا وعزة واجابة ولا تقولوا لمن يقتل في سبيل الله اموات بل احياء ولكن لا تشعرون ومن الصبر الذي على المسلم التحلي به هو الصبر حال لقاء العدو. فان الله تعالى جعل النصر مع الصبر وهنالك قتلى سيخرون شهداء في معركة الحق. قتلى اعزاء احباء فلا تحزنوا عليهم ولا تقولوا ان هؤلاء القتلى اموات كسائر الاموات. كلا بل هم احياء سعداء في عالم غير عالمنا تلك حياة لا تدركونها ولا تشعرون بها. لانها في عالم الحس الذي يدرك بالمشاعر. اللهم بلغنا منازل الشهداء ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الاموال والانفس والثمرات وبشر الصابرين وحتى تتربى النفوس على العظائم فلابد لها من الامتحان والاختبار بشيء من اصناف البلاء. بلاء نفسي كالخوف او بدني كالجوع او مالي كالفقر او اجتماعي كفقد الاهل والاحبة او ابتلاء فيما تشتهيه الانفس كقلة الزرع والثمر. جمعت هذه الاية الكريمة بين تنبيه المؤمنين وبين تعزيب فقد نبههم الله تعالى ان كل ما يصيب المؤمن انما هو ابتلاء لايمانه. وعز ها هم حين قال بشيء. اي بشيء يسير. وما على العبد الا ان يصبر مؤمنا محتسبا ايه بقى ؟ وبعدها يسوق الله تعالى البشارة. وبشر الصابرين. مهما كان انا حزنك ايها المؤمن. فهذه الجملة اعظم تسلية لك. انها بشارة من الله لكل اعبر بخير عظيم وافر. فاللهم اجعلنا من الصابرين الذين اذا اصابتهم مصيبة قالوا قالوا انا لله وانا اليه راجعون المؤمنون امام البلاء ليس لهم الا التسليم المطلق. ينقادون لامر الله تعالى. يتلقون بالسكينة وعند الصدمة الاولى لا يجزعون. بل يرددون انا لله انا اليه راجعون. اي انا ملك لله يتصرف فينا بما يشاء. وانا اليه دون يوم القيامة. فهو الذي خلقنا وتفضل علينا بكل النعم. واليه مرجعنا واليه نهاية امرنا. انا لله وانا اليه راجعون. انها كلمات عظيمة. تذكر المصاب بحقيقة امره. ونهاية مصيره. كلمات تسكن في قلب من الرضا والسلوى والثقة واليقين. قال سعيد بن جبير لم هذه الكلمات لنبي قبل نبينا. ولو عرفها يعقوب لما قال يا اسفا على يوسف اولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة واولئك هم المهتدون. فاذا صبر المؤمن على ابتلاء اتت اليه الغنائم. صلوات ورحمة وهداية. اما الصلوات فهي صلاة من الله اي ثناء الله تعالى على الصابرين في الملأ الاعلى عند الملائكة ثم رحمة تتنزل عليهم. ثم هداية تقودهم الى كل خير وصلاح وفلاح ان الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت او اعتمر فلا جناح عليه ان يطوف بهما اه ومن تطوع خيرا فان الله شاكر عليم الصفا والمروة جبلان قريبان من الكعبة. وكان في زمن الجاهلية عليهما ماني من نحاس يقال لهما ايساف ونائلة. وكان المشركون اذا طافوا تمسحوا بهما فكان بعض المسلمين يتحرجون من السعي بين الصفا والمروة. ظنا منهم ان السعي بينهما من شعائر لاهل الجاهلية. فانزل الله هذه الاية ليزيل الحرج الذي كان يتردد في صدورهم. وهذا ثمرة التعليم الطويل الذي رسخ في قلوبهم حب التوحيد وبغض الشرك ومظاهره وطقوسه فازال الله عنهم حيرتهم. واخبرهم ان الصفا والمروة من المعالم التي يتعبد الله وعندها فلا حرج ولا اثم على الحاج او المعتمر ان يسعى بينهما. وهذا من مناسك الحج والعمرة. وليأتي المؤمن من الخير ما استطاع. فان الله تعالى شاكر بعمله هذا. عليم باعماله كلها. وكم لطف الله تعالى كبير يشكر الله عبده على اعماله الصالحة. والله هو الذي هداه ووفقه الى هذه الاعمال الصالحة واذا شكر الله عبده اتاه الخير وادركته الرحمة وناله التوفيق واتاه العطاء بلا نهاية. ثم اذا كان الله يشكر لعبده فعل الخير ماذا يصنع العبد المقصر ليوفي الرب حقه من الشكر والحمد فسبحان الله وبحمده هكذا تخرس السنتنا وتقف افئدتنا عاجزة وتكتشف عقولنا قصورها قلة حيلتها امام هذا التعمير القرآني والكرم الالهي ان الذين يكتمون ما انزلنا من البينات والهدى من بعد من بعد ما بيناه للناس في الكتاب اولئك يلعنهم الله اولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون يعود السياق الى الحديث عن اهل الكتاب. الذين يكتمون ما انزل الله من البينات والهدى. لذلك انتقل الكلام من بيان مشروعية الطواف بالصفا والمروة الى الحملة على اهل الكتاب الذين يكتمون الحق فهم كتموا امر الاسلام. وكتموا امر النبوة وكتموا امر تحويل القبلة رغم انهم يجدون كل ذلك لديهم في التوراة والانجيل. وهنا فائدة لطيفة فارعوني اسماعكم. لقد جاء ذكر الصفا والمروة في كتبهم المقدسة حيث سكن ابراهيم عليه السلام مكة. وفيها بنى الكعبة. وعند الصفا اتخذ كان وعند المروة توجه لذبح ابنه اسماعيل. فلم تزل الصفا والمروة وفي بني اسماعيل قائمتين من لدن ابراهيم عليه السلام الى يومنا هذا. مع المنسك والرسم. اما بنو اسرائيل فكتموا هذا وحرفوه. ومن اراد التفصيل فليرجع الى ما كتبه الدكتور الباحث عبدالحميد الفراهي في كتابه الرأي الصحيح في من هو الذبيح اتيان اية الصفا والمروة بين ايات تحويل القبلة وبين ايات كتمان الحق له مخزع ولم تأتي عبثا لتكون هذه الاية شاهدة على كتمان اخر من جملة ما كتمه اهل الكتاب من الحق. والله المستعان. الا ان حكم الاية ها هنا شامل لكل من كتم علما واجبا. فاولئك يصب الله عليهم غضبه ويطردهم من رحمته ويلعنهم كل لاعن من الملائكة والمؤمنين الا الذين تابوا واصلحوا وبينوا فاولئك اتوبوا توبوا عليهم وانا التواب الرحيم. الله يستثني من عقوبته كل من يتوب ويصلح ما افسده بكتم علمه. في ظهر للناس ما جاء في الكتاب دون تحريف ولا انقاص فاولئك يتوب الله عليهم ويمحو ذنوبهم وهو التواب الرحيم بعباده ان الذين كفروا وماتوا وهم كفار اولئك عليهم لعنة الله والملائكة والناس اجمعين. يتوعد الله الله تعالى كل كافر عاش على الكفر ومات عليه بان الله تعالى سيلعنه. وستلعنه الملائكة جميعا بالطرد من رحمة الله تعالى والابعاد منها خالدين فيها لا يخفف عنهم العذاب ولا هم ينظرون وستستمر اللعنة على الكافرين بالحق وسيخلدون في النار. لا خففوا عنهم عذاب النار ولا يؤخرون من العذاب كما كانوا يمهلون في الدنيا. نسأل الله تعالى السلامة والعافية والهكم اله واحد لا اله الا هو الرحمن الرحيم لما ذكر الله تعالى حال الكافرين الجاحدين لايات الله. وما اعد لهم من العذاب في الاخرة. ذكر هنا اعظم حقيقة وهي حقيقة وحدانيته وتفرده بالعبادة واستحقاقه لها. فالهكم الذي يستحق ابادة والخضوع اله واحد. فرد صمد. فمن عبد شيئا دونه او معه فعباده باطلة فاسدة. معقبا ذلك باسمين هما من اعظم اسمائه الرحمن الرحيم الذي وسعت رحمته كل شيء ان في خلق السماوات والارض واختلاف الليل والنهار والفلك التي تجري في البحر بما ينفع الناس وما انزل الله من السماء من ماء احيا به الارض بعد موتها فاحيا به الارض بعد موتها وبث فيها من كل داء وتصريف الرياء وتصريف الرياح والسحاب المسخر بين السماء والارض لقومي يعقلون. في هذه الاية الكريمة اوعد الله وتعالى ثمانية ادلة واضحة تشهد بوحدانية الله تعالى وقدرته تهدي اصحاب العقوق السليمة. الابداع والاتقان في خلق السماوات باجرامها ومجراتها. وفي الارض وتضاريسها وتعاقب الليل والنهار بنظام محكم. وفي السفن العملاقة التي تعبر البحار حاملة فيها شتى اصناف المنافع. ولا يحملها ولا يسيرها الا وفي المطر الذي ينزله الله سبحانه وتعالى حيث يشاء فيحيي به الارض القاحلة فتنبت زروعها ويكثر خيرها. وينتشر فيها الانعام والدواب. وفي اتجاهات الريح والسحب في الطقس ومسارات السفن وتلقيح النبات. ان في هذه الكائنات من عجائب اب الخلق لعلى مات واضحة لكل عاقل على وجود الخالق سبحانه وتعالى ومن الناس من يتخذ من دون الله اندى دين يحبونهم كحب الله والذين امنوا اشد حبا لله ولو يرى الذين ظلموا اذ يرون العذاب ان القوة لله جميعا وان الله شديد العذاب. ومع تلك الايات الواضحات على وحدانية الله سبحانه وتعالى فان طائفة من الناس يبلغ بهم الجهل الغاء العقل الى اتخاذ معبودات يجعلونها شركاء لله تعالى. فيعظمونها تبونها كحب الله. الا ان المؤمنين بالله تعالى حق الايمان يجعلون حب الله في صدورهم اعظم من كل حب. اعظم من حب هؤلاء لمعبوداتهم وهؤلاء المشركون الذين ظلموا انفسهم لو ابصروا جهنم وسمعوا زفيرها ورأوا زبانية لايقنوا حينها ان تلك المعبودات التي عبدوها من دون الله لا تملك من امرها شيء وان القوة والمقدرة لله تعالى وحده. وان عذابه شديد مؤلم اذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا ورأوا العذاب بهم المتبوعون الذين عبدهم الناس من دون الله او دعاة الشر والفساد الذين اطاعهم الناس في الدنيا سيتبرأون يوم القيامة من اتباعهم وتخيلوا صدمة هؤلاء الاتباع المقلدين حين يكتشفون ضعف المتبوعين وعجزهم. وحين يكتشفون هنا تفاهة رؤوس ضلالة ودعاة الشر والفساد. وقد افنوا حياتهم في او طاعتهم او تقليدهم او عبادتهم من دون الله. فلا يكون لهؤلاء الاتباع المقلدين حيلة بعد ان رأوا جهنم تتلظى وتقطعت بينهم كل صلة وعلاق ورابطة وقال الذين اتبعوا لو ان لنا كرة فنتبرأ منهم كما كذلك يريهم الله اعمالهم حسرات عليهم وما هم بخارجين من يقول هؤلاء الاتباع المقلدون ليت لنا عودة الى الحياة الدنيا. فنتبرأ من هؤلاء الذين اتبعناهم كما تبرأوا من ان في هذا اليوم العصيب وهكذا يريهم الله تعالى جزاء تقليدهم الاعمى ليذوقوا بسبب بها مر الندامة والحسرات. كما اراهم رأي العين عذاب الجحيم. وما هم بخارجين منها ابدا. اللهم اعذنا من عذاب الجحيم ونذوق طعم الشند في كلماته متعلمين من لمحاته انا رابه اراحنا تسمو بنا بخلاصة التفسير للقرآن. قصص به تعطي لنا اجمل عيون تحكي لنا انباء فيها مزدجر عن قيل قصة رسل الكرام مع البشر. وتكون تثبيتا لقلب حبيبنا بخلاصة التفسير للقرآن. بخلاصة التفسير للقرآن