لان الله هو الدهر الذي يعنونه ويسندون اليه تلك الافعال هذا احسن ما قيل في تفسيره وهو المراد الله اعلم قال وقد غلط ابن حزم ومن نحى نحوه من الظاهرية بسم الله الرحمن الرحيم. المكتبة الصوتية لمعالي الشيخ الدكتور صالح بن فوزان الفوزان. حلقات تبث في اذاعة القرآن الكريم الدرس الخامس عشر بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين الصلاة والسلام على خاتم النبيين نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين. وبعد ايها الاخوة المستمعون السلام عليكم ورحمة الله وبركاته اتحدث اليكم في موضوع في موضوع الاحاديث القدسية ونورد في حلقتنا هذه حديثا عظيما منها وهو الحديث الذي رواه الامام البخاري ومسلم عن ابي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال قال الله تعالى يؤذيني ابن ادم يسب الدهر وانا الدهر اقلب الليل والنهار وفي رواية لمسلم لا تسبوا الدهر فاني انا الدهر وفي رواية لاحمد ومسلم لا يقل ابن ادم يا خيبة الدهر فاني انا الدهر ارسل الليل والنهار فان شئت قبضتهما دل هذا الحديث العظيم برواياته المتقدمة على انه لا يجوز سب الدهر الذي هو الزمن الذي تجري فيه الحوادث التي قد لا تتفق مع رغبة الانسان او يتألم منها فيلقي باللوم على الزمن الذي وقعت فيه مع انه لا دخل له في احداثها فيكون لومه وسبه في الحقيقة موجها الى الذي احدثها واجراها فهو الله سبحانه وتعالى قال البغوي رحمه الله في شرح السنة في كلامه على هذا الحديث قال ومعناه ان العرب كان من شأنها ذم الدهر اي سبه عند النوازل لانهم كانوا ينسبون اليه ما يصيبهم من المصائب والمكاره فيقولون اصابتهم قوارع الدهر وابادهم الدهر فاذا اضافوا الى الدهر ما نالهم من الشدائد سبوا فاعلها فكان فكان مرجع سبها الى الله عز وجل اذ هو الفاعل في الحقيقة للامور التي يصنعونها فنهوا عن سب الدهر وقال ابن جرير كان اهل الجاهلية يقولون انما يهلكنا الليل والنهار وهو الذي يهلكنا ويميتنا ويحيينا فقال الله في كتابه وقالوا ما هي الا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما يهلكنا الا الدهر ويسبون الدهر فقال الله عز وجل يؤذيني ابن ادم يسب الدهر وانا الدهر بيدي بيدي الامر اقلب الليل والنهار قال الشيخ عبدالرحمن بن حسن رحمه الله قال الشافعي وابو عبيد وغيرهما من الائمة بتفسير قوله لا تسبوا الدهر فان الله هو الدهر كانت العرب في جاهليتها اذا اصابهم شدة او بلاء او نكبة قالوا يا خيبة الدهر فيسندون تلك الافعال الى الدهر ويسبونه وانما فاعلها هو الله تعالى فكأنما سبوا الله سبحانه لانه فاعل ذلك حقيقة فلهذا نهي عن سب الدهر بهذا الاعتبار في عدهم الدهر من الاسماء الحسنى اخذا من هذا الحديث فقد بين معناه في الحديث بقوله مقلب الليل والنهار وتقليبه تصرفه تعالى فيه بما يحبه الناس ويكرهونه فما يجري فيه من خير او شر فهو بارادة الله وتدبيره وعلمه وحكمته لا يشاركه في ذلك غيره ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن فالواجب على العبد ان يشكر الله عند حصول الخير ويصبر عند حصول الشر ويراجع نفسه فان ما اصابه من المكاره انما هو بسبب ذنوبه. كما قال تعالى وما اصابكم من مصيبة فبما كسبت ايديكم فبدل ان يلقي اللوم على الدهر ويذمه يرجع الى نفسه وينظر في عمله ويصحح خطأه ويتوب من ذنوبه ويعلم ان الدهر وغيره مخلوق مسخر وفرصة للانسان يعمل فيه الخير ويقدم لنفسه العمل الصالح كما قال تعالى وهو الذي جعل الليل والنهار خلفة لمن اراد ان يتذكر او اراد شكورا وقال تعالى لاهل الجنة كلوا واشربوا هنيئا بما اسلفتم في الايام الخالية قد دل هذا الحديث على تحريم سب الدهر وان سبه يؤذي الله عز وجل ومن اذى الله فقد استحق عقوبته قال تعالى ان الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والاخرة واعد لهم عذابا مهينا قال الشيخ سليمان بن عبدالله رحمهما الله قلت والظاهر ان المشركين نوعان احدهما من يعتقد ان الدهر هو الفاعل فيسبه لذلك فهؤلاء هم الدهرية الثاني من يعتقد ان المدبر للامور هو الله وحده لا شريك له ولكن يسبون الدهر لما يجري عليهم فيه من المصائب والحوادث فيضيفون ذلك اليه من اضافة الشيء الى محله لا لانه عندهم فاعل لذلك والحديث صريح في النهي عن سب الدهر مطلقا سواء اعتقد انه فاعل او لم يعتقد ذلك قال ابن القيم وفي هذا قال ابن القيم وفي هذا ثلاث مفاسد عظيمة احدها سبه من ليس اهلا للسب فان الدهر خلق مسخر من خلق الله منقاد لامره متذلل لتسخيره فسابه اولى بالذم والسب منه والثانية ان سبه متضمن للشرك فانه انما سبه لظنه انه يضر وينفع وانه مع ذلك ظالم قد ظر الا يستحق رفع من لا يستحق الرفعة وحرم من لا يستحق الحرمان وهو عند شاتميه من اظلم الظلمة واشعار هؤلاء الظلمة الخونة في سبه كثيرة جدا وكثير من الجهال يصرح بلعنه وتقبيحه الثالثة ان السب منهم انما يقع على من فعل هذه الافعال التي لو اتبع الحق فيها اهواءهم لفشلت السماوات والارض واذا واذا وافقت اهواءهم حمدوا الدهر واثنوا عليه وفي حقيقة الامر فرب الدهر هو المعطي المانع الخافض الرافع المعز المذل والدهر ليس له من الامر شيء مثبتهم الدهر مسبة لله عز وجل ولهذا كانت مؤذية للرب تعالى. فشاب الدهر دائر بين امرين لابد له من احدهما اما مثبة الله او الشرك به فانه ان اعتقد ان الدهر فاعل مع الله فهو مشرك وان اعتقد ان الله وحده هو الذي فعل ذلك وهو يسب من فعله فهو يسب الله تعالى انتهى كلام ابن القيم رحمه الله اقول وقد كثر في زماننا هذا سب الدهر والقاء اللوم عليه على السنة كثير من العوام والمتعلمين والادباء شعرا ونثرا وهم يعلمون او لا يعلمون النهي الوارد عن ذلك حتى صار هذا مألوفا وجاريا على الالسنة مع انه اذية لله عز وجل والواجب على المسلم ان يحفظ لسانه عما يخل بعقيدته ويوقعه في الاثم. وفق الله الجميع لما فيه الخير والصلاح والسلامة من المكروه والحمد لله رب العالمين. ايها الاخوة الى الحلقة القادمة باذن الله لنواصل الحديث معكم في حديث اخر من الاحاديث القدسية ان شاء الله. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته