بسم الله الرحمن الرحيم. المكتبة الصوتية لمعالي الشيخ الدكتور صالح بن فوزان الفوزان شرح كتاب الملخص الفقهي من الفقه الاسلامي للدكتور صالح بن فوزان فوزان ادرس مائة واثنان وثمانون. بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على افضل خلقه وخاتم رسله نبينا محمد واله وصحبه ومن اتبع هداه وتمسك بسنته الى يوم الدين اما بعد ايها المستمعون الكرام السلام عليكم ورحمة الله وبركاته يواصل الحديث معكم في بيان احكام الجنايات امتدادا للحلقات السابقة حيث انتهى بنا الحديث الى بيان شروط استيفاء القصاص فالقصاص هو فعل مجني عليه او فعل وليه بجان مثل فعله او شبهه وحكمته التشفي وبرد حرارة الغيظ قد شرع الله القصاص زجرا عن العدوان واستدراكا لما في النفوس. واذاقة الجاني ما اذاقه المجني عليه وفيه بقاء حياة النوع الانساني وكانت الجاهلية تبالغ في الانتقام وتأخذ في الجريمة غير المجرم وهذا جور لا يحصل به المقصود بل هو زيادة فتنة واشاطة للدماء وقد جاء دين الاسلام وشريعته الكاملة بتشريع القصاص وايقاع العقاب بالجاني وحده وحصل بذلك العدل والرحمة وحقن الدماء وقد سبق في الحلقة التي قبل هذه بيان شروط وجوب القصاص لكن تلك الشروط ولو توفرت ووجب القصاص فانه لا يجوز تنفيذه الا بعد توفر شروط اخرى ذكرها الفقهاء رحمهم الله وسموها شروط استيفاء القصاص وهي ثلاثة شروط الاول ان يكون مستحق القصاص مكلفا اي بالغا عاقلا وان كان مستحق القصاص او بعض مستحقيه صبيا او مجنونا لم يستوفه لهما وليهما. لان القصاص ثبت لما فيه من التشفي والانتقام ولا يحصل ذلك لمستحقه باستيفاء غيره عنه فيجب الانتظار في تنفيذ القصاص ويحبس الجاني الى حين بلوغ الصغير وافاقة المجنون من مستحقيه لان معاوية رضي الله عنه حبسا هدبة ابن خشرم في قصاص حتى بلغ ابن القتيل وكان ذلك في عصر الصحابة فلم ينكر فكان اجماعا من الصحابة الذين في عصر معاوية رضي الله عنه فان احتاج الصغير او المجنون من اولياء القصاص الى نفقة فلولي المجنون فقط ان يعفو الى الدية لان الجنون لا يدرى متى يزول بخلاف الصبي فانه لبلوغه حد الشرط الثاني اتفاق الاولياء المشتركين في القصاص على استيفائه وليس لبعضهم ان ينفرد به دون البعض الاخر لان الاستيفاء حق مشترك لا يمكن تبعيره فلو استوفاه بعضهم كان مستوفيا لحق غيره بغير اذنه ولا ولاية عليه وان كان من بقي من الشركاء في استحقاق القصاص غائبا او صغيرا او مجنونا انتظر قدوم الغائب وبلوغ الصغير وعقل المجنون منهم ومن مات من مستحقي القصاص قبل تنفيذه قام وارثه مقامه وان عفا بعض المشتركين في استحقاق القصاص سقط القصاص في حق الجميع ويشترك في استحقاق القصاص جميع الورثة بالنسب والسبب الرجال والنساء الكبار والصغار وقال بعض العلماء ان العفو يختص بالعصبة فقط وهو قول الامام مالك ورواية عن الامام احمد واختاره شيخ الاسلام ابن تيمية الشرط الثالث من شروط استيفاء القصاص ان يؤمن الاستيفاء وان يتعدى الى غير الجاني لقوله تعالى ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا فلا يسرف في القتل انه كان منصورا فاذا افضى القصاص الى التعدي فهو اسراف قد دلت الاية الكريمة على المنع منه كما اذا وجب القصاص على حامل او على من حملت بعد وجوب القصاص عليها فانها لا تقتل حتى تضع الولد لان قتلها يتعدى الى الجنين وهو بريء وقد قال الله تعالى ولا تزروا وازرة وزر اخرى ثم بعد وضعه ان وجد من يرضعه اعطي لمن يرظعه وقتلت لزوال المانع من القصاص لقيام غيرها مقامها في ارظاع الولد وان لم يوجد من يرضعه تركت حتى تفطمه لحولين لقوله صلى الله عليه وسلم اذا قتلت المرأة عمدا لم تقتل حتى تضع ما في بطنها ان كانت حاملا وحتى تكفل ولدها واذا زنت لم ترجم حتى تضع ما في بطنها ان كانت حاملا وحتى تكفل ولدها. رواه ابن ماجة ولقوله صلى الله عليه وسلم للمرأة المقرة بالزنا ارجعي حتى تضعي ما في بطنك ثم قال لها ارجعي حتى ترضعيه فدل الحديثان والاية على تأخير القصاص من اجل الحمل وهو اجماع وهذا يدل على كمال هذه الشريعة وعدالتها حيث راعت حق الاجنة في البطون فلم تجز الحاق الظرر بهم وراعت حق الاطفال والظعفة فدافعت عنهم الضرر وكفلت لهم ما يبقي عليهم حياتهم فلله الحمد على هذه الشريعة السمحاء الكاملة الشاملة لمصالح العباد واذا اريد تنفيذ القصاص فلابد ان يتم تنفيذه باشراف الامام او نائبه ليمنع الجور في تنفيذه ويلزم المنفذ بالوجه الشرعي ويشترط في الالة التي ينفذ بها القصاص ان تكون الة ماضية كسيف وسكين لقوله صلى الله عليه وسلم اذا قتلتم فاحسنوا القتلة ويمنع من استيفاء القصاص بالة كالة. لان ذلك اسراف في القتل ثم ان كان الولي يحسن الاستيفاء بنفسه على الوجه الشرعي والا امره الحاكم ان يوكل من يقتص له والصحيح من قول العلماء انه يفعل بالجاني كما فعل بالمجني عليه لقوله تعالى وان عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به وقوله تعالى فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم والنبي صلى الله عليه وسلم امر برفض رأس يهودي لرضه رأس جارية من الانصار قال الامام ابن القيم رحمه الله والكتاب والميزان على انه يفعل بالجاني كما فعل بالمجني عليه كما فعل الله عليه وسلم وقد اتفق على ذلك الكتاب والسنة واثار الصحابة انتهى فعلى هذا لو قطع يديه ثم قتله مثلا فعل به كما فعل بالمجني عليه وان قتله بحجر او غرقه او غير ذلك فعل به مثل ما فعل بالمجني عليه وان اراد ولي القصاص ان يقتصر على ضرب عنقه بالسيف في تلك الاحوال فله ذلك وهو افضل وان قتل الجاني المجني عليه بشيء محرم فانه يتعين قتل الجاني بالسيف ولا يفعل به المحرم ومثل السيف في الوقت الحاضر قتله باطلاق الرصاص عليه ممن يحسن الرمي ايها المستمعون الكرام للحلقة القادمة باذن الله. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. والحمد لله رب العالمين. وصلى الله سلم على نبينا محمد واله وصحبه اجمعين