من وجوه الوجه الاول ان السعي الشديد يكون في كل سعي مشروع. سواء كان عمرة ام حجا بخلاف الرمل فان الرمل انما يشرع في الطواف اول ما يقدم وهو طواف القدوم وطواف العمرة. ثانيا ان السعي بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين. والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين. اللهم اغفر لنا لشيخنا ولوالديه ومشايخه ولولاة امورنا ولجميع المسلمين. امين. قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى في كتاب بلوغ المرام في كتاب الحج في باب صفة الحج ودخول مكة في حديث جابر رضي الله عنه قال ثم خرج من الباب الى الصفا فلما دنا من الصفا قرأ ان الصفا والمروة من شعائر الله ابدأ بما بدأ الله به فرقي الصفا حتى رأى البيت فاستقبل القبلة فوحد الله وكبره وقال لا اله الا الله وحده لا شريك له. له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير. لا اله الا الله انجز وعده ونصر عبده وهزم الاحزاب كتابة وحدة ثم دعا بين ذلك ثلاث مرات ثم نزل الى المروة حتى انصبت قدماه في بطن الوادي حتى اذا صعد مشى الى المروة ففعل عن المروة كما فعل على الصفا فذكر الحديث. بسم الله الرحمن الرحيم قال رحمه الله تعالى في سياق حديث جابر في حج النبي صلى الله عليه وسلم قال ثم خرج الى الصفا يعني من بابه وذلك بعد ان طاف طواف القدوم وصلى ركعتين خلف المقام ثم استلم الحجر كالمودع له. فخرج الى الصفا من بابه لانه اقرب فلما دنا من الصفا يعني قرب منه قرأ ان الصفا والمروة من شعائر الله ابدأ بما بدأ الله به. وفي رواية ابدأوا بما بدأ الله به. وقول من شعائر الله شعائر الله هي علامات الدين الظاهرة من صلاة وحج وعمرة وصيام وغيرها. فالشعائر هي اعلام الدين الظاهرة فلما دنا من الصفا قرأ الاية ثم استقبل البيت يعني الكعبة حتى رأى البيت رفع يديه رفع دعاء فوحد الله عز وجل وكبره وقال لا اله الا الله وحده لا شريك له له الملك ملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير. لا اله الا الله وحده انجز وعده ونصر عبده وهزم الاحزاب وحده قال هذا الذكر لا اله الا الله وحده لا شريك له. ولا اله الا الله معناها لا معبود حق الا الله. ولا شريك له اي في الوهيته وفي ربوبيته وفي اسمائه وصفاته. وقوله وهو على كل شيء قدير كل معدوم فالله قادر على ايجاده. وكل موجود فالله قادر على اعدامه. ثم قال لا اله الا الله وحده انجز وعده. يعني ما وعد به عباده المؤمنين. في قول الله عز وجل لقد صدق الله اصوله الرؤيا بالحق لتدخلن المسجد الحرام ان شاء الله امنين محلقين رؤوسكم ومقصرين. ان اي نصره على من تحزب عليه من الاحزاب ومن غيرهم. وقوله ونصر عبده اسم جنس يشمل كل من اتصف بهذا الوصف وحقق العبودية لله تعالى. ولهذا قال الله تعالى انا ننصر رسلنا والذين امنوا في الحياة الدنيا. ونصر عبده وهزم الاحزاب وحده يعني الذين تحزبوا يوم الخندق على رسول الله صلى الله عليه وسلم واصحابه وضيقوا عليهم الخناق في المدينة. وقد قال الله تعالى ورد الله الذين كفروا وبغيظهم لم ينالوا خيرا وكفى الله المؤمنين القتال. ثم دعا بين ذلك يعني انه قال هذا الذكر ثم دعا ثم قال هذا الذكر ثم دعا ثم قال هذا الذكر ثم سعى يعني شرع في السعي وعلى هذا فهذا يقال ثلاث مرات ويدعو فيما بينهما. قال حتى اذا صبت قدماه في بطن الوادي سعى يعني سعيا شديدا وقد جاء في بعض الروايات انه صلى الله عليه وسلم كان يسعى سعيا شديدا حتى ان ازاره فيدور به من شدة السعي. وقد جاء عن ابن مسعود رضي الله عنه مرفوعا وموقوفا والوقوف اصح انه كان يقول رب اغفر وارحم وتجاوز عما تعلم. انك انت الاعز الاكرم. وهذا السعي الشديد اذا انصبت قدماه في الوادي وهو ما بين العلمين الاخبرين اي الخضراء الموجودة الان في المسعى هذا يكون في كل شوط من اشواط السعي. ولذلك السعي الشديد في السعي بين الصفا والمروة. يفارق الرمل الشديد يكون في جميع الاشواط. بخلاف الرمل فانه يكون في الاشواط الثلاثة الاول. ثالثا ان الرمل يكون في جميع الشوق. واما السعي الشديد فهو في جزء منه وليس في جميعه. ورابعا ان الشديد يكون اشد من الرمل. ثم لما اتى المروة صنع على المروة كما يصنع على الصفا. لكنه لم يقرأ الاية ان الصفا والمروة من شعائر الله. فهذه الاية انما تشرع اذا دنا من الصدأ. فكان ذهابه صلى الله عليه وسلم الصفا الى البروة ذهابه شوط ورجوعه شوط اخر. فلما اتم سعيه صلى الله عليه وسلم قال لاصحابه او ارشد اصحابه الذين لم يحلوا ان يجعلوها عمرة. وقال اجعلوها عمرة افعلوا ما امركم به. فلو اني سقت الهدي لاحللت معكم ولجعلتها عمرة. فيستفاد من هذه القطعة من هذا الحديث فوائد منها مشروعة المبادرة بالسعي بعد الطواف. وان السنة للانسان اذا طاف ان يبادر بالسعي بعد الطواف. وليس هذا بشرط فالموالاة بين الطواف والسعي ليست شرطا بل الشرط الموالاة بين اجزاء الطواف وبين اجزاء السعي واما الموالاة بين الطواف والسعي فليست شرطا فلو طاف في اول النهار وسعى في اخره او طاف في يوم وسعى في يوم اخر فلا حرج. ومنها ايضا مشروعية قراءة هذه الاية عند الدنو من الصفا والسنة الا لا يتمها بل يقتصر على قول ان الصفا والمروة من شعائر الله. واما ما يفعله بعض العامة من قولهم فمن حج البيت او ائتمر فلا جناح عليه ان يطوف بهما فهذا لا اصل له. ومنها ايضا مشروعية رقي الصفا حتى يرى ان امكن او يستقبل القبلة اذا لم يتمكن من رؤية البيت كما لو كان في الطابق الثاني او الثالث ونحو ذلك فيستقبل القبلة ومنها ايضا مشروعية هذا الدعاء ان يقوله ثلاث مرات وان يدعو فيما بين ذلك. ومن فوائد ايضا مشروعية الاسراع في بطن وادي وهو ما بين العلمين الاخضرين. وهذا الاسراع كما تقدم عام في كل سعي لكن يستثنى من ذلك النسا فانه لا يسن لهن ان يسرعن ولا يسن لهن ان الرمل فالرمل والاضطباع والاسراع الشديد فيما بين الصفا والمروة ان خاص بالذكور دون الاناث. وفق الله الجميع لما يحب ويرضى. وصلى الله على نبينا محمد