وعلى ان ديته تكون على عاقلة الجاني لانه قتل لا يوجب قصاصا فكانت ديته على العاقلة كالخطأ قال ابن المنذر اجمع كل من نحفظ عنه من اهل العلم انها على العاقلة بسم الله الرحمن الرحيم. المكتبة الصوتية لمعالي الشيخ الدكتور صالح بن فوزان الفوزان شرح كتاب الملخص الفقهي من الفقه الاسلامي للدكتور صالح بن فوزان فوزان. ادرس مائة وثمانون. بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد واله وصحبه ومن اهتدى بهداه وبعد ايها الاخوة المستمعون السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نواصل الحديث معكم في موضوع الجنايات واحكامها ونخص في حلقتنا هذه التحدث عن القتل شبه العمد والقتل الخطأ حيث سبق الحديث عن القتل العمد فشبه العمدي قد عرفه الفقهاء رحمهم الله بقولهم هو ان يقصد جناية لا تقتل غالبا فيموت بها المجني عليه سواء كان ذلك بقصد العدوان عليه او لاجل تأديبه فيسرف في ذلك وسمي هذا النوع من الجنايات شبه العمد لان الجاني قصد الفعل واخطأ في القتل قال ابن رشد رحمه الله من قصد ضرب رجل بعينه بالة لا تقتل غالبا كان حكمه مترددا بين العمد والخطأ فشبهه للعمد من جهة قصد ضربه وشبهه للخطأ من جهة ضربه بما لا يقصد به القتل انتهى ومن امثلة شبه العمد ما لو ضربه في غير مقتل بسوط او عصا صغير او لكزه بيده او لكمه في غير قلم فمات وشبه العمد تجب به الكفارة في مال الجاني وهي عتق رقبة فان لم يجد صام شهرين متتابعين كما يجب ذلك في الخطأ وتجب به الدية مغلظة في مال عاقلة الجاني لحديث ابي هريرة رضي الله عنه قال اقتتلت امرأتان من هذيل فرمت احداهما الاخرى بحجر فقتلتها وما في بطنها فقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم هدية المرأة على عاقلتها متفق عليه اي على عاقلة القاتلة ادل هذا الحديث على عدم وجوب القصاص في شبه العمد وقال الموفق وغيره لا نعلم خلافا انها على العاقلة انتهى واما قتل الخطأ فقد عرفه الفقهاء بقولهم هو ان يفعل ما له فعله مثل ان يرمي صيدا او هدفا فيصيب ادميا معصوما لم يقصده فيقتله او يقتل مسلما في صف كفار يظنه كافرا وكذلك عمد الصبي والمجنون يجري مجرى الخطأ لانهما ليس لهما قصد فهما كالمكلف المخطي ويجري مجرى الخطأ ايضا القتل بالتسبب كما لو حفر بئرا او حفرة في طريق او اوقف فيه سيارة فتلف بسبب ذلك انسان ويجب بالقتل الخطأ الكفارة في مال القاتل وهي عتق رقبة فان لم يجد الرقبة او وجدها ولم يقدر على ثمنها صام شهرين متتابعين فتجب الدية على عاقلته وهم ذكور عصباته الا من قتل مسلما في صف يظنه كافرا فانه لا يجب فيه الا الكفارة لقوله تعالى ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة هدية مسلمة الى اهله الا ان يصدقوا فان كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن فتحرير رقبة مؤمنة وان كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق هدية مسلمة الى اهله وتحرير رقبة مؤمنة فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين توبة من الله كان الله عليما حكيما فجعل قتل الخطأ على قسمين اسم تجب فيه الكفارة على القاتل والدية على عاقلته وهو قتل المؤمن خطأ في غير صف الكفار وفيما اذا كان القتيل من قوم بيننا وبينهم عهد وقسم تجب فيه الدية فقط وهو قتل المؤمن بين الكفار يظنه القاتل كافرا قال الامام الشوكاني رحمه الله في فتح القدير فان كان من قوم عدوا عدو لكم وهو مؤمن فتحرير رقبة مؤمنة اي فان كان المقتول من قوم عدو لكم وهم الكفار الحربيون وهذه مسألة المؤمن الذي يقتله المسلمون في بلاد الكفار الذين كان منهم ثم اسلم ولم يهاجر وهم يظنون انه لم يسلم وانه باق على دين قومه فلا دية على قاتله بل عليه تحرير رقبة مؤمنة واختلفوا في وجه سقوط الدية فقيل وجهه ان اولياء القتيل كفار لا حق لهم في الدية وقيل وجهه ان هذا الذي امن ولم يهاجر حرمته قليلة يقول الله تعالى والذين امنوا ولم يهاجروا ما لكم من ولايتهم من شيء وقال بعض اهل العلم ان ديته واجبة لبيت المال انتهى قال شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله هذا في المسلم الذي هو بين الكفار معذور كالاسير والمسلم الذي لا تمكنه الهجرة والخروج من صفهم. فاما الذي يقف في صف قتالهم باختياره فلا يظمن بحال لانه عرض نفسه للتلف بلا عذر والدليل على وجوب دية قتل الخطأ على عاقلة القاتل حديث ابي هريرة رضي الله عنه قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم في جنين امرأة من بني لحيان سقط ميتا بغرة عبد او امة ثم ان المرأة التي قضي عليها بالغرة توفيت فقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم ان ميراثها لزوجها وبنتيها وان العقل على عصبتها متفق عليه فدل الحديث على ان دية الخطأ على العاقلة وقد اجمع العلماء على ذلك والحكمة في ذلك والله اعلم ان ايجاب الدية في مال المخطي فيه ظرر عظيم من غير ذنب تعمده والخطأ يكثر وقوعه ففي تحميله ظمان خطأه اجحاف بماله ولابد من ايجاب بدل للمقتول لانه نفس محترمة وفي اهدار دمه اضرار بورثته لا سيما عائلته الشارع الحكيم اوجب على من عليهم موالاة القاتل ونصرته ان يعينوه على ذلك وذلك كايجاب النفقات وفكاك الاسير ولان العاقلة يرثون المقتول عنه لو مات في الجملة فهم يتحملون عنه جنايته من قبيل الغنم بالغرم وحمل القاتل الكفارة لامور اولا احترام النفس الذاهبة ثانيا لكون القتل لا يخلو من تفريط ثالثا لان لا يخلو القاتل عن تحمل شيء حيث لم يحمل من الدية فكان في جعل الدية على العاقلة والكفارة على القاتل عدة حكم ومصالح فسبحان الحكيم العليم الذي شرع للناس ما يصلحهم وينفعهم في دينهم ودنياهم ولا يدخل في العاقلة الرقيق والفقير والصغير والمجنون والانثى والمخالف لدين الجاني لان هؤلاء ليسوا من اهل النصرة والمواساة وتؤجل دية الخطأ على العاقلة ثلاث سنين. ويجتهد الحاكم في تحميل كل منهم ما يستطيع ويبدأ بالاقرب فالاقرب وقال شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله لا تؤجل الدية على العاقلة اذا رأى الامام المصلحة في ذلك انتهى ايها المستمعون الكرام بهذا القدر انتهت هذه الحلقة فالى الحلقة القادمة باذن الله. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد واله وصحبه اجمعين