بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين. والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين. اللهم اغفر لنا ولشيخنا ولوالديه ولمشايخه ولولاة امورنا ولجميع المسلمين. امين. قال الشيخ الحافظ النووي رحمه الله تعالى في كتابه رياض الصالحين قال رحمه الله باب الرؤيا وما يتعلق بها قال الله تعالى ومن اياته من امكم بالليل والنهار. بسم الله الرحمن الرحيم قال رحمه الله تعالى باب الرؤيا وما يتعلق بها الرؤيا بالالف بمعنى الرؤية بتاء التأنيث الا ان الرؤيا بالالف المقصورة تختص بما يكون في المنام والرؤية تكون في حال اليقظة والمراد بالرؤيا ما يراه الانسان في منامه اثناء نومه. واعلم ان ما يراه الانسان في منامه نومه ثلاثة انواع. النوع الاول رؤيا من الله عز وجل. وهي من المبشرات كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لم يبق من المبشرات بعد النبوة الا الرؤيا الصالحة يراها المؤمن او ترى له فما يراه من اشياء حسنة ونحو ذلك فهذا من الله عز وجل. والنوع الثاني حلم وهو من الشيطان والغالب انه يكون فيما يفزع الانسان وما يخوفه. وهي من الشيطان وسبب ذلك الغفلة عن ذكر الله بان ينام على غير ذكر لله عز وجل او على غير طهارة. فبسبب ذلك تتسلط عليه الشيطان. والنوع الثالث حديث نفس بما يكون قبل نومه فتحدثه نفسه بما جرى قبل نومه فقد يكون قبل نومه حصل معه نزاع مع شخص او تحدث بحديث سبب له سخطا وذلك فيرى ذلك في منامه بل ربما تكلم كلاما يسمع. والواجب على من ان لا يتعلق بالمنامات والرؤى. لانها قد تكون خيالات واوهام وقد تكون واضغاث احلام فاذا رأى في منامه ما يسره فانه يسأل الله عز وجل من فضله. واذا رأى سوى ذلك استعاذ بالله عز وجل من الشيطان الرجيم ولن يضره ذلك. فلا يعلق على الرؤى والمنامات الاما ولا امالا لان بعض الناس اذا رأى في المنام شيئا يسره تعلق به. وانتظر تحققه. واذا رأى شيئا يفزعه صار مثل ذلك. والمشروع للمؤمن ان لا يعلق على الرؤى والمنامات لا امالا ولا الاما. بل اذا رأى ما يسره يحمد الله عز وجل ويسأله من فضله. واذا رأى سوى ذلك فانه يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم. ومن ذلك ايضا ما يحصل لبعض الناس انه يرى في منامه احد اقاربه الموتى يرى امه او اباه في المنام فيقول تصدق عني حجة لعني اعتمد عني اذبح اضحية عني ومثل ذلك. وهذا ايضا مما لا اصل له. والرؤى والمنافع لا تثبت بها الاحكام الشرعية. الاحكام الشرعية انما تثبت بكتاب الله عز وجل. وبسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ومثل هذا اذا رأى اباه او امه في المنام يأمره بالصدقة او يأمره بعمل معين لا يلزمه ان ينفذ ذلك لان هذا ايضا قد يكون من الخيالات والاوهام. وليعلم ان تعبير الرؤى من الفتوى ومن القول على الله تعالى ولهذا قال الله تعالى افتوني في رؤياي. وقال عز وجل يوسف ايها الصديق افتنا فتعبير الرؤيا من الفتوى والواجب على من يعبر الرؤى ان يتقي الله عز وجل وان لا يقدم على ذلك الا اذا كان عنده علم فلا بد فيه من يعبر الرؤى ان يكون عنده علم وعنده دين وعند له حكمة وعنده عقل ايضا. فقد لا يكون من المناسب ان يخبر الرائي بما رأى. لانه قد يكون سببا تنكد حياته وتنغصها عليه. وليعلم ايضا انه لم يكن من عادة السلف الصالح رحمهم الله الانتصار هذا المقام وان يجعلوا انفسهم معبرين للرؤى فضلا عما يحصل في زمننا من الاعلان عن ذلك عبر وسائل تواصل وايضا اخذ الاجرة والدراهم على مثل ذلك. فكثير ممن نصب نفسه في زمننا تعبير الرؤى والمنامات انما يقول اضغاث احلام. فيتلاعبون قاصرين العقول والافهام ولا سيما من النساء. فبعض الناس قد يتعلق بالرؤى فيذهب الى هذا المعبر ليعبرها له. فيعبرها تعبير ربما لا يكون مطابقا لان الرؤيا تختلف باختلاف الاشخاص وباختلاف الاحوال الاحوال وما يحتف بالرؤيا من القرائن. فالواجب على من نصب نفسه او جعل نفسه معبرا ان يتقي الله عز وجل والا يتكلم في هذا الامر الا بما يرى انه هو الذي اداه اليه اجتهاده وعما عن يستطيل الامر الى ان يدعي بعضهم معرفة الغيب سيحدث كذا او رأيت رؤيا وسيحدث كذا من امور الغيب فهذا كله من الخرافات ومن الخزعبلات. وقد ذكر اهل العلم رحمهم الله ان الرؤيا يترجح صدقها بواحد من امور اربعة. الامر الاول ان خطأ الرؤيا من عدد بان يرى عدد رؤيا واحدة. وذلك كما في قصة الاذان حينما رأى عبدالله بن زيد بن عبد ربه رأى الاذان فاخبر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك فبينما هو يخبره اذ جاء عمر رضي الله عنه فقال يا رسول الله فقد رأيت مثل الذي رأى. فقال النبي صلى الله عليه وسلم انها لرؤيا حق. وكذلك ايضا حينما رأى من اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ليلة القدر فقال عليه الصلاة والسلام ارى رؤياكم قد تواطأت فمن كان تحريها فليتحرها في العشر الاواخر. الثاني ان تتواطأ الرؤيا بعدد. بان تتكرر الرؤيا الشخص الواحد فمثل هذا اذا كان هذا الرجل من اهل الصلاح ومن اهل العلم فتكررها يرجح صدقها الامر الثالث مما تترجح به الرؤيا ان تدل القرينة على صدقها. كما حصل لثابت ابن قيس ابن شماس رضي الله عنه فانه قتل في وقعة اليمامة. في قتال مسيلمة. فلما قتل مر به رجل من المسلمين فسلب ما معه من سلاح وعتاد. وذهب به ووضعه في مكان عند فرس دستن يعني وضعه تحت برمة قدر عند فرس تستن. فرأى رجل من المسلمين رأى ثابت ابن هاي سن الشماس في المنام يقول له اني قد قتلت وانه مر بي رجل من المسلمين فسلبني ما معي ووضع ذلك تحت بورمة يعني تحت قدر عند فرس تستن في المكان الفلاني. فذهبا فوجده كما كان. ثم انه ايضا رضي الله عنه اوصاه اوصى هذا الذي رأى في المنام قال ان علي دينا كذا وكذا وبلغ سلامي الى امير المؤمنين ابن رجب رحمه الله وهذه اول وصية تنفذ للانسان بعد موته لانه اوصى بعد موته. الامر الرابع مما يرجح صدق الرؤيا ان يشهد لها الشرع بالاعتبار. فاذا شهد لها الشرع بالاعتبار فان ذلك مما يرجح صدق الرؤيا. ومثل ذلك ما حصل لشيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله حينما كان في الشام كانت تقدم اليه جنائز ويشك في اسلامها. فان صلى فالامر مشكل وان ترك الصلاة فالامر مشكل لانه قد تكون فتنة فرأى النبي صلى الله عليه وسلم شيخ الاسلام رأى النبي صلى الله عليه وسلم في المنام فقال له عليك بالشرط يا احمد فكان رحمه الله اذا صلى على جنازة يقول اللهم ان كان مسلما فاغفر له وارحمه وعافه واعف عنه فهذه اربعة امور يترجح بها صدق الرؤيا. وفق الله الجميع لما يحب ويرضاه وصلى الله على نبينا محمد