النهي عن قربان الزنا ابلغ من النهي عن مجرد فعله لان ذلك يشتمل النهي عن جميع مقدماته ودواعيه. فان من حام حول الحمى يوشك ان يقع فيه. خصوصا هذا الامر الذي ولا قائم بها ان امر اولياءه بحفظه وحفظ ماله واصلاحه والا يقربوه الا بالتي هي احسن من التجارة فيه وعدم تعريضه للاخطار والحرص على تنميته. وذلك ممتد الى ان يبلغ اليتيم اشده. اي بلوغه المكتبة السمعية للعلامة المفسر الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله. يسر فريق مشروع كبار العلماء ان يقدم قراءة تفسير السعدي. ولا تقتلوا اولادكم خشية ان لا وهذا من رحمته بعباده حيث كان ارحم بهم من والديهم. فنهى الوالدين ان يقتلوا اولادهم خوفا من الفقر والاملاق وتكفل برزق الجميع. واخبر ان قتلهم كان خطأ كبيرا. اي من اعظم كبائر الذنوب زوال الرحمة من القلب والعقوق العظيم والتجرؤ على قتل الاطفال الذين لم يجري منهم ذنب ولا معصية في كثير من النفوس اقوى داع اليه. ووصف الله الزنا وقبحه بانه كان فاحشة. اي انما يستفحش في الشرع والعقل والفطر لتضمنه التجري على الحرمة في حق الله وحق المرأة وحق اهلها او زوجها وافساد الفراش واختلاط الانساب وغير ذلك من المفاسد وقوله اي بئس السبيل سبيل من تجرأ على هذا الذنب العظيم ولا تقتلوا النفس التي حرم الله الا بالحق وهذا شامل لكل نفس حرم الله قتلها من صغير وكبير. وذكر وانثى وحر وعبد. ومسلم وكافر له عهد. الا بالحق كالنفس بالنفس والزاني المحصن والتارك لدينه المفارق للجماعة والباغي في حال بغيه. اذا لم يندفع الا بالقتل ومن قتل مظلوما اي بغير حق فقد جعلنا لوليه وهو اقرب عصباته وورثته اليه سلطانا. اي حجة ظاهرة القصاص من القاتل. وجعلنا له ايضا تسلطا قدريا على ذلك. وذلك حين تجتمع الشروط الموجبة للقصاص. كتعمد العدوان والمكافأة فلا يسرف الولي في القتل انه كان منصورا. والاسراف مجاوزة الحد. اما ان يمثل بالقاتل او يقتله بغير ما قتل به او يقتل غير القاتل. وفي هذه الاية دليل على ان الحق في القتل للولي. فلا يقتص الا فبإذنه وان عفا سقط القصاص وان ولي المقتول يعينه الله على القاتل ومن اعانه حتى يتمكن من قتله لا تقربوا من اليتيم الا بالتي هي احسن حتى يبلغ اشده. واوفوا بالعهد ان العهد وهذا من لطفه ورحمته تعالى باليتيم الذي فقد والده وهو صغير. غير عارف بمصلحة نفسه له رشده فاذا بلغ اشده زالت عنه الولاية وصار ولي نفسه ودفع اليه ماله كما قال تعالى فان انستم منهم رشدا فادفعوا اليهم اموالهم. واوفوا بالعهد الذي عاهدتم الله عليه. والذي عاهدتم الخلق عليه اي مسؤولون عن الوفاء به. فان وفيتم فلكم الثواب الجزيل. وان لم تفوا عليكم الاثم العظيم. واوفوا الكيل اذا كلتم وزنوا بالقسطاس المستقيم. ذلك خير وهذا امر بالعدل وايفاء المكاييل والموازين بالقسط من غير بخس ولا نقص. ويؤخذ من المعنى النهي عن كل غش في ثمن او مثمن او معقود عليه. والامر بالنصح والصدق في المعاملة. ذلك خير من عدمه واحسن تأويل اي احسن عاقبة. به يسلم العبد من التبعات وبه تنزل البركة اي ولا تتبع ما ليس لك به علم. بل تثبت في كل ما تقوله وتفعله. فلا تظن ذلك يذهب لا لك ولا عليك فحقيق بالعبد الذي يعرف انه مسؤول عما قاله وفعله. وعما استعمل به جوارحه التي خلقها الله لعبادته. ان يعد للسؤال جوابا. وذلك لا يكون الا باستعمالها بعبودية الله واخلاص الدين له. وكفها عما يكرهه الله تعالى يقول تعالى ولا تمش في الارض مرحا اي كبرا وتيها وبطرا متكبرا على الحق ومتعاظما على الخلق. انك في فعلك ذلك ان تخلق الارض ولن تبلغ الجبال قولا. بل تكون حقيرا عند الله ومحتقرا عند الخلق. مبغوضا منقوتا بوتن قد اكتسبت شر الاخلاق واكتسيت بارذلها من غير ادراك لبعض ما تروم كل ذلك المذكور الذي نهى الله عنه فيما تقدم من قوله ولا تجعل مع الله الها اخر والنهي عن عقوق الوالدين وما عطف على ذلك. اي كل ذلك يسوء العاملين ويضرهم. والله تعالى يكرهه ويأباه ذلك مما اوحى اليك ربك من الحكمة. ذلك الذي بيناه ووضحناه من هذه الاحكام الجليلة. مما اوحى اليك ربك من الحكمة فان الحكمة الامر بمحاسن الاعمال ومكارم الاخلاق والنهي عن اراذل الاخلاق واسوء الاعمال وهذه الاعمال المذكورة في هذه الايات. من الحكمة العالية التي اوحاها رب العالمين لسيد المرسلين. في اشرف الكتب يأمر بها افضل الامم. فهي من الحكمة التي من اوتيها فقد اوتي خيرا كثيرا. ثم ختمها بالنهي عن عبادة غير الله. كما افتتحها بذلك فقال فتلقى في جهنم اي خالدا مخلدا. فانه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة. ومأواه النار اي قد لحقتك اللائمة واللعنة والذم من الله وملائكته والناس اجمعين قولا عظيما. وهذا انكار شديد على من زعم ان الله اتخذ من خلقه بنات. فقال اي اختار لكم الصفوة والقسم الكامل. واتخذ لنفسه من الملائكة اناثا. حيث زعموا ان الملائكة بنات الله انكم لتقولون قولا عظيما فيه اعظم الجرأة على الله حيث نسبتم له الولد المتضمن واستغناء بعض المخلوقات عنه وحكمتم له باردأ القسمين وهو الاناث وهو الذي خلقكم واصطفاكم بالذكور فتعالى الله عما يقول الظالمون علوا كبيرا يخبر تعالى انه صرف لعباده في هذا القرآن اي نوع الاحكام ووضحها واكثر من الادلة على ما دعا اليه ووعظ وذكر لاجل ان يتذكروا ما ينفعهم فيسلكوه وما يضرهم فيدعوه ولكن ابى اكثر الناس الا نفورا عن ايات الله لبغضهم للحق ومحبتهم ما كانوا عليه من الباطل. حتى تعصبوا لباطلهم ولم ايات الله لهم سمعا ولا القوا لها بالا. ومن اعظم ما صرف فيه الايات والادلة. التوحيد الذي هو اصل الاصول مر به ونهى عن ضده واقام عليه من الحجج العقلية والنقلية شيئا كثيرا بحيث ان من اصغى الى بعضها لا تدع وفي قلبه شكا ولا ريب. ومن الادلة على ذلك هذا الدليل العقلي الذي ذكره هنا. فقال قل للمشركين الذين يجعلون مع الله اله عن اخر لو كان معه الهة كما يقولون. اي على موجب زعمهم وافترائهم اي لاتخذوا سبيلا الى الله بعبادته. والانابة اليه والتقرب وابتغاء الوسيلة. فكيف يجعل العبد الفقير الذي يرى شدة افتقاره لعبودية ربه الها مع الله. هل هذا الا من اظلم الظلم واسفه السفه؟ فعلى هذا المعنى تكون هذه الاية كقوله تعالى اولئك الذين يدعون يبتغون الى ربهم الوسيلة ايهم اقرب وكقوله تعالى ويوم يحشرهم وما يعبدون من دون الله. فيقول اانتم اضللتم عبادي هؤلاء؟ امهم ضلوا السبيل؟ قالوا سبحانك ما كان ينبغي لنا ان نتخذ من دونك من اولياء. ويحتمل ان المعنى في قوله قل لو كان معه الهة كما يقولون. اذا ان لم ابتغوا الى ذي العرش سبيلا. اي لطلبوا السبيل وسعوا في مغالبة الله تعالى. فاما ان يعلو عليه فيكون من علا وقهر. هو حب الاله فاما وقد علموا انهم يقرون ان الهتهم التي يعبدون من دون الله مقهورة مغلوبة ليس لها من الامر شيء فلما اتخذوها وهي بهذه الحال؟ فيكون هذا كقوله تعالى ما اتخذ الله من ولد وما كان معه من اله اذا لذهب كل اله بما خلق. ولعل بعضهم على بعض سبحانه وتعالى اي تقدس وتنزه وعلت اوصافه عما يقولون من الشرك به. واتخاذ معه علوا كبيرا فعلى قدره وعظم وجلت كبرياؤه التي لا تقدر ان يكون معه الهة. فقد ضل من قال كذلك ضلالا مبينا وظلم ظلما كبيرا. لقد تضاءلت لعظمته المخلوقات العظيمة وصغرت لدى كبريائه السماوات السبع ومن فيهن والارضون السبع ومن فيهن والارض جميعا قبضته يوم القيامة. والسماوات مطويات بيمينه وافتقر اليه العالم العلوي والسفلي فقرا ذاتيا لا ينفك عن احد منهم في وقت من الاوقات. هذا الفقر بجميع وجوهه فقر من جهة الخلق والرزق والتدبير وفقر من جهة الاضطرار. الى ان يكون معبوده ومحبوبه. الذي اليه يتقربون اليه في كل حال يفزعون. ولهذا قال تسبيحهم وان من شيء من حيوان ناطق وغير ناطق ومن اشجار ونبات وجامد وميت الا يسبح بحمده بلسان الحال ولسان المقال. اي باقي المخلوقات التي على غير لغتكم بل يحيط بها علام الغيوب حيث لم يعادل بالعقوبة من قال فيه قولا تكاد السماوات والارض تتفطر منه وتخر له الجبال ولكنه لهم وانعم عليهم وعافاهم ورزقهم. ودعاهم الى بابه. ليتوبوا من هذا الذنب العظيم. ليعطيهم الثواب الجزيل ويغفر لهم ذنبهم. فلولا حلمه ومغفرته لسقطت السماوات على الارض. ولما ترك على ظهرها من دابة. واذا يخبر تعالى عن عقوبته للمكذبين بالحق الذين ردوه واعرضوا عنه ان يحول بينهم وبين الايمان فقال واذا قرأت القرآن الذي فيه الوعظ والتذكير والهدى والايمان والخير والعلم الكثير يسترهم عن فهمه حقيقة وعن التحقق بحقائقه والانقياد الى ما يدعو اليه من خير وجعلنا على قلوبهن وجعلنا على قلوبهم اكنة اي اغطية واغشية لا يفقهون معها القرآن. بل يسمعونه سماعا تقوم به عليهم الحجة. وفي اذانهم واقرأ اي صمما على سماعه واذا ذكرت ربك في القرآن وحده داعيا لتوحيده ناهيا عن الشرك به ولوا على ادبارهم نفورا من شدة بغضهم ومحبتهم لما هم عليه من الباطل. كما قال تعالى واذا ذكر الله وحده اشمأزت قلوب الذين لا يؤمنون بالاخرة واذا ذكر الذين من دونه اذا هم يستبشرون نحن اعلم بما يستمعون اي انما منعناهم من الانتفاع عند سماع القرآن. لاننا نعلم ان مقاصدهم سيئة. يريدون ان يعثروا على اقل شيء ليقدحوا به وليس استماعهم لاجل الاسترشاد وقبول الحق. وانما هم متعمدون على عدم اتباعه. ومن كان بهذه الحالة لم يفيده الاستماع شيئا. ولهذا قال اذ يستمعون اليك واذ هم نجوى اي متناجيين. اذ يقول الظالمون في مناجاة فاذا كانت هذه مناجاتهم الظالمة فيما بينهم وقد بنوها على انه مسحور فهم جازمون انهم غير معتبرين لما قال وانه يهذي لا يدري ما يقول قال تعالى انظر متعجبا كيف ضربوا لك الامثال التي هي اضل الامثال وابعدها عن الصواب. فضلوا في ذلك او صارت سببا لضلالهم. لانهم بنوا عليها امرهم. والمبني على مفاسد افسدوا منه فلا يستطيعون سبيلا اي لا يهتدون اي اهتداء فيصيبهم الضلال المحض والظلم الصرف فسيقولون الذي فطركم اول مرة فسينقضون اليك رؤوسهم ويقولون متاه قل عسى ان يكون كون قريبا يوم يدعوكم فتستجيبون بحمده وتظنون ان لبستم الا قليلا تعالى عن قول المنكرين للبعث وتكذيبهم به واستبعادهم بقولهم ائذا كنا عظاما ورفاتا اي اجسادا بالية فانا لمبعوثون خلقا جديدا. اي لا يكون ذلك. وهو محال بزعمهم. فجهلوا اشد الجهل حيث كذبوا رسول الله وجحدوا ايات الله وقاسوا قدرة خالق السماوات والارض بقدرتهم الضعيفة العاجزة. فلما رأوا ان هذا ممتنع عليهم لا قادرون عليه جعلوا قدرة الله كذلك. فسبحان من جعل خلقا من خلقه يزعمون انهم اولو العقول والالباب مثالا في جهل في اظهر الاشياء واجلاها واوضحها براهين واعلاها. ليري عباده انه ما ثم الا توفيقه واعانته او الهلاك والضلال. ربنا لا تزغ قلوبنا بعد اذ هديتنا. وهب لنا من لدنك رحمة. انك انت الوهاب. ولهذا امر رسوله صلى الله عليه وسلم ان يقول لهؤلاء المنكرين للبعث استبعادا او خلقا من ما يكبر في صدوركم فسيقولون من يعيدنا قل الذي فطركم او او خلقا مما يكبر في صدوركم اي يعظم في صدوركم لتسلموا بذلك على زعمكم من ان تنالكم قدرة الله او تنفد فيكم مشيئته فانكم غير معجز الله في اي حالة تكونون. وعلى اي وصف تتحولون وليس في انفسكم تدبير في حالة الحياة وبعد الممات. فدعوا التدبير والتصريف لمن هو على كل شيء قدير. وبكل شيء محيط فسيقولون حين تقيم عليهم الحجة في البعث من يعيدنا قل الذي فطركم اول مرة فكما فطركم ولم تكونوا شيئا مذكورا فانه سيعيدكم خلقا جديدا. كما بدأنا اول خلق نعيده. فسينغضون اليك رؤوسهم ان يهزونا انكارا وتعجبا مما قلت. ويقولون متى هو؟ اي متى وقت البعث الذي تزعمه على قولك؟ ولا اقرار منهم لاصل بل ذلك سفه منهم وتعجيز. قل عسى ان يكون قريبا. فليس في تعيين وقته فائدة. وانما فائدة والمدار على تقريره والاقرار به واثباته. والا فكما هو ات فانه قريب. يوم يدعوك للبعث والنشور وينفخ في الصور فتستجيبون بحمده اي تنقادون لامره ولا تستعصون عليه وقوله بحمده اي هو المحمود تعالى على فعله. ويجزي به العباد اذا جمعهم ليوم التناد الا قليلا من سرعة وقوعه وان الذي مر عليكم من النعيم كانه ما كان. فهذا الذي يقول عنه المنكرون يندمون غاية الندم عند وروده. ويقال لهم هذا الذي كنتم به تكذبون