المكتبة السمعية للعلامة المفسر الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله. يسر فريق مشروع كبار العلماء ان يقدم قراءة تفسير السعدي يأتيها رزقها رغدا من كل مكان فكفرت بانعم الله فاذاقها الله اذاقها الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون. ولقد جاءهم رسول فاخذهم العذاب وهم ظالمون. وهذه القرية هي مكة المشرفة التي كانت امنة مطمئنة لا يهاج فيها احد. وتحترمها الجاهلية الجهلاء حتى ان احدهم يجد قاتل ابيه واخيه. فلا يهيجه مع شدة الحمية فيهم والنعرة العربية. فحصل لها من الامن التام مما لم يحصل لسواها. وكذلك الرزق الواسع. كانت بلدة ليس فيها زرع ولا شجر. ولكن يسر الله لها الرزق يأتيها من كل مكان. فجاءهم رسول منهم يعرفون امانته وصدقه. يدعوهم الى اكمل وينهاهم عن الامور السيئة. فكذبوه وكفروا بنعمة الله عليهم. فاذاقهم الله ضد ما كانوا فيه. والبسهم لباس الجوع الذي هو ضد رغد والخوف الذي هو ضد الامن. وذلك بسبب صنيعهم وكفرهم وعدم شكرهم. وما ظلمهم الله ولكن كانوا انفسهم يظلمون فكلوا مما رزقكم الله حلالا طيبا واشكروا نعمة الله اه واشكروا نعمة الله ان كنتم اياه تعبدون. يأمر تعالى عباده باكل ما رزقهم الله من الحيوانات والحبوب والثمار وغيرها. حلالا طيبا. اي حالة كونها متصفة بهذين الوصفين. بحيث لا يكون مما حرم الله او اثرا عن غصب ونحوه. فتمتعوا بما خلق الله لكم من غير اسراف ولا تعد واشكروا نعمة الله. بالاعتراف بها بالقلب والثناء اي على الله بها وصرفها في طاعة الله. ان كنتم اياه تعبدون. اي ان كنتم مخلصين له العبادة. فلا تشكروا الا اياه. ولا تنسوا منعم انما حرم عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما اهل لغير الله انما حرم عليكم الاشياء المضرة تنزيها لكم وذلك كالميتة. ويدخل في ذلك كل ما كان موته على غير زكاة مشروعة. ويستثنى من ذلك ميتة الجراد والسمك والدم المسفوح واما ما يبقى في العروق واللحم فلا يضر ولحم الخنزير لقذارته وخبثه وذلك شامل للحمه وشحمه وجميع اجزائه. وما اهل لغير الله به كالذي يذبح للاصنام والقبور ونحوها. لانه مقصود به الشرك فمن اضطر الى شيء من المحرمات بان حملته الضرورة وخاف ان لم يأكل ان يهلك فلا جناح عليه اذا لم يكن باغيا او عاديا اي اذا لم يرد اكل المحرم وهو غير مضطر. ولا متعد الحلال الى الحرام. او متجاوز لما زاد على قدر الضرورة. فهذا الذي حرمه الله من المباحات. ولا تقولوا لما تصف السنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا على الله الكذب ان الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون اي لا تحرموا وتحللوا من تلقاء انفسكم كذبا وافتراء على الله وتقولا عليه. لتفتروا على الله الكذب. ان الذين يفترون على تالله الكذب لا يفلحون. لا في الدنيا ولا في الاخرة. ولا بد ان يظهر الله خزيهم وان تمتعوا في الدنيا. متاع قليل ولهم عذاب اليم. فانه متاع قليل ومصيرهم الى النار. ولهم عذاب اليم فالله تعالى ما حرم علينا الا الخبيثات تفضلا منه وصيانة عن كل مستقذر. واما الذين هادوا حين هادوا حرمنا ما قصصنا عليك من قبل وما ظلمناهم ولكن كانوا فحرم الله عليهم طيبات احلت لهم بسبب ظلمهم عقوبة لهم كما اهو في سورة الانعام في قوله وعلى الذين هادوا حرمنا كل ذي ظفر ومن البقر والغنم حرمنا عليهم شحومهما الا ما حملت ظهورهم او الحوايا او ما اختلط بعظم ذلك جزيناهم ببغيهم وانا لصادقون وهذا حظ منه لعباده على التوبة ودعوة لهم الى الانابة. فاخبر ان من عمل سوءا بجهالة بعاقبة ما تجني عليه. ولو كان متعمدا للذنب فانه لا بد ان ينقص ما في قلبه به من العلم وقت مقارفة الذنب. فاذا تاب واصلح بان ترك الذنب وندم عليه واصلح اعماله. فان الله يغفر له ويرحمه. ويتقبل توبته ويعيده الى حالته الاولى او اعلى منها يخبر تعالى عما فضل به خليله ابراهيم عليه الصلاة والسلام وخصه به من الفضائل العالية والمناقب الكاملة. فقال ان ابراهيم كان امة. اي اماما جامعا لخصال الخير مهتديا قانتا لله اي مديما لطاعة ربه مخلصا له الدين حنيفا مقبلا على الله بالمحبة والانابة والعبودية معرضا عمن سواه ولم يكن من المشركين في قوله وعمله وجميع احواله لانه امام الموحدين الحنفاء شاكرا لانعمه اي اتاه الله في الدنيا حسنة وانعم عليه بنعم ظاهرة وباطنة فقام بشكرها فكان نتيجة هذه الخصال الفاضلة ان اجتباه ربه اختصه بخلته وجعله من صفوة خلقه وخيار عباده المقربين. وهداه الى صراط مستقيم في علمه وعمله. فعلم بالحق واثره على غيره الصالحين واتيناه في الدنيا حسنة رزقا واسعا وزوجة حسناء وذرية صالحين واخلاقا مرضية وانه في الاخرة لمن الصالحين. الذين لهم المنازل العالية والقرب العظيم من الله تعالى اليك ان اتبع ملة ابراهيم حنيفا وما كان من المشركين. ومن اعظم فضائله ان الله اوحى لسيد الخلق واكملهم ان يتبع ملة ابراهيم ويقتدي به هو وامته ربك ليحكم بينهم يوم القيامة يقول تعالى انما جعل السبت اي فرضا على الذين اختلفوا فيه حين ضلوا عن يوم الجمعة وهم اليهود فصار اختلافهم سببا لان يجب عليهم في السبت احترامه وتعظيمه. والا فالفضيلة ليوم الجمعة الذي هدى الله هذه الامة اليه. وان ربك ليحكم بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون. فيبين لهم المحق من المبطل والمستحق للثواب ممن استحق العقاب ادعوا الى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهن بالتي هي احسن اي ليكن دعاؤك للخلق مسلمهم وكافرهم الى سبيل ربك المستقيم المشتمل على العلم النافع والعمل الصالح بالحكمة. اي كل احد على حسب حاله وفهمه وقبوله وانقياده. ومن الحكمة الدعوة بالعلم لا بالجهل. والبداءة بالاهم فالاهم وبالاقرب الى الاذهان وبما يكون قبوله اتم وبالرفق واللين. فان انقاد بالحكمة والا فينتقل معه بالدعوة بالموعظة الحسنة. وهو الامر والنهي مقرون بالترغيب والترهيب. اما بما تشتمل عليه الاوامر من المصالح وتعدادها. والنواهي من المضار وتعدادها. واما بذكر اكرام من قام بدين الله واهانة من لم يقم به. واما بذكر ما اعد الله للطائعين من الثواب العاجل والاجل. وما اعد للعاصين من العقاب العاجل والاجل فان كان المدعو يرى ان ما هو عليه حق او كان داعية الى الباطل. فيجادل بالتي هي احسن وهي الطرق التي تكون ادعى لاستجابته في عقلا ونقلا ومن ذلك الاحتجاج عليه بالادلة التي كان يعتقدها فانه اقرب الى حصول المقصود. والا تؤدي المجادلة الى خصام او مشاركة تذهب بمقصودها ولا تحصل الفائدة منها. بل يكون القصد منها هداية الخلق الى الحق. لا المغالبة ونحوها. وقوله ان ربك هو اعلم بمن ضل عن سبيله. علم السبب الذي اداه الى الضلال. وعلم اعماله المترتبة على ضلالته. وسيجازيه عليها وهو اعلم بالمهتدين. علم انهم يصلحون للهداية فهداهم. ثم من عليهم فاجتباهم. وان عاقبتم فعاقبتم يقول تعالى مبيحا للعدل ونادبا للفضل والاحسان. وان عاقبتم من اساء اليكم بالقول فعل فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به. من غير زيادة منكم على ما اجراه معكم. ولئن صبرتم عن المعاقبة وعفوتم عن جرمهم لهو خير للصابرين من الاستيفاء. وما عند الله خير لكم واحسن عاقبة. كما قال الله تعالى فمن عفا واصلح فاجره على الله ثم امر رسوله بالصبر على دعوة الخلق الى الله والاستعانة بالله على ذلك وعدم الاتكال على النفس. فقال واصبر وما صبرك الا واصبر وما صبرك الا بالله ولا تكفي ضيق مما يمكرون. ان الله مع الذين اتقوا اول الذين هم محسنون واصبر وما صبرك الا بالله هو الذي يعينك عليه ثبتك ولا تحزن عليهم اذا دعوتهم فلم تر منهم قبولا لدعوتك. فان الحزن لا يجدي عليك شيئا. ولا تكن في ضيق اي شدة حرج مما يمكرون فان مكرهم عائد اليهم وانت من المتقين المحسنين. والله مع المتقين المحسنين بعونه وتوفيقه وتسديده وهم الذين اتقوا الكفر والمعاصي واحسنوا في عبادة الله بان عبدوا الله كأنهم يرونه. فان لم يكونوا يرونه فانه يراهم والاحسان الى الخلق ببذل النفع لهم من كل وجه. نسأل الله ان يجعلنا من المتقين المحسنين