بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى اله وصحبه ومن تبعه باحسان الى يوم الدين اما بعد قال الله تعالى ولو ان اهل القرى امنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والارض ولكن كذبوا فاخذناهم بما كانوا يكسبون ولو ان اهل هذه القرى التي ارسلنا اليها رسلنا صدقوا ما جاءتهم به رسلهم واتقوا ربهم بترك الكفر والمعاصي وامتثال اوامره لفتحنا عليهم ابواب الخير من كل جهة ولكنهم لم يصدقوا ولم يتقوا بل كذبوا بما جاءت به رسلهم فاخذناهم بالعذاب فجأة بسبب ما كانوا يكسبونه من الاثام والذنوب ايها الاخوة هذه الاية صريحة جدا بان الحسنات سبب للخيرات فان الناس جميعا لو ساروا على الطريق المستقيم الذي بينه الله تعالى لهم في كتابه وشرحه النبي صلى الله عليه وسلم في السنة لوجدوا من الارزاق ما لم يخطر على بالهم ولكن واقع الناس انهم يعبون الخطايا عبا ثم قال تعالى افأمن اهل القرى ان يأتيهم بأسنا بياثا وهم نائمون افأمن اهل هذه القرى المكذبة ان يأتيهم عذابنا ليلا وهم نائمون مستغرقون في راحتهم وهدوئهم ومعنى هذا ان صاحب السيئة عليه ان لا يأمن عذاب الله تعالى في اي وقت من الاوقات نائما كان او مستيقظا ثم قال تعالى او امن اهل القرى ان يأتيهم بأسنا ضحى وهم يلعبون او امنوا ان ياتيهم عذابنا اول النهار وهم لاهون غافلون لانشغالهم بدنياهم اذا ايها الاخوة عذاب الله تعالى قد يأتي باي ساعة من الساعات على العاصين. فينبغي على المرء ان لا يأمن مكر الله ابدا ولذا قال تعالى افأمنوا مكر الله فلا يأمن مكر الله الا القوم الخاسرون انظر الى ما انظروا الى ما منحهم الله من الابهال وانعم عليهم به من القوة وسعة الرزق استدراجا لهم افأمن هؤلاء المكذبون من اهل تلك القرى مكر الله وتدبيره الخفي فلا يأمن مكر الله الا القوم الهالكون واما الموفقون فانهم يخافون مكره فلا يغترون بما انعم به عليهم. وانما يرون منته عليهم فيشكرونه فهنا الصديق حينما يمكر بصديقه يضع له مأمنا فاذا جاء فيه اوقعه في المجر سمي هذا مكرا فصارت السورة ربنا جل جلاله لما يمهل الناس ويمدهم بعطاءات ربوبيته من الهوى والماء والغذاء والمال غير ذلك ثم اذا تمادوا في المعاصي اخذهم فلهذه الصورة سمي مشرب لكن المؤمن يقرأ سنة الله تعالى في الذين خلوا من قبل ويعيشوا بين الخوف والرجاء. عاملا بضاعة كله ثم قال تعالى اولم يهدي للذين يرثون الارض من بعد اهلها ان لو نشاءوا اصبناهم بذنوبهم ونطبع على قلوبهم فهم لا يسمعون اولم يتبين للذين يستخلفون بالارض بعد اهلاك اسلافهم من الامم بسبب ذنوبهم ثم لم يعتبروا بما حل بهم بل عملوا اعمالهم الم يتبين لهؤلاء ان الله لو شاء اصابتهم بذنوبهم ان الله لو شاء اصابتهم بذنوبهم لاصابهم بها كما هي سنته ويختم على قلوبهم فلا تتعظوا بموعظة ولا تنفعها ذكرا اذا على الانسان ان يعتبر بايات الله القرآنية وان يعتبر بايات الله الكونية وان يستخدم عقله في كل ما حوله ولذا سمي العقل عقلا لان الانسان يعقل به الخير وينعقد به عن الشر ويتعظ ما حوله فهذه الارض المبسوطة وهذه السماء المرفوعة بغير عمد نراها وهذا الهواء والماء والغذاء كلها ايات وشمس وقمر وليل ونهار ايات قد جعلها الله تعالى ليتعظ بها العباد ويستعد ليوم المعاد ثم قال تعالى تلك القرى نقص عليك من انبائها ولقد جاءتهم رسلهم بالبينات فما كانوا ليؤمنوا بما كذبوا من قبل كذلك يطبع الله على قلوب الكافرين تلك القرى السابقة وهي قرى اقوام نوح وهود وصالح ولوط وشعيب نتلو عليك ونخبرك ايها الرسول من اخبارها وما كانت عليه من تكذيب وعناد وما حل بها من هلاك ليكون ذلك عبرة لمن يعتبر وموعظة لمن يتعظ ولقد جاءت اهل هذه القرى رسلهم بالبراهين الواضحة على صدقهم فما كانوا ليؤمنوا عند مجيء الرسل بما سبق في علم الله انهم يكذبون به ومثل ختم الله على قلوب اهل هذه القرى المكذبين برسلهم يختم الله على قلوب الكافرين بمحمد صلى الله عليه وسلم فلا يهتدون للايمان اذا ربنا جل جلاله قد قص علينا قصص الاولين لنتخذ من قصصهم عبرا ثم قال تعالى وما وجدنا لاكثرهم من عهد وان وجدنا اكثرهم لفاسقين وما وجدنا لاكثر الامم التي ارسل اليها رسل من وفاء والتزام بما اوصاهم الله. ولم نجد لهم لاوامره وانما وجدنا اكثرهم خارجين عن طاعة الله الذي يحزن ان الكثير من الناس يحيدون عن صراط الله المستقيم ولكن السعيد من كان من الغرباء فاستقام على ما يريده الله تعالى وعلى ما يحبه الله ثم قال تعالى ثم بعثنا من بعدهم موسى باياتنا الى فرعون وملأه فظلموا بها فانظر كيف كان عاقبة المفسدين ثم ارسلنا بعد اولئك الرسل موسى عليه السلام بحججنا وادلتنا البينة الدالة على صدقه الى فرعون وقومه فمن كان منهم الا ان جحدوا تلك الايات. وكفروا بها فتأمل ايها الرسول كيف كان عاقبة فرعون وقومه فقد اهلكهم الله بالغرق واتبعهم اللعنة في الدنيا والاخرة ثم قال تعالى وقال موسى يا فرعون اني رسول من رب العالمين. وقال موسى لما بعثه الله الى فرعون وجاء يا فرعون اني مرسل من خالق الخلق اجمعين ومالكهم ومدبر امورهم من فوائد الايات الايمان والعمل الصالح سبب لافاقة الخيرات. والبركات من السماء والارض على الامة. اذا على الانسان ان يحقق الايمان بالعمل الصالح وان يسعى للزيادة ايمانه فان في الايمان زيادة خير الدنيا وخير الاخرة الصلة وثيقة بين سعة الرزق والتقوى وان انعم الله على الكافرين فان هذا استدراج لهم ومكر لهم. اذا على الانسان ان يتقي الله فاذا اتق الماء ربه فتح الله عليه من الخيرات والبركات والمسرات على العبد ان لا يأمن من عذاب الله المفاجئ الذي قد يأتي في اي ساعة من ليل او نهار فعلى الانسان ان يعيش بين الخوف والرجاء يقص القرآن اخبار الامم السابقة من اجل تثبيت المؤمنين وتحذير الكافرين هذا وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته