الحمد لله رب العالمين. والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين اللهم اغفر لنا ولشيخنا ولوالديه من مشايخه ولجميع المسلمين امين. انتقل الشيخ الحافظ النووي رحمه الله تعالى كتابه رياض الصالحين في باب فضل الزهد في الدنيا. عن النعمان بن بشير رضي الله عنهما قال ذكر عمر بن الخطاب رضي الله عنه ما اصاب الناس من الدنيا فقال لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يظل اليوم يلتوي ما يجد ما يجد دقة لن يملأ به بطنه رواه مسلم وعن عائشة رضي الله عنها قالت توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وما في بيت من شيء يأكله ذو كبد الا شطر شعير في رف لي فاكلت منه حتى طال عليه فكلته ففني متفق عليه. بسم الله الرحمن الرحيم قال رحمه الله تعالى وعن النعمان بن بشير رضي الله عنه قال ذكر عمر بن الخطاب رضي الله عنه ما اصاب الناس من الدنيا يعني ما حصلوا من الدنيا من الاموال ومن ملذات الدنيا ثم ذكر ان النبي صلى الله عليه وسلم كان يظل يومه يلتوي يعني يتقلب من شدة الجوع ما يجد دقلا والدقل هو اردأ انواع التمر. ما يجد من الدقل ما يملأ به بطنه عليه الصلاة والسلام هذا الحديث فيه دليل على بيان ما كان عليه النبي عليه الصلاة والسلام من الزهد في الدنيا والبعد عن ملذاتها وشهواتها ولو شاء عليه الصلاة والسلام ان تمشي معه الجبال ذهبا لفعل بامر الله عز وجل. ولكنه زاهد في الدنيا بعيد عنها لا يأخذ من الدنيا الا ما يقربه الى الله تعالى وفيه ايضا دليل على ان المرء يجب عليه ان يشكر نعمة الله تعالى عليه فنحن ولله الحمد في نعمة من نعم الامن والامان ونعم الرغد في العيش علينا ان نشكر هذه النعم لان بالشكر تدوم النعم كما قال الله عز وجل واذ تأذن ربكم لئن شكرتم لازيدنكم انكم ولئن كفرتم ان عذابي لشديد اما الحديث الثاني حديث عائشة رضي الله عنها قالت لقد توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وما في بيتي من طعام يأكله كبد يعني حيوان وعبرت بالكبد لانه جزء من الحيوان الا شطر شعير قد تركه النبي صلى الله عليه وسلم قيل ان هذا الشطر من الشعير يعني نصف وسق والوسق ستون صاعا بصاع النبي صلى الله عليه وسلم فكانت تأكل منه حتى طال الزمن يعني طال زمن اكلها رضي الله عنها منه. وانفاقها ايضا للمحتاج حتى فنفد يعني انتهى فهذا الحديث ايضا فيه بيان ما كان عليه ازواج النبي صلى الله عليه وسلم من قلة ذات اليد وفيه ايضا دليل على ان كيل الطعام سبب لنزع البركة منه وهذه المسألة اعني مسألة كيد الطعام تحتاج الى تفصيل. وذلك انه وردت احاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم التعارض فمنها ما رواه البخاري عن المقدام ابن معدي كرب رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال كيلو طعامكم فانه ادعى للبركة وفي صحيح مسلم ان رجلا اتى النبي صلى الله عليه وسلم يستطعمه يعني يطلب منه طعاما فاعطاه شيئا من الشعير. فما زال هذا الرجل يأكل من هذا الطعام هو واضيافه واولاده. حتى كاله ما كان له نفد فاتى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر له ذلك فقال اما انك لو لم تكله لكان ابقى لكم والجمع بين هذه الاحاديث ان يقال ان كيل الطعام على اقسام ثلاثة. القسم الاول ان يكون الحامل على الطعام اقامة العدل والقسط فحينئذ يكون الكيل واجبا كالكيل عند البيع. وعند الشراء ولا سيما اذا كان ما باعه مما تجري فيه الربا كما لو باع صاعا من البر بصاع من البر فانه يجب الكيل حينئذ لان التساوي شرط لصحة البدن وكذلك ايضا الكيل عند اخراج الصدقة الواجبة من الحبوب والثمار وكذلك الكيل عند اخراج صدقة الفطر فالكيل في هذه المسائل ونحوها امر واجب لانه اذا اذا نقص فانه يكون مخالفا للشرع والقسم الثاني ان يكون الحامل على الكيل التدبير والاقتصاد في النفقة. فهذا ايضا امر مطلوب كان ينفق على اهله واولاده ويكيل الطعام لاجل الا يزيد ولا ينقص امتثالا لقول الله الا والذين اذا انفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما وعلى هذا يتنزل قول النبي صلى الله عليه وسلم كيلو طعامكم فانه ادعى للبركة. يعني ابقى انه سبب للبركة والقسم الثالث ان يكون الحامل على الكيل قلة التوكل على الله عز وجل وضعف الايمان والاعتماد الاسباب المادية فهذا هو مورد النهي وهو الذي ينهى عنه. فحينئذ يكون الكيل سببا لنزع البركة اذا كان سبب كيده هو ضعف توكله على الله عز وجل واعتماده على الاسباب المادية دون ان يفوض امر رزقه الى الله فحينئذ يكون الكيل سببا لنزع البركة من هذا الطعام. وفق الله الجميع لما يحب ويرضى وصلى الله على نبينا سيدنا محمد