المكتبة السمعية للعلامة المفسر الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله. يسر فريق مشروع كبار العلماء ان يقدم قراءة تفسير السعدي ما كانوا يعملون. اي لما دخل اخوة يوسف على يوسف اوى اليه اخاه اي شقيقه وهو بنيامين. الذي امرهم بالاتيان به وضمه اليه واختصه من بين اخوته. واخبره بحقيقة الحال. وقال اني انا اخوك فلا تبتأس. اي لا بما كانوا يعملون فان العاقبة خير لنا ثم خبره بما يريد ان يصنع ويتحيل لبقائه عنده الى ان ينتهي الامر فلما جهزهم بجهازهم جعل السقاية في رحم اخيه. ثم اذن مؤذن ايتها العيد فلما جهزهم بجهازهم اي كان لكل واحد من اخوته ومن جملتهم اخوه هذا على السقاية وهو الاناء الذي يشرب به. ويكال فيه في رحل اخيه. ثم اوعوا متاعهم. فلما انطلقوا ذاهبين اذن مؤذن ايتها العير انكم لسارقون. ولعل هذا المؤذن لم يعلم بحقيقة الحال قالوا اي اخوة يوسف واقبلوا عليهم لابعاد التهمة. فان السارق ليس له هم الا البعد والانطلاق عمن سرق منه لتسلم لهم سرقته. وهؤلاء جاءوا مقبلين اليهم. ليس لهم هم الا ازالة التهمة التي رموا بها عنهم. فقالوا في هذه الحال ماذا تفقدون؟ ولم يقولوا ما الذي سرقنا لجزمهم بانهم براء من السرقة؟ قالوا نفقد صواع الملك ولمن قالوا نفقد صواع الملك ولمن جاء به حمل بعير. اي اجرة له على وجدانه وانا به زعيم اي كفيل. وهذا يقوله المؤذن المتفقد مما جئنا لنفسد في الارض وما كنا سارقين قالوا تالله لقد علمتم ما جئنا لنفسد في الارض بجميع انواع المعاصي وما كنا سارقين فان السرقة من اكبر انواع الفساد في الارض وانما اقسموا على علمهم انهم ليسوا مفسدين ولا سارقين لانهم عرفوا انهم سبروا من احوالهم ما يدلهم على عفتهم وورعهم. وان هذا الامر لا يقع منهم بعلم من اتهموهم. وهذا ابلغ في نفي التهمة من ان لو قالوا تالله لم نفسد في الارض ولم نسرق قالوا فما جزاؤه؟ اي جزاء هذا الفعل ان كنتم كاذبين بان كان معكم كذلك نجزي الظالمين. قالوا جزاؤهم من وجد في رحله فهو اي الموجود في رحله جزاؤه بان يتملكه صاحب السرقة. وكان هذا في دينهم ان السارق اذا عليه السرقة كان ملكا لصاحب المال المسروق. ولهذا قالوا كذلك نجزي الظالمين كذلك فدنا اخاه في دين الملك الا ان يشاء الله. نرفع فبدأ المفتش فبدأ المفتش باوعية قبل وعاء اخيه وذلك لتزول الريبة التي يظن انها فعلت بالقصد. فلما لم يجد في اوعيتهم شيئا استخرجها من وعاء اخيه ولم يقل وجدها او سرقها اخوه مراعاة للحقيقة الواقعة. فحينئذ تم ليوسف ما اراد من بقاء اخيه عنده على وجه لا يشعر به اخوته. قال تعالى كذلك كدنا ليوسف اي يسرنا له هذا الكيد الذي توصل به الى امر غيره مذموم ما كان ليأخذ اخاه في دين الملك. لانه ليس من دينه ان يتملك السارق. وانما له عندهم جزاء اخر. فلو ردت الحكومة الى دين الملك لم يتمكن يوسف من ابقاء اخيه عنده. ولكنه جعل الحكم منهم ليتم له ما اراد. قال تعالى ارفع درجات من نشاء بالعلم النافع ومعرفة الطرق الموصلة الى مقصدها كما رفعنا درجات يوسف وفوق كل ذي علم عليم فكل كل عالم فوقه من هو اعلم منه حتى ينتهي العلم الى عالم الغيب والشهادة. فلما رأى اخوة يوسف ما رأوا هم شر مكانهم والله اعلم بما تصفون. قالوا ان يسرق هذا الاخ فليس غريبا منه فقد اخ له من قبل يعنون يوسف عليه السلام ومقصودهم تبرئة انفسهم وان هذا واخاه قد يصدر منهما ما يصدر من السرقة وهما ليسا شقيقين لنا. وفي هذا من الغض عليهما ما فيه. ولهذا اسرها يوسف في نفسه ولم يبدها لهم. اي لم يقابلها على ما قالوه بما يكرهون. بل كظم الغيظ واسر الامر في نفسه. وقال في نفسه انتم شر ما كان حيث ذممتمونا بما انتم على اشر منه والله اعلم بما تصفون منا. من وصفنا بالسرقة يعلم الله انا براء منها. ثم سلكوا معه مسلك لعله يسمح لهم باخيهم فقل احدنا مكانه انا نراك من المحسنين فقالوا يا ايها العزيز ان له ابا شيخا كبيرا اي وانه لا يصبر عن وسيشق عليه فراقه فخذ احدنا مكانه. انا نراك من المحسنين. فاحسن الينا والى ابينا بذلك فقال يوسف معاذ الله ان نأخذ الا من وجدنا متاعنا عنده. اي هذا ظلم من لو اخذنا البريء بذنب من وجدنا متاعنا عنده. ولم يقل من سرق كل هذا تحرز من الكذب. انا اذا اي ان اخذنا غير وجد في رحله لظالمون. حيث وضعنا العقوبة في غير موضعها قال كبيرهم الم تعلموا ان اباكم قد اخذ عليكم موسقا من الله ما فرطتم في يوسف فلن ابرح الارض حتى يأذن لي ابي او يحكم الله لي وهو خير الحاكمين اي فلما استيأس اخوة يوسف من يوسف ان يسمح لهم باخيهم خلصوا نجيا اي اجتمعوا وحدهم ليس معهم غير وجعلوا يتناجون فيما بينهم. فقال كبيرهم الم تعلموا ان اباكم قد اخذ عليكم موثقا من الله في حفظه. وانكم تأتون به الا ان يحاط بكم ومن قبل ما فرطتم في يوسف فاجتمع عليكم الامران تفريطكم في يوسف السابق وعدم اتيانكم باخيه بالله فليس لي وجه اواجه به ابي فلن ابرح الارض اي ساقيم في هذه الارض ولا ازال بها حتى يأذن لي ابي او يحكم الله لي ان يقدروا لي المجيء وحدي. او مع اخي وهو خير الحاكمين. ثم وصاهم بما يقولون لابيهم. فقال وما شهدنا الا بما علمنا ما كنا للغيب حافظين. ارجعوا الى ابيكم فقولوا يا ابانا ان ابنك سرق. اي واخذ طريقته ولم يحصل لنا ان نأتيك به مع ما بذلنا من الجهد في ذلك. والحال ان ما شهدنا بشيء لم نعلمه. وانما شهدنا بما علمنا لاننا رأينا الصواع استخرج من رحله. وما كنا للغيب حافظين. اي لو كنا نعلم الغيب لما حرصنا وبذلنا المجهود في ذهابه معنا. ولم ما اعطيناك عهودنا ومواثيقنا فلم نظن ان الامر سيبلغ ما بلغ التي اقبلنا فيها وانا لصادقون. واسأل ان شككت في قولنا القرية التي كنا فيها والعيرة التي اقبلنا فيها فقد اطلعوا على ما اخبرناك به. وانا لصادقون لم نكذب ولم نغير ولم نبدل. بل هذا الواقع فلما رجعوا الى ابيهم واخبروه بهذا الخبر. اشتد حزنه وتضاعف كمده. واتهمهم ايضا في هذه القضية. كما اتهمهم في الاولى الى بهم جميعا انه هو العليم الحكيم عسى الله ان يأتيني بهم جميعا انه هو العليم الحكيم وقال بل سولت لكم انفسكم امرا فصبر جميل. اي الجأ في ذلك الى الصبر الجميل. الذي لا يصحبه تسخط ولا جزع لا شكوى للخلق ثم لجأ الى حصول الفرج لما رأى ان الامر اشتد. والكربة انتهت فقال عسى الله ان يأتيني بهم جميعا ان يوسف وبنيامين واخوهم الكبير الذي اقام في مصر. انه هو العليم الذي يعلم حالي. واحتياجي الى تفريجه ومنته الى احسانه. الحكيم الذي جعل لكل شيء قدرا. ولكل امر منتهى بحسب ما اقتضته حكمته الربانية