بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين. والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين اللهم اغفر لنا ولشيخنا ولوالديه ولمشايخه ولولاة امورنا ولجميع المسلمين امين. قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى في كتابه بلوغ المرام في باب صفة الحج ودخول مكة في حديث جابر رضي الله عنه قال رضي الله عنه وصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد ثم ركب القصواء حتى اذا استوت به على البيداء اهل بالتوحيد. لبيك اللهم لبيك. لبيك لا شريك لك لبيك. ان الحمد والنعمة لك لك والملك لا شريك لك حتى اذا اتينا البيت استلم الركن فرمل ثلاثا ومشى اربعا ثم اتى مقام ابراهيم فصلى ثم رجع الى الركن بسم الله الرحمن الرحيم قال رحمه الله في سياق صفة حج النبي صلى الله عليه وسلم كما في حديث جابر قال وصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد يعني في مسجد ذو الحليفة. فانه صلى الله وسلم خرج من المدينة بين الظهرين يوم السبت الخامس والعشرين من ذي القعدة. وصلى في الحليفة صلاة العصر والمغرب والعشاء والفجر ثم الظهر من يوم الاحد السادس والعشرين من ذي القعدة صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد. ثم اهل عليه الصلاة والسلام اي لبى ودخل في النسك ولهذا قال فلما استوت به ناقته على البيداء وهي الفلات اهلا بالتوحيد. وسماها جابر سمى هذه التلبية توحيدا بانها تشتمل على انواع التوحيد الثلاثة. ففي قوله ان الحمد والنعمة توحيد الاسماء والصفات. وفي قوله له الملك توحيد الربوبية. وفي قوله لا شريك له توحيد الالوهية. والتلبية من الب في المكان اذا اقام فيه. او بمعنى اجابة لك بعد اجابة. فمعنى التلبية اي ان مقيم على طاعتك ومجيب دعوتك. ولهذا قيل الحجاج وفد الله دعاهم فاجابوا ولزم النبي صلى الله عليه وسلم التلبية. بل كان يأمر اصحابه بذلك. وكانوا يصرخون بها حتى اذا اتينا البيت يعني الكعبة رمل ثلاثا ومشى اربعا فطاف النبي صلى الله عليه وسلم طواف القدوم لانه كان قارنا ورمى والرمل هو سرعة المشي مع تقارب الخطبة والرمل ملازم للاضطباع. فالاضطباع والرمل متلازمان والاضطباع هو ان يجعل وسط ردائه تحت عاتقه الايمن وقرثه تحت عاتقه الايسر. وبعد ان طاف النبي صلى الله عليه وسلم كان يستلم الركن يعني استلمه في اول طوافه وكلما مر به ثم لما فرغ من طوافه اتى كما قام ابراهيم فقرأ واتخذوا من مقام ابراهيم مصلى. تحقيقا لقول الله عز وجل واتخذوا من مقام ابراهيم مصلى فصلى ركعتين خلف المقام قرأ في الاولى بعد الفاتحة الكافرون وفي الثانية بعد الفاتحة سورة الصمد ثم رجع الى الحجر فاستلم كالمودع له ثم خرج الى الصفاء فمن بابه ففي هذه القطعة من الحديث فوائد منها اولا مشروعية الاهلال عقب الصلاة وان المشروع للانسان ان يكون اجلاله عقب صلاة. فان كان الوقت وقت فريضة احرم بعد الفريضة وان كان الوقت ليس وقت فريضة فان كان ضحى احرم بعد صلاة الضحى. والا فان الاحرام ليس له صلاة تخصه ومن فوائده ايضا مشروعية التلبية والاكثار منها لان النبي صلى الله عليه وسلم لبى واكثر من التلبية ومنها ايضا ان المشروع لمن قدم الى مكة بنسك ان يبادر بقضاء النسك. ولهذا بادر النبي صلى الله الله عليه وسلم بقضاء النسك وادائه. وفي حديث عائشة رضي الله عنها قالت ان اول شيء بدأ به النبي صلى الله عليه وسلم حين قدم مكة ان توظأ ثم طاف. ومنها ايضا مشروعية استلام الركن. ومعنى الى ان يمسحه بيده. واستلام الركن له مراتب. المرتبة الاولى ان يستلمه بيده ويقبله بان يضع شفتيه عليه. والمرتبة الثانية ان يستلمه بيده ويقبل يده. والمرتبة ان يستلمه بشيء اما بعصا او محجن. واذا استلمه بعصا او محجن لا يقبل العصا ولا المحجن المرتبة الرابعة الاشارة اليه. وليس بها تقبيل. والمرتبة الخامسة الجمع بين الاستلام والسجود عليه كما جاء ذلك عن ابن عباس رضي الله عنهما وليعلم ان استلام الحجر سنة في عبادة وليس سنة مستقلة. وقد دلت السنة على ان الحجر يستلم في مواضع ثلاث. الموضع الاول عند الطواف والموضع الثاني عند المرور به اثناء الطواف والموضع الثالث بعد ان يصلي ركعتين اذا كان يعقب ذلك سعي كالمودع له. ومن فوائد هذا الحديث ايضا مشروعية قراءة قول الله عز وجل واتخذوا من مقام ابراهيم مصلى. اقتداء بالرسول صلى الله عليه وسلم. ومنها ايضا مشروعية صلاة ركعتين خلف المقام. وهاتان الركعتان سنة وحيث ركعهما من المسجد جاز ليس من شرطها ان تكون خلف المقام ولا القرب من المقام. بل متى جعل المقام بينه وبين الكعبة صدق عليه انه صلى ركعتين في خلف المقام وحيثما صلاها ايضا من المسجد فانه يجوز ذلك. لكن السنة ان يصليهما خلف المقام ومنها ايضا مشروعية الرمل. وهو سرعة المشي مع تقارب الخطى. والرمل انما يشرع في الطواف اول ما يقدم ليس مشروعا في كل طواف وانما يشرع في الطواف اول ما وهو طواف القدوم بالنسبة للقارن والمفرد وطواف العمرة بالنسبة للمعتمر او لمن اراد ان يتمتع بان يجمع بين الحج والعمرة. فيسن له ان يرمل في طوافه وان يطبع والرمل والطواف كما تقدم متلازمان. فمتى شرع الرمل شرع الطواف. ثمان الرمل اتباع ايضا انما يشرعان لمن قدم الى مكة. اما من احرم من مكة او قربها فانه لا يشفع له لا رمل ولا اضطباع. ولهذا قال فقهاؤنا رحمهم الله لا يسن رمل ولا طباع لحامل معدود ونساء ومحرم من مكة او قربها. وفق الله الجميع لما يحب ويرضى وصلى الله على نبينا محمد