بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين اما بعد فها نحن في الحديث السادس عشر من الاربعون في الاستعاذات النبوية عن علي ابن ابي طالب رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول في اخر وتره اللهم اني اعوذ برضاك من سخطك وبمعافاتك من عقوبتك واعوذ بك منك لا احصي ثناء عليك انت كما افنيت على نفسك انت كما افنيت على نفسك رواه ابو داوود وهو حديث صحيح وكان صلى الله عليه وسلم يقول في سجوده ايضا اللهم اعوذ برضاك من سخطك وبمعافاتك من عقوبتك واعوذ بك منك لا احصي ثناء عليك انت كما اثنيت على نفسك. رواه مسلم وهذا الحديث نجد فيه ان النبي صلى الله عليه وسلم استعاذ بصفات الله تعالى من بعض صفاته التي تضادها وتقابلها في اخر الوتر وفي سجوده حيث يكون العبد اقرب ما يكون من ربه فاستعاذ بالرضا من الغضب وبفعل العفو من فعل العقوبة وبالله تعالى الموصوف بهذه الصفات يقول ابن القيم رحمه الله الغضب والرضا والعفو والعقوبة لما كانت متقابلة استعاذ لاحدهما من الاخر فلما جاء الى الذات المقدسة التي لا ضد لها ولا مقابل قال اعوذ بك منك اعوذ بك منك فاستعاذ بصفة الرضا من صفة الغضب وبفعل العفو من فعل العقوبة وبالموصوف بهذه الصفات والافعال منه اعوذ بك منك وهذا يتضمن اثبات هذا يتضمن كمال الاثبات للقدر والتوحيد باوجز لفظ واخصره هذا الكلام في شفاء العليل لابن القيم رحمه الله فالله تعالى هو الذي يعيذ عبده وينجيه من بأسه فمنه البلاء ومنه الاعانة ومنه ما يطرب النجاة منه واليه الالتجاء في النجاة فهو الذي يلجأ اليه في ان ينجي مما هو منه. يعني مثلا عقوبة منه العذاب منه فهو يلتجأ اليه فيما ينجي منه ويستعاذ به مما هو منه فهو رب كل شيء ولا يكون شيء الا بمشيئته وان يمسسك الله بضر فلا كاشف له الا هو قل من ذا الذي يعصمكم من الله ان اراد بكم سوءا او اراد بكم رحمة في زاد المعاد. اما ابا رجب رحمه الله فيقول في جامع العلوم والحكم اذا خاف يعني العبد من مخلوق هرب منه وفر الى غيره واما من خاف من الله فما له من ملجأ يلجأ اليه ولا مهربا يهرب اليه الا هو لا ملجأ يهرب اليه الا هو فيهرب اي العبد منه اليه كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول في دعائه لا ملجأ ولا منجاة منك الا اليك فاذا اعوذ بك منك مثل لا ملجأ ولا منجى منك الا اليك رواه البخاري ومسلم انتهى وقد دل هذا الحديث العظيم على انه لا مفر الا الى الله ولا ملجأ منه الا اليه. فازمة الامور كلها بيده ونواصي العباد معقودة بقضائه وقدره الامر كله له والحمد كله له والملك كله له والخير كله في يديه فمنه تعالى المل المنجى واليه الملتجى وبه الاستعاذة من شر ما هو كائن بمشيئته وقدرته وهذا كله تحقيق للتوحيد والقدر وانه تعالى لا رب غيره ولا خالق سواه ولا يملك المخلوق لنفسه ولا لغيره ضرا ولا نفعا ولا موتا ولا حياة ولا نشورا. بل الامر كله لله ليس لاحد ان سواه منه شيء وقوله عليه الصلاة والسلام وهو اعلم الخلق بربه لا احصي ثناء عليك انت كما اثنيت على نفسك في اخر هذا الدعاء يعني لا اطيق ولا ابلغ ولا اتي عليه لا احصي ثناء عليك مهما فعلت مهما فعلت لا احصي ثناء عليك. لا استطيع ان اوفيك حقك ولا ان اشكر نعمتك حق الشكر لا اطيق ذلك ولا احصره ولا ابلغه ولا اتي عليه اذا هذا الاستغفار من التقصير في الواجب هذا كما قال الامام الخطابي في معالم السنن وكذا النووي رحمه الله والكلام هذا اعتراف من العبد بان شأنه وعظمته ونعوت كماله سبحانه اعظم واجل من ان يحيط بها مخلوق يعني حتى لا احصي ثناء عليك ليس فقط في مقابل نعمتك لا احصي ثناء عليك في ذكر اسمائك ونعوتك وصفاتك الجليلة الحسنى ولكمال معرفته صلى الله عليه وسلم باسماء الله وصفاته استدل بما عرفه منها على ان الامر فوق ما احصاه وعلمه وانه لا يبلغ احد حقيقة الثناء عليه الا هو سبحانه فهو اعلم بنفسه من غيره بكثرة اسمائه وصفاته سبحانه وتعالى اذا الحديث هذا ما هو ملخصه اعوذ برضاك من سخطك استعاذ من صفة بصفة وبمعافاتك من عقوبتك استعاذ بفعل لله من فعل له عز وجل بمعافاتك من عقوبتك وختمها اعوذ بك منك مثل اعوذ برحمتك من عذابك العذاب منك والرحمة رحمتك واعوذ برحمتك من عذابك اعوذ بك منك