المكتبة السمعية للعلامة المفسر الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله. يسر فريق مشروع كبار العلماء ان يقدم قراءة تفسير السعدي اي لما ذهب اخوة يوسف بيوسف بعدما اذن له ابوه وعزموا على ان يجعلوه في غيابة الجب. كما قال قائلهم السابق ذكره. وكانوا قادرين على ما اجمعوا عليه. فنفذوا فيه والقوه في الجب. ثم ان الله لطف به بان اوحى اليه وهو في تلك الحال الحرجة. لتنبئنهم بامرهم هذا وهم لا يشعرون اي سيكون منك معاتبة لهم واخبار عن امرهم هذا. وهم لا يشعرون بذلك الامر. ففيه بشارة له بانه سينجو مما وقع فيه وان الله سيجمعه باهله واخوته على وجه العز والتمكين له في الارض. وجاءوا اباهم عشاء وجاؤوا اباهم عشاء يبكون ليكون اتيانهم متأخرا عن وبكاؤهم ذليلا لهم وقرينة على صدقهم. فقالوا متعذرين بعذر كاذب وتركنا يوسف عند متاعنا فاكلهن الذئب. وما انت بمؤمن لنا ولو كنا صادقين يا ابانا انا ذهبنا نستبق اما على الاقدام او بالرمي نضال وتركنا يوسف عند متاعنا توفيرا له وراحة. فاكله الذئب في حال غيبتنا عنه في استباقنا. وما انت بمؤمن ولو كنا صادقين اي تعذرنا بهذا العذر. والظاهر انك لا تصدقنا لما في قلبك من الحزن على يوسف. والرقة الشديدة عليه لكن عدم تصديقك ايانا لا يمنعنا ان نعتذر بالعذر الحقيقي. وكل هذا تأكيد لعذرهم ومما اكدوا به قولهم انه هم جاءوا على قميصه بدم الكذب لا تصفون. زعموا انه دم يوسف حين اكله الذئب. فلم يصدقهم ابوهم بذلك. وقال بل سولت لكم انفسكم امرا اي زينت لكم انفسكم امرا قبيحا في التفريق بيني وبينه. لانه رأى من القرائن والاحوال ومن رؤيا يوسف التي قصها عليه ما دله على ما قال. فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون. اي اما انا فوظيفتي ساحرص على القيام بها وهي اني اصبر على هذه المحنة صبرا جميلا. سالما من السخط والتشكي الى الخلق. واستعين الله على ذلك لا على حولي وقوتي فوعد من نفسه هذا الامر وشكى الى خالقه في قوله انما اشكو بثي وحزني الى الله. لان الشكوى الى الخالق لا تنافي الصبر الجميل لان النبي اذا وعد وفى بشرى هذا غلام واسروه بطاعة والله عليم بما يعملون اي مكث يوسف في الجب ما حتى جاءت سيارة اي قافلة تريد مصر. فارسلوا واردهم اي فرطهم ومقدمهم. الذي يعس لهم المياه ويصبرها استعدوا لهم بتهيئة الحيض ونحو ذلك. فادلى ذلك الوالد دلوة. فتعلق فيه يوسف عليه السلام وخرج. قال يا بشرى هذا غلام اي استبشر وقال هذا غلام نفيس. واسروه بضاعة وكان اخوته قريبا منه. فاشتراه السيارة منهم بثمن بخس اي قليل جدا فسره بقوله دراهم معدودة وكانوا فيه من الزاهدين. لانه لم يكن لهم قصد الا تغييبه وابعاده عن ابيه. ولم يكن لهم قصد في اخذ ثمنه. والمعنى في هذا ان السيارة لما وجدوه عزموا ان يسروا امره ويجعلوه من جملة بضائعهم التي معهم. حتى جاءهم اخوته فزعموا انه عبد ابق منهم. فاشتروه منهم بذلك الثمن. واستوثقوا منهم فيه لان لا يهرب والله اعلم وكذلك والله غالب على امره ولكن اكثر الناس لا يعلمون. اي لما ذهب به السيارة الى مصر وباعوه بها. فاشتراه عزيز مصر. فلما اشتراه اعجب به ووصى عليه امرأته وقال اكرمي مثواه. عسى ان ينفعنا او نتخذه ولدا. اي اما ينفعنا كنفع العبيد بانواع الخدم. واما ان نستمتع فيه استمتاعنا باولادنا. ولعل ذلك فانه لم يكن لهما ولد. وكذلك مكنا ليوسف في الارض. اي كما يسرنا ان يشتريه عزيز مصر. ويكرمه هذا الاكرام. جعلنا هذا مقدمة لتمكينه في الارض من هذا الطريق. ولنعلمه من تأويل الاحاديث اذا بقي لا شغل له ولا هم له سوى العلم. صار ذلك من اسباب لتعلمه علما كثيرا. من علم الاحكام وعلم التعبير وغير ذلك. والله غالب على امره اي امره تعالى نافذ. لا يبطله مبطل ولا يغلبه مغالب ولكن اكثر الناس لا يعلمون. فلذلك يجري منهم ويصدر ما يصدر. في مغالبة احكام الله القدرية. وهم يعجز اضعف من ذلك اي لما بلغ يوسف اشده. اي كمال قوته المعنوية والحسية. وصلح لان يتحمل الاحمال الثقيلة من النبوة والرسالة اتيناه حكما وعلما. اي جعلناه نبيا رسولا وعالما ربانيا. وكذلك نجزي المحسنين في عبادة الخالق ببذل الجهد والنصر فيها والى عباد الله ببذل النفع والاحسان اليهم. نؤتيهم من جملة الجزاء على احسانهم علما نافعا. ودل هذا على ان يوسف مقام الاحسان فاعطاه الله الحكم بين الناس والعلم كثيرا والنبوة كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء انه من عبادنا المخلصين هذه المحنة العظيمة اعظم على يوسف من محنة اخوته. وصبره عليها اعظم اجرا. لانه صبر اختيار. لانه صبر اختيار. مع وجود للدواعي الكثيرة لوقوع الفعل. فقدم محبة الله عليها. واما محنته باخوته فصبره صبر اضطرار. بمنزلة الامراض والمكاره التي تصيب العبد بغير اختياره. وليس له ملجأ الا الصبر عليها. طائعا او كارها. وذلك ان يوسف عليه السلام بقي مكرما في بيت العزيز وكان له من الجمال والكمال والبهائم اوجب ذلك. ان راودته التي هو في بيتها عن نفسه. اي هو غلامها وتحت تدبيرها. والمسكن كان واحد يتيسر ايقاع الامر المكروه من غير اشعار احد ولا احساس بشر. وزادت المصيبة بان غلقت الابواب وصار المحل وهما امنان من دخول احد عليهما بسبب تغليق الابواب وقد دعته الى نفسها وقالت هيت لك اي افعل الامر المكروه اقبل الي ومع هذا فهو غريب لا يحتشم مثله ما يحتشمه اذا كان في وطنه وبين معارفه. وهو اسير تحت يدها وهي وفيها من الجمال ما يدعو الى ما هنالك. وهو شاب عزب. وقد توعدته ان لم يفعل ما تأمره به بالسجن. او العذاب الاليم فصبر عن معصية الله مع وجود الداعي القوي فيه. لانه قد هم فيها هما تركه لله وقدم مراد الله على مراد النفس الامارة بالسوء ورأى من برهان ربه وهو ما معه من العلم والايمان الموجب لترك كل ما حرم الله ما اوجب له البعد والانكفاف عن هذه المعصية الكبيرة وقال معاذ الله اي اعوذ بالله ان افعل هذا الفعل القبيح. لانه مما يسخط الله ويبعد منه. ولانه خيانة في حق سيد الله الذي اكرم مثواي فلا يليق بي ان اقابله في اهله باقبح مقابلة. وهذا من اعظم الظلم. والظالم لا يفلح. والحاصل انه جعل مانع له من هذا الفعل تقوى الله. ومراعاة حق سيده الذي اكرمه. وصيانة نفسه عن الظلم الذي لا يفلح من تعاطى. وكذلك ما من الله اليه من برهان الايمان الذي في قلبه. يقتضي منه امتثال الاوامر واجتناب الزواجر. والجامع لذلك كله ان الله صرف عنه السوء والفحشاء انه من عباده المخلصين له في عبادتهم. الذين اخلصهم الله واختارهم واختصهم لنفسه. واسدى عليهم من النعم وصرف عنهم من كاره ما كانوا به من خيار خلقه باب والف يا سيدها لدى الباب قالت ما جزاء من اراد باهلك سوء ولما امتنع من اجابة طلبها بعد المراودة الشديدة ذهب ليهرب عنها ويبادر الى الخروج من الباب ليتخلص ويهرب من الفتنة فبادرته اليه وتعلقت بثوبه فشقت قميصه فلما وصلا الى الباب في تلك قال الف يا سيدها اي زوجها لدى الباب فرأى امرا شق عليه فبادرت الى الكذب ان المراودة قد كانت من يوسف وقالت ما جزاء من اراد باهلك سوءا؟ ولم تقل من فعل باهلك سوءا؟ تبرئة لها وتبرئة له ايضا من الفعل. وانما النزاع عند الارادة والمراودة الا ان يسجن او عذاب اليم. اي او يعذب عذابا اليما. فبرأ نفسه مما رمته به وقال قال هي راودتني عن نفسي وشهد شاهد من اهلها ان كان قميصه هي راودتني عن نفسي فحينئذ احتملة الحال صدق كل واحد منهما ولم اعلم ايهما ولكن الله تعالى جعل للحق والصدق علامات وامارات تدل عليه. قد يعلمها العباد وقد لا يعلمونها. فمن الله عليه في هذه القضية بمعرفة الصادق منهما. تبرئة لنبيه وصفيه يوسف عليه السلام. فانبعث شاهد من اهل بيتها. يشهد بقرينه من وجدت معه فهو الصادق. فقال ان كان قميصه قد من قبل فصدقت وهو من الكاذبين. لان ذلك يدل على انه هو عليها المراود لها المعالج وانها ارادت ان تدفعه عنها فشقت قميصه من هذا الجانب وان كان قميصه قد من دبر فكذبت وهو من لان ذلك يدل على هروبه منها. وانها هي التي طلبته فشقت قميصه من هذا الجانب فمن دبر قال انه من كيدكن ان كيدكن عظيم. فلما رأى قميص قد من دبر عرف بذلك صدق يوسف وبراءته. وانها هي الكاذبة. فقال لها سيدها انه من كيدكن. انك كيدكن عظيم وهل اعظم من هذا الكيد الذي برأت به نفسها مما ارادت وفعلت ورمت به نبي الله يوسف عليه السلام ثم ان لما تحقق الامر قال ليوسف. يوسف اعرض عن هذا واستغفري لذنبك يوسف اعرض عن هذا اي اترك الكلام فيه وتناسه ولا تذكره لاحد قلم للستر على اهله واستغفري ايتها المرأة لذنبك انك كنت من الخاطئين. فامر يوسف بالاعراض وهي بالاستغفار والتوبة