بسم الله الرحمن الرحيم. المكتبة الصوتية لمعالي الشيخ الدكتور صالح بن فوزان الفوزان شرح كتاب الملخص الفقهي من الفقه الاسلامي للدكتور صالح بن فوزان فوزان. ادرس مائة وخمسة وخمسون. الحمد لله وحده على فضله واحسانه الصلاة والسلام على خير خلقه وخاتم رسله نبينا محمد واله وصحبه. ايها المستمعون الكرام يواصل الحديث معكم عما تيسر من بيان احكام النكاح امتدادا للحلقات السابقة ونتحدث في حلقتنا هذه ان شاء الله عن احكام الصداق تعريفه حكمه دليله مقداره الحكمة في مشروعيته. اما تعريفه فالصداق مأخوذ من الصدق لانه يشعر برغبة الزوج في الزوجة. وهو عوض يسمى في عقد النكاح او بعده اما حكمه فهو واجب ودليله الكتاب والسنة والاجماع قال تعالى واتوا النساء صدقاتهن نحلة اين طبن لكم عن شيء منه نفسا فكلوه هنيئا مريئا ولفعله صلى الله عليه وسلم ولم يكن يخلي النكاح من صداقة وقال التمس ولو خاتما من حديد واجمع اهل العلم على مشروعيته. اما مقداره فلا يتقدر اقله ولا اكثره بحد معين فكل ما صح ان يكون ثمنا او اجرة صح ان يكون صداقا وان قل او كثر. الا انه ينبغي الاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم فيه بان يكون في حدود اربع مئة درهم وهي صداق بنات النبي صلى الله عليه وسلم قال شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله الصداق المقدم اذا كثر وهو قادر على ذلك لم يكره الا ان يقترن بذلك ما يوجب الكراهة من معنى المباهاة ونحو ذلك فاما ان كان عاجزا عن ذلك كله بل يحرم اذا لم يتوصل اليه الا بمسألة او غيرها من الوجوه المحرمة فاما ان كثر وهو مؤخر في ذمته فينبغي ان يكره لما فيه من تعريض نفسه لشغل الذمة. انتهى كلامه وخلاصته ان كثرة الصداق لا تكره اذا لم تبلغ حد المباهاة والاسراف ولم تثقل كاهل الزوج بحيث تحوجه الى الى الاستعانة بغيره عن طريق المسألة ونحوها ولم تشغل ذمته بالدين وهذه ضوابط قيمة تكفل المصلحة وتدفع المضرة ويتبين من خلالها ان ما وصل اليه الناس اليوم في قضية المهور من المغالاة الباهظة التي لا يراعى فيها جانب الزوج الفقير والتي اصبحت عقبة صعبة المرتقى في طريق الزواج ان هذه المغالاة لا شك في كراهتها او تحريمها خصوصا وانه يكون الى جانبها تكاليف اخرى من شراء الاقمشة الغالية الثمن والمصاغات الباهظة والحفلات والولائم المشتملة على الاشراف والتبذير واهدار الاطعمة واللحوم في غير مصلحة تعود الى الزوجين او غيرهما لا شك ان كل ذلك من الاصال والاغلال والتقاليد السيئة التي يجب محاربتها والقضاء عليها وتنقية طريق الزواج من عراقيلها وفي حديث عائشة رضي الله عنها مرفوعة اعظم النساء بركة ايسرهن مؤونة. رواه احمد والبيهقي والحاكم وغيرهم وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه الا لا تغالوا في صدق النساء فانه لو كان مكرمة في الدنيا او تقوى عند الله كان اولاكم بها رسول الله صلى الله عليه وسلم ما اصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم امرأة من نسائه ولا اصدقت امرأة من بناته اكثر من من اثنتي عشرة اوقية. وان الرجل ليغلي بصدقة امرأته حتى يكون لها عداوة في قلبه وحتى يقول كلفت لكم علق القربة اخرجه النسائي وابو داود ومنه نعلم ايها المستمع الكريم ان كثرة الصداق قد تكون سببا في بغظ الزوج لزوجته حينما يتذكر ظخامة صداقها فكلفته من المؤونة ولهذا كان اعظم النساء بركة ايسرهن مهورا. ولهذا كان اعظم النساء بركة ايسرهن مؤونة. كما في حديث عائشة فتيسير الصداق البركة في الزوجة ويزرع لها المحبة في قلب الزوج. فاتقوا الله ايها المسلمون واصلحوا من هذا الواقع المرير. ولا تتبعوا سبل المسرفين والمبذرين ان المبذرين كانوا اخوان الشياطين. والحكمة في مشروعية الصداق ان فيه معاوضة عن الاستمتاع وفيه تعزيز لجانب الزوجة وتقدير لمكانتها في حق الزوج وتستحب تسمية الصداق وتحديده في العقد وذلك لقطع النزاع ويجوز ان يسمى ويحدد بعد العقد لقوله تعالى لا جناح عليكم ان طلقتم النساء ما لم تمسوهن او تفرضوا لهن فريضة. ادلت الاية الكريمة على ان فرض الصداق قد يتأخر عن العقد واما نوعية الصداق فكما تقدم ان كلما جاز ان يكون ثمنا في بيع او اجرة في اجارة او قيمة لشيء جاز ان يكون صداقا سواء كان من عين او دين او معجل او مؤجل او منفعة معلومة. وهذا مما يدل على انه مطلوب تيسير الصداق حسب الظروف والاحوال تيسيرا للزواج الذي يتعلق به مصالح عظيمة للافراد والمجتمعات وفق الله الجميع لطريق الرشاد والسداد. والحمد لله رب العالمين. والى الحلقة القادمة باذن الله وتوفيقه. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته وصلى الله وسلم على نبينا محمد واله وصحبه